الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ﴾. العامل في ﴿إِذْ﴾ معنى ﴿شَدِيدُ﴾ من قوله: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ تَبَرَّأ﴾ كأنه قيل: وقت تبرأ [[ينظر: "التبيان" ص 107، وإعرابها إعراب آخرين، فالأول: بدل من إذ الأولى. والثاني: مفعول (اذكر).]]. وقوله: ﴿الَّذِينَ اتُّبِعُوا﴾ يعنى: المتبوعين في الشرك والشرّ، ﴿مِنَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا﴾ يعنى: السفلة والأتباع [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 239، وتنظر الآثار في ذلك عند الطبري في "تفسيره" 2/ 70، وابن أبي حاتم 1/ 277 عن قتادة وأبي العالية والربيع وعطاء، وينظر: "زاد المسير" 1/ 171، "تفسير الثعلبي" 1/ 1320 وعزاه لأكثر أهل التفسير.]]. وقوله تعالى: ﴿وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ﴾ الباء هاهنا: بمعنى: عن [["تفسير الثعلبي" 1/ 1320، "التبيان" 1/ 107، وذكر أنها أيضًا للسببية، والتقدير: وتقطعت بسبب كفرهم، وقيل: إنها للحال، أي تقطعت موصولة بهم الأسباب، وقيل: الباء للتعدية، والتقدير: قطعتهم الأسباب، كما تقول: تفرقت بهم الطرق، أي فرقتهم، وينظر: "البحر المحيط" 1/ 473، "التفسير الكبير" 4/ 211.]]، كقوله: ﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا﴾ [الفرقان: 59]، أي: عنه، قال علقمة بن عبدة: فإن تسألوني بالنساء فإنني ... بصيرٌ بأدواء النساء طبيب [[البيت لعلقمة الفحل في "ديوانه" ص 35.]] أي: عن النساء. وقال آخر: تسائل بي هوازنُ أين مالي ... وهل لي غيرَ ما أتلفتُ مالُ [[البيت ليزيد بن الجهم، في "ديوان الحماسة" 2/ 356.]] أي: عني. وقوله تعالى: ﴿الْأَسْبَابُ﴾ أصل السبب في اللغة: الحبل، قال شمر: قال أبو عبيدة: السببُ: كلُّ حَبْل حَدَرْتَه [[في (ش): (جدوته).]] من فوق. وقال خالدُ بنُ جَنَبَة: السبب من الحبال: القوي الطويل، قال: ولا يدعى الحبل سببًا حتى يُصْعَدَ به وُينْزَل، ومن هذا قوله تعالى: ﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ﴾ [الحج: 15]، فالسبب: الحبل في هذا الموضع، ثم قيل [[في (م): (يقال).]] لكل شيء وصلت به إلى موضع أو حاجة تريدها: سبب، يقال: ما بيني وبينك سبب، أي: آصرة رحم، أو عاطفة مودة. وقيل للطريق: سبب؛ لأنك بسلوكه تصل إلى الموضع الذي تريده، قال الله تعالى: ﴿فَأَتْبَعَ سَبَبًا﴾ [الكهف: 85]، أي: طريقًا، و (أسبابُ السماء): أبوابُها؛ لأن الوصول إلى السماء يكون بدخولها، قال الله تعالى خبرًا عن فرعون: ﴿لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ﴾ [غافر:36 - 37]، قال زهير: ومن هاب [[سقط من (ش).]] أسبابَ المنايا ينلنه ... ولو رام أسبابَ السماء بسُلَّمِ [[البيت في "ديوانه" ص30، "تفسير الثعلبي" 1/ 1322، "السمعاني" 2/ 123، "الرازي" 4/ 234، "القرطبي"، "لسان العرب" 4/ 1910 (سب).]]. والمودة بين القوم تسمى: سببًا؛ لأنهم بها يتواصلون، ومنه قول لبيد: بل ما تَذكَّرُ من نوارَ وقد نأتْ ... وتقطّعت أسبابُها ورِمامُها [[البيت في "ديوانه" ص 301، "لسان العرب" 4/ 1910 (سب).]] [[ينظر في معاني السبب: "تفسير الطبري" 2/ 71 - 73، "تفسير الثعلبي" 1/ 1322، "المفردات" ص 226، "تاج العروس" 2/ 66 وما بعدها.]]. والتي في هذه الآية يعني بها: وُصَلَهم التي كانت تجمعهم، قال ابن عباس [[رواه عنه الطبري في "تفسيره" 2/ 71، وابن أبي حاتم 1/ 278.]] ومجاهد [[رواه عنه الطبري 271، وابن أبي حاتم 1/ 278.]] وقتادة [[رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 15/ 65، والطبري 2/ 71، وابن أبي حاتم 1/ 278.]]: يعني: أسباب المودة والوصلات التي كانت بينهم في الدنيا، تقطعت وصارت مخالّتهم عداوة. وقيل: أراد بالأسباب: الأرحام التي كانوا يتعاطفون بها [[رواه الطبري في "تفسيره" 2/ 71 بسنده عن ابن عباس، وابن أبي حاتم عن الضحاك 1/ 278، وذكره الثعلبي 1/ 1320 عن ابن جريج والكلبي.]]. وقال ابن زيد: يعني: الأعمال التي كانوا يؤملون أن يصلوا [[في (م): (يوصلوا).]] بها إلى ثواب الله [[رواه عنه الطبري 2/ 72، ورواه ابن أبي حاتم عن السدي عن أبي صالح 1/ 279.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب