الباحث القرآني

فقال: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ﴾ قال الفراء: السَّراب ما لصق بالأرض، والآل الذي يكون ضحى كالماء بين السماء والأرض [["معاني القرآن" للفراء 2/ 254.]]. وقال ابن السكيت: السَّراب الذي يجري على وجه الأرض كأنَّه الماء، وهو يكون نصف النهار وهو [[في (أ): (وهي).]] الذي يلصق بالأرض [[قول ابن الكسيت في "تهذيب اللغة" للأزهري 12/ 416 (سرب).]]. وقال أبو الهيثم: سمَّي السراب سرابًا؛ لأنه يسرب سربًا، أي: يجري جريًا. يقال: سرب الماء يسرب سروبًا [[قول ابن التهذيب في "تهذيب اللغة" للأزهري 12/ 416 (سرب).]]. وقال الفراء: القيعة [[في (أ)، (ظ): (البقيعة).]]: جمع القاع، كما قالوا: جاز وجيزة. والقاع: ما انبسط من الأرض، وفيه [[في (ظ): (وفيه وفيه) تكرار.]] يكون السراب نصف النهار [[قول الفراء بنصه في "تهذيب اللغة" للأزهري 3/ 33 (قاع)، وهو في كتابه "معاني القرآن" 2/ 254 وليس فيه قوله: وفيه يكون ..]]. وقال الليث: القاع، أرض واسعة قد انفرجت عنها [[في (أ): (عليها).]] الجبال والآكام. يقال: قاعٌ وأقوع وأقواع وقيعة وقيعان، وهو ما استوى من الأرض، لا حصى فيها ولا حجارة، ولا ينبت الشجر، وما حواليه أرفع منه، وهو مصبُّ المياه [[قول الليث في "تهذيب اللغة" للأزهري 3/ 33 (قاع).]]. قوله تعالى: ﴿يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ﴾ وهو الشديد العطش. يقال ظمئ يظمأ ظمأً فهو ظمآن [["تهذيب اللغة" للأزهري 14/ 401 "ظم". مع تقديم وتأخير. وانظر: "الصحاح" للجوهري 1/ 61 "ظمأ"، "لسان العرب" 1/ 116 "ظمأ".]]. وقوله ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾ قال أبو إسحاق [[من هنا يبدأ الخرم في نسخة (ظ).]]: أي: حتى إذا جاء إلى السَّراب وإلى موضعه رأى أرضًا لا ماء فيها [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 47.]]. وهو معنى [[في (ع): (قوله).]] ﴿لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾. قال المبرد: أي شيئًا مما حسب [[ذكر البغوي 6/ 52 هذا المعنى والذي بعده وساقهما مساقًا واحداً من غير نسبة لأحد.]]. وقال غيره: أي شيئًا على ما قدَّر [[هذا قول الثعلبي في "تفسيره" 3/ 86 ب.]]. قال ابن عباس في رواية سعيد بن جبير: أعمال الكفّار إذا احتاجوا إليها مثل السراب إذا رآه الرجل وقد احتاج إلى الماء، فأتاه فلم يجده شيئًا، فذلك مثل عمل الكافر يرى أن له ثوابًا وليس له ثواب [[لم أجده من رواية سعيد بن جبير، وقد روى الطبري 18/ 149، وابن أبي حاتم 7/ 53 أمن طريق العوفي، عن ابن عباس، نحوه.]]. وقال قتادة: هذا مثل ضربه الله لعمل الكافر [يحسب أنّه في شيء كما يحسب السراب ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا، وكذلك الكافر] [[ساقط من (ع).]] إذا مات لم يجد عمله شيئًا [[رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 61، والطبري 18/ 149، وابن أبي حاتم 7/ 753.]]. وقال مجاهد: عمل الكافر [إذا جاءه لم يجده شيئًا، وإتيانه إياه [[في (أ)، (ع): (إياها)، والتصويب من الطبري وابن أبي حاتم وغيرهما.]]: موتُه وفراقه الدنيا [[رواه الطبري 18/ 149، وابن أبي حاتم 7/ 53 ب؛ وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 210 وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر.]]. وروى الربيع، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعب في هذه الآية قال: كذلك [[(كذلك): ساقطة من (ع).]] الكافر] [[ما بين المعقوفين في حاشية (أ) وعليه علامة التصحيح.]] يجيء يوم القيامة وهو يحسب أنّ له عند الله خيرًا فلا يجده ويدخله الله النار [[رواه الطبري 18/ 149، وابن أبي حاتم 7/ 53 ب؛ وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 197 - 198، وعزاه أيضًا لعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.]]. مقاتل: يقول: هكذا الكفار حتى إذا انتهى الواحد منهم إلى عمله يوم القيامة وجده لم يغن [[في (أ): (يغن) مهملة الأول. وفي (ع): (تغن)، والمثبت من "تفسير مقاتل".]] عنه شيئًا، كما لم يجد العطشان السراب شيئًا، حتى انتهى إليه فمات من العطش وهلك [[في (أ): (أو هكذا).]]، فكذا [[في (أ): (وهكذا).]] الكافر يهلك يوم القيامة [["تفسير مقاتل" 2/ 39 أ.]]. وقال أبو إسحاق: أعلم الله -عز وجل- أن الكافر الذي يظن أن عمله قد نفعه عند الله ظنُّه كظن الذي يظن أن السَّراب ماء [["معاني القرآن" 4/ 47.]]. وقال ابن قتيبة: الكافر يحسب ما قدم من عمله نافعه كما يحسب العطشان السراب من البعد ماءً يرويه ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَهُ﴾ أي مات لم يجد عمله شيئًا لأنَّ الله -عز وجل- قد أبطله بالكفر ومحقه [["مشكل القرآن" لابن قتيبة ص 329.]]. وقوله ﴿وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ﴾ قال مقاتل: وجد الله بالمرصاد عند عمله ﴿فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ﴾ يقول جازاه بعمله [["تفسير مقاتل" 2/ 39 أ.]]. وقال الفراء: ﴿وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ﴾ عند عمله يقول: قدم على الله فوفاه حسابه [["معاني القرآن" 2/ 254.]]. وقال صاحب النظم في هذه الآية: هذا نظم غامض؛ لأنَّه -عز وجل- وصف أعمال الكفار التي يريدون بها البرَّ في الدنيا بأنَّها [[في (ع): (وأنَّها).]] تبطل في الآخرة ولا تنفعهم شيئًا، فشبهها بالسراب الذي يحسب الظمآن أنه ماء فإذا جاءه لم يجده شيئًا، كذلك الكفار في أعمالهم لا تنفعهم ولا تُقبل منهم فهي كأنَّها لا شيء، وقوله ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ﴾ متصل بالظمآن دون الكفار، إلا أنَّه -عز وجل- لما جعل الظمآن والسَّراب مثلًا للكفار في بُطول أعمالهم، أقامه [[في (ع): (قامه).]] مقامهم فيما يصير إليه عاقبة أمورهم، فقال ﴿وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ﴾ فجاء بذكر الظمآن على التوحيد، والمعني [[في (ع): (المعني).]] به الكفّار؛ لأنَّ الظمآن هاهنا مثل لا عين يقصد بالخبر، والعين المقصود بالخبر هم الكفّار، وهم يُوفَّون الحساب، يدلك [[في (ع): (يدل).]] على ذلك قوله: ﴿فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [وهذا لا يحتمل اتصاله بالظمآن: لأنَّه لا يكون هنالك حساب، وإنّما الحساب في الآخرة. هذا كلامه. ومعنى هذا أن قوله ﴿وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ﴾ في الظاهر خبر عن الظمآن، والمراد به الخبر عن الكفار، ولكن لما ضرب الظمآن مثلًا للكفار جعل الخبر عنه كالخبر عنهم. قوله تعالى ﴿وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [[ساقط من (ع).]] قال مقاتل: يخوفهم بالحساب كأنَّه قد جاء [["تفسير مقاتل" 2/ 39 ب وفيه كأنه قد كان.]]. والمعنى على هذا أنَّه عن قريب يحاسب الكفَّار. وهذا الوجه سوى ما ذكرنا الوجوه في معنى ﴿سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [[(الحساب): ساقطة من (أ).]] في سورة البقرة [[ذكر الواحدي في "البسيط" عند قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [البقرة: 202] .. أقوالاً هي على سبيل الاختصار: 1 - أنه سريع الحساب لأنَّه علم ما للمحاسب وما عليه قبل حسابه. 2 - أن المعني: والله سريع المجازاة للعباد على أعمالهم وإن كان قد أمهلهم مدة من الدهر. 3 - أنه سريع الحساب أي الإحاطه والعلم، لأنه لا يحتاج إلى عقد يد ولا وعي صدر ولا روية كالعاجزين.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب