الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ: ﴿والَّذِينَ كَفَرُوا أعْمالُهم كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ﴾، و”اَلْقِيعَةُ“: جَمْعُ ”قاعٍ“، مِثْلَ: ”جارٍ“، و”جِيرَةٌ“، و”اَلْقِيعَةُ“، و”اَلْقاعُ“: ما انْبَسَطَ مِنَ الأرْضِ، ولَمْ يَكُنْ فِيهِ نَباتٌ، فالَّذِي يَسِيرُ فِيهِ يَرى كَأنَّ فِيهِ ماءً يَجْرِي، وذَلِكَ هو السَّرابُ، و”اَلْآلُ“، مِثْلُ السَّرابِ، إلّا أنَّهُ يَرْتَفِعُ وقْتَ الضُّحى كالماءِ بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ، ﴿يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً﴾، يَجُوزُ ”يَحْسِبُهُ“، و”يَحْسَبُهُ“، ويَجُوزُ ”اَلظَّمْآنُ“، و”اَلظَّمانُ“، عَلى تَخْفِيفِ الهَمْزَةِ، وهو الشَّدِيدُ العَطَشِ، يُقالُ: ”ظَمِئَ الرَّجُلُ، يَظْمَأُ، ظَمَأً، فَهو ظَمْآنُ“، مِثْلَ ”عَطِشَ، يَعْطَشُ، عَطَشًا، فَهو عَطْشانُ“ . وَقَوْلُهُ: ﴿حَتّى إذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾، أيْ: حَتّى إذا جاءَ إلى السَّرابِ، وإلى مَوْضِعِهِ، رَأى أرْضًا لا ماءَ فِيها، فَأعْلَمَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - أنَّ الكافِرَ يَظُنُّ عَمَلَهُ قَدْ نَفَعَهُ عِنْدَ اللَّهِ، ظَنُّهُ كَظَنِّ الَّذِي يَظُنُّ أنَّ السَّرابَ ماءٌ، وأنَّ عَمَلَهُ قَدْ حَبِطَ، وذَهَبَ، وضَرَبَ اللَّهُ هَذا المَثَلَ لِلْكافِرِ، فَقالَ: إنَّ أعْمالَ الكُفّارِ كَهَذا السَّرابِ، ﴿أوْ كَظُلُماتٍ في بَحْرٍ لُجِّيٍّ﴾ [النور: ٤٠]، اَلْآيَةَ، (p-٤٨)لِأنَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - وصَفَ نُورَهُ الَّذِي هو لِلْمُؤْمِنِينَ، وأعْلَمُ أنَّ قُلُوبَ المُؤْمِنِينَ، وأعْمالَهُمْ، بِمَنزِلَةِ النُّورِ الَّذِي وصَفَهُ، وأنَّهم يَجِدُونَهُ عِنْدَ اللَّهِ، يُجازِيهِمْ عَلَيْهِ بِالجَنَّةِ، وأنَّ أعْمالَ الكافِرِينَ، وإنْ مُثِّلَتْ بِما يُوجَدُ، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ السَّرابِ، وإنْ مُثِّلَتْ بِما يُرى، فَهي كَهَذِهِ الظُّلُماتِ الَّتِي وصَفَ في قَوْلِهِ: ﴿أوْ كَظُلُماتٍ في بَحْرٍ لُجِّيٍّ﴾ [النور: ٤٠]، اَلْآيَةَ. وَقَوْلُهُ: ﴿إذا أخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها﴾ [النور: ٤٠]، مَعْناهُ: لَمْ يَرَها، ولَمْ يَكَدْ، وقالَ بَعْضُهُمْ: يَراها مِن بَعْدِ أنْ كانَ لا يَراها مِن شِدَّةِ الظُّلْمَةِ، والقَوْلُ الأوَّلُ أشْبَهُ بِهَذا المَعْنى، لِأنَّ في دُونِ هَذِهِ الظُّلُماتِ لا يُرى الكَفُّ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَن لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَما لَهُ مِن نُورٍ﴾ [النور: ٤٠]، أيْ: مَن لَمْ يَهْدِهِ اللَّهُ إلى الإسْلامِ، لَمْ يَهْتَدِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب