الباحث القرآني
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا﴾ قال أبو زيد وابن الأعرابي: عشى يعشو عَشْوًا وعُشُوًّا، إذا أتى نارًا للضيافة، وعشا يعشو، إذا ضعف بصره [[انظر: "الصحاح" (عشى) 6/ 2426، "اللسان" (عشا) 15/ 56.]]، ونحو هذا قال الليث، قال: والعاشية كل شيء يعشو بالليل إلى ضوء نار من أصناف الحيوان كالفراش [[انظر: "العين" (عشى) 2/ 187.]] وغيره وأنشدوا:
مَتَى تَأتِه تَعْشُو إلى ضوْءِ نارِهِ ... تَجِدْ خَيْرَ نَارٍ عِنْدَها خَيْرُ مُوقِدِ [[البيت للحطيئة من قصيدة مدح بها بغيض بن عامر بن شماس. انظر: "ديوانه" ص 249، "مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 204، "الصحاح" (عشا) 6/ 2426، "اللسان" (عشا) 15/ 56، "العين" (عشى) 2/ 178، "الكتاب" 3/ 86.]]
وذكر المفسرون وأهل التأويل في هذه الآية قولين:
أحدهما: أن المراد بقوله (يعش): يعم ويضعف بصره.
والآخر: أن المعنى: ومن يعرض عن ذكر الرحمن، والأول قول مقاتل وابن زيد وابن عباس في رواية عطاء وأبي عبيدة وابن قتيبة.
قال مقاتل: يقول: ومن يعم بصره عن ذكر الرحمن، يعني القرآن.
وقال ابن عباس: ومن يعم عن ذكر الله تعالى.
وقال أبو عبيدة: ومن تظلم عينه، واختاره ابن قتيبة [[انظر: "تفسير مقاتل" 795/ 3، "تفسير الطبري" 13/ 73، "تنوير المقباس" ص 492، "مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 204، "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص 398.]].
والقول الثاني: هو قول قتادة، وروي ذلك عن ابن عباس وهو اختيار الفراء وأبي إسحاق [[انظر: "تفسير الطبري" 13/ 73، "معاني القرآن" للفراء 3/ 32، "معاني القرآن" للزجاج 4/ 411.]].
وشرح الأزهري القولين وبيَّن الأصوب فقال: قال القتيبي معنى قوله: ﴿وَمَنْ يَعْشُ﴾ أي ومن يظلم بصره، قال: وهذا قول أبي عبيدة، ثم ذهب يرد قول الفراء ويقول: لم أر أحدًا يجيز عشوت عن الشيء، أي: تغافلت عنه كأني لم أره وكذلك تعاميت.
قال الأزهري: أغفل القتيبي موضع الصواب، واعترض مع غفلته على الفراء يرد عليه، فذكرت قوله لأبين عواره، فلا يغتر به الناظر في كتابه، العرب تقول: عَشَوت إلى النار أعشو عَشْوًا، أي قصدتها مهتديًا بها، وعشوت عنها، أي: أعرضت فيفرقون بين (إلى) و (عن) موصولين بالفعل.
قال أبو الهيثم: عشا عن كذا يعشو عنه، إذا مضى، وعشا إلى كذا يعشو إليه عَشْوًا وعُشُوًّا، إذا قصد إليه مهتديًا بضوء ناره، وإنما أتى القتيبي في وهمه الخطأ من جهة أنه لم يفرق بين عشا إلى النار، وعشا عنها، ولم يعلم أن كل واحد منهما ضد الآخر في باب الميل إلى الشيء والميل عنه كقولك: عدلت إلى بني فلان، وعدلت عنهم، وكذلك ملت إليهم، وملت عنهم، ومضيت إليهم، ومضيت عنهم.
وهكذا قال أبو إسحاق الزجاج في هذه الآية كما قال الفراء [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 4/ 411، "معاني القرآن" للفراء 3/ 32.]] قال: معنى الآية: أن من أعرض عن القرآن وما فيه من الحكمة إلى أباطيل المضلين، يعاقبه بشيطان يقيضه له حتى يضله ويلازمه قرينًا له، فلا يهتدي مجازاة له حين آثر الباطل على الحق البين [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 4/ 412، لكنه بأخصر مما هنا، وهذا القول بنصه في "تهذيب اللغة" 3/ 56 (عشا) وفي "الوسيط" 4/ 72.]].
قال الأزهري: وأبو عبيدة صاحب معرفة الغريب، وأيام العرب، وهو بليد النظر في باب النحو ومقاييسه، انتهت الحكاية عن الأزهري [[انظر: "تهذيب اللغة" وقد اختصر المؤلف في بعض المواضع من كلام الأزهري (عشا) 3/ 55 - 57.]]، والقول ما اختاره؛ لأن الإعراض عن القرآن صح يعني من العمى عنه، ولهذا الوجه أدلة من التنزيل كقوله: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾ [طه: 124] وقوله: ﴿وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ﴾ [الجن: 17] والأول ليس ببعيد، ويحمل على أنه يعمى عن الاستدلال بحججه والتأويل في تبيانه، ونظيره من التنزيل قوله: ﴿الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي﴾ [الكهف: 101]
قوله: ﴿نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا﴾ تفسير التقييض قد تقدَّم في سورة السجدة [آية: 25]، قال مقاتل: يعني يضم إليه [[ذكر ذلك المعنى البغوي 7/ 213 ولم ينسبه، ولم أقف عليه عند مقاتل.]].
(فهو له) في الدنيا (قرين) يعني صاحبًا يزين له العمى، وقال ابن عباس: فهو له قرين: يريد في الدنيا والآخرة [[انظر: "تفسير الماوردي" 5/ 226، "تنوير المقباس" ص 492، وقال القرطبي: == قيل في الدنيا يمنعه من الحلال ويبعثه على الحرام وينهاه عن الطاعة ويأمره بالمعصية، وهو معنى قول ابن عباس، انظر: "الجامع" 16/ 89]].
قوله: ﴿فَهُوَ﴾ يجوز أن يكون كناية عن الشيطان، ويجوز أن يكون كناية عن المعرض، لأن كل واحد منهما قرين لصاحبه، وفي هذا تكذيب للقدرية لأنه تعالى ذكر أنه يسلط الشيطان على الكافر حتى يضله، ويخيل إليه أنه على الهدى وهو على الضلالة، وذلك قوله:
{"ayah":"وَمَن یَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ نُقَیِّضۡ لَهُۥ شَیۡطَـٰنࣰا فَهُوَ لَهُۥ قَرِینࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق