الباحث القرآني
﴿وَإِذۡ وَ ٰعَدۡنَا مُوسَىٰۤ﴾ - تفسير
١٧٤٠- عن إسماعيل السُّدِّيِّ -من طريق أسْباط-: أنّ موسى إنّما سُمِّي بذلك لأنّ أمه لما جعلته في التابوت حين خافت عليه من فرعون، وألقته في اليم كما أوحى الله إليها، دفعته أمواج اليَمِّ، حتى أدخلته بين أشجار عند بيت فرعون، فخرج جواري آسِيَةَ امرأةِ فرعون يغتسلن، فوَجَدْنَ التّابُوت، فأَخَذْنَه، فسُمِّي باسم المكان الذي أُصِيب فيه، وكان ذلك المكان فيه ماء وشجر، فقيل: موسى؛ ماء وشجر[[أخرجه ابن جرير ١/٦٦٦.]]. (ز)
١٧٤١- عن محمد بن إسحاق -من طريق سَلَمة-: أنّه موسى بن عمران بن يَصْهَر بن قاهِث بن لاوِي بن يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله[[أخرجه ابن جرير ١/٦٦٦.]]. (ز)
﴿وَإِذۡ وَ ٰعَدۡنَا مُوسَىٰۤ أَرۡبَعِینَ لَیۡلَةࣰ﴾ - تفسير
١٧٤٢- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- في قوله: ﴿وإذْ واعَدْنا مُوسى أرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾، قال: يعني: ذي القعدة وعشرًا من ذي الحجة، وذلك حين خلَّف موسى أصحابه، واستخلف عليهم هارون، فمكث على الطور أربعين ليلة، وأنزل عليهم التوراة في الألواح، فقَرَّبَه الرب نَجِيًّا وكَلَّمَه، وسمع صَرِيفَ القلم[[صريف القلم: صوت جريانه. لسان العرب (صرف).]]. وبَلَغَنا: أنّه لم يُحْدِث حَدَثًا في الأربعين ليلة حتى هبط من الطور[[أخرجه ابن جرير ١/٦٦٧، وابن أبي حاتم ١/١٠٧.]]. (١/٣٦٧)
١٧٤٣- وعن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر-، بنحوه[[أخرجه ابن جرير ١/٦٦٧.]]. (ز)
١٧٤٤- عن إسماعيل السُّدِّي -من طريق أسباط- قال: انطلق موسى، واستَخْلَف هارونَ على بني إسرائيل، وواعدهم ثلاثين ليلة، وأتمها الله بعشر[[أخرجه ابن جرير ١/٦٦٨.]]. (ز)
١٧٤٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وإذ واعدنا موسى﴾ يعني: الميعاد ﴿أربعين ليلة﴾ يعني: ثلاثين من ذي القعدة، وعشر لَيالٍ من ذي الحجة، فكان الميعادُ الجبلَ ليُعْطى التوراة[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٠٤.]]. (ز)
١٧٤٦- عن محمد بن إسحاق -من طريق سَلَمَة- قال: وعد الله موسى -حين أهلك فرعون وقومه، ونَجّاه وقومه- ثلاثين ليلة، ثم أتمها بعشر، فتَمَّ ميقات ربه أربعين ليلة، تلقاه ربه فيها بما شاء، واستخلف موسى هارونَ على بني إسرائيل، وقال: إني مُتَعَجِّل إلى ربي، فاخلفني في قومي، ولا تَتَّبِع سبيل المفسدين. فخرج موسى إلى ربه مُتَعَجِّلًا للقائه شوقًا إليه، وأقام هارون في بني إسرائيل ومعه السّامِرِيُّ يسير بهم على أثر موسى ليلحقهم به[[أخرجه ابن جرير ١/٦٦٨.]]٢٢٧. (ز)
﴿ثُمَّ ٱتَّخَذۡتُمُ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِهِۦ﴾ - تفسير
١٧٤٧- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- أنّه قال: إنّما سُمِّي: العجل؛ لأنهم عَجَّلوا فاتخذوه قبل أن يأتيهم موسى[[أخرجه ابن جرير ١/٦٧٤، وابن أبي حاتم ١/١٠٨ (٥١٢).]]. (ز)
١٧٤٨- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: ﴿ثم اتخذتم العجل من بعده﴾، قال: العِجْلُ: حَسِيل[[الحسيل: ولد البقرة الأهلية، وقيل: ولد البقرة بشكل عام. لسان العرب (حسل).]] البقرة. قال: حُلِيٌّ استعاروه من آل فرعون، فقال لهم هارون: أخرِجوه، فتَطَهَّرُوا منه وأحرقوه. وكان السّامِرِيُّ قد أخذ قبضة من أثر فرس جبريل، فطرحه فيه، فانسَبَكَ، وكان له كالجوف تهوي فيه الرياح[[أخرجه ابن جرير ١/٦٧٤، ٦٧٥، وابن أبي حاتم ١/١٠٨، ١٠٩ (٥١٣، ٥٤٢). وقد أورد السيوطي الأثر عند تفسير سورة طه.]]. (ز)
١٧٤٩- عن الحسن البصري، قال: اسم عِجْلِ بني إسرائيل الذي عبدوه: يَهْبُوث[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٧١.]]. (١/٣٦٧)
١٧٥٠- قال مقاتل بن سليمان: كان موسى ﵇ أخبر بني إسرائيل بمصر، فقال لهم: إذا خرجنا منها أتيناكم من الله ﷿ بكتاب يُبَيِّن لكم فيه ما تَأْتُون وما تَتَّقُون، فلما فارقهم موسى مع السبعين، واستخلف هارونُ أخاه عليهم؛ اتَّخَذوا العجل، فذلك قوله سبحانه: ﴿ثم اتخذتم العجل من بعده﴾، يقول: من بعد انطلاق موسى إلى الجبل ﴿وأنتم ظالمون﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٠٤.]]٢٢٨. (ز)
﴿وَأَنتُمۡ ظَـٰلِمُونَ ٥١﴾ - تفسير
١٧٥١- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- قوله: الظالمون، قال: أصحاب العجل[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/١٠٨ (٥١٤).]]. (ز)
﴿وَأَنتُمۡ ظَـٰلِمُونَ ٥١﴾ - ذكر قصة ذلك
١٧٥٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق عِكْرِمَة- قال: لَمّا هَجَمَ فرعون على البحر هو وأصحابه، وكان فرعون على فَرَس أدْهَم ذَنُوب[[الذَّنُوب: الفرس الوافر الذنب. لسان العرب (ذنب).]] حصان؛ فلما هجم على البحر هاب الحصان أن يقتحم في البحر، فتَمَثَّل له جبريل على فرسٍ أنثى ودِيق، فلما رآها الحصان تَقَحَّم خلفها. قال: وعرف السامريُّ جبريلَ؛ لأنّ أمه حين خافت أن يُذبَح خلفته في غارٍ، وأطبقت عليه، فكان جبريل يأتيه فيَغْذُوه بأصابعه، فيجد في بعض أصابعه لبنًا، وفي الأخرى عسلًا، وفي الأخرى سمنًا، فلم يزل يغذوه حتى نشأ، فلما عايَنَه في البحر عَرَفَه، فقبض قبضة من أثر فرسه. قال: أخذ من تحت الحافر قبضة. قال سفيان: فكان ابنُ مسعود يقرؤها: (فَقَبَضتُ قَبْضَةً مِّنْ أثَرِ فَرَسِ الرَّسُولِ)[[وهي قراءة شاذة. انظر: الكشاف ٢/٥٥١، والبحر المحيط ٦/٢٧٤.]]. قال أبو سعيد: قال عكرمة، عن ابن عباس: وألقي في رُوع السامري: أنّك لا تلقيها على شيء فتقول: كن كذا وكذا، إلا كان. فلم تزل القبضة معه في يده حتى جاوز البحر، فلما جاوز موسى وبنو إسرائيل البحر وأغرق الله آل فرعون قال موسى لأخيه هارون: ﴿اخلفني في قومي وأصلح﴾ [الأعراف:١٤٢]. ومضى موسى لِمَوْعِد ربه، قال: وكان مع بني إسرائيل حُلِيٌّ مِن حُلِيِّ آل فرعون قد تَعَوَّرُوه[[أي: استعاروه. لسان العرب (عور).]]، فكأنهم تَأَثَّمُوا منه، فأخرجوه لتَنزل النار فتأكله، فلما جمعوه، قال السامري بالقبضة التي كانت في يده هكذا، فقذفها فيه -وأومأ ابن إسحاق بيده هكذا-، وقال: كن عجلًا جسدًا له خوار. فصار عجلًا جسدًا له خوار، وكان يدخل الريح في دُبُرِه ويخرج من فِيهِ يسمع له صوت، فقال: هذا إلهكم وإله موسى. فعكفوا على العجل يعبدونه، فقال هارون: ﴿يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري * قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى﴾ [طه:٩٠-٩١][[أخرجه ابن جرير ١/٦٦٩.]]. (ز)
١٧٥٣- عن إسماعيل السُّدِّيِّ -من طريق أسْباط- قال: لَمّا أمر الله موسى أن يخرج ببني إسرائيل -يعني: من أرض مصر- أمر موسى بني إسرائيل أن يخرجوا، وأمرهم أن يستعيروا الحُلِيَّ من القِبْطِ، فلما نَجّى الله موسى ومَن معه من بني إسرائيل من البحر، وغرق آل فرعون؛ أتى جبريلُ إلى موسى يذهب به إلى الله، فأقبل على فرس، فرآه السّامِرِيُّ، فأنكره، وقال: إنه فرس الحياة. فقال حين رآه: إنّ لِهذا لَشَأنًا. فأخذ مِن تربة الحافر حافر الفرس، فانطلق موسى، واستخلف هارونَ على بني إسرائيل، وواعدهم ثلاثين ليلة، وأتمها الله بعشر. فقال لهم هارون: يا بني إسرائيل، إنّ الغنيمة لا تَحِلُّ لكم، وإنّ حُلِيَّ القِبْط إنما هو غنيمة، فاجمعوها جميعًا، واحفروا لها حفرة فادفنوها، فإن جاء موسى فأَحَلَّها أخذتموها، وإلا كان شيئًا لم تأكلوه. فجمعوا ذلك الحُلِيَّ في تلك الحفرة، وجاء السامريُّ بتلك القبضة، فقذفها، فأخرج الله مِن الحُلِيِّ عِجْلًا جَسَدًا له خُوار، وعَدَّت بنو إسرائيل موعد موسى، فعَدُّوا الليلة يومًا واليوم يومًا، فلما كان تمام العشرين خرج لهم العجل، فلما رأوه قال لهم السامري: ﴿هذا إلهكم وإله موسى فنسي﴾ [طه:٨٨]. يقول: ترك موسى إلهه ههنا، وذهب يطلبه. فعكفوا عليه يعبدونه، وكان يخور ويمشي، فقال لهم هارون: يا بني إسرائيل، ﴿إنما فتنتم به﴾ [طه:٩٠]، يقول: إنما ابتليتم به، يقول: بالعجل، ﴿وإن ربكم الرحمن﴾. فأقام هارون ومن معه من بني إسرائيل لا يقاتلونهم، وانطلق موسى إلى إلهه يكلمه، فلما كلمه قال له: ﴿وما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري﴾ [طه:٨٣-٨٥]. فأخبره خبرهم، قال موسى: يا رب، هذا السامريُّ أمرهم أن يتخذوا العجل، أرأيت الروح مَن نفخها فيه؟ قال الرب: أنا. قال: ربِّ، أنت إذًا أضللتَهم[[أخرجه ابن جرير ١/٦٧٠.]]٢٢٩. (ز)
١٧٥٤- قال مقاتل بن سليمان: ... وذلك أنّ موسى قطع البحر يوم العاشر من المحرم، فقال بنو إسرائيل: وعدتنا -يا موسى- أن تأتينا بكتاب من ربنا إلى شهر، فأْتِنا بما وعدتنا. فانطلق موسى، وأخبرهم أنه يرجع إلى أربعين يومًا عن أمر ربه ﷿، فلما سار موسى فدنا من الجبل أمر السبعين أن يقيموا في أصل الجبل، وصعد موسى الجبل، فكلم ربَّه -تبارك اسمه-، وأخذ الألواح فيها التوراة، فلما مضى عشرون يومًا قالوا: أخلفنا موسى العهد. فَعَدُّوا عشرين يومًا وعشرين ليلة، فقالوا: هذا أربعون يومًا. فاتخذوا العجل، فأخبر الله ﷿ موسى بذلك على الجبل، فقال موسى لربه: مَن صَنَع لهم العِجْل؟ قال: السامريُّ صنعه لهم. قال موسى لربه: فمَن نفخ فيه الروح؟ قال الربُّ ﷿: أنا. فقال موسى: يا رب، السامري صنع لهم العجل فأَضَلَّهُم، وصَنَعْتَ فيه الخوار؛ فأنت فَتَنت قومي. فمِن ثَمَّ قال الله ﷿: ﴿فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري﴾ [طه:٨٥]، يعني: الذين خَلَّفَهُم مع هارون سوى السبعين حين أمرهم بعبادة العجل، فلما نزل موسى من الجبل إلى السبعين أخبرهم بما كان، ولم يخبرهم بأمر العجل، ... ثم انصرفوا مع موسى راجعين، فلما دَنَوْا من المُعَسْكَر على ساحل البحر سَمِعُوا اللَّغَط حول العِجْل، فقالوا: هذا قتال في المَحَلَّة. فقال موسى ﵇: ليس بقتال، ولكنه صوت الفتنة. فلما دخلوا المعسكر رأى موسى ماذا يصنعون حول العجل، فغضب، وألقى الألواح، فانكسر منها لوحان، فارتفع من اللوح بعض كلام الله ﷿، فأمر بالسامري، فأُخْرِج مِن مَحَلَّة بني إسرائيل، ثم عمد إلى العجل فبَرَدَه بالمِبْرَد، وأحرقه بالنار، ثم ذَرّاه في البحر، فذلك قوله: ﴿لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا﴾ [طه:٩٧][[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٠٤-١٠٦.]]. (ز)
١٧٥٥- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- قال: لَمّا أنجى الله ﷿ بني إسرائيل من فرعون، وأغرق فرعون ومن معه؛ قال موسى لأخيه هارون: ﴿اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين﴾ [الأعراف:١٤٢]. قال: لَمّا خرج موسى، وأمر هارون بما أمره به، وخرج موسى متعجلًا مسرورًا إلى الله، قد عرف موسى أنّ المرء إذا نجح في حاجة سيده كان يُسْرُه أن يَتَعَجَّل إليه. قال: وكان حين خرجوا استعاروا حُلِيًّا وثيابًا من آل فرعون، فقال لهم هارون: إنّ هذه الثياب والحُلِيَّ لا تَحِلُّ لكم، فاجمعوا نارًا، فألقوه فيها، فأحرقوه. قال: فجمعوا نارًا، قال: وكان السامري قد نظر إلى أثَرِ دابة جبريل، وكان جبريل على فرس أنثى، وكان السامري في قوم موسى، قال: فنظر إلى أثره، فقبض منه قبضة، فيَبِسَت عليها يده، فلما ألقى قوم موسى الحلي في النار، وألقى السامري معهم القبضة؛ صَوَّرَ الله -جل وعز- ذلك لهم عِجْلًا ذَهَبًا، فدخلته الريح، فكان له خوار، فقالوا: ما هذا؟ فقال السامري الخبيث: ﴿هذا إلهكم وإله موسى فنسي﴾ الآية، إلى قوله: ﴿حتى يرجع إلينا موسى﴾ [طه:٨٨-٩١]. قال: حتى إذا أتى موسى الموعد، قال الله: ﴿وما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري﴾. فقرأ حتى بلغ: ﴿أفطال عليكم العهد﴾ [طه:٨٣-٨٦][[أخرجه ابن جرير ١/٦٧٣.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.