الباحث القرآني

ولَمّا كانَ المُحِبُّ مَيّالًا إلى ما يُرِيدُ حَبِيبُهُ، أعْلَمَهم أنَّ كُلَّ ما هم فِيهِ بِإرادَتِهِ فَقالَ: ﴿إنْ نَشَأْ﴾ وعَبَّرَ بِالمُضارِعِ فِيهِ وفي قَوْلِهِ: ﴿نُنَـزِّلْ﴾ إعْلامًا بِدَوامِ القُدْرَةِ، ولَمّا كانَ ذَلِكَ الإنْزالُ مِن بابِ القَسْرِ، والجَبَرُوتِ (p-٨)والقَهْرِ، قالَ: ﴿عَلَيْهِمْ﴾ وقالَ مُحَقِّقًا لِلْمُرادِ: ﴿مِنَ السَّماءِ﴾ أيْ: الَّتِي جَعَلْنا فِيها بُرُوجًا لِلْمَنافِعِ، وأشارَ إلى تَمامِ القُدْرَةِ بِتَوْحِيدِها فَقالَ: ﴿آيَةً﴾ أيْ: قاهِرَةً كَما فَعَلْنا بِبَعْضِ مَن قَبْلَهم بِنَتْقِ الجَبَلِ ونَحْوِهِ؛ وأشارَ إلى تَحَقُّقِ أثَرِها بِالتَّعْبِيرِ بِالماضِي في قَوْلِهِ عَطْفًا عَلى ”نَنْزِلُ“ لِأنَّهُ في مَعْنى: ”أنْزَلْنا“: ﴿فَظَلَّتْ﴾ أيْ: عَقِبَ الإنْزالِ مِن غَيْرِ مُهْلَةٍ ﴿أعْناقُهُمْ﴾ الَّتِي هي مَوْضِعُ الصَّلابَةِ، وعَنْها تَنْشَأُ حَرَكاتُ الكِبْرِ والإعْراضِ ﴿لَها﴾ أيْ: لِلْآيَةِ دائِمًا، ولَكِنَّهُ عَبَّرَ بِما يُفْهِمُ النَّهارَ لِأنَّهُ مَوْضِعُ القُوَّةِ عَلى جَمِيعِ ما يُرادُ مِنَ التَّقَلُّبِ والحِيَلِ والمُدافَعَةِ ﴿خاضِعِينَ﴾ جَمْعُهُ كَذَلِكَ لِأنَّ الفِعْلَ لِأهْلِها لِيَدُلَّ عَلى أنَّ ذُلَّهم لَها يَكُونُ مَعَ كَوْنِهِمْ جَمِيعًا، ولا يُغْنِي جَمْعُهم وإنْ زادَ شَيْئًا، والأصْلُ: فَظَلُّوا، ولَكِنَّهُ ذَكَرَ الأعْناقَ لِأنَّها مَوْضِعُ الخُضُوعِ فَإنَّهُ يَظْهَرُ لِينُها بَعْدَ صَلابَتِها، وانْكِسارُها بَعْدَ شَماخَتِها، ولِلْإشارَةِ إلى أنَّ الخُضُوعَ يَكُونُ بِالطَّبْعِ مِن غَيْرِ تَأمُّلٍ لَما أبْهَتَهم وحَيَّرَهم مِن عَظَمَةِ الآيَةِ، فَكَأنَّ الفِعْلَ لِلْأعْناقِ لا لَهُمْ؛ والخُضُوعُ: التَّطَأْمُنُ والسُّكُونُ واللِّينُ ذُلًّا وانْكِسارًا، .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب