الباحث القرآني
﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ قال ابن جريج: ولو شاء لأراهم أمرا من أمره لا يعمل أحد منهم بعده معصية [[أخرجه ابن جرير 19/ 59. وذكره الثعلبي 8/ 107 أ.]]. وقال قتادة: لو شاء الله لأنزل عليهم آية يذلون بها فلا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية الله [[أخرجه عبد الرزاق 2/ 73. وعنه ابن جرير 19/ 59. وابن أبي حاتم 8/ 2750. وأخرج ابن جرير 19/ 59 عن ابن عباس: (ملقين أعناقهم). ونظير هذه الآية قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: 99]. وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [هود: 118]. قال ابن كثير 6/ 135: "فنفذ قدره، ومضت حكمته، وقامت حجته البالغة على خلقه بإرسال الرسل إليهم وإنزال الكتب عليهم".
وذكر الثعلبي 8/ 107 أ، بإسناده من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، قولاً غريباً في المراد بهذه الآية، قال: نزلت هذه الآية فينا، وفي بني أمية، قال: سيكون لنا عليهم الدولة فتذل لنا أعناقهم بعد صعوبة، وهوان بعد عزة. وقد تبع الثعلبي في سياق هذه الرواية دون تعليق عليها عدد من المفسرين، كالزمخشري 3/ 291، والطبرسي 7/ 289، والقرطبي 13/ 90، وقال بعد سياقها: فالله أعلم. وأبو حيان 7/ 7، ولم يتعقبها. وقد أحسن الواحدي في إعراضه عن ذكر هذه الرواية في تفاسيره الثلاثة، وإن كان الأولى أن يرد هذه الرواية، وينقضها، وممن أعرض عن ذكرها ابن كثير، والسيوطي، والشوكاني، وغيرهم، ولم أر من تعقب هذه الرواية غير ابن عاشور 19/ 97، حيث قال: (ومن بدع التفاسير وركيكها ما نسبه الثعلبي إلى ابن عباس، أنه قال: نزلت هذه الآية فينا وفي بني أمية فتذل لنا أعناقهم بعد صعوبة، ويلحقهم هوان بعد عزة. وهذا من تحريف كلم القرآن عن مواضعه، ونحاشي ابن عباس -رضي الله عنه- أن يقوله، وهو الذي دعا له رسول الله -ﷺ- بأن يعلمه التأويل والقرآن أجل من أن يتعرض لهذه السفاسف).]].
قال أبو إسحاق: قوله ﴿فَظَلَّتْ﴾ معناه: فتظل، والجزاء يقع فيه لفظ الماضي بمعنى المستقبل، تقول: إن أتيتني أكرمتك، معناه: أكرمك [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 82.]].
وهذا الذي ذكره [[في نسخة (أ)، (ب)، هنا تكرارة وهو: في معنى المستقبل، تقول: إن أتيتني أكرمتك، معناه: أكرمك.]] مختصر مما بسطه الفراء؛ وهو أنه قال: لك ﴿إن﴾ تعطف على مجزوم الجزاء بفَعَل؛ لأن الجزاء يصلح في موضع يفعَل فعل [[في "معاني القرآن" للفراء 2/ 276، فعل يفعل.]]، ألا ترى أنك تقول: إن زرتني زُرتك، وإن تزرني أزرك، والمعنى واحد، ولذلك صلح ﴿فَظَلَّتْ﴾ مردودة على يفعل، وأنشد:
إن يسمعوا ريبةً طاروا بها فرَحًا [["معاني القرآن" للفراء 2/ 276، ولفظ البيت عنده:
إن يسمعوا سُبَّة طاروا بها فرحاً ... مني وما يسمعوا من صالح دفنوا
وأنشده أبو عبيدة، "مجاز القرآن" 2/ 7، وابن جني، "المحتسب" 1/ 206، ولم ينسباه، ونسبه في "حاشية المحتسب" لقعنب بن أم صاحب، واسمه: ضمرة، أحد بني عبد الله بن غطفان.]]
بمعنى: يطيروا.
قال أبو علي فيما أصلح على أبي إسحاق: اعلم أن الجزاء يكون على ثلاثة أضرب: يكون بالفعل وبالفاء وبإذا، فإذا كان بالفعل جاز أن يقع الماضي موضع المستقبل في الجزاء كما جاز أن يقع موقعه في الشرط؛ لأن الحرف يقلب المعنى إلى الاستقبال كما تفعل ذلك لم، في النفي، ولا، في قولك: واللهِ لا فعلت، فتقول على هذا: إن أتيتني أتيتك، تريد إن تأتني آتك، فتوقع الماضي موقع المستقبل في الجزاء، كما أوقعته في الشرط، وإن كان ذلك في الشرط أبين؛ لأن الحرف يخلص عمله في الفعل [الذي يلحق بشرط [[في كتاب أبي علي: الذي هو الشرط. بدل: الذي يلحق بشرط.]]، ولا يخلص عمله في الجزاء، ألا ترى أن الجزاء لا يخلو من أن يكون معمولًا للحرف، والفعل أو] [[ما بين المعقوفين، في نسخة (ج).]] للفعل [[في نسخة (ب): (والفعل).]] دون الحرف وليس في القسمة أن يكون معمولًا لأن، فينجزم كما انجزم به الشرط [[في كتاب أبي علي: فينجزم بها كما انجزم بها الشرط.]]، ولم نعلم أحدًا ذهب إلى ذلك إلا أن الجزاء قد جاز فيه من هذا ما جاز في الشرط من حيث صار كالجملة الواحدة، فأما ما بعد الفاء فمنقطع عن: إن، وعن أن يكون لها عمل [[في كتاب أبي علي، زيادة: فيه.]]، ألا ترى أن الفاء إنما تجتلب في جواب الشرط إذا كانت الجملة الموقعة في موضع الجزاء من مبتدأ وخبر، والمبتدأ أو الخبر لا يتعلق بأن لأنها من عوامل الأفعال، وما أخلص لها من دون الأسماء، فإذا كان كذلك لم تدخل عليها ولم تتعلق بها فاجتلبت الفاء وإذا ليُتوصل بها إلى كون الجملة التي من المبتدأ والخبر في موضع الجزاء كما يتوصل بالذي إلى وصف المعارف بالجمل وبذو، التي بمعنى: صاحب إلى [[في كتاب أبي علي زيادة وهي (وصف الجوهر، وبأن الموصولة بالفعل إلى مختص بالمصدر الآتي أو بالماضي).]] [الوصف بالأجناس] [[ما بين المعقوفين، غير موجود في كتاب أبي علي.]] ومن ثم كانت هذه الآي [[في كتاب أبي علي: الجملة. بدل: الآي.]] محمولة عند سيبويه على إرادة المبتدأ، وهو قوله: ﴿فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا﴾ [الجن: 13] وقوله: ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا﴾ [البقرة: 126] ﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ﴾ [المائدة: 95] وكان موضع الفاء مع ما بعدها من الجملة جزمًا بدلالة قوله: ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ﴾ [الأعراف: 186] بالجزم [[بالجزم قراءة حمزة والكسائي. "السبعة في القراءات" 299، و"إعراب القراءات السبع وعللها" 1/ 216، و"النشر في القراءات العشر" 2/ 273.]]، ولهذا أيضًا حُمل:
إنك إن يُصرعْ أخوك تصرعُ [[أنشده كاملاً سيبويه، "الكتاب" 3/ 67، ونسبه لجرير بن عبد الله البجلي، وصدره:
يا أقرع بن حابس يا أقرع
ثم قال سيبويه: أي: إنك تُصْرَعُ إن يُصْرَعْ أخوك. وفي الحاشية: كان جرير البجلي تنافر هو وخالد بن أرطأة الكلبي إلى الأقرع بن حابس التميمي المجاشعي، وكان عالم العرب في زمانه فقال جرير هذا عند المنافرة. وأنشده المبرد، "المقتضب" 2/ 72، ولم ينسبه، وفي الحاشية: استشهد به سيبويه على التقديم والتأخير، والتقدير عنده: إنك تُصرع إن يصرع أخوك.]]
ونحوه على التقديم [[وقد استشهد به المبرد على ذلك، وذكر غيره "المقتضب" 2/ 72.]]، فإذا كان حكم الفاء في الجزاء ما ذكرنا وكانت إذا بمنزلتها في قوله: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ [الروم: 36] وقوله: ﴿وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ﴾ [التوبة: 58] بان أن عمل إن منقطع عما بعد الفاء من هذه الأفعال لخروج الفعل الذي بعدها [أن يكون جزاء] [[ما بين المعقوفين، غير موجود في كتاب أبي علي.]] ووقوعه في موضع خبر المبتدأ يوضح ما ذكرنا أنك لو جئت بمثال المستقبل بعد الفاء لم يجزمه، لا تقول: إن تأتني فأكرمك كما تقول: إن تأتني أكرمك، وفي امتناع هذا دلالة على أن الفعل بعد الفاء منقطع عن عامل الجزم، فإذا انقطع عنه لم يجز أن يقع الماضي موقع المستقبل على حد ما كان يقع قبل أن تقطع الفاء وتحجز عمل الجازم، وإذا كان كذلك ثبت أنه على خلاف ما ذهب إليه أبو إسحاق، وتبينت الخلل في قول أبي إسحاق: معنى ﴿فَظَلَّتْ﴾ فتظل؛ لأن الجزاء يقع فيه لفظ الماضي موقع المستقبل [[يوجد هنا تكرار في نسخة (أ)، قدره: سطر ونصف.]]، وأن الماضي لم يقع موقع المستقبل هنا من حيث ذكره، ولكن كما يقع في غير هذا الماضي بمعنى الاستقبال [[الجزء الثاني من كتاب "الإغفال" 218 ب، 219 أ، ب. مع شيء يسير من الاختلاف.]].
وقال أبو علي [[لعل الصواب: وقول أبي علي؛ لأن هذا نقد لكلام أبي علي.]] في هذا الإصلاح: حيث جعل الفاء من ﴿فَظَلَّتْ﴾ جوابًا للشرط. والفاء في ﴿فَظَلَّتْ﴾ ليس جوابًا للشرط؛ بل هي للعطف على جواب الشرط؛ لأن جواب الشرط قد تقدم في قوله: ﴿نُنَزِّلْ﴾ ثم عطف عليه بالماضي، وعاد الكلام إلى ما قاله الزجاج والفراء.
وقوله: ﴿أَعْنَاقُهُمْ﴾ كثير من المفسرين يجعلون الأعناق هاهنا جمع العنق التي هي العضو [["تفسير ابن جرير" 19/ 59، وقد أخرجه عن مجاهد، وقتادة.]]. وعلى هذا قال: ﴿خَاضِعِينَ﴾ ولم يقل: خاضعة، كما قال: ﴿فَظَلَّتْ﴾ لأجل رؤوس الآي، وجاز ذلك؛ لأن المؤنث إذا أضيف إلى المذكر وكان بعضًا منه جاز تذكيره، وذلك أن الأعناق إذا خضعت فأربابها خاضعون، فتُرك الخبر عن الأعناق وأُخبر عن أربابها. وهذا قول الأخفش، والفراء، والزجاج، والمبرد، وجميع النحويين؛ قالوا: يجوز أن يُترك المضاف وُيخبر عن المضاف إليه، فيكون كالخبر عن المضاف [["المقتضب" 4/ 199، وفيه: وأما ما عليه جماعة أهل النحو، وأكثر أهل التفسير، == فيما أعلم، فإنه أضاف الأعناق إليهم، يريد: الرقاب، ثم جعل الخبر عنهم؛ لأن خضوعهم بخضوع الأعناق. و"معاني القرآن" للفراء 2/ 277، و"معاني القرآن" للأخفش 2/ 644. و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 83. و"معاني القرآن" للزجاج 4/ 82. قال السمرقندي 2/ 470: "لأن الكلام انصرف إلى المعنى فكأنه قال: هم لها خاضعون. وليس فيها: لأجل رؤوس الآي"، وقد ذكره الثعلبي 8/ 107 ب. قال البغوي 6/ 106: وقيل: إنما قال: ﴿خَاضِعِينَ﴾ على وفاق رؤوس الآي، ليكون على نسق واحد. ولم ينسبه.
وذكر هذا القول ابن عطية 11/ 90، فقال: الإضافة إلى من يعقل أفادت حكمه لمن لا يعقل، كما تفيد الإضافة إلى المؤنث تأنيث علامة المذكر.]]، وأنشدوا: مشين كما اهتزت رماحٌ تسفهتْ ... أعاليها مرُّ الرياحِ النواسمِ [[البيت لذي الرمة، ديوانه 266، بلفظ: رويداً، بدل: مشين. وأنشده سيبويه، "الكتاب" 1/ 52، ونسبه لذي الرمة، وفي الحاشية: جعل النساء في اهتزازهن حين يمشين بمنزلة الرماح تستخفها الريح فتزعزعها. وأنشده المبرد، "المقتضب" 4/ 197، والزجاج، "معاني القرآن" 4/ 83، ولم ينسباه. ولم أجد هذا البيت عند الفراء، ولا الأخفش، ولم أجده عند ابن جرير، ولا الثعلبي.]]
كأنه قال: تسفيها الرياح [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 83، وفيه: تسفهتها الرياح.]]، وترك من الرياح النواسم.
وقول آخر:
لَمَا رأى مَتْنَ السماء انْقَدَّتِ [[أنشده الأخفش في "معاني القرآن" 2/ 644، ولم ينسبه. وفي الحاشية: لم تفد المراجع شيئاً في القول والقائل؟. ولم أجده عند الفراء. ونسبه ابن جرير 19/ 60، للعجاج، وفيه: أبعدت، بدل: انقدت. وفي الحاشية: لم أجد البيت في "ديوان العجاج"؟ والمتن الظهر، والشاهد في هذا الرجز أنه أنث الفعل: أبعدت، بالتاء، مع أن الضمير فيه راجع إلى المتن، وهو مذكر، لكن لما أضيف المتن إلى السماء وهي مؤنثة فكأن الشاعر أعاد الضمير على السماء وتناسى المتن، فأنث لذلك. وأنشده الثعلبي 8/ 107 ب، منسوبًا للعجاج. والبيت في ديوان العجاج ص 219، == بلفظ:
إذا رأى متن السماء انقدت ... وحيَ الإله والبلادَ رُجَّتِ]] وقول الأعشى:
كما شَرِقَتْ صدْرُ القَنَاةِ من الدَّم [[أنشده كاملاً ونسبه للأعشى: سيبويه "الكتاب" 1/ 52، وأنشده المبرد، "المقتضب" 4/ 197، ولم ينسبه، وكذا الأخفش في "معاني القرآن" 2/ 644، وصدره:
وتشرق بالقول الذي قد أذعتَه
ولم أجده عند الفراء. وأنشده ابن جرير 19/ 60، والثعلبي 8/ 107 ب. ونسباه للأعشى. وهو في ديوانه 183، من قصيدة له في هجاء عمير بن عبد الله بن المنذر. وفي "حاشية ابن جرير": صدر القناة: أعلاها، والشاهد من البيت أنه أنث الفعل: شرق، بالتاء، مع أن فاعله وهو: صدر، مذكر ولكنه لما أضيف إلى القناة وهي مؤنثة فكأنه جعل الفعل للقناة لا لصدرها.]]
وقال جرير:
رأت مَرَّ السنينَ أخذْنَ مِنِّي [[ديوان جرير 341، من قصيدة يهجو فيها الفرزدق، والبيت بتمامه:
رأت مر السنين أخذن مني ... كما أخذ السرار من الهلال
والسرار: آخر الشهر.
وذكر صدره المبرد في "المقتضب" 4/ 200، ولم ينسبه. وذكره كاملاً أبو عبيدة، في "مجاز القرآن" 2/ 83، وابن جرير 19/ 62، والثعلبي 8/ 107 ب، والطوسي 8/ 6، ونسبوه لجرير، وأنشده الزجاج، "معاني القرآن" 4/ 82، ولم ينسبه قال أبو عبيدة: (رجع إلى السنين، وترك: مرَّ).]]
وأنشد أبو عبيدة:
إذا بعضُ السنينَ تعرَّقتْنَا ... كفى الأيتامَ فقدَ أبي اليتيمِ [[أنشده سيبويه، "الكتاب" 1/ 52، ونسبه لجرير، وهو في ديوانه 412، من قصيدة له في مدح هشام بن عبد الملك، وفي حاشية "الكتاب": السنة: الجدب، == وتعرقتنا: ذهبت بأموالنا كما يتعرق الآكل العظم فيذهب ما عليه من اللحم. وأنشده المبرد في "المقتضب" 4/ 198، ولم ينسبه، وفي حاشيته: استشهد به سيبويه على اكتساب المضاف التأنيث من المضاف إليه. ولم أجده في "مجاز القرآن". ولا في "تفسير الثعلبي".]] تركوا المضاف وأخبروا عن المضاف إليه.
قال الفراء: جعل الفعل أولاً للأعناق، ثم جعل خاضعين للرجال [["معاني القرآن" للفراء 2/ 277.]].
وقال الأخفش: تجعل الخضوع مردودًا على المضمرة التي أضاف الأعناق إليها [["معاني القرآن" للأخفش 2/ 644، بمعناه.]].
وقال الزجاج: لما لم يكن الخضوع إلا بخضوع الأعناق جاز أن يخبر عن المضاف إليه [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 82. قال ابن جرير 19/ 62: (وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، وأشبهها بما قال أهل التأويل في ذلك: أن تكون الأعناق هي أعناق الرجال، وأن يكون معنى الكلام: فظلت أعناقهم ذليلة، للآية التي ينزلها الله عليهم من السماء، وأن يكون قوله: ﴿خَاضِعِينَ﴾ مذكراً؛ لأنه خبر عن الهاء والميم في الأعناق).]].
وذهب مجاهد في تفسير الأعناق إلى أنها الرؤساء والكبراء [[ذكره عنه الفراء، في "معاني القرآن" 2/ 277، والثعلبي، في "تفسير الثعلبي" 8/ 108 أ. ولم أجده في "تفسير مجاهد". وذكره ابن جرير 19/ 59، ولم ينسبه، وأخرج بسنده عن مجاهد: (فظلوا خاضعة أعناقهم لها من الذلة).]]. فصار معنى الآية: فظلت رؤساء القوم لها خاضعين [["معاني القرآن" للفراء 2/ 277. واختار هذا القول، هود الهواري، في "تفسيره" 3/ 221.]].
ومن الناس من يفسر الأعناق بالجماعات وهو قول [[قول. في نسخة (ج).]] كثير من المفسرين، يقال: جاء القوم عُنُقُا عُنُقُا إذا جاءوا فِرَقًا، كل جماعة منهم عنق [["تهذيب اللغة" 1/ 252 (عنق). وذكره الفراء، في "معاني القرآن" 2/ 277، والأخفش 2/ 645. والثعلبي 8/ 108 أ، وصدره بقوله: (وقيل: أراد بالأعناق الجماعات والطوائف من الناس). أخرج الطستي عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله تعالى: ﴿فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ قال: العنق الجماعة من الناس "الدر المنثور" 6/ 289، و"غريب القرآن" في شعر العرب 211.]]، ومنه قول الشاعر:
أنَّ العراق وأهله عنق ... إليك فهيت هيتا [[قال أبو عبيدة: أنشدني أبو عمرو بن العلاء:
أبلغ أمير المؤمنين أخا العراق إذا أتيتا ... أن العراق وأهله عنق إليك فهيت هيتا
يريد: علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- "مجاز القرآن" 1/ 305. وأنشده الأزهري في "تهذيب اللغة" 1/ 252 (عنق)، ولم ينسبه، وكذا في "اللسان" 10/ 273. وذكره الثعلبي 8/ 108 أ، وابن عطية 11/ 89، وأبو حيان 7/ 6، ولم ينسبوه.]]
أراد أنهم مالوا إليك جميعاً.
ويقال: هم عُنق واحد عليه، أي: جماعة [["تهذيب اللغة" 1/ 252 (عنق).]].
وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي: العُنق: الجمع الكثير من الناس [["تهذيب اللغة" 1/ 253 (عنق)، بنصه.]].
قال المبرد: وهذا قول أبي زيد في هذه الآية قال: أعناقهم: جماعاتهم [["المقتضب" 4/ 199، ونسبه لأبي زيد الأنصاري.]].
وقال النضر: العنق: جماعة من الناس [["تهذيب اللغة" 1/ 254 (عنق).]].
وقال الأخطل:
وإذا المئون تُؤوكِلتْ أعناقُها ... فاحملْ هُناك على فتًى حمَّالِ [[يمدح الأخطل في هذا البيت عكرمة الفياض، كاتب بشر بن مروان الذي كان قد أدى عنه حمالة حملها ليحقن دماء بني قومه، يقول: إذا ما قتل مئات القتلى، ولم تؤد دياتهم فعليك بعكرمة انقل إليه حاجتك يتكفل بها. "شرح ديوان الأخطل" 250. وأنشده الأزهري 1/ 254 (عنق)، منسوبًا للأخطل، وكذا في "اللسان" 10/ 273.]]
قال ابن الأعرابي: أعناقها: جماعتها [["تهذيب اللغة" 1/ 254 (عنق).]].
وقال غيره: ساداتها [["تهذيب اللغة" 1/ 254 (عنق)، ولم يسمه.]]. والقولان في تفسير الأعناق: أنها الجماعات، والرؤساء؛ حكاهما الفراء والزجاج وذكراهما [["معاني القرآن" للفراء 2/ 277. و"معاني القرآن" للزجاج 4/ 83.]].
{"ayah":"إِن نَّشَأۡ نُنَزِّلۡ عَلَیۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ ءَایَةࣰ فَظَلَّتۡ أَعۡنَـٰقُهُمۡ لَهَا خَـٰضِعِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق