الباحث القرآني

قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَإذْ قالَ إبْراهِيمُ لأبِيهِ آزَرَ أتَتَّخِذُ أصْنامًا آلِهَةً إنِّي أراكَ وقَوْمَكَ في ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَماواتِ والأرْضِ ولِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ﴾ اَلْعامِلُ في "وَإذْ"؛ فِعْلٌ مُضْمَرٌ؛ تَقْدِيرُهُ: "واذْكُرْ"؛ أو: "قُصَّ"؛ قالَ الطَبَرِيُّ: نَبَّهَ اللهُ (p-٣٩٧)- تَبارَكَ وتَعالى - مُحَمَّدًا - صَلّى اللَـهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - عَلى الِاقْتِداءِ بِإبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَلامُ -؛ في مُحاجَّتِهِ قَوْمَهُ؛ إذْ كانُوا أهْلَ أصْنامٍ؛ وكانَ قَوْمُ مُحَمَّدٍ - صَلّى اللَـهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - أهْلَ أصْنامٍ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: ولَيْسَ يَلْزَمُ هَذا مِن لَفْظِ الآيَةِ؛ أما إنَّ جَمِيعَ ما يَجِيءُ مِن مِثْلِ هَذا عُرْضَةٌ لِلِاقْتِداءِ. وقَرَأ السَبْعَةُ؛ وجُمْهُورُ الناسِ: "آزَرَ"؛ بِفَتْحِ الهَمْزَةِ الَّتِي قَبْلَ الألِفِ؛ وفَتْحِ الزايِ؛ والراءِ؛ قالَ السُدِّيُّ ؛ وابْنُ إسْحاقَ ؛ وسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ: هو اسْمُ أبِي إبْراهِيمَ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: وقَدْ ثَبَتَ أنَّ اسْمَهُ "تارَحُ"؛ فَلَهُ عَلى هَذا القَوْلِ اسْمانِ؛ كَـ "يَعْقُوبُ"؛ و"إسْرائِيلُ"؛ وهو في الإعْرابِ - عَلى هَذا - بَدَلٌ مِنَ الأبِ المُضافِ؛ في مَوْضِعِ خَفْضٍ؛ وهو اسْمُ عَلَمٍ؛ وقالَ مُجاهِدٌ: بَلْ هو اسْمُ صَنَمٍ؛ وهو في مَوْضِعِ نَصْبٍ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ؛ تَقْدِيرُهُ: "أتَتَّخِذُ آزَرَ؟ أتَتَّخِذُ أصْنامًا؟". قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: وفي هَذا ضَعْفٌ. وقالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ هو صِفَةٌ؛ ومَعْناهُ هُوَ: اَلْمُعْوَجُّ؛ المُخْطِئُ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: ويُعْتَرَضُ هَذا بِأنَّ "آزَرَ"؛ إذا كانَ صِفَةً؛ فَهو نَكِرَةٌ؛ ولا يَجُوزُ أنْ تَنْعَتَ المَعْرِفَةَ بِالنَكِرَةِ؛ ويُوَجَّهُ ذَلِكَ عَلى تَحامُلٍ بِأنْ يُقالَ: زِيدَتْ فِيهِ الألِفُ واللامُ؛ وإنْ لَمْ يُلْفَظْ بِها؛ وإلى هَذا أشارَ الزَجّاجُ ؛ لِأنَّهُ قَدَّرَ ذَلِكَ؛ فَقالَ: "لِأبِيهِ المُخْطِئِ"؛ وبِأنْ يُقالَ: إنَّ ذَلِكَ مَقْطُوعٌ مَنصُوبٌ بِفِعْلٍ؛ تَقْدِيرُهُ: "أذُمُّ المُعْوَجَّ"؛ أو: "اَلْمُخْطِئَ"؛ ولا تَبْقى فِيهِ الصِفَةُ بِهَذِهِ الحالُ. قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: وهَذا ضَعِيفٌ؛ وقِيلَ: نَصْبُهُ عَلى الحالِ؛ كَأنَّهُ قالَ: "وَإذْ قالَ إبْراهِيمُ لِأبِيهِ؛ وهو في (p-٣٩٨)حالِ عِوَجٍ؛ وخَطَإٍ". وقَرَأ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ؛ وابْنُ عَبّاسٍ ؛ والحَسَنُ ؛ ومُجاهِدٌ ؛ وغَيْرُهُمْ؛ بِضَمِّ الراءِ؛ عَلى النِداءِ؛ ويَصِحُّ - مَعَ هَذا - أنْ يَكُونَ "آزَرَ"؛ اِسْمَ أبِي إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَلامُ -؛ ويَصِحُّ أنْ يَكُونَ بِمَعْنى: "اَلْمُعْوَجُّ"؛ و"اَلْمُخْطِئُ"؛ وقالَ الضَحّاكُ: "آزَرَ"؛ بِمَعْنى: "شَيْءٌ"؛ ولا يَصِحُّ مَعَ هَذِهِ القِراءَةِ أنْ يَكُونَ "آزَرَ"؛ صِفَةً؛ وفي مُصْحَفِ أُبَيٍّ - رَضِيَ اللهُ عنهُ -: "يا آزَرُ"؛ بِثُبُوتِ حَرْفِ النِداءِ؛ "اِتَّخَذْتَ أصْنامًا"؛ بِالفِعْلِ الماضِي؛ وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ - فِيما رُوِيَ عنهُ أيْضًا -: "أأزْرًا تَتَّخِذُ"؛ بِألِفِ الِاسْتِفْهامِ؛ وفَتْحِ الهَمْزَةِ مِن "أزْرًا"؛ وسُكُونِ الزايِ؛ ونَصْبِ الراءِ؛ وتَنْوِينِها؛ وإسْقاطِ ألِفِ الِاسْتِفْهامِ مِن "أتَتَّخِذُ"؛ ومَعْنى هَذِهِ القِراءَةِ: "أعَضُدًا؛ وقُوَّةً؛ ومُظاهَرَةً عَلى اللهِ تَعالى ؛ تَتَّخِذُ...؟"؛ وهو مِن نَحْوِ قَوْلِهِ تَعالى ﴿اشْدُدْ بِهِ أزْرِي﴾ [طه: ٣١] ؛ وقَرَأ أبُو إسْماعِيلَ - رَجُلٌ مِن أهْلِ الشامِ - بِكَسْرِ الهَمْزَةِ مِن هَذا التَرْتِيبِ؛ ذَكَرَها أبُو الفُتُوحِ؛ ومَعْناها أنَّها مُبْدَلَةٌ مِن واوٍ؛ كَـ "وِسادَةٌ"؛ و"إسادَةٌ"؛ فَكَأنَّهُ قالَ: "أوِزْرًا ومَأْثَمًا تَتَّخِذُ أصْنامًا؟"؛ ونَصْبُهُ - عَلى هَذا - بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ؛ ورُوِيَتْ أيْضًا عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عنهُما -؛ وقَرَأ الأعْمَشُ: "إزْرًا تَتَّخِذُ"؛ بِكَسْرِ الهَمْزَةِ؛ وسُكُونِ الزايِ؛ دُونَ ألِفِ تَوْقِيفٍ؛ و"أصْنامًا آلِهَةً"؛ مَفْعُولانِ. وذُكِرَ أنَّ آزَرَ؛ أبا إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَلامُ - كانَ نَجّارًا مُحْسِنًا؛ ومُهَنْدِسًا؛ وكانَ نَمْرُودُ يَتَعَلَّقُ بِالهَنْدَسَةِ والنُجُومِ؛ فَحَظِيَ عِنْدَهُ آزَرُ لِذَلِكَ؛ وكانَ عَلى خُطَّةِ عَمَلِ الأصْنامِ؛ تُعْمَلُ بِأمْرِهِ وتَدْبِيرِهِ؛ ويَطْبَعُ هو في الصَنَمِ بِخَتْمٍ مَعْلُومٍ عِنْدَهُ؛ وحِينَئِذٍ يُعْبَدُ ذَلِكَ الصَنَمُ؛ فَلَمّا نَشَأ إبْراهِيمُ - عَلَيْهِ السَلامُ - ابْنُهُ - عَلى الصِفَةِ الَّتِي تَأْتِي بَعْدُ؛ كانَ أبُوهُ يُكَلِّفُهُ بِبَيْعِها؛ فَكانَ إبْراهِيمُ - عَلَيْهِ السَلامُ - يُنادِي عَلَيْها: "مَن يَشْتَرِي ما يَضُرُّهُ ولا يَنْفَعُهُ؟"؛ ويَسْتَخِفُّ بِها؛ ويَجْعَلُها في الماءِ مَنكُوسَةً؛ ويَقُولُ: "اِشْرَبِي"؛ فَلَمّا شُهِرَ أمْرُهُ بِذَلِكَ؛ وأخَذَ - عَلَيْهِ السَلامُ - في الدُعاءِ إلى اللهِ تَعالى ؛ قالَ لِأبِيهِ هَذِهِ المَقالَةَ. و"أراكَ" - في هَذا المَوْضِعِ - يَشْتَرِكُ فِيها البَصَرُ؛ والقَلْبُ؛ لِأنَّها رُؤْيَةُ قَلْبٍ؛ ومَعْرِفَتُهُ؛ وهي مُتَرَكِّبَةٌ عَلى رُؤْيَةِ بَصَرٍ؛ و"مُبِينٍ"؛ بِمَعْنى: واضِحٍ؛ ظاهِرٍ؛ وهو مِن "أبانَ الشَيْءُ"؛ إذا ظَهَرَ؛ لَيْسَ بِالفِعْلِ المُتَعَدِّي المَنقُولِ مِن: "بانَ؛ يَبِينُ". قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: ويَصِحُّ أنْ يَكُونَ المَنقُولَ؛ ويَكُونَ المَفْعُولُ مُقَدَّرًا؛ تَقْدِيرُهُ: "فِي ضَلالٍ مُبِينٍ كُفْرَكُمْ". (p-٣٩٩)وَقِيلَ: كانَ آزَرُ رَجُلًا مِن أهْلِ "كَوْثًا"؛ مِن سَوادِ الكُوفَةِ؛ قالَ النَقّاشُ: وبِها وُلِدَ إبْراهِيمُ - عَلَيْهِ السَلامُ -؛ وقِيلَ: كانَ مِن أهْلِ "حَرّانَ". وقَوْلُهُ تَعالى ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَماواتِ والأرْضِ﴾ ؛ اَلْآيَةُ المُتَقَدِّمَةُ تَقْضِي بِهِدايَةِ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَلامُ -؛ والإشارَةُ هُنا بِـ "ذَلِكَ"؛ هي إلى تِلْكَ الهِدايَةِ؛ أيْ: "وَكَما هَدَيْناهُ إلى الدُعاءِ إلى اللهِ تَعالى وإنْكارِ الكُفْرِ؛ أرَيْناهُ مَلَكُوتَ..."؛ و"نُرِي"؛ لَفْظُها الِاسْتِقْبالُ؛ ومَعْناها المُضِيُّ؛ وحَكى المَهْدَوِيُّ أنَّ المَعْنى: "وَكَما هَدَيْناكَ يا مُحَمَّدُ؛ فَكَذَلِكَ نُرِي إبْراهِيمَ...". قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: وهَذا بَعِيدٌ؛ إذِ اللَفْظُ لا يُعْطِيهِ؛ و"نُرِي"؛ هُنا مُتَعَدِّيَةٌ إلى مَفْعُولَيْنِ؛ لا غَيْرُ؛ فَهي إمّا مِن رُؤْيَةِ البَصَرِ؛ وإمّا مِن "أرى"؛ اَلَّتِي هي بِمَعْنى "عَرَّفَ"؛ ولَوْ كانَتْ مِن "أرى"؛ بِمَعْنى "أعْلَمَ"؛ وجَعَلَنا "أعْلَمَ" مَنقُولَةً مِن "عَلِمَ"؛ اَلَّتِي تَتَعَدّى إلى مَفْعُولَيْنِ؛ لَوَجَبَ أنْ تَتَعَدّى "أرى"؛ إلى ثَلاثَةِ مَفاعِيلَ؛ ولَيْسَ كَذَلِكَ؛ ولا يَصِحُّ أنْ يُقالَ: إنَّ الثالِثَ مَحْذُوفٌ؛ لِأنَّهُ لا يَجُوزُ حَذْفُهُ؛ إذْ هو الخَبَرُ في الجُمْلَةِ الَّتِي يَدْخُلُ عَلَيْها "عَلِمْتُ"؛ في هَذا المَوْضِعِ؛ وإنَّما هي مِن "عَلِمَ"؛ بِمَعْنى "عَرَفَ"؛ ثُمَّ نُقِلَتِ الهَمْزَةِ؛ فَتَعَدَّتْ إلى مَفْعُولَيْنِ؛ ثُمَّ جُعِلَتْ "أرى"؛ بِمَنزِلَتِها؛ في هَذِهِ الحالِ. وهَذِهِ الرُؤْيَةُ: قِيلَ: رُؤْيَةُ البَصَرِ؛ ورُوِيَ في ذَلِكَ أنَّ اللهَ - عَزَّ وجَلَّ - فَرَجَ لِإبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَلامُ - السَماواتِ والأرْضِينَ؛ حَتّى رَأى بِبَصَرِهِ المَلَكُوتَ الأعْلى؛ والمَلَكُوتَ الأسْفَلَ؛ فَإنْ صَحَّ هَذا المَنقُولُ؛ فَفِيهِ تَخْصِيصٌ لِإبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَلامُ -؛ بِما لَمْ يُدْرِكْهُ غَيْرُهُ قَبْلَهُ؛ ولا بَعْدَهُ؛ وهَذا هو قَوْلُ مُجاهِدٍ ؛ قالَ: "تَفَرَّجَتْ لَهُ السَماواتُ والأرْضُونَ؛ فَرَأى مَكانَهُ في الجَنَّةِ"؛ وبِهِ قالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ؛ وسَلْمانُ الفارِسِيُّ ؛ وقِيلَ: هي رُؤْيَةُ بَصَرٍ في ظاهِرِ المَلَكُوتِ؛ وقَعَ لَهُ مَعَها مِنَ الِاعْتِبارِ؛ ورُؤْيَةِ القَلْبِ؛ ما لَمْ يَقَعْ لِأحَدٍ مِن أهْلِ زَمَنِهِ؛ الَّذِينَ بُعِثَ - عَلَيْهِ السَلامُ - إلَيْهِمْ؛ قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ ؛ وغَيْرُهُ؛ فَفي هَذا تَخْصِيصٌ ما؛ عَلى جِهَةِ التَقْيِيدِ بِأهْلِ زَمَنِهِ؛ وقِيلَ: هي رُؤْيَةُ قَلْبٍ؛ رَأى بِها مَلَكُوتَ السَماواتِ والأرْضِ؛ بِفِكْرَتِهِ؛ ونَظَرِهِ؛ وذَلِكَ - ولا بُدَّ - مُتَرَكِّبٌ عَلى ما تَقَدَّمَ مِن رُؤْيَتِهِ - عَلَيْهِ السَلامُ - بِبَصَرِهِ؛ وإدْراكِهِ في الجُمْلَةِ بِحَواسِّهِ. (p-٤٠٠)قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: وهَذانِ القَوْلانِ الأخِيرانِ يُناسِبانِ الآيَةَ؛ لِأنَّ الغايَةَ الَّتِي نُصِبَتْ لَهُ إنَّما هي أنْ يُؤْمِنَ؛ ويَكُونَ مِن جُمْلَةِ مُوقِنِينَ كَثَرَةٍ؛ والإشارَةُ - لا مَحالَةَ - إلى مَن قَبْلَهُ مِنَ الأنْبِياءِ؛ والمُؤْمِنِينَ؛ وبَعْدَهُ؛ واليَقِينُ يَقَعُ لَهُ - عَلَيْهِ السَلامُ - ولِغَيْرِهِ بِالرُؤْيَةِ في ظاهِرِ المَلَكُوتِ؛ والِاسْتِدْلالُ بِهِ عَلى الصانِعِ؛ والخالِقِ؛ لا إلَهَ إلّا هو. و"مَلَكُوتَ"؛ بِناءُ مُبالَغَةٍ؛ كَـ "جَبَرُوتٌ"؛ و"رَهَبُوتٌ"؛ و"رَحَمُوتٌ"؛ وقالَ عِكْرِمَةُ: هو "مَلَكُوثى"؛ بِاليُونانِيَّةِ؛ أو بِالنَبَطِيَّةِ؛ وقَرَأ "مَلَكُوثَ"؛ بِالثاءِ مُثَلَّثَةً؛ وقَرَأ أبُو السَمّالِ: "مَلْكُوتَ"؛ بِإسْكانِ اللامِ؛ وهي لُغَةٌ؛ و"مَلَكُوتٌ": بِمَعْنى: "اَلْمُلْكُ"؛ والعَرَبُ تَقُولُ: "لِفُلانٍ مَلَكُوتُ اليَمَنِ"؛ أيْ: مُلْكُهُ. واللامُ في "وَلِيَكُونَ"؛ مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلٍ مُؤَخَّرٍ؛ تَقْدِيرُهُ: "وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ أرَيْناهُ"؛ و"اَلْمُوقِنُ": اَلْعالِمُ بِالشَيْءِ عِلْمًا لا يُمْكِنُ أنْ يَطْرَأ لَهُ فِيهِ شَكٌّ؛ وقالَ الضَحّاكُ ؛ ومُجاهِدٌ أيْضًا: إنَّ الإشارَةَ هَهُنا بِـ "مَلَكُوتَ السَماواتِ"؛ هي إلى الكَواكِبِ؛ والشَمْسِ؛ والقَمَرِ؛ وهَذا راجِعٌ وداخِلٌ فِيما قَدَّمْناهُ مِن أنَّها رُؤْيَةُ بَصَرٍ في ظاهِرِ المَلَكُوتِ؛ ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عنهُما - في تَفْسِيرِ ﴿وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ﴾ - قالَ: جَلّى لَهُ الأُمُورَ؛ سِرَّها وعَلانِيَتَها؛ فَلَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِن أعْمالِ الخَلائِقِ؛ فَلَمّا جَعَلَ يَلْعَنُ أصْحابَ الذُنُوبِ؛ قالَ اللهُ تَعالى "إنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ هَذا"؛ فَرَدَّهُ لا يَرى أعْمالَهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب