الباحث القرآني
﴿إِذْ نَادَى﴾ دَعَا ﴿رَبَّهُ﴾ فِي مِحْرَابِهِ ﴿نِدَاءً خَفِيًّا﴾ دَعَا سِرًّا مِنْ قَوْمِهِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ.
﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ﴾ ضَعُفَ وَرَقَّ ﴿الْعَظْمُ مِنِّي﴾ مِنَ الْكِبَرِ. قَالَ قَتَادَةُ: اشْتَكَى سُقُوطَ الْأَضْرَاسِ ﴿وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ﴾ أَيْ: ابْيَضَّ شَعْرُ الرَّأْسِ ﴿شَيْبًا﴾ شَمْطًا ﴿وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا﴾ يَقُولُ: عَوَّدْتَنِي الْإِجَابَةَ فِيمَا مَضَى وَلَمْ تُخَيِّبْنِي.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَمَّا دَعَوْتَنِي إِلَى الْإِيمَانِ آمَنْتُ وَلَمْ أَشْقَ بِتَرْكِ الْإِيمَانِ [[ساقط من "أ".]] .
﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ﴾ و"الْمَوَالِي": بَنُو الْعَمِّ. قَالَ مُجَاهِدٌ: الْعَصَبَةُ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: الْكَلَالَةُ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: الْوَرَثَةُ [[هذه المعاني متقاربة، فالورثة هم العصبة، وبنو العم من الورثة، والكل من الأقارب.]] ﴿مِنْ وَرَائِي﴾ أَيْ: مِنْ بَعْدِ مَوْتِي.
قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: ﴿مِنْ وَرَائِيَ﴾ بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَالْآخَرُونَ بِإِسْكَانِهَا.
﴿وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا﴾ لَا تَلِدُ ﴿فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ﴾ أَعْطِنِي مِنْ عِنْدِكَ ﴿وَلِيًّا﴾ ابْنًا.
﴿يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾ قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ: بِجَزْمِ الثَّاءِ فِيهِمَا، عَلَى جَوَابِ الدُّعَاءِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالرَّفْعِ عَلَى الْحَالِ وَالصِّفَةِ، أَيْ: وَلِيًّا وَارِثًا.
وَاخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْإِرْثِ؛ قَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَاهُ يَرِثُنِي مَالِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ النُّبُوَّةَ والْحُبُورَةَ.
وَقِيلَ: أَرَادَ مِيرَاثَ النُّبُوَّةِ وَالْعِلْمِ.
وَقِيلَ: أَرَادَ إِرْثَ الْحُبُورَةِ، لِأَنَّ زَكَرِيَّا كَانَ رَأْسَ الْأَحْبَارِ [[انظر هذه الأقوال في: "تفسير القرطبي": ١٦ / ٤٧-٤٨، "زاد المسير": ٥ / ٢٠٧-٢٠٨، "الدر المنثور": ٥ / ٤٨٠.]] .
قَالَ الزَّجَّاجُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مِيرَاثِ غَيْرِ الْمَالِ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يُشْفِقَ زَكَرِيَّا وَهُوَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَنْ يَرِثَهُ بَنُو عَمِّهِ مَالَهُ.
وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ خَافَ تَضْيِيعَ بَنِي عَمِّهِ دِينَ اللَّهِ وَتَغْيِيرَ أَحْكَامِهِ عَلَى مَا كَانَ شَاهَدَهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ تَبْدِيلِ الدِّينِ وَقَتْلِ الْأَنْبِيَاءِ، فَسَأَلَ رَبَّهُ وَلِيًّا [[في "ب": ولدا.]] صَالِحًا يَأْمَنُهُ عَلَى أُمَّتِهِ وَيَرِثُ نُبُوَّتَهُ وَعِلْمَهُ لِئَلَّا يَضِيعَ الدِّينُ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا [[وهذا الذي مال إليه المصنف -رحمه الله- هو ما رجحه ابن كثير وأيده من وجوه، فقال: (٣ / ١١٢) : "وجه خوفه أنه خشي أن يتصرفوا من بعده في الناس تصرفا سيئا، فسأل الله ولدا يكون نبيا من بعده، ليسوسهم بنبوته ما يوحى إليه، فأجيب في ذلك، لا أنه خشي من وراثتهم له ماله، فإن النبي أعظم منزلة، وأجل قدرا من أن يشفق على ماله إلى ما هذا حده، وأن يأنف من ورائه عصباته له، ويسأل أن يكون له ولد ليحرز ميراثه دونهم. هذا وجه. والوجه الثاني: أنه لم يذكر أنه كان ذا مال، بل كان نجارا يأكل من كسب يديه، ومثل هذا لا يجمع مالا، ولا سيما الأنبياء، فإنهم كانوا أزهد شيء في الدنيا. والوجه الثالث: أنه قد ثبت في "الصحيحين" من غير وجه أن رسول الله ﷺ قال: "لا نورث ما تركناه صدقة" وفي رواية عند الترمذي بإسناد صحيح: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث" وعلى هذا فتعين حمل قوله: (فهب لي من لدنك وليا يرثني) على ميراث النبوة، ولهذا قال: (ويرث من آل يعقوب) ، كقوله: (وورث سليمان داود) أي في النبوة، إذ لو كان في المال لما خصه من بين إخوته بذلك، ولما كان في الإخبار بذلك كبير فائدة، إذ من المعلوم المستقر في جميع الشرائع والملل: أن الولد يرث أباه. فلولا أنها وراثة خاصة لما أخبر بها. وكل هذا يقرره ويثبته ما صح في الحديث: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث" وعلى هذا فتعين حمل قوله: (فهب لي من لدنك وليا يرثني) على ميراث النبوة، ولهذا قال: (ويرث من آل يعقوب) ، كقوله: (وورث سليمان داود) أي في النبوة، إذ لو كان في المال لما خصه من بين إخوته بذلك، ولما كان في الإخبار بذلك كبير فائدة، إذ من المعلوم المستقر في جميع الشرائع والملل: أن الولد يرث أباه. فلولا أنها وراثة خاصة لما أخبر بها. وكل هذا يقرره ويثبته ما صح في الحديث: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا فهو صدقة". ثم ساق -ابن كثير- بعض الآثار والروايات فيها ما يدل على أن الوراثة وراثة مال، وقال عنها: "وهذه مرسلات لا تعارض الصحاح" والله أعلم. وانظر: "مسائل الرازي وأجوبتها من غرائب آي التنزيل" ص (٢٠٩) .]] .
﴿وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا﴾ أَيْ بَرًّا تَقِيًّا مَرْضِيًّا.
{"ayahs_start":3,"ayahs":["إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥ نِدَاۤءً خَفِیࣰّا","قَالَ رَبِّ إِنِّی وَهَنَ ٱلۡعَظۡمُ مِنِّی وَٱشۡتَعَلَ ٱلرَّأۡسُ شَیۡبࣰا وَلَمۡ أَكُنۢ بِدُعَاۤىِٕكَ رَبِّ شَقِیࣰّا","وَإِنِّی خِفۡتُ ٱلۡمَوَ ٰلِیَ مِن وَرَاۤءِی وَكَانَتِ ٱمۡرَأَتِی عَاقِرࣰا فَهَبۡ لِی مِن لَّدُنكَ وَلِیࣰّا","یَرِثُنِی وَیَرِثُ مِنۡ ءَالِ یَعۡقُوبَۖ وَٱجۡعَلۡهُ رَبِّ رَضِیࣰّا"],"ayah":"وَإِنِّی خِفۡتُ ٱلۡمَوَ ٰلِیَ مِن وَرَاۤءِی وَكَانَتِ ٱمۡرَأَتِی عَاقِرࣰا فَهَبۡ لِی مِن لَّدُنكَ وَلِیࣰّا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق