الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ الآية. يقال: وَعَدْتُه وَعْدَا وعِدَةً [[في (أ): (وعدء) وأثبت ما في (ب)، (ج) لأنه الصواب.]] وَموْعِداً وَموْعِدةً [[الكلام عن لفظ (وعد) واشتقاقه واستعمالاته نقله عن "الحجة" لأبي علي 2/ 56، وانظر: "تهذيب اللغة" (وعد) 4/ 3915، "اللسان" 8/ 4871.]]، قال الله: ﴿إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ﴾ [التوبة: 114]، وقال: ﴿وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا﴾ [الكهف: 59]. ويقال: وعدني الخير والشر [[انظر: "تهذيب اللغة" (وعد) 4/ 3915.]]، قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا﴾ [طه: 86] ﴿النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الحج: 72]. فأما الإيعاد فهو في التهديد. قال الشاعر: أَوْعَدَنِي بِالسِّجْنِ والْأَداَهِمِ [[في (ب): (الاداهمى). البيت لعُدَيْل بن الفَرْخ، وبعده: رِجْلِي وَرِجْلِي شثنة المْنَاَسِمِ الأداهم: جمع أدهم، وهو القيد، شثنة: غليظة، المناسم: طرف خف البعير استعارة للإنسان. ورد البيت في "الحجة" لأبي علي 2/ 57، وفي كتب اللغة مادة == (وعد) في "تهذيب اللغة" 4/ 3915، "الصحاح" 2/ 551، "المحكم" 2/ 137، "مقاييس اللغة" 3/ 134، "اللسان"، 8/ 4871، وفي "معاني القرآن" للفراء 1/ 197، "الحروف" لابن السكيت ص 97، "الهمع" 5/ 217، "شرح المفصل" 3/ 70، "شرح ابن عقيل" 3/ 251، "الخزانة" 5/ 188، "شرح شذور الذهب" ص 524.]] والوعيد كالإيعاد، قال الله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ﴾ [إبراهيم: 14] وأكثر ما يستعمل الإيعاد بالباء [[في (ب)، (ج): (بالياء).]]، فيقال: أوعدته بالشر، ويجوز أن تقول [[في (أ)، (ج) (يقول) ما في (ب) أنسب للسياق.]] أوعدته، من غير ذكر الشر، ولا يكون إلا في الشر [[ذكره أبو علي عن أحمد بن يحيى، "الحجة" 2/ 57، وانظر "تهذيب اللغة" (وعد) 4/ 3915.]]. والميعاد من: الوعد [[في (ب): (الوعيد).]] [لأنه لم يرد في الخير [[في (أ): (الخبر) وما في (ب)، (ج) هو الصواب.]]، ولذلك قلنا: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [آل عمران: 9]، [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] ويجوز أن يخلف الوعيد فيكون ذلك منه كرما [[اختصر كلام أبي علي، انظر: "الحجة" 2/ 57، 58، وسياق أبي علي أوضح.]]. و (الوعد) [[في (ب): (الوعيد) وفي "الحجة": (وعدت) فعل يتعدى إلى مفعولين ...) 2/ 59.]] يتعدى إلى مفعولين، ويجوز أن يقتصر على أحدهما كأعطيت، وليس كظننت، قال الله تعالى: ﴿وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ﴾ [طه: 80]، فـ (جانب) مفعول ثان، ولا يكون ظرفا لاختصاصه [[ولا يسمى ظرفًا في اصطلاح النحويين، وانما يسمى اسم مكان فقط، لأن == الظرف الاصطلاحي: هو الذي يتضمن معنى: لفظا أو تقريرا، فالوعد وقع على الجانب ولم يقع فيه، بمعنى الموعد به هو الجانب نفسه لا شيء آخر يكون فيه، وهذا يسمى مفعولا به ولا يسمى ظرفا على الراجح. انظر: "الأشموني مع حاشية الصبان" 2/ 126. والظرف المختص من المكان ماله صورة وحدود محصورة نحو الدار والمسجد، والظرف غير المختص من المكان وهو المبهم، ما ليس كذلك نحو الجهات الست. انظر: "حاشية الصبان على الأشموني" 2/ 129، "وحاشية الخضري على شرح ابن عقيل" 1/ 198.]]، والتقدير: وعدناكم إتيانه أو مكثًا [[في (ج): (سكنا).]] فيه. [وقوله: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ [المائدة: 9] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] وقوله: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [النور: 55] [[(منكم) سقط من (أ)، (ج).]] فإن الفعل لم يعد منه [[كذا في جميع النسخ، وفي "الحجة" (فيه) 2/ 60.]] إلى مفعول ثان، وقوله: ﴿لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ و ﴿لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ﴾ تفسير للوعد وتبيين له كقوله: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ [النساء: 11] فقوله: ﴿لِلذَّكَرِ﴾ تبيين للوصية، وليس بمفعول ثان، وقوله [[في "الحجة": وأما قوله: ﴿أَلَمْ يَعِدْكُمْ﴾ ..) 2/ 60.]]: ﴿أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا﴾ [طه: 86] وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ﴾ [إبراهيم: 22] فإن هذا ونحوه يحتمل أمرين: يجوز أن يكون انتصاب الوعد بالمصدر. ويجوز أن يكون انتصابه بأنه المفعول الثاني. وسمي الموعود به وعدا [[في "الحجة": (الوعد) 2/ 60.]]، كما سمي المخلوق خلقاً. وقوله [[في "الحجة": (وأما قوله: ..) 2/ 61.]]: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ﴾ [الأنفال: 7] فـ ﴿إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ﴾ في موضح نصب بأنه المفعول الثاني و ﴿أَنَّهَا لَكُمْ﴾ بدل منه، والتقدير: وإذ يعدكم الله ثبات إحدى الطائفتين أو ملكها [["الحجة" 2/ 61.]]. فأما قوله: ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ [[في (ب): (وعدنا).]] فتعلق (الأربعين) بالوعد على أنه المفعول الثاني لا بالظرف، لأن الوعد لم يكن في جميع الأربعين كلها، ولا في بعضها، وإنما الوعد تقضي الأربعين، والتقدير: وعدنا موسى انقضاء أربعين ليلة أو تتمة أربعين ليلة، فحذفت المضاف، كما تقول: اليوم خمسة عشر من [[في (ج): (ض).]] الشهر، أي تمامه [["الحجة" 2/ 64، 65، وانظر: "معاني القرآن" للأخفش 1/ 264، "المشكل" لمكي 1/ 47، "الإملاء" 1/ 36، "البحر" 1/ 199، وقد ذكر الطبري هذا القول، ثم رده، ورجح: أن الأربعين كلها داخلة في الميعاد، قال: (وقد زعم بعض نحويي البصرة: أن معناه: وإذ واعدنا موسى انقضاء أربعين ليلة، أي رأس الأربعين ....). ثم قال: (وذلك خلاف ما جاءت الرواية عن أهل التأويل، وخلاف ظاهر التلاوة ..) الطبري 1/ 280. ونحوه قال ابن عطية: (وكل المفسرين على أن الأربعين كلها ميعاد) "تفسير ابن عطية" 1/ 292، وانظر: "القرطبي" 1/ 337.]]. ويكون في الكلام محذوف به يتم [[في (ب): (تم).]] المعنى، كأنه قال: وعدناه انقضاء أربعين ليلة للتكلم [[في (ب): (للمتكلم).]] معه، أو لإيتائه التوراة أو ما أشبه هذا. واختلف القراء في قوله تعالى: ﴿وَاعَدْنَا﴾ فقرأ أكثرهم [[قرأ أبو عمرو بغير ألف ووافقه من العشرة أبو جعفر ويعقوب، والباقون بالألف انظر: "السبعة" ص 155، "الحجة" لأبي علي 2/ 56، "التيسير" ص73، "التبصرة" ص25، "الغاية" ص 101، "النشر" 2/ 212، "تحبير التيسير" ص87.]] بالألف من المواعدة، لأن ما كان من موسى من قبول الوعد والتحري لإنجازه والوفاء به يقوم مقام الوعد، وإذا كان كذلك حسن القراءة بـ (واعدنا) لثبات التواعد من الفاعلين، كما قال: ﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [[(لكن) ساقط من (أ) و (ج) تصحيف في الآية.]] [البقرة: 235] و-أيضا- فإن المفاعلة قد تقع من الواحد كسافر، وعافاه الله [[قال أبو علي: (.. فإذا كان الوعد من الله سبحانه، ولم يكن من موسى، كان من هذا الباب) "الحجة" 2/ 67.]]، وقد مر [[مر في تفسير قوله تعالى: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ [البقرة: 9] ، وانظر: "الحجة" لأبي علي 2/ 66، "حجة القراءات" لابن زنجلة: ص96، "الحجة" لابن خالويه: ص77، "الكشف" لمكي 1/ 240.]]. وقرأ أبو عمرو [[في (ب): (أبو عمر).]] (وعدنا) لكثرة ما جاء في القرآن من هذا القبيل بغير ألف، كقوله: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا﴾ [[المائدة:9، والنور: 55، والفتح:29.]]، ﴿أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ﴾ [طه: 86]، ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ﴾ [الأنفال: 7]، ﴿إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ﴾ [إبراهيم: 22]، ﴿وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ﴾ [الفتح: 20]، فرد المختلف في إلى المتفق عليه [["الحجة" لأبي علي 2/ 67. وقال ابن زنجلة: وحجة أن المواعدة إنما تكون بين الآدميين. "حجة القراءات": ص96، انظر: "الحجة" لابن خالويه: ص77، == "الكشف" لمكي 1/ 239، قال الطبري: (.. والصواب عندنا في ذلك من القول: أنهما قراءتان قد جاءت بهما الأمة وقرأت بهما القَرَأة، وليس في القراءة بأحدهما إبطال معنى الأخرى ..) ثم رد على من قال: إنما تكون المواعدة بين البشر. "تفسير الطبري" 1/ 279.]]. وأما (أربعين) فقال أبو الفتح الموصلي [["سر صناعة الأعراب" 2/ 626.]]: إن العقود من (عشرين) إلى (تسعين) كأن (عشرين) جمع (عِشْر)، و (ثلاثين) جمع (ثلاث)، و (أربعين) جمع (أربع). وليس الأمر كذلك؛ لأن (العِشْر) غير معروف إلا في أظماء الإبل [[(العِشْر) بكسر العين خاص بورود الإبل اليوم العاشر أو التاسع. انظر: "القاموس" (عشر): ص 440.]]، ولو كان (ثلاثون) جمع (ثلاثة) [[في "سر صناعة الأعراب": (ثلاث) 2/ 626]] لوجب أن يستعمل في (تسعة) وفي (اثني عشر) وفي كل عدد الواحد من تثليثها (ثلاث) [[في "سر صناعة الأعراب": (.. لوجب أن يستعمل في (تسعة) وفي (اثني عشر) وفي (خمسة عشر) وكذلك إلى (سبعة) ولجاز أن يتجاوز به إلى ما فوق الثلاثين من الأعداد التي الواحد من تثليثها فوق العشرة ..) 2/ 626.]]. وكذلك القول في (أربعين) و (خمسين) إلى (التسعين) فقد ثبت بهذا أن (أربعين) ليس جمع (أربع) وكذلك سائر العقود، ولكنه جار مجرى (فلسطين) و (قِنَّسْرين) [[(قِنَّسْرين) بكسر أوله وفتح ثانيه وتشديده، مدينة بالشام. انظر: "معجم البلدان" 4/ 403.]] في أنه اسم واحد لهذا العدد المخصوص [[نص عبارة أبي الفتح: (فقد ثبت بهذا أن (ثلاثين) ليس جمع (ثلاث) وأن (أربعين) ليس جمع (أربع)، ولكنه جرى مجرى (فلسطين) في أن اعتقد له واحد مقدر وإن لم يجر به استعمال فكأن (ثلاثين) جمع (ثلاث) و (ثلاث) جماعة فكأنه قد كان ينبغي أن تكون فيه (الهاء) ..) "سر صناعة الأعراب" 2/ 626.]]، ولكنه أشبه في الظاهر أنه جمع (أربع) ولو اعتقد له واحد مفرد وإن لم يجز به استعمال كان (أربعا)، (أربع) جماعة فكأنه قد كان ينبغي أن يكون فيه (الهاء) فعوض من ذلك [[في (ب): (هذا).]] الجمع بالواو والنون، وعاد الأمر فيه إلى قصة (أرض) و [[(الواو) ساقطة من (ب).]] (أرضون) [[انتهى ما نقله عن أبي الفتح ابن جني الموصلي بتصرف. انظر: "سر صناعة الأعراب" 2/ 626، 627. ورأي أبي الفتح أن (أربعين) يجري مجرى جمع المذكر السالم فيعرب بالحروف، وهذا قول بعض النحويين، ومنهم في قال: يعرب بالحركات. انظر: "المقتضب" 3/ 332، "الخزانة" 8/ 67، "الدر المصون" 1/ 353.]]، وقد ذكرنا الكلام فيه [[(فيه) ساقط من (ج). والكلام في: (أرض) و (أرضون) ذكره في تفسير قوله تعالى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا﴾ [البقرة: 22].]]. وقال غيره: إنما جمعوا [[في (ب): (واجمعوا).]] بالواو والنون، لأنه يقع على ما يعقل وعلى ما لا يعقل، وإذا اجتمعا فالذي يعقل أولى بالغلبة، فجمعوه جمع ما يعقل. وقوله تعالى: ﴿لَيْلَةً﴾ [[(ليلة) ساقط من (ج).]] ولم يقل: (يوما) لأن عدد الشهور [[في (ج): (الشهر).]] يحسب من لياليها، وشهور العرب وضعت على سير القمر، والهلال يهل بالليل [["تفسير الثعلبي" 1/ 70 ب. وانظر: "تفسير ابن عطية" 1/ 291، "تفسير البغوي" 1/ 94، "زاد المسير" 1/ 80، "تفسير القرطبي" 1/ 337.]]. وقوله [[في (ج): (له تعالى).]] تعالى: ﴿ثُمَّ أتَّخَذتُمُ العِجلَ﴾. يقال: اتّخذ يتّخذ، وتَخِذَ يتخذ [[(يتخذ) بسكون التاء، وفتح الخاء، كذا في "تهذيب اللغة" (أخذ) 7/ 530، "مجالس العلماء" للزجاجي: ص 333، "اللسان" (أخذ) 3/ 374، وانظر "الحجة" لأبي علي 2/ 68.]]، قال الله تعالى: ﴿لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾ [الكهف: 77] [[الكهف: 77، والاستشهاد بالآية ورد في "الحجة" على قراءة أبي عمرو وابن كثير (لتخذت) كما هنا. انظر "الحجة" 2/ 68، "السبعة" لابن مجاهد ص 396، "تهذيب اللغة" (أخذ) 1/ 129.]]. قال الشاعر [[هو الممزق العبدي، واسمه شأس بن نهار.]]: وقد تخِذَتْ رجلي إلى جنب غَرزها ... نسيفاً كأُفحوص [[في (ج): (كما نحوص).]] القطاة المطرِّقِ [[قوله: غرزها: الغرز للناقة مثل الحزام للفرس، و (النسيف): أثر ركض الرجل بجبني البعير، و (الأفحوص): المبيض، و (المطرِّق): وصف للقطاة، إذا حان خروج بيضها. ورد البيت في "الحجة" 2/ 68، "الأصمعيات" ص165، "تهذيب اللغة" (نسف) 4/ 3562، "الخصائص" 2/ 287، "مجالس العلماء" للزجاجي ص 333، "المخصص" 1/ 21، 8/ 125، 12/ 272، 16/ 97، 134، 17/ 22، "التكملة": ص117، "اللسان" (حدب) 2/ 796، و (فحص) 6/ 3356، و (طرق) 5/ 2666، و (نسف) 7/ 4411.]] و (تخذ) [[قال أبو علي: (اتخذ): افتعل، فعلت منه: تخذت ..) ولم أعلم (تخذت) تعدى إلا إلى مفعول واحد. "الحجة" 2/ 68. قال ابن عطية: (اتخذ وزنه: افتعل من الأخذ، وقال أبو علي: هو من تخذ لا من أخذ 1/ 216، وانظر: "تفسير القرطبي" 1/ 338 - 339، "الدر المصون" 1/ 354.]] من (اتخذ) مثل تقي من اتقى وقد مرّ [[مر في تفسير قوله تعالى: ﴿هُدًى للِمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 2].]]. وأما (اتخذ) فإنه على ضربين [[نقله من "الحجة" لأبي علي 2/ 68. وانظر: "البحر" 1/ 200، "الدر المصون" 1/ 354.]]: أحدهما: أن يتعدى إلى مفعول واحد. والثاني: أن يتعدى إلى مفعولين. فأما تعديه إلى واحد فكقوله: ﴿يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا﴾ [الفرقان: 27] و ﴿أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ﴾ [الزخرف: 16] وقوله: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً﴾ [الفرقان: 3] [[وفي "الحجة" ذكر قوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً﴾ [مريم:81] [يس: 74].]]، ﴿لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا﴾ [الأنبياء: 17]. وأما تعديه إلى مفعولين، فإن الثاني منهما هو الأول في المعنى، كقوله: ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾ [[المجادلة: 16، المنافقون: 2.]] وقال: ﴿لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ [الممتحنة: 1]، ﴿فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا﴾ [المؤمنون: 110]. ونظير (اتخذت) في تعديه إلى مفعول واحد مرة، وإلى مفعولين: (الجعل) [[في (ب): (أنجعل) وفي "الحجة": (جعلت) 2/ 69.]] قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ [الأنعام: 1] أي: خلقهما [[في (ب): (خلقها). والمؤلف يشير بقوله (خلقها) إلى أن (جعل) التي تتعدى إلى مفعول واحد هي التي بمعنى: خلق، أو أوجب، أو وجب، وهي تتعدى إلى مفعول واحد بنفسها. وإلى الثاني بحرف الجر. وأما التي تتعدى إلى مفعولين فهي التي بمعنى: (اعتقد) و (صير). انظر: "الأشموني مع حاشية الصبان" 2/ 23.]]، فإذا تعدى إلى مفعولين كان الثاني الأول في المعنى، قال: ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾ [يونس: 87]، ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً﴾ [القصص: 41]. فأما قوله: ﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ﴾ [البقرة: 51] وقوله: ﴿بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ﴾ [البقرة: 54]، ﴿اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ﴾ [الأعراف: 148]، ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ﴾ [الأعراف: 152]، فالتقدير في هذا كله: (اتخذوه إلها) فحذف المفعول الثاني [[في (ب): (لي الثاني).]]. الدليل على ذلك أنه لو كان على ظاهره، لكان من صاغ عجلا، أو نجره، أو عمله بضرب من الأعمال، استحق الغضب من الله [[تابع الواحدي أبا علي في قوله: (.. أنه لو كان على ظاهره، لكان من صاغ عجلًا، أو نجره، أو عمله بضرب من الأعمال، استحق الغضب من الله)، وكأن فاعل ذلك لا يستحق العقوبة على تصوير المجسمات من ذوات الأرواح، الذي هو محرم عند جمهور العلماء، وإنما وقع الخلاف بينهم في الصور غير المجسمة. أما أبو علي فلا يرى تحريم ذلك كله، ويحمل الأحاديث الواردة في وعيد المصورين على المشبهة -حسب زعمه- قال في "الحجة" 2/ 71: (.. قيل: يعذب المصورون، يكون على من صور الله تصوير الأجسام، وأما الزيادة فمن أخبار الآحاد التي لا توجب العلم). وقد تعقبه ابن حجر ورد عليه قوله، انظر: "فتح الباري" 10/ 384.]]، لقوله: ﴿سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ﴾ [الأعراف: 152]. و (الاتخاذ) أصله: (اأتخاذ) [[(اأتخاد) ساقط من (ب)، وفي (ج): (اتخاذ).]]، فلما التقى الهمزة التي هي الفاء مع همزة الوصل لينت فصارت (ياء) لانكسار ما قبلها، فأدغمت في (تاء) [[في (ب): (ياء).]] الافتعال كقولهم: اتسروا الجزور [[اتسروا الجزور: إذا نحروها واقتسموها. (القاموس) (يسر): ص 500.]]، وإنما هو من الميسر واليسر [[أورد أبو علي هذا القول ورده، لأن أصله عنده (تخذ) لا (اخذ). انظر: "الحجة" 2/ 71، "تفسير ابن عطية" 1/ 292، "تفسير القرطبي" 1/ 339، "الدر المصون" 1/ 354.]]. وباب (الاتخاذ) يجوز أنه يكون أصله الواو كالاتزان والاتقاء و [[(الواو) ساقطة من (ج)]] الاتضاح؛ لأن الأخذ، قد جاء فيه لغتان [[ذكره أبو علي في "الحجة" حيث قال: (أخذ) قد جاء فيه لغتان في (الفاء): الواو والهمز، كما جاء: آكدت ووكدت ..) "الحجة" 2/ 73، 74.]]، كما قالوا: أكدت ووكدت، وأوصدت وآصدت [[في (ب): (ووصدت).]]، وقد مر هذا مشروحاً في قوله: ﴿هُدًى لِلمُتَّقِينَ﴾ [البقرة:2] [[البقرة: 2.]]. واختلف القراء في هذا الحرف، فقرأ بعضهم بالإظهار [[قرأ بالإظهار ابن كثير وعاصم في رواية حفص، انظر "السبعة":ص155، "الحجة" لأبي علي 2/ 67، "التيسير": ص 44.]]؛ لأن (الذال) ليس من مخرج (التاء) [[في "الحجة" (ليس من مخرج التاء والطاء) 2/ 75.]] إنما هي من مخرج (الظاء)، و (الثاء) فتفاوت ما بينهما إذ كان لكل واحد من الذال والتاء مخرج غير مخرج الآخر [["الحجة" لأبي علي 2/ 75. وانظر:"الحجة" لابن خالويه: ص77."الكشف" لمكي 1/ 160.]]. وأما من [[قرأ بالإدغام بقية السبعة عدا ابن كثير وعاصم في رواية حفص، انظر"السبعة" ص 155، "الحجة" لأبي علي 2/ 67، "التيسير": ص 44، "الكشف" 1/ 160.]] أدغم فحجته: أن هذين الحرفين لما تقاربا فاجتمعا في أنهما [[في (ب): (فاجتمع أنها).]] من طرف اللسان وأصول الثنايا، حسن الإدغام، لقرب حيز كل واحد منهما من الحيز [[في (ب): (حيز). "الحجة" لأبي علي 2/ 75. وانظر: "الحجة" لابن خالوية: ص 77، "الكشف" 1/ 160، وقال مكي: إنهما (اعتدلا في القوة والضعف).]] الآخر. فأما معنى الآية: فإن الله تعالى نبههم بهذه الآية على أن كفرهم بمحمد ﷺ ليس بأعجب من كفرهم وعبادتهم العجل [[انظر: "تفسير الطبري" 1/ 281، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 104.]]، وأراد به كفر سلفهم، وخاطبهم بهذا على ما بينا قبل [[يريد ما سبق في تفسير قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: 40]، فجعل النعمة على آبائهم نعمة عليهم، وهذا يجري في (كلام العرب) كثيرًا. وانظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 97، 104.]]. قال المفسرون: إن الله تعالى لما أنجى موسى وبني إسرائيل وأغرق فرعون، وآمن بنو إسرائيل من عدوهم ودخلوا مصر، لم يكن لهم كتاب ولا شريعة ممهدة، فواعد الله موسى أن يؤتيه الكتاب، فيه بيان ما يأتون [[في (ج): (ما يؤتون).]] وما يذرون، وأمره أن يصوم ثلاثين يوماً، فصامه وصالاً، ولم يطعم شيئاً، فتغيرت رائحة فمه، فعمد إلى لحاء شجرة فمضغها، فأوحى الله إليه: أما علمت أن خلوف فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك، وأمره أن يصل بها عشراً، فتم ميقات ربه أربعين ليلة، وخرج موسى من بين [[(بين) ساقط من (ج).]] بني إسرائيل تلك الأيام، فاتخذ السامري عجلاً، وقال لبني إسرائيل: هذا إلهكم وإله موسى، فافتتن بالعجل ثمانية آلاف رجل منهم، وعكفوا عليه يعبدونه [[بنحو هذا السياق ذكره الثعلبي في "تفسيره" دون قوله: (وأمره أن يصوم ثلاثين يومًا ..) 1/ 71 أ، وأخرج الطبري في "تفسيره" مقاطع منه في عدة آثار 1/ 283، وانظر: "تفسير ابن عطية" 1/ 294، "تفسير البغوي" 1/ 95، "ابن كثير" 1/ 98.]]، وسنذكر طرفاً من هذه القصة في موضعها [[في (ب): (موضها).]]، إن شاء الله. وقوله تعالى: ﴿وَأَنتُم ظَالِمُونَ﴾ أي: ضارون لأنفسكم، وواضعون العبادة في غير موضعها [["تفسير الثعلبي" 1/ 71 ب، وانظر: "تفسير الطبري" 1/ 284. و"تفسير البغوي" 1/ 95، و"لباب التفسير" 1/ 239، و"تفسير الرازي" 3/ 76، "البحر المحيط" 1/ 201، و"تفسير البيضاوي" 1/ 25، و"تفسير النسفي" 1/ 43، و"تفسير الخازن" 1/ 125.]]. وقيل: وأنتم ظالمون اليوم بمخالفة محمد ﷺ [[لم أجد من ذكر هذا القول -فيما اطلعت عليه- ومعناه يرجع للقول الأول، والله أعلم.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب