الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذْ واعَدْنا مُوسى أرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ . قَرَأ أبُو جَعْفَرٍ وأبُو عَمْرٍو: "وَعَدْنا" بِغَيْرِ ألِفٍ هاهُنا، وفي (الأعْرافِ) و(طَهَ) ووافَقَهُما أبانُ عَنْ عاصِمٍ في (البَقَرَةِ) خاصَّةً. وقَرَأ الباقُونَ "واعَدْنا" بِألِفٍ. ووَجْهُ القِراءَةِ الأُولى: إفْرادُ الوَعْدِ مِنَ اللَّهِ تَعالى، ووَجْهُ الثّانِيَةِ: أنَّهُ لَمّا قَبِلَ مُوسى وعْدَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، صارَ ذَلِكَ مُواعَدَةً بَيْنَ اللَّهِ تَعالى وبَيْنَ مُوسى. ومِثْلُهُ: ﴿لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [ البَقَرَةِ: ٢٣٥ ] . وَمَعْنى الآَيَةِ: وعَدْنا مُوسى تَتِمَّةَ أرْبَعِينَ لَيْلَةً، أوِ انْقِضاءِ أرْبَعِينَ لَيْلَةً. ومُوسى: اسْمٌ أعْجَمِيٌّ، أصْلُهُ بِالعِبْرانِيَّةِ: مُوشا، فَمُو: هو الماءُ، وشا: هو الشَّجَرُ، لِأنَّهُ وجَدَ عِنْدَ (p-٨٠)الماءِ والشَّجَرِ، فَعَرَّبَ بِالسِّينِ. ولِماذا كانَ هَذا الوَعْدُ؟ فِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: لِأخْذِ التَّوْراةِ. والثّانِي: لِلتَّكْلِيمِ. وفي هَذِهِ المُدَّةِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّها ذُو القِعْدَةِ وعَشْرٌ مِن ذِي الحِجَّةِ، وهَذا قَوْلُ مَن قالَ: كانَ الوَعْدُ لِإعْطاءِ التَّوْراةِ. والثّانِي: أنَّها ذُو الحِجَّةِ وعَشْرٌ مِنَ المُحَرَّمِ، وهو قَوْلُ مَن قالَ: كانَ الوَعْدُ لِلتَّكْلِيمِ، وإنَّما ذُكِرَتِ اللَّيالِي دُونَ الأيامِ، لِأنَّ عادَةَ العَرَبِ التَّأْرِيخُ بِاللَّيالِي، لِأنَّ أوَّلَ شَهْرٍ لَيْلُهُ، واعْتِمادُ العَرَبِ عَلى الأهِلَّةِ، فَصارَتِ الأيّامُ تَبَعًا لِلَّيالِي. وقالَ أبُو بَكْرٍ النَّقّاشُ: إنَّما ذَكَرَ اللَّيالِي، لِأنَّهُ أمَرَهُ أنْ يَصُومَ هَذِهِ الأيّامَ ويُواصِلُها بِاللَّيالِي، فَلِذَلِكَ ذَكَرَ اللَّيالِيَ ولَيْسَ بِشَيْءٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب