الباحث القرآني
ثم قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ﴾ [النور ٣٩] لما ذكر الله سبحانه وتعالى أعمال هؤلاء الرجال -تلك الأعمال الفاضلة- ذكر أعمال الذين كفروا ما شأنهم، وهذا طريقة الله تعالى في كتابه: إذا ذكر وصف المؤمن ذكر بعده وصف الكافر، أو بالعكس، وإذا ذكر وصف الجنة ذكر بعده وصف النار، أو بالعكس؛ لأن القرآن مثاني تثنى فيه المعاني ويقابل بعضها ببعض، هذه واحدة، ولأن الإنسان إذا ذكرت له أوصاف أهل الخير وأوصاف الجنة قد يغلب عليه جانب الرجاء فيهلك، وإذا ذكر صفات النار وصفات أهل الشر يغلب عليه أيش؟
* طلبة: الخوف.
* الشيخ: الخوف، فيهلك أيضًا؛ ولهذا اختلف أهل العلم هل الأولى أن يغلب الإنسان جانب الرجاء، أو جانب الخوف، أو يجعلهما سواء؟ فقال الإمام أحمد: ينبغي أن يكون خوفه ورجاؤه واحدًا، فأيهما غلب هلك صاحبه؛ لأنه إن غلب عليك الخوف وقعت في القنوط من رحمة الله، وإن غلب عليك الرجاء وقعت في الأمن من مكر الله، وكلاهما طريق لا يليق بالمؤمن.
وقال بعض العلماء: ينبغي للمريض أن يغلب جانب الرجاء؛ لقول النبي ﷺ: «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِرَبِّهِ»[[أخرجه مسلم (٢٨٧٧ / ٨٢) من حديث جابر بن عبد الله. ]]، وينبغي للصحيح أن يغلب جانب الخوف.
وقال آخرون: ينبغي عند فعل المعصية أن يغلب جانب الخوف، ويش لأجل؟ لأجل يرتدع؛ لأنه لو غلب جانب الرجاء قال: الله غفور رحيم وأرجو أن يغفر الله لي وأعمل المعصية، وعند فعل الطاعة يغلب جانب الرجاء؛ أن الله سبحانه وتعالى يقبل منه ويثيبه حتى لا ييأس، قال: ويدل على ذلك مثل قول النبي ﷺ: «ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ»[[أخرجه الترمذي (٣٤٧٩) من حديث أبي هريرة. ]]، كذلك اعبد الله وأنت على رجاء أن يتقبل منك.
وعلى كل حال هذا القول في ظني أنه أرجح الأقوال؛ أنه عندما يكون الإنسان في جانب التعبد وفعل العبادة يغلب الرجاء، ما هو معنى عاد أنه يجزم بالرجاء بهذا؛ لأن الله يقول: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾ [المؤمنون ٦٠] يعني: خائفة ألَّا يقبل منها، لكن المعنى: أنه يغلب هذا مع الخوف، وأما في جانب فعل المعصية فيغلب جانب الخوف؛ لأجل ألَّا يقدم عليها معتمدًا على الرجاء.
على كل حال نحن شطحنا قليلًا، لكن قصدنا أن القرآن الكريم يذكر الله تعالى فيه هذا وهذا؛ ليكون سير الإنسان معتدلًا.
قال: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ﴾ (جمع (قاع)؛ أي: في فلاة، وهو شعاع يُرَى فيها نصف النهار في شدة الحر يشبه الماء الجاري) هذا تفسير للسراب، والقيعة هي: الفلاة، السراب بالقيعة أظنكم تعرفونه كلكم، في شدة الحر عندما تكون في فلاة من الأرض، (قيعة) يعني: جمع (قاع)، بخلاف الرملية ما يكون فيها هذا الشيء، لكن القيعان ترى من بعد كأن في ذلك الجانب ماء، فتظنه ماء فتقصده، هؤلاء الكفار أعمالهم هكذا مثل السراب بالقيعة يحسبه الظمآن ماء وليس بماء، كيف ذلك؟ لأنهم يقولون: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر ٣]، ﴿وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس ١٨]، فيظنون أن هذا الشرك الذي يبعدهم عن الله حقيقة، أيش يظنونه؟
* طلبة: يقربهم.
* الشيخ: يقربهم من الله عز وجل، يظنون هؤلاء الشفعاء الذين سيتبرؤون منهم، ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا﴾ [البقرة ١٦٦] يظنونهم أيش؟
* طلبة: شفعاء.
* الشيخ: يظنونهم شفعاء، وتعرفون أن النفس إذا تعلقت بالشيء على أنه شفيع أو على أنه مقرب لها إلى الله تتبعه ولَّا لا؟ تتبعه بلا شك، هؤلاء مثل السراب في القيعة.
(﴿يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ﴾ ﴿يَحْسَبُهُ﴾ يظنه، ﴿الظَّمْآنُ﴾ أي: العطشان، ﴿مَاءً﴾ )، هذا تشبيه بليغ؛ يعني أنه يقصده بشدة ولهف معتقدًا أنه ينقذه، العطشان محتاج للماء ولَّا لا؟ فإذا رأى ما يشبه الماء قصده بشدة ولهف، ويش لأجله؟ لأجل أن يدفع ضرورته به، هل يظنه ينفعه ولَّا لا؟ نعم، يظنه ينفعه، ولولا أنه يظنه ينفعه ما ذهب إليه، لكن النتيجة ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾.
* طالب: (...).
* الشيخ: نعم، لم يجده شيئًا مما حسبه، إذا جاءه لم يجده شيئًا، ماذا تتصورون حاله حينئذٍ؟ خيبة أمل عظيمة -والعياذ بالله- ما يتصورها أحد؛ إنسان عطشان جاء إلى هذا السراب من بعيد، ولاحظوا أيضًا أن السراب ما هو يتراءى في الأماكن القريبة، في البعيد أبعد ما تراه، من مكان بعيد يريد أن يشرب، فتكون النتيجة أنه لم يجد شيئًا مما حسبه.
يقول المؤلف: (كذلك الكافر يحسب أن عمله كصدقة تنفعه، حتى إذا مات وقدم على ربه لم يجد عمله؛ أي: لم ينفعه، ﴿وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ﴾ أي: عند عمله، ﴿فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ﴾ أي: أنه جازاه عليه في الدنيا، ﴿وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ أي: المجازاة).
هذا الكافر يظن أن عمله ينفعه، وتمثيل المؤلف لذلك بالصدقة فيه نظر؛ لأنه ينبغي أن (...)؛ يعني إلا إذا قصد بذلك ضرب المثل، إذا قصد به ضرب المثل فهذا صحيح، هذا من جملة الأعمال التي يفعلها الكفار يظنون أنها تنفعهم وهي لا تنفعهم، ولكن ينبغي أن يقال: هي أعم من ذلك، ليس المراد فقط الصدقة، بل حتى عبادة الأصنام يظنونها، ويش يظنونها؟
* طلبة: تنفعهم.
* الشيخ: تنفعهم؛ ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر ٣]، ﴿يَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس ١٨]، ومع ذلك هذا كله لا ينفعهم، سوف لا يجدون شيئًا مما يظنونه ويحسبونه.
وقوله: ﴿وَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ﴾ عند أيش؟ عند هذا السراب؛ لأنه الآن وصل إلى الموت، فإذا مات فقد لاقى الله عز وجل؛ ولهذا قال: ﴿فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ﴾، هذا ظاهر السياق.
أما على رأي المؤلف فيجعل (﴿وَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ﴾ أي: عند عمله) تفريعًا على قوله: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾؛ لأن (الذين كفروا) عام فكأنه قال: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي: الكافر؛ عمله كذا وكذا، ﴿كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ﴾ أي:عند ذلك العمل؛ لقوله: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ﴾ ﴿فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ﴾، ولكن ظاهر الآية أن الضمائر تعود على أي شيء؟
* طالب: أقرب مذكور.
* الشيخ: على أقرب مذكور، وهو هذا العطشان الذي وصل إلى الماء عطشان فلم يجد شيئًا فسيهلك.
﴿وَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ ﴿حِسَابَهُ﴾ يعني: جزاء عمله، وقوله: ﴿وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ أي: المجازاة، ما المراد بالسرعة هنا؛ هل المراد لقرب وقت المجازاة، فتكون السرعة زمنية، أو المراد إنجاز الحساب، فتكون السرعة عملية، أو كلاهما؟ ﴿اللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ هل المعنى أنه في محاسبته سريع، أو معناه حسابه للعباد قريب؟
* طالب: يحتمل ويحتمل.
* الشيخ: يحتمل كلهم، فالحساب قريب، حتى وإن طال في الدنيا بالإنسان فإنه قريب، ﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ﴾ [النساء ٧٧]، وكذلك عندما يحاسب الله الخلائق يوم القيامة يحاسبهم في نصف يوم، كما قال الله عز وجل: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾ [الفرقان ٢٤] استنبط العلماء من ذلك: أنهم سيقيلون في منازلهم في نصف ذلك اليوم، ولكن على كل حال اليوم الذي أشار الله إليه مقداره خمسين ألف سنة، ومهما يكن من شيء فالله قادر على ما هو أبلغ من ذلك، لكن مع هذا هذه سرعة عظيمة وقدرة بالغة، حتى لو الخمسين ألف سنة خمسة وعشرين ألف سنة، الخلائق من أولهم إلى آخرهم ما بين آدمي وجني وطير وغيرهم في نصف يوم.
الآن لو يحاسب الإنسان شخصًا يعامله لمدة سنة، كم يبقى إذا كان الحساب دقيقًا وكثيرًا؟ يبقى مدة، وقد يكون الحساب مضبوطًا وقد لا يكون مضبوطًا، أما حساب الله عز وجل فهو مع سرعته لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
هذا مثلٌ لكافر عمل يريد التقرب إلى الله عز وجل، أو مثل آخر: ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ﴾ [النور ٤٠] (أو) هنا ليست للشك بلا ريب، لماذا؟ لأن الله سبحانه وتعالى منزه عن الشك، الشك إنما يكون لقصور علم الإنسان، أو لقصور علم الشاك، أما الله عز وجل فعلمه واسع؛ يعني ما يمكن يقول الله سبحانه وتعالى: الذين كفروا أعمالهم إما مثل ذا أو مثل ذا، على سبيل الشك، كما تقول مثلًا: أنا رأيت هذا الشيء وهو يشبه كذا أو كذا، هذا لا يمكن أن يكون في حق الله عز وجل، إذن فـ(أو) للتنويع في قوله: ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ﴾ يعني: أو أعمالهم كظلمات، إلى آخره.
(﴿أَوْ﴾ الذين كفروا أعمالهم السيئة، ﴿كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ﴾ عميق، ﴿يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ﴾ أي: الموج، ﴿مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ﴾ أي: الموج الثاني، ﴿سَحَابٌ﴾ أي: غيم، هذه ﴿ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ﴾ ظلمة البحر، وظلمة الموج الأول، وظلمة الثاني، وظلمة السحاب) أربع ظلمات، (﴿إِذَا أَخْرَجَ﴾ أي: الناظر، ﴿يَدَهُ﴾ في هذه الظلمات، ﴿لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾ أي: لم يقرب من رؤيتها، ﴿وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ أي: من لم يهده له لم يهتد).
هذا قسم ثانٍ من الكفار، الأول في حال الكافر المجتهد الذي يظن أن عمله ينفعه، وهذا الثاني في حال المقلد اللي ما يدري في ظلمة يسير معها العالمَ مع الكفار وهو لا يدري.
﴿كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ﴾ البحر معروف، واللجي: العميق، وكلما كان البحر أعمق كانت ظلمته أشد، هذا أيضًا ﴿يَغْشَاهُ مَوْجٌ﴾ ﴿يَغْشَاهُ﴾ بمعنى: يغطيه، يغطي هذا الكافر موجٌ، ﴿مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ﴾ أيضًا أمواج عالية، ﴿مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ﴾.
﴿مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ﴾ ويش حد الموج الثاني من الأول؟
* طالب: (...).
* الشيخ: عند البحر؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا، أنا قصدي علوه؛ لأنه في الحقيقة سيكون أظلم كلما علا، ﴿مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ﴾: الماء.
* طالب: (...).
* الشيخ: من أين هذا؟
* الطالب: من السحاب.
* الشيخ: السحاب فوق، لا قصدي ﴿مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ﴾.
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، أمواج، لكن هل المانع الموج الثاني، ويش اللي يميزه من الموج الأول؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: زين، هذه واحدة، إما أن يقال بالاتجاه؛ يعني يتلاقوا؛ واحد من هنا جاي، والثاني أعلى منه جاي من جهة ثانية، علشان يتبين علو هذا على ذاك، أو أنها أمواج متلاحقة؛ يعني مثلًا موج مقبل (...) الجبال، ووراءه موج آخر أرفع منه، فإذا لحقه صار موجًا من فوقه موج، أما أنه موج واحد ما يمكن يسبق بعضه عن بعض، ومن شاهد البحر وجد الأمر كذلك؛ تجد أمواجًا متلاحقة، أحيانًا إذا انعكس الهواء تتقابل، وأحيانًا تتلاحق، لكن هذه المتلاحقة أيضًا تجد -سبحان الله العظيم- أحيانًا مثل الدرج؛ يعني: بعضها فوق بعض، هذا هو ما ضربه الله سبحانه وتعالى في المثل.
﴿مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ﴾ والسحاب في الحقيقة مراتب في الجو، ما هو على ظننا أنه في طبقة واحدة، لا، في طبقات متباعدة جدًّا، وهذا يعرفه الإنسان إذا ركب الطائرة، يجد أحيانًا سحابًا بينه وبين الطائرة من أسفل مثل ما بين السحاب والأرض، وسحاب من فوقه بينه وبينه مثل ما بين الطائرة والأرض، وهو بينهما، وهذا شيء معروف مشاهد، فالظاهر -والله أعلم- أن قوله: ﴿مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ﴾ مثل قوله: ﴿مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ﴾؛ بمعنى أن السحاب يكاد يكون ملاصقًا لهذه الأمواج، ومنه الضباب؛ الضباب لا شك أنه يقرب من سطح البحر.
* طالب: ما (...) بعيد عن البحر (...) قد يحجب الرؤية (...) سواء كان..؟
* الشيخ: نعم، يمكن، سواء كان قريبًا.
* الطالب: (...) فيحدث الظلمة، أو قريب من الغروب فهي معه.
* الشيخ: ما فيه شك، لكن أيهما أشد؟
* الطالب: إذا قرب.
* الشيخ: إذا قرب أشد، ويمكن أيضًا أن يراد بالسحاب ما يشمل الضباب؛ لأن حقيقة الأمر أن الضباب سحاب؛ لأنه ينسحب على الأرض، فإذا تبين ذلك صارت الظلمة واضحة جدًّا لكثرتها.
﴿ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ﴾ التهويل في هذا المثل؛ يعني كان يكفي أن يقول: ﴿مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ﴾، لكن لأجل تهويله في النفس وبيان عظمته قال: ﴿ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ﴾.
ثم ضرب مثلًا فقال: ﴿إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾، ويش أقرب شيء لك؟ من أقرب ما يكون لك اليد، بل هي أقرب شيء لك من الأعضاء المتحركة التي يمكن أن تُرى، يمكن أن تخرج ويمكن ما تخرج، إذا أخرجت يدك، ﴿لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾، أيش رأيكم هل معنى ﴿لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾ أنه يراها بصعوبة أو لا يراها؟
* طالب: يراها.
* طالب آخر: لا يراها.
* الشيخ: لا يراها، طيب ﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ [البقرة ٧١] ذبحوا ولَّا ما ذبحوا؟
* طلبة: ذبحوا.
* الشيخ: طيب.
* طالب: يراها.
* الشيخ: يراها بصعوبة؟
* طلبة: نعم.
* الشيخ: يقول النحويون تقريبًا: إن (كاد) إثباتها نفي ونفيها إثبات، فإذا قلت: لم أكد أفعل، فمعناه: فعلت لكن بَعد بُعد، و﴿لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾ على هذه القاعدة: رآها لكن بَعد بُعد الرؤيا وصعوبتها، لكن الظاهر كما قال آخرون من النحويين: إن (كاد) نفس الشيء مثل غيرها؛ نفيها نفي، وإثباتها إثبات، لكن هي بمعنى (قارب)، فإذا قلت: كدت أفعل؛ أي: قاربت أن أفعل، هل أنت فعلت ولَّا لا؟
* طالب: ما فعلت.
* الشيخ: ما فعلت، لكن قاربت، فهل هي أتبتت ولَّا نفت الآن؟ أثبتت المقاربة، لكن علمنا انتفاء الفعل من المقاربة، ﴿لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾ أي: لم يقرب أن يراها، كما قال المؤلف أو المفسر، لم يقرب أن يراها، إذن إذا كان ما يقرب يراها فانتفاء الرؤيا من باب أولى وأحوط، كذا؟
وأما قوله تعالى: ﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ [البقرة ٧١] فهذا لولا قوله: ﴿ذَبَحُوهَا﴾ ما دلت الآية على أنهم ذبحوها، لكن معنى ﴿ذَبَحُوهَا﴾: بعد أن كانوا بعيدين عن الذبح وما قصدوه ولا نووا أن يمتثلوا، بل قالوا لنبيهم: ﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾ [البقرة ٦٧] بَعد هذا البُعد عن الفعل، وبعد أن أجيبوا لطلباتهم ذبحوها، فهمتم الآن؟ تصير الآية على ما هي عليه.
و(كاد) أيضًا كغيرها من الأفعال؛ نفيها نفي، وإثباتها إثبات، لكن لما كانت تدل على القرب صار الرجل إذا قال: كدت أن أفعل، معناه: ما فعل؛ لأن كلمة قاربت الفعل؛ يعني: ولم أفعل، لم أكد أفعل، إذا ما سبق شيء يدل على الفعل فإنه يقينًا ما فعل، مثل قول عمر: «ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب»؛ يعني: ما قاربت صلاة العصر، إذن صلاها ولَّا ما صلاها؟
* طالب: صلاها.
* الشيخ: لا، ما صلاها، «ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٩٦)، ومسلم (٦٣١ / ٢٠٩) من حديث جابر بن عبد الله.]]؛ يعني: ما قاربت صلاة العصر حتى قاربت الشمس الغروب، فلما قاربت الشمس الغروب قاربت صلاة العصر، هو ما صلى إلا بعد الغروب مع النبي عليه الصلاة والسلام، لكن كأنه في الأول ما تهيأ له أن يقرب من الصلاة، فضلًا عن أن يصليها، المعنى: أني انشغلت؛ شغلهم الكفار إلى قرب غروب الشمس، فما قارب أن يصلي، ومقاربة الصلاة يا إخواني بالتهيؤ لها، يقول: ما تهيأت ولا تهيؤ للصلاة حتى قاربت الشمس أن تغرب؛ ولهذا صلى مع النبي عليه الصلاة والسلام صلاة العصر بعد غروب الشمس.
فالحاصل إذن أن الصحيح خلاف ما قاله بعض النحويين: إن (كاد) إثباتها نفي ونفيها إثبات، بل الصواب أن (كاد) كغيرها، ويش كغيرها؟ من أن إثباتها إثبات ونفيها نفي، لكنها هي بمعنى المقاربة؛ ولهذا هي عدَّت عند النحويين من أفعال المقاربة، فمن نفى أن يقارب الشيء فإنه قطعًا لم يفعله، ومن أثبت أنه مقارب له فهو أيضًا قطعًا لم يفعله؛ لأن كلمة: قاربت الفعل؛ أي: ولم أفعله، هذا معناه.
فإذا قيل: لم يكد يفعل كذا ولم يسبق ما يدل على فعله، فإنه لم يفعله، فإن سبق ما يدل على فعله مثل: ﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا﴾ [البقرة ٧١] دل ذلك على أنهم كانوا قبل الذبح بعيدين عن الامتثال ولا كادوا يفعلون، إلا أنه بعد الإلحاح وبعدما قالوا: يبين لنا، وبُيِّن كما طلبوا، بعد ذلك أجيبوا؛ ولهذا في الحقيقة هذه مثلٌ ينبغي للإنسان أن يعتبره بنفسه أنه عندما يؤمر بالأمر لا يجب (...) على نفسه وراء كذا وراء كذا؛ لأن هذا خطير، وقد قال الله عز وجل: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الأنعام ١١٠]؛ ولهذا يجب على المسلم إذا علم بالشرع أن يستسلم، ولا بأس فيما بعد فيما يقرر على نفسه أنه ملتزم، لا بأس فيما بعد أن يتعلم الحكمة؛ لأن السؤال عن الحكمة لا ينافي الانقياد لكن المهم، ويش المهم؟ أن يستسلم أولًا، ولا يورد إيرادات وشبهات، ولم كذا؟ ولم كذا؟ ثم بعد ذلك يسأل إذا شاء.
(...) سبق أن الله سبحانه وتعالى بيَّن أن أعمال الكفار تنقسم إلى قسمين؛ قسم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، وقسم آخر كظلمات في بحر لجي، وهذا التقسيم وهذا التنويع باعتبار حال الكفار، فالأول -والله أعلم- لمن عنده فهم واجتهاد، والثاني لمن عنده جهل وضلال كعوام (...).
سراب بقيعة؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، ويش هي تكون؟
* طالب: الفلاة من الأرض.
* الشيخ: الفلاة من الأرض، (القاعة) جمع (قاع) وهي الفلاة من الأرض؛ يعني: الأرض الواسعة البعيدة اللي بقاع (...)، قاع ولَّا لا؟ (...) القاع: الأرض الغوراء.
ما هو السراب؟
* طالب: السراب هو (...).
* الشيخ: كأنه ماء (...).
ما هو وجه الشبه بين أعمال هؤلاء الكفار وهذا السراب؟
* طالب: (...).
* الشيخ: فيخونه أحوج ما كان إليه.
قوله ﴿وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ﴾ [النور ٣٩] الضمير في ﴿عِنْدَهُ﴾ يعود على أي شيء ؟
* طالب: العمل.
* الشيخ: على رأي المؤلف: على العمل، فيكون هنا عائدًا على المشبَّه دون المشبَّه به، ويحتمل أنه عائدٌ على المشبَّه به؛ يعني: وَجَدَ -هذا الظمآن- وَجَدَ اللهَ عنده –أي: عندَ هذا السَّراب- حينما مات من العطش فوفَّاه اللهُ حسابَه.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، الظمآن.
البحر اللُّجِّي ويش معناه؟
* طالب: العميق.
* الشيخ: العميق، طيب.
﴿مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ﴾ كيف كانت فوقيَّة الموج الثاني؟
* الطالب: إما أن يكون (...) من تغير الرياح، وإما أن يكون أمواجًا متلاحقة؛ الأولى تلحقها الثانية و..
* الشيخ: وتعلو عليها، نعم، صحيح.
﴿مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ﴾، ما هذه الظلمات ﴿ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ﴾؟
* طالب: (...).
* الشيخ: ظلمة الموج الأول، ويش بعد؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: (...) ظلمة الموج الأول، والثاني، والسحاب. وإنْ كان في الليل زادتْ الظُّلَم.
قوله ﴿لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾؟
* طالب: لم يقرب يراها.
* الشيخ: زين، ونفي القرب؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إي، لكن نَفْيه للحقيقة؛ يعني: نَفْيُ قُرْب الرؤية نَفْيٌ للرؤية، كذا ولَّا لا؟
ما قاله بعض النحويين مِن أنَّ (كاد) نَفْيها إثباتٌ وإثباتها نَفْيٌ، هل هو صحيح ولَّا غير صحيح؟
* طالب: (...).
* الشيخ: نعم، لكنْ باللازم يكون كذلك.
ويش حُجَّتهم التي قرَّروا بها هذا الشيء؟
* طالب: قول الله تعالى: ﴿وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ [البقرة ٧١].
* الشيخ: ﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾.
هَلْ في الآية دليلٌ على ما قالوا؟
* طالب: (...).
* الشيخ: هم يقولون: ذبحوها وما كادوا يفعلون، لكنْ فعلوا.
* الطالب: (...).
* الشيخ: يعني معناه أنَّ الفِعل..
* طالب: (...).
* الشيخ: ﴿وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ يعني: ما قاربوا أنْ يفعلوا، لكنهم فعلوا.
* الطالب: الحقيقة أنهم فعلوا.
* الشيخ: إي، ما يكفي هذا الجواب.
* طالب: (...) قال تعالى: ﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ أي إنه نُفِيتْ سَلَفًا، نُفِيت بقوله: (...)، لكنها نُفِيتْ (...)، لكنهم فعلوا، فدلَّ ذلك على أنَّ (...) على رأيهم لها منحًى خاصٌّ (...)؛ لأنها إذا نُفِيتْ تدلُّ على الإثبات، إذا نُفِيَ القُرب..
* الشيخ: نَفْيها إثباتٌ وإثباتها نَفْيٌ، إي نعم، هذا استدلالهم بالآية، كيف نَرُدُّ عليهم؟ هذا السؤال.
* الطالب: في الآية نَفْيُ المقاربة، أي أنهم ذبحوها بعدما قاربوا ألَّا يفعلوا.
* طالب آخر: (...).
* الشيخ: بعض النحويين ما هم كلهم.
* الطالب: إي نعم، الذين يقولون: إن معنى هذا؛ معنى قول الله عز وجل: ﴿وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ أي: ما كادوا قَبْل الفعل، كانوا بعيدين، والمراد: وما كادوا يفعلون قَبْل الفِعل؛ كانوا بعيدين، ما قاربوا أن يفعلوا.
* الشيخ: نعم، إي، فَهِمتُ (...) هُمْ يقولون: أليسوا قد فعلوا؟ بلى، لكن فِعْلهم ليس معلومًا من قوله: ﴿وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾، الفعل منين هو معلوم؟
* الطلبة: ﴿فَذَبَحُوهَا﴾.
* الشيخ: ﴿فَذَبَحُوهَا﴾ يعني لولا قوله تعالى: ﴿فَذَبَحُوهَا﴾ ما فَهِمْنا أنهم ذبحوها، لَفَهِمْنا أنهم ما ذبحوها ولا قاربوا أن يذبحوها، فإذَنْ الآيةُ ليس فيها دليلٌ، وأنتَ إذا قلتَ: ما كدتُ أفعلُ كذا. معناه ما قاربْتَ أن تفعله، وإذا لم تُقارِبْ أن تفعله فلسْتَ بفاعلٍ له، لكنْ إنْ وُجِدتْ قرينةٌ تدلُّ على فِعْلك فهذه القرينة هي التي تدلُّ على الفعل؛ لو قلتَ: وصلْتُ إلى البلد وما كِدْتُ أنْ أصِلَ. دلَّ على وصولك، لكن ما هو على (...) لكن كونك وصلْتَ إلى البلد، لو قلتَ: سِرتُ إلى البلد ولم أَكَدْ أَصِل، ويش يصير، هل يكون واصلًا؟
* طالب: لا.
* الشيخ: لا يكون واصلًا ولا مُقارِبًا للوصول ما لم يوجَدْ دليلٌ.
إذن ﴿لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾ إذا أخرجَ يَدَه في هذه الظُّلُمات لم يَكَدْ يراها. ويش معنى ﴿لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾؟ لم يُقارِبْ أن يراها، وإذا لم يُقارِبْ أنْ يراها فإنه لم يَرَها.
ثم قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ يعني: الذي لم يجعل اللهُ له نورًا لم يَكُنْ له نورٌ.
(﴿فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ أي: مَنْ لم يَهْدِهِ اللهُ لم يهتدِ).
جعل المؤلِّف هنا النورَ نورًا معنويًّا؛ أي: مَن لم ينوِّر اللهُ قَلْبَه للعِلْم والإيمان فلا أحد ينوِّر قَلْبَه؛ ﴿فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾.
مثل هذه الآيات التي يذكرها الله سبحانه وتعالى «مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ»[[أخرجه مسلم (٨٦٧ / ٤٥) من حديث جابر، و(٨٦٨ / ٤٦) من حديث ابن عباس. ]] وما أشبه ذلك، ويش الغَرَض منها؟ هل الغَرَض منها تقرير مذهب الجبرية كما استدلُّوا بها، أو الغرض شيءٌ آخر؟
الجواب قطْعًا: ليس الغرض مِن ذلك تقرير مذهب الجبرية؛ لأن الجبرية مذهبهم باطِلٌ يُبْطله الحِسُّ الشرعيُّ، والعقلُ، والفِطْرة، لكن الغرض مِن ذلك ألَّا يعتمد الإنسان على نفسه، وأن يكون دائمًا يلجأُ إلى الله عز وجل في طلبِ الهداية وطلبِ النور وطلبِ التوفيق وغير ذلك، وإلا فمِن المعلوم أن الله تعالى لا يقرِّر أمرًا باطلًا يُبْطله العقلُ، والحسُّ، وعلى كل حالٍ يقول الله عز وجل: إذا لم يجعل اللهُ للإنسان نورًا يهتدي به فما له من نور، وأتى بالجملة الاسمية الدالَّة على أيِّ شيء؟ على الثبوت والاستمرار؛ ﴿فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾، وأكَّد انتفاءَ النور عنه بـ﴿مِنْ﴾ الزائدة بقوله: ﴿مِنْ نُورٍ﴾؛ لأن ﴿مِنْ﴾ زائدة، و﴿نُورٍ﴾ مبتدأ مؤخَّر؛ أي: فليس له نور.
فإذن نعلمُ بهذا أنَّ الله سبحانه وتعالى هو الذي يتصرَّف في مُلْكه كما يشاء، وأنَّ مَن أعطاه اللهُ النورَ فهو على نورٍ مِن ربِّه، ومَن لم يُعْطِه اللهُ نورًا فما له من نورٍ، ومِنْ أين يأتيه النورُ وقد حَجَبَ اللهُ النورَ عنه!
ولكن اعلم أيضًا أنَّ حَجْبَ اللهِ النورَ عن العبد ليس منعًا لفضْله تبارك وتعالى؛ فإنه ذو الفضل العظيم، والعطاءُ أحبُّ إليه من المنع، والهدايةُ أحبُّ إليه من الإضلال، ولكن لأنَّ المرء نفسه هو الذي منع عن نفسه هذا النور؛ واتلُ قول الله تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ [الصف ٥]، واتلُ قول الله تعالى: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ يعني عن الحقِّ وأعرضوا عنه ﴿فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ﴾ [المائدة ٤٩] يتبيَّن لك أن إضلال الله للعبد وحجْبَ النورِ عنه بسبب نفْسه، هو الذي -والعياذ بالله- لم يَهْتدِ، فعلى كلِّ حالٍ الآيةُ هذه تدلُّ على أنه ينبغي بلْ يجبُ على المرء أن يلجأ إلى الله دائمًا بأن يسأله أن ينوِّر قَلْبَه؛ لأن ﴿مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ هذا منطوق الآية، مفهوم الآية: مَن جَعَلَ اللهُ له نورًا فلا أَحَدَ يحجب عنه نورَ الله عز وجل. إذَنْ الآية الكريمة تدلُّ على أمرين؛ أحدهما منطوقٌ، والثاني مفهومٌ. المنطوق؟
* طالب: (...).
* الشيخ: من حَجَبَ اللهُ النورَ عنه..
* طالب: بسبب نفسه.
* الشيخ: لا، (بسبب نفسه) ما هو من الآية، نحن قيَّدناها به. ﴿فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾، وقُلنا: أتى بالجملة الاسمية، تدل على أيش؟
* الطلبة: الاستمرار.
* الشيخ: الثبوت والاستمرار. وأكَّد انتفاء النورِ عنه بأيش؟ بـ﴿مِنْ﴾ الزائدة؛ لأن (مِن) الزائدة تفيد العموم، هذا منطوق الآية.
مفهومها: مَن جَعَلَ الله له نورًا فلا أَحَدَ يحجبه عنه، فلا حاجب عنه من نوره تبارك وتعالى.
ثم قال: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [النور ٤١] ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ الهمزة للاستفهام الداخل على النفي، وإذا دَخَل الاستفهام على النفي أفاد التقرير؛ مثل: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ [الشرح ١] يعني: قد شَرَحْنا لك صدرَك.
﴿أَلَمْ تَرَ﴾ يعني: قد رأيتَ، فهمزة الاستفهام إذا دخلَتْ على النفي تفيد التقرير؛ أي: إثبات ما ذُكِرَ لا نَفْيه؛ مثلًا قال الله (...) نبيه ﷺ: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾.
(...) لا تعَلُّق لمشيئة الله به، حتى إن بعضهم أنكر العلم؛ غُلَاتهم أنكروا علمَ الله وقالوا: إن الله سبحانه وتعالى لا يعلم بأعمال العبد إلا بعد أن يفعلها، أما قبل ذلك فإنه لا يعلم. سبحانه وتعالى، وأنكروا النصوص الصحيحة الصريحة في إثبات علم الله سبحانه وتعالى في كلِّ شيء، حتى في أعمال الإنسان.
* وفيه أيضًا -قوله: ﴿بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [النور ٣٨]-: كثرة رِزْق الله عز وجل، وأنه سبحانه وتعالى يعطي بلا حساب، وليس معنى (بلا حساب) بلا تقدير، لماذا لا نقول ذلك؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا؛ لأن الله يقول: ﴿كُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ [الرعد ٨]، حتى القطْرة اللي تنزل من السماء إلى الأرض هي مقدَّرة عند الله سبحانه وتعالى، ولكن ﴿بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾؛ أي إنه لا يكافئ الإنسانَ بحساب، بل بكثرةٍ كثيرةٍ (...).
* * *
ما هو وجه الشبه بين أعمال هؤلاء الكفار وهذا السراب؟
* طالب: (...).
* الشيخ: فيخونه أحوج ما كان إليه.
قوله: ﴿وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ﴾ [النور ٣٩] الضمير في ﴿عِنْدَهُ﴾ يعود على أي شيء ؟
* طالب: العمل.
* الشيخ: على رأي المؤلف: على العمل، فيكون هنا عائدًا على المشبَّه دون المشبَّه به، ويحتمل أنه عائدٌ على المشبَّه به؛ يعني: وَجَدَ -هذا الظمآن- وَجَدَ اللهَ عنده –أي: عندَ هذا السَّراب- حينما مات من العطش فوفَّاه اللهُ حسابَه.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، الظمآن.
البحر اللُّجِّي ويش معناه؟
* طالب: العميق.
* الشيخ: العميق، طيب.
﴿مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ﴾ كيف كانت فوقيَّة الموج الثاني؟
* الطالب: إما أن يكون (...) من تغير الرياح، وإما أن يكون أمواجًا متلاحقة؛ الأولى تلحقها الثانية و..
* الشيخ: وتعلو عليها، نعم، صحيح.
﴿مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ﴾، ما هذه الظلمات ﴿ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ﴾؟
* طالب: (...).
* الشيخ: ظلمة الموج الأول، ويش بعد؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: (...) ظلمة الموج الأول، والثاني، والسحاب. وإنْ كان في الليل زادتْ الظُّلَم.
قوله ﴿لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾؟
* طالب: لم يقرب يراها.
* الشيخ: زين، ونفي القرب؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إي، لكن نَفْيه للحقيقة؛ يعني: نَفْيُ قُرْب الرؤية نَفْيٌ للرؤية، كذا ولَّا لا؟
ما قاله بعض النحويين مِن أنَّ (كاد) نَفْيها إثباتٌ وإثباتها نَفْيٌ، هل هو صحيح ولَّا غير صحيح؟
* طالب: (...).
* الشيخ: نعم، لكنْ باللازم يكون كذلك.
ويش حُجَّتهم التي قرَّروا بها هذا الشيء؟
* طالب: قول الله تعالى: ﴿وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ [البقرة ٧١].
* الشيخ: ﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾.
هَلْ في الآية دليلٌ على ما قالوا؟
* طالب: (...).
* الشيخ: هم يقولون: ذبحوها وما كادوا يفعلون، لكنْ فعلوا.
* الطالب: (...).
* الشيخ: يعني معناه أنَّ الفِعل..
* طالب: (...).
* الشيخ: ﴿وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ يعني: ما قاربوا أنْ يفعلوا، لكنهم فعلوا.
* الطالب: الحقيقة أنهم فعلوا.
* الشيخ: إي، ما يكفي هذا الجواب.
* طالب: (...) قال تعالى: ﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ أي إنه نُفِيتْ سَلَفًا، نُفِيت بقوله: (...)، لكنها نُفِيتْ (...)، لكنهم فعلوا، فدلَّ ذلك على أنَّ (...) على رأيهم لها منحًى خاصٌّ (...)؛ لأنها إذا نُفِيتْ تدلُّ على الإثبات، إذا نُفِيَ القُرب..
* الشيخ: نَفْيها إثباتٌ وإثباتها نَفْيٌ، إي نعم، هذا استدلالهم بالآية، كيف نَرُدُّ عليهم؟ هذا السؤال.
* الطالب: في الآية نَفْيُ المقاربة، أي أنهم ذبحوها بعدما قاربوا ألَّا يفعلوا.
* طالب آخر: (...).
* الشيخ: بعض النحويين ما هم كلهم.
* الطالب: إي نعم، الذين يقولون: إن معنى هذا؛ معنى قول الله عز وجل: ﴿وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ أي: ما كادوا قَبْل الفعل، كانوا بعيدين، والمراد: وما كادوا يفعلون قَبْل الفِعل؛ كانوا بعيدين، ما قاربوا أن يفعلوا.
* الشيخ: نعم، إي، فَهِمتُ (...) هُمْ يقولون: أليسوا قد فعلوا؟ بلى، لكن فِعْلهم ليس معلومًا من قوله: ﴿وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾، الفعل منين هو معلوم؟
* الطلبة: ﴿فَذَبَحُوهَا﴾.
* الشيخ: ﴿فَذَبَحُوهَا﴾ يعني لولا قوله تعالى: ﴿فَذَبَحُوهَا﴾ ما فَهِمْنا أنهم ذبحوها، لَفَهِمْنا أنهم ما ذبحوها ولا قاربوا أن يذبحوها، فإذَنْ الآيةُ ليس فيها دليلٌ، وأنتَ إذا قلتَ: ما كدتُ أفعلُ كذا. معناه ما قاربْتَ أن تفعله، وإذا لم تُقارِبْ أن تفعله فلسْتَ بفاعلٍ له، لكنْ إنْ وُجِدتْ قرينةٌ تدلُّ على فِعْلك فهذه القرينة هي التي تدلُّ على الفعل؛ لو قلتَ: وصلْتُ إلى البلد وما كِدْتُ أنْ أصِلَ. دلَّ على وصولك، لكن ما هو على (...) لكن كونك وصلْتَ إلى البلد، لو قلتَ: سِرتُ إلى البلد ولم أَكَدْ أَصِل، ويش يصير، هل يكون واصلًا؟
* طالب: لا.
* الشيخ: لا يكون واصلًا ولا مُقارِبًا للوصول مالم يوجَدْ دليلٌ.
إذن ﴿لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾ إذا أخرجَ يَدَه في هذه الظُّلُمات لم يَكَدْ يراها. ويش معنى ﴿لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾؟ لم يُقارِبْ أن يراها، وإذا لم يُقارِبْ أنْ يراها فإنه لم يَرَها.
* * *
ثم قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ يعني: الذي لم يجعل اللهُ له نورًا لم يَكُنْ له نورٌ.
(﴿فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ أي: مَنْ لم يَهْدِهِ اللهُ لم يهتدِ).
جعل المؤلِّف هنا النورَ نورًا معنويًّا؛ أي: مَن لم ينوِّر اللهُ قَلْبَه للعِلْم والإيمان فلا أحد ينوِّر قَلْبَه؛ ﴿فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾.
مثل هذه الآيات التي يذكرها الله سبحانه وتعالى «مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ»[[أخرجه مسلم (٨٦٧ / ٤٥) من حديث جابر، و(٨٦٨ / ٤٦) من حديث ابن عباس. ]] وما أشبه ذلك، ويش الغَرَض منها؟ هل الغَرَض منها تقرير مذهب الجبرية كما استدلُّوا بها، أو الغرض شيءٌ آخر؟
الجواب قطْعًا: ليس الغرض مِن ذلك تقرير مذهب الجبرية؛ لأن الجبرية مذهبهم باطِلٌ يُبْطله الحِسُّ الشرعيُّ، والعقلُ، والفِطْرة، لكن الغرض مِن ذلك ألَّا يعتمد الإنسان على نفسه، وأن يكون دائمًا يلجأُ إلى الله عز وجل في طلبِ الهداية وطلبِ النور وطلبِ التوفيق وغير ذلك، وإلا فمِن المعلوم أن الله تعالى لا يقرِّر أمرًا باطلًا يُبْطله العقلُ، والحسُّ، وعلى كل حالٍ يقول الله عز وجل: إذا لم يجعل اللهُ للإنسان نورًا يهتدي به فما له من نور، وأتى بالجملة الاسمية الدالَّة على أيِّ شيء؟ على الثبوت والاستمرار؛ ﴿فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾، وأكَّد انتفاءَ النور عنه بـ﴿مِنْ﴾ الزائدة بقوله: ﴿مِنْ نُورٍ﴾؛ لأن ﴿مِنْ﴾ زائدة، و﴿نُورٍ﴾ مبتدأ مؤخَّر؛ أي: فليس له نور.
فإذن نعلمُ بهذا أنَّ الله سبحانه وتعالى هو الذي يتصرَّف في مُلْكه كما يشاء، وأنَّ مَن أعطاه اللهُ النورَ فهو على نورٍ مِن ربِّه، ومَن لم يُعْطِه اللهُ نورًا فما له من نورٍ، ومِنْ أين يأتيه النورُ وقد حَجَبَ اللهُ النورَ عنه!
ولكن اعلم أيضًا أنَّ حَجْبَ اللهِ النورَ عن العبد ليس منعًا لفضْله تبارك وتعالى؛ فإنه ذو الفضل العظيم، والعطاءُ أحبُّ إليه من المنع، والهدايةُ أحبُّ إليه من الإضلال، ولكن لأنَّ المرء نفسه هو الذي منع عن نفسه هذا النور؛ واتلُ قول الله تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ [الصف ٥]، واتلُ قول الله تعالى: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ يعني عن الحقِّ وأعرضوا عنه ﴿فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ﴾ [المائدة ٤٩] يتبيَّن لك أن إضلال الله للعبد وحجْبَ النورِ عنه بسبب نفْسه، هو الذي -والعياذ بالله- لم يَهْتدِ، فعلى كلِّ حالٍ الآيةُ هذه تدلُّ على أنه ينبغي بلْ يجبُ على المرء أن يلجأ إلى الله دائمًا بأن يسأله أن ينوِّر قَلْبَه؛ لأن ﴿مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ هذا منطوق الآية، مفهوم الآية: مَن جَعَلَ اللهُ له نورًا فلا أَحَدَ يحجب عنه نورَ الله عز وجل. إذَنْ الآية الكريمة تدلُّ على أمرين؛ أحدهما منطوقٌ، والثاني مفهومٌ. المنطوق؟
* طالب: (...).
* الشيخ: من حَجَبَ اللهُ النورَ عنه..
* طالب: بسبب نفسه.
* الشيخ: لا، (بسبب نفسه) ما هو من الآية، نحن قيَّدناها به. ﴿فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾، وقُلنا: أتى بالجملة الاسمية، تدل على أيش؟
* الطلبة: الاستمرار.
* الشيخ: الثبوت والاستمرار. وأكَّد انتفاء النورِ عنه بأيش؟ بـ﴿مِنْ﴾ الزائدة؛ لأن (مِن) الزائدة تفيد العموم، هذا منطوق الآية.
مفهومها: مَن جَعَلَ الله له نورًا فلا أَحَدَ يحجبه عنه، فلا حاجب عنه من نوره تبارك وتعالى.
{"ayahs_start":39,"ayahs":["وَٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَعۡمَـٰلُهُمۡ كَسَرَابِۭ بِقِیعَةࣲ یَحۡسَبُهُ ٱلظَّمۡـَٔانُ مَاۤءً حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَهُۥ لَمۡ یَجِدۡهُ شَیۡـࣰٔا وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُۥ فَوَفَّىٰهُ حِسَابَهُۥۗ وَٱللَّهُ سَرِیعُ ٱلۡحِسَابِ","أَوۡ كَظُلُمَـٰتࣲ فِی بَحۡرࣲ لُّجِّیࣲّ یَغۡشَىٰهُ مَوۡجࣱ مِّن فَوۡقِهِۦ مَوۡجࣱ مِّن فَوۡقِهِۦ سَحَابࣱۚ ظُلُمَـٰتُۢ بَعۡضُهَا فَوۡقَ بَعۡضٍ إِذَاۤ أَخۡرَجَ یَدَهُۥ لَمۡ یَكَدۡ یَرَىٰهَاۗ وَمَن لَّمۡ یَجۡعَلِ ٱللَّهُ لَهُۥ نُورࣰا فَمَا لَهُۥ مِن نُّورٍ"],"ayah":"وَٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَعۡمَـٰلُهُمۡ كَسَرَابِۭ بِقِیعَةࣲ یَحۡسَبُهُ ٱلظَّمۡـَٔانُ مَاۤءً حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَهُۥ لَمۡ یَجِدۡهُ شَیۡـࣰٔا وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُۥ فَوَفَّىٰهُ حِسَابَهُۥۗ وَٱللَّهُ سَرِیعُ ٱلۡحِسَابِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق