الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي﴾ أراد بالموالي: الورثة، وهم العصبة، والكلالة. قاله ابن عباس في رواية الضحاك، وهو قول مجاهد، وجميع أهل التفسير [["تفسير القرآن" للصنعاني 2/ 3، "جامع البيان" 16/ 46 - 47، "النكت والعيون" 3/ 355، "المحرر الوجيز" 9/ 427، "معالم التنزيل" 5/ 218.]]. قال الزجاج: (ومعنى "الموالي": هم الذين يلونه في النسب، كما أن معنى القرابة: الذين يقربون منه بالنسب) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 219.]]. وقال الفراء: (﴿الْمَوَالِيَ﴾ هم: بنو العم، وورثته، والولي والمَوْلَى في كلام العرب واحد) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 161.]]. ويقول تعالى: ﴿مِنْ وَرَائِي﴾ أي: من بعد موتي، واختلفوا في معنى خوفه فقال بعضهم: (خاف أن يرثه غير الولد) [["المحرر الوجيز" 9/ 427، "الكشاف" 2/ 405، "زاد المسير" 5/ 209، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 78.]]. وقيل: (خاف أن تذهب النبوة من نسبه إلى بني الأعمام) [[ذكرت كتب التفسير نحوه. انظر: "جامع البيان" 16/ 46، "تفسير القرآن" للصنعاني 2/ 3، "الكشف والبيان" 3/ 2 أ، "معالم التنزيل" 5/ 218، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 124، "زاد المسير" 5/ 209.]]. وهذا ليس بشيء؛ لأنه لا يكون خوفًا من الموالي، والصحيح في معنى خوفه ما ذكره أبو علي فقال: (الخوف لا يكون من الأعيان في الحقيقة، إنما يكون من معان فيها، فإذا قال القائل: خفت الله، وخفت الوالي، وخفت الناس، فالمعنى: خفت عقاب الله ومؤاخذته، وخفت عقوبة الوالي، وملامة الناس، وكذلك أي: "خفت الموالي من ورائي"، أي خفت تضيج بني عمي، فحذف المضاف، والمعنى تضييعهم للدين، ونبذهم إياه وإطراحهم له، فسأل ربه وليا يرث نبوته وعلمه لئلا يضيع الدين، وكأن الذي حمله على مسألة ذلك ما شاهدهم عليه من تبديلهم للدين وتوثُّبِهِم على الأنبياء وقتلهم إياهم) [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 189.]]. ويؤكد هذا ما روى عطاء عن ابن عباس قال: (يريد بالموالي بني إسرائيل) [[ذكر في كتب التفاسير بدون نسبة. انظر: "النكت والعيون" 3/ 355، "الكشاف" 2/ 405، "روح المعاني" 16/ 61، "الدر المصون" 7/ 566.]]. وبنو إسرائيل كانوا يبدلون ويقتلون الأنبياء [[وإلى هذا أشار القرآن الكريم في قوله تعالى في سورة البقرة الآية (59): ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ الآية. == وقال سبحانه في الآية (61): ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾.]]، وعلى هذا سَمَّى بني إسرائيل موالي؛ لأنهم كانوا بني أعمامه. وقوله تعالى: ﴿وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا﴾ أي: عقيما لا تلد، وهذا الذي قاله زكريا إخبار عن خوفه فإما مضى حين كانت امرأته لا تلد، وكان هو آيسًا من الولد لذلك ذكره بلفظ الماضي في "خفت" "وكانت". وقوله تعالى: ﴿فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا﴾ أي: ابنا صالحًا يتولاه، قال أبو إسحاق: (قوله: ﴿وَلِيًّا﴾ يدل على أنه سأل ولدًا دَيِّنًا؛ لأن غير الدَّيِّنِ لا يكون وليا لنبي) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 320.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب