الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَإذْ واعَدْنا مُوسى أرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾، ويُقْرَأُ: ”وَإذْ واعِدْنا مُوسى“، وكِلاهُما جائِزٌ حَسَنٌ، واخْتارَ جَماعَةٌ مِن أهْلِ اللُّغَةِ ”وَإذْ وعَدْنا“، بِغَيْرِ ألِفٍ، وقالُوا: إنَّما اخْتَرْنا هَذا لِأنَّ المُواعَدَةَ إنَّما تَكُونُ لِغَيْرِ الآدَمِيِّينَ، فاخْتارُوا ”وَعَدْنا“، وقالُوا: دَلِيلُنا قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿إنَّ اللَّهَ وعَدَكم وعْدَ الحَقِّ﴾ [إبراهيم: ٢٢]، وما أشْبَهَ هَذا، وهَذا الَّذِي ذَكَرُوهُ لَيْسَ مِثْلَ هَذا، و”واعَدْنا“، هُنا، جَيِّدٌ بالِغٌ، لِأنَّ الطّاعَةَ في القَبُولِ بِمَنزِلَةِ المُواعَدَةِ، فَهو مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ - وعْدٌ، ومِن مُوسى قَبُولٌ، واتِّباعٌ، فَجَرى مُجْرى المُواعَدَةِ. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ العِجْلَ مِن بَعْدِهِ وأنْتُمْ ظالِمُونَ﴾، ذَكَّرَهم بِكُفْرِ آبائِهِمْ مَعَ هَذِهِ الآياتِ العِظامِ، وأعْلَمَهم أنَّ كُفْرَهم بِالنَّبِيِّ ﷺ مَعَ وُضُوحِ أمْرِهِ، وما وقَفُوا عَلَيْهِ مِن خَبَرِهِ في كُتُبِهِمْ، كَكُفْرِ آبائِهِمْ، وكانَ في ذِكْرِ هَذِهِ الأقاصِيصِ دَلالَةٌ عَلى تَثْبِيتِ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ ﷺ، لِأنَّ هَذِهِ الأقاصِيصَ لَيْسَتْ مِن عُلُومِ العَرَبِ، وإنَّما هي مِن عُلُومِ أهْلِ الكِتابِ، فَأنْبَأهُمُ النَّبِيُّ ﷺ بِما في كُتُبِهِمْ، وقَدْ عَلِمُوا أنَّهُ مِنَ العَرَبِ الَّذِينَ لَمْ يَقْرَؤُوا كُتُبَهُمْ، (p-١٣٤)فَعَلِمُوا أنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ هَذِهِ الأقاصِيصَ إلّا مِن جِهَةِ الوَحْيِ، فَفي هَذِهِ الآياتِ إذْكارُهم بِالنِّعْمَةِ عَلَيْهِمْ في أسْلافِهِمْ، وتَثْبِيتُ أمْرِ الرِّسالَةِ، كَما وصَفْنا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب