وقولُه جلَّ وعزَّ: ﴿إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ آيَةً﴾.
أي لو شئنا لاضطررناهم إلى الطاعة بأن نُهلِك كلَّ من عصى.
* ثم قال جلَّ وعزَّ ﴿فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾.
في هذا أقوالٌ:
قال مجاهد: ﴿أعناقهم﴾: كبراؤُهم.
وقال أبو زيد والأخفش: ﴿أعْنَاقُهُمْ﴾ جَماعاتُهم، يُقال: جاءني عُنُقٌ من النَّاس: أي جماعة.
وقال عيسى بن عمر: ﴿خَاضِعِينَ﴾ و "خاضعةً" ههنا واحدٌ.
والكسائيُّ يذهبُ إلى أن المعنى: خاضعيها.
قال أبو جعفر: قولُ مجاهد ﴿أَعْنَاقُهُمْ﴾ كبراؤُهم [معروفٌ] في اللغة، يُقال: جاءني عُنُقٌ من النَّاس أي رؤساؤهم، وكذلك يُقال: جاءني عُنُقٌ من الناس أي جماعة، ولهذا يُقال: على فلانٍ عتْقُ رقبةٍ، ولا يُقال: عَتْقُ عُنُقٍ لما يقع فيه من الاشتراك.
وقولُ عيسى بن عمر أحسنُ هذه الأقوال، وهو اختيار أبي العباس.
والمعنى على قوله: فظلُّوا لها خاضعين، فأخبر عن المضاف إليه، وجاء بالمضاف مُقْحماً توكيداً، كما قال الشاعر:
رَأَتْ مَرَّ السِّنينَ أَخَذْنَ مِنّي * كَمَا أَخَذَ السِّرَارُ منَ الهِلاَلِ
وكما قال الشاعر:
وتَشْرَقُ بالقَوْل الَّذي قَدْ أَذَعْتَهُ * كما شَرِقَتْ صَدْرُ القَناَةِ مِنَ الدَّمِ
قال أبو العباس: ومثلُه: سقطتْ بعضُ أصابعه.
قال: ومثلُه:
يا تَيْمُ تَيْمَ عَدِيٍّ لا أَبَا لَكُمُ * لا يُلْقِيَنَّكُمُ في سَوْءَةٍ عُمَرُ
فجاء بـ "تَيْمَ" الأول مُقْحَماً توكيداً.
وأما قول الكسائي فخطأٌ عند البصريِّين والفرَّاء.
ومثل هذا الحذف لا يقع في شيء من الكلام.
{"ayah":"إِن نَّشَأۡ نُنَزِّلۡ عَلَیۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ ءَایَةࣰ فَظَلَّتۡ أَعۡنَـٰقُهُمۡ لَهَا خَـٰضِعِینَ"}