الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنِّي خِفْتُ المَوالِيَ مِن ورائِي وكانَتِ امْرَأتِي عاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَدُنْكَ ولِيًّا﴾، ﴿يَرِثُنِي ويَرِثُ مِن آلِ يَعْقُوبَ واجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا﴾ . مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿خِفْتُ المَوالِيَ﴾ [مريم: ٥]، أيْ: خِفْتُ أقارِبِي وبَنِي عَمِّي وعُصْبَتِي: أنْ يُضَيِّعُوا الدِّينَ بَعْدِي، ولا يَقُومُوا لِلَّهِ بِدِينِهِ حَقَّ القِيامِ، فارْزُقْنِي ولَدًا يَقُومُ بَعْدِي بِالدِّينِ حَقَّ القِيامِ، وبِهَذا التَّفْسِيرِ تَعْلَمُ أنَّ مَعْنى قَوْلِهِ ﴿يَرِثُنِي﴾ أنَّهُ إرْثُ عِلْمٍ ونُبُوَّةٍ، ودَعْوَةٍ إلى اللَّهِ والقِيامِ بِدِينِهِ، لا إرْثَ مالٍ، ويَدُلُّ لِذَلِكَ أمْرانِ: أحَدُهُما: قَوْلُهُ: ﴿وَيَرِثُ مِن آلِ يَعْقُوبَ﴾ [مريم: ٥]، ومَعْلُومٌ أنَّ آلَ يَعْقُوبَ انْقَرَضُوا مِن زَمانٍ، فَلا يُورَثُ عَنْهم إلّا العِلْمُ والنُّبُوَّةُ والدِّينُ. والأمْرُ الثّانِي: ما جاءَ مِنَ الأدِلَّةِ عَلى أنَّ الأنْبِياءَ صَلَواتُ اللَّهِ وسَلامُهُ عَلَيْهِمْ لا يُورَثُ عَنْهُمُ المالُ، وإنَّما يُورَثُ عَنْهُمُ العِلْمُ والدِّينُ، فَمِن ذَلِكَ ما أخْرَجَهُ الشَّيْخانِ في صَحِيحَيْهِما عَنْ أبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْهُ ﷺ أنَّهُ قالَ: «لا نُورَثُ، ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ»، ومِن ذَلِكَ أيْضًا ما رَواهُ الشَّيْخانِ أيْضًا عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّهُ قالَ لِعُثْمانَ، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، والزُّبَيْرِ وسَعْدٍ، وعَلِيٍّ، والعَبّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم: أنْشُدُكُمُ اللَّهَ (p-٣٦٢)الَّذِي بِإذْنِهِ تَقُومُ السَّماءُ والأرْضُ، أتَعْلَمُونَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «لا نُورَثُ ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ»، قالُوا: نَعَمْ، ومِن ذَلِكَ ما أخْرَجَهُ الشَّيْخانِ أيْضًا عَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أنَّ أزْواجَ النَّبِيِّ ﷺ حِينَ تُوَفِّي أرَدْنَ أنْ يَبْعَثْنَ عُثْمانَ إلى أبِي بَكْرٍ يَسْألْنَهُ مِيراثَهُنَّ، فَقالَتْ عائِشَةُ: ألَيْسَ قالَ النَّبِيُّ ﷺ: «ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ»، ومِن ذَلِكَ ما رَواهُ الشَّيْخانِ أيْضًا عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لا تَقْتَسِمُ ورَثَتِي دِينارًا، ما تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسائِي ومَئُونَةِ عامِلِي فَهو صَدَقَةٌ» وفي لَفْظٍ عِنْدَ أحْمَدَ: «لا تَقْتَسِمُ ورَثَتِي دِينارًا ولا دِرْهَمًا»، ومِن ذَلِكَ أيْضًا ما رَواهُ الإمامُ أحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ: أنَّ فاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالَتْ لِأبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَن يَرِثُكَ إذا مِتَّ ؟ قالَ: ولَدِي وأهْلِي، قالَتْ: فَما لَنا لا نَرِثُ النَّبِيَّ ﷺ ؟ قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «إنَّ النَّبِيَّ لا يُورَثُ»، ولَكِنْ أعُولُ مَن كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعُولُهُ، وأُنْفِقُ عَلى مَن كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُنْفِقُ. فَهَذِهِ الأحادِيثُ وأمْثالُها ظاهِرَةٌ في أنَّ الأنْبِياءَ لا يُورَثُ عَنْهُمُ المالُ بَلِ العِلْمُ والدِّينُ، فَإنْ قِيلَ: هَذا مُخْتَصٌّ بِهِ ﷺ؛ لِأنَّ قَوْلَهُ «لا نُورَثُ» يَعْنِي بِهِ نَفْسَهُ، كَما قالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ المُشارِ إلَيْهِ عَنْهُ آنِفًا: أنْشُدُكم بِاللَّهِ الَّذِي بِإذْنِهِ تَقُومُ السَّماءُ والأرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ”لا «نُورَثُ ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ»“ يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ نَفْسَهُ، فَقالَ الرَّهْطُ: قَدْ قالَ ذَلِكَ الحَدِيثَ، فَفي هَذا الحَدِيثِ الصَّحِيحِ أنَّ عُمَرَ قالَ: إنَّ مُرادَ النَّبِيِّ ﷺ بِقَوْلِهِ «لا نُورَثُ» نَفْسُهُ، وصَدَّقَهُ الجَماعَةُ المَذْكُورُونَ في ذَلِكَ، وهَذا دَلِيلٌ عَلى الخُصُوصِ فَلا مانِعَ إذَنْ مِن كَوْنِ المَوْرُوثِ عَنْ زَكَرِيّا في الآيَةِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِها هو المالُ ؟ فالجَوابُ مِن أوْجُهٍ: الأوَّلُ: أنَّ ظاهِرَ صِيغَةِ الجَمْعِ شُمُولُ جَمِيعِ الأنْبِياءِ، فَلا يَجُوزُ العُدُولُ عَنْ هَذا الظّاهِرِ إلّا بِدَلِيلٍ مِن كِتابٍ أوْ سُنَّةٍ، وقَوْلُ عُمَرَ لا يَصِحُّ تَخْصِيصُ نَصٍّ مِنَ السُّنَّةِ بِهِ؛ لِأنَّ النُّصُوصَ لا يَصِحُّ تَخْصِيصُها بِأقْوالِ الصَّحابَةِ عَلى التَّحْقِيقِ كَما هو مُقَرَّرٌ في الأُصُولِ. الوَجْهُ الثّانِي: أنَّ قَوْلَ عُمَرَ ”يُرِيدُ ﷺ نَفْسَهُ“ لا يُنافِي شُمُولَ الحُكْمِ لِغَيْرِهِ مِنَ الأنْبِياءِ، لِاحْتِمالِ أنْ يَكُونَ قَصْدُهُ يُرِيدُ أنَّهُ هو ﷺ يَعْنِي نَفْسَهُ فَإنَّهُ لا يُورَثُ، ولَمْ يَقُلْ عُمَرُ إنَّ اللَّفْظَ لَمْ يَشْمَلْ غَيْرَهُ، وكَوْنُهُ يَعْنِي نَفْسَهُ لا يُنافِي أنَّ غَيْرَهُ مِنَ الأنْبِياءِ لا يُورَثُ أيْضًا. الوَجْهُ الثّالِثُ: ما جاءَ مِنَ الأحادِيثِ صَرِيحًا في عُمُومِ عَدَمِ الإرْثِ المالِيِّ في جَمِيعِ الأنْبِياءِ، وسَنَذْكُرُ طَرَفًا مِن ذَلِكَ هُنا إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى. قالَ ابْنُ حَجَرٍ في فَتْحِ البارِي ما نَصُّهُ: وأمّا ما اشْتُهِرَ في كُتُبِ أهْلِ الأُصُولِ (p-٣٦٣)وَغَيْرِهِمْ بِلَفْظِ «نَحْنُ مَعاشِرَ الأنْبِياءِ لا نُورَثُ» فَقَدْ أنْكَرَهُ جَماعَةٌ مِنَ الأئِمَّةِ، وهو كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِخُصُوصِ لَفْظِ ”نَحْنُ“ لَكِنْ أخْرَجَهُ النَّسائِيُّ مِن طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أبِي الزِّنادِ بِلَفْظِ «إنّا مَعاشِرَ الأنْبِياءِ لا نُورَثُ» . ”الحَدِيثَ، وأخْرَجَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنصُورٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْهُ، وهو كَذَلِكَ في مُسْنَدِ الحُمَيْدِيِّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وهو مِن أتْقَنِ أصْحابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِيهِ، وأوْرَدَهُ الهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبٍ في مُسْنَدِهِ مِن حَدِيثِ أبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ بِاللَّفْظِ المَذْكُورِ، وأخْرَجَهُ الطَّبَرانِيُّ في الأوْسَطِ بِنَحْوِ اللَّفْظِ المَذْكُورِ، وأخْرَجَهُ الدّارَقُطْنِيُّ في العِلَلِ مِن رِوايَةِ أمِّ هانِئٍ عَنْ فاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، عَنْ أبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ بِلَفْظِ“ «إنَّ الأنْبِياءَ لا يُورَثُونَ» انْتَهى مَحَلُّ الغَرَضِ مِن كَلامِ ابْنِ حَجَرٍ، وقَدْ رَأيْتُ فِيهِ هَذِهِ الطُّرُقَ الَّتِي فِيها التَّصْرِيحُ بِعُمُومِ الأنْبِياءِ، وقَدْ قالَ ابْنُ حَجَرٍ: إنَّ إنْكارَ الحَدِيثِ المَذْكُورِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ إلّا بِالنِّسْبَةِ لِخُصُوصِ لَفْظِ ”نَحْنُ“ وهَذِهِ الرِّواياتُ الَّتِي أشارَ لَها يَشُدُّ بَعْضُها، وقَدْ تَقَرَّرَ في الأُصُولِ أنَّ البَيانَ يَصِحُّ بِكُلِّ ما يُزِيلُ الإشْكالَ ولَوْ قَرِينَةٌ أوْ غَيْرُها كَما قَدَّمْناهُ مُوَضَّحًا في تَرْجَمَةِ هَذا الكِتابِ المُبارَكِ، وعَلَيْهِ فَهَذِهِ الأحادِيثُ الَّتِي ذَكَرْنا تُبَيِّنُ أنَّ المَقْصُودَ مِن قَوْلِهِ في الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ ”لا نُورَثُ“ أنَّهُ يَعْنِي نَفْسَهُ، كَما قالَ عُمَرُ وجَمِيعُ الأنْبِياءِ كَما دَلَّتْ عَلَيْهِ الرِّواياتُ المَذْكُورَةُ، والبَيانُ إرْشادٌ ودَلالَةٌ يَصِحُّ بِكُلِّ شَيْءٍ يُزِيلُ اللَّبْسَ عَنِ النَّصِّ مِن نَصٍّ أوْ فِعْلٍ أوْ قَرِينَةٍ أوْ غَيْرِ ذَلِكَ، قالَ في مَراقِي السُّعُودِ في تَعْرِيفِ البَيانِ وما بِهِ البَيانُ: . تَصْيِيرُ مُشْكَلٍ مِنَ الجَلِيِّ وهو واجِبٌ عَلى النَّبِيِّ إذا أُرِيدَ فَهْمُهُ وهْوَ بِما مِنَ الدَّلِيلِ مُطْلَقًا يَجْلُو العَما وبِهَذا الَّذِي قَرَّرْنا تَعْلَمُ: أنَّ قَوْلَهُ هُنا ﴿يَرِثُنِي ويَرِثُ مِن آلِ يَعْقُوبَ﴾، يَعْنِي وِراثَةَ العِلْمِ والدِّينِ لا المالِ، وكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ﴾ الآيَةَ [النمل: ١٦]، فَتِلْكَ الوِراثَةُ أيْضًا وِراثَةُ عِلْمٍ ودِينٍ، والوِراثَةُ قَدْ تُطْلَقُ في الكِتابِ والسُّنَّةِ عَلى وِراثَةِ العِلْمِ والدِّينِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ثُمَّ أوْرَثْنا الكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِن عِبادِنا﴾ الآيَةَ [فاطر: ٣٢]، وقَوْلِـهِ: ﴿وَإنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الكِتابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفي شَكٍّ مِنهُ مُرِيبٍ﴾ [الشورى: ١٤]، وقَوْلِـهِ: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ ورِثُوا الكِتابَ﴾ الآيَةَ [الأعراف: ١٦٩]، إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ. وَمِنَ السُّنَّةِ الوارِدَةِ في ذَلِكَ ما رَواهُ أبُو الدَّرْداءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: «العُلَماءُ ورَثَةُ الأنْبِياءِ»، وهو في المُسْنَدِ والسُّنَنِ، قالَ صاحِبُ ) تَمْيِيزُ الطَّيِّبِ مِنَ (p-٣٦٤)الخَبِيثِ، فِيما يَدُورُ عَلى ألْسِنَةِ النّاسِ مِنَ الحَدِيثِ (: رَواهُ أحْمَدُ وأبُو داوُدَ والتِّرْمِذِيُّ وآخَرُونَ عَنْ أبِي الدَّرْداءِ مَرْفُوعًا بِزِيادَةِ «إنَّ الأنْبِياءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينارًا ولا دِرْهَمًا، وإنَّما ورَّثُوا العِلْمَ» وصَحَّحَهُ ابْنُ حِبّانَ والحاكِمُ وغَيْرُهُما انْتَهى مِنهُ بِلَفْظِهِ، وقالَ صاحِبُ ) كَشْفُ الخَفاءِ ومُزِيلُ الإلْباسِ عَمّا اشْتُهِرَ مِنَ الأحادِيثِ عَلى ألْسِنَةِ الناسِ (: «العُلَماءُ ورَثَةُ الأنْبِياءِ» رَواهُ أحْمَدُ والأرْبَعَةُ وآخَرُونَ عَنْ أبِي الدَّرْداءِ مَرْفُوعًا بِزِيادَةِ ”«إنَّ الأنْبِياءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينارًا ولا دِرْهَمًا وإنَّما ورَّثُوا العِلْمَ» .“ الحَدِيثَ، وصَحَّحَهُ ابْنُ حِبّانَ والحاكِمُ وغَيْرُهُما، وحَسَّنَهُ حَمْزَةُ الكِنانِيُّ وضَعَّفَهُ غَيْرُهم لِاضْطِرابِ سَنَدِهِ لَكِنْ لَهُ شَواهِدُ، ولِذا قالَ الحافِظُ: لَهُ طُرُقٌ يُعْرَفُ بِها أنَّ لِلْحَدِيثِ أصْلًا، ورَواهُ الدَّيْلَمِيُّ عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ بِلَفْظِ التَّرْجَمَةِ ا هـ مَحَلُّ الغَرَضِ مِنهُ، والظّاهِرُ صَلاحِيَةُ هَذا الحَدِيثِ لِلِاحْتِجاجِ لِاعْتِضادِ بَعْضِ طُرُقِهِ بِبَعْضٍ، فَإذا عَلِمْتَ ما ذَكَرْنا مِن دَلالَةِ هَذِهِ الأدِلَّةِ عَلى أنَّ الوِراثَةَ المَذْكُورَةَ في الآيَةِ وِراثَةُ عِلْمٍ ودِينٍ لا وِراثَةَ مالٍ فاعْلَمْ أنَّ لِلْعُلَماءِ في ذَلِكَ ثَلاثَةَ أقْوالٍ: الأوَّلُ: هو ما ذَكَرْنا، والثّانِي: أنَّها وِراثَةُ مالٍ، والثّالِثُ: أنَّها وبِالنِّسْبَةِ لِآلِ يَعْقُوبَ في قَوْلِهِ ﴿وَيَرِثُ مِن آلِ يَعْقُوبَ﴾ وِراثَةُ عِلْمٍ ودِينٍ. وَهَذا اخْتِيارُ ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ، وقَدْ ذَكَرَ مَن قالَ: إنَّ وِراثَتَهُ لِزَكَرِيّا وِراثَةَ مالٍ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ في ذَلِكَ أنَّهُ قالَ: «رَحِمَ اللَّهُ زَكَرِيّا ما كانَ عَلَيْهِ مِن ورَثَتِهِ» أيْ: ما يَضُرُّهُ إرْثُ ورَثَتِهِ لِمالِهِ، ومَعْلُومٌ أنَّ هَذا لَمْ يَثْبُتْ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، والأرْجَحُ فِيما يَظْهَرُ لَنا هو ما ذَكَرْنا مِن أنَّها وِراثَةُ عِلْمٍ ودِينٍ؛ لِلْأدِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنا وغَيْرِها مِمّا يَدُلُّ عَلى ذَلِكَ، وقَدْ ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ في تَفْسِيرِهِ هُنا ما يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مِن أوْجُهٍ، قالَ رَحِمَهُ اللَّهُ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَإنِّي خِفْتُ المَوالِيَ مِن ورائِي﴾ [مريم: ٥]، وجْهُ خَوْفِهِ أنَّهُ خَشِيَ أنْ يَتَصَرَّفُوا مِن بَعْدِهِ في النّاسِ تَصَرُّفًا سَيِّئًا فَسَألَ اللَّهَ ولَدًا يَكُونُ نَبِيًّا مِن بَعْدِهِ؛ لِيَسُوسَهم بِنُبُوَّتِهِ بِما يُوحى إلَيْهِ فَأُجِيبَ في ذَلِكَ؛ لا أنَّهُ خَشِيَ مِن وِراثَتِهِمْ لَهُ مالَهُ؛ فَإنَّ النَّبِيَّ أعْظَمُ مَنزِلَةً، وأجَلُّ قَدْرًا مِن أنْ يُشْفِقَ عَلى مالِهِ إلى ما هَذا حَدُّهُ، وأنْ يَأْنَفَ مِن وِراثَةِ عَصَباتِهِ لَهُ، ويَسْألَ أنْ يَكُونَ لَهُ ولَدٌ لِيَحُوزَ مِيراثَهُ دُونَهم وهَذا وجْهٌ. الثّانِي: أنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أنَّهُ كانَ ذا مالٍ؛ بَلْ كانَ نَجّارًا يَأْكُلُ مِن كَسْبِ يَدَيْهِ، ومِثْلُ هَذا لا يَجْمَعُ مالًا، ولا سِيَّما الأنْبِياءُ، فَإنَّهم كانُوا أزْهَدَ شَيْءٍ في الدُّنْيا. الثّالِثُ: أنَّهُ قَدْ ثَبَتَ في الصَّحِيحَيْنِ مِن غَيْرِ وجْهٍ: أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «لا نُورَثُ ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ» وفي رِوايَةٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ بِإسْنادٍ صَحِيحٍ «نَحْنُ مَعْشَرَ الأنْبِياءِ لا نُورَثُ» وعَلى هَذا فَتَعَيَّنَ حَمْلُ قَوْلِهِ: ﴿فَهَبْ لِي مِن لَدُنْكَ ولِيًّا﴾ ﴿يَرِثُنِي﴾ [مريم: ٦]، (p-٣٦٥)عَلى مِيراثِ النُّبُوَّةِ، ولِهَذا قالَ ﴿وَيَرِثُ مِن آلِ يَعْقُوبَ﴾؛ كَقَوْلِهِ: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ﴾ [النمل: ١٦]، أيْ: في النُّبُوَّةِ، إذْ لَوْ كانَ في المالِ لَما خَصَّهُ مِن بَيْنِ إخْوَتِهِ بِذَلِكَ، ولَما كانَ في الإخْبارِ بِذَلِكَ كَبِيرُ فائِدَةٍ، إذْ مِنَ المَعْلُومِ المُسْتَقِرِّ في جَمِيعِ الشَّرائِعِ والمِلَلِ: أنَّ الوَلَدَ يَرِثُ أباهُ، فَلَوْلا أنَّها وِراثَةٌ خاصَّةٌ لَما أخْبَرَ بِها، وكُلُّ هَذا يُقَرِّرُهُ ويُثْبِتُهُ ما صَحَّ في الحَدِيثِ: «نَحْنُ مَعاشِرَ الأنْبِياءِ لا نُورَثُ، ما تَرَكْنا فَهو صَدَقَةٌ» ا هـ مَحَلُّ الغَرَضِ مِن كَلامِ ابْنِ كَثِيرٍ، ثُمَّ ساقَ بَعْدَ هَذا طُرُقَ الحَدِيثِ الَّذِي أشَرْنا لَهُ «يَرْحَمُ اللَّهُ زَكَرِيّا وما كانَ عَلَيْهِ مِن ورَثَةِ مالِهِ» الحَدِيثَ، ثُمَّ قالَ في أسانِيدِهِ: وهَذِهِ مُرْسَلاتٌ لا تُعارِضُ الصِّحاحَ. واعْلَمْ أنَّ لَفْظَ «نَحْنُ مَعاشِرَ الأنْبِياءِ» ولَفْظَ «إنّا مَعاشِرَ الأنْبِياءِ» مُؤَدّاهُما واحِدٌ، إلّا أنَّ ”إنَّ“ دَخَلَتْ عَلى ”نَحْنُ“ فَأبْدَلَتْ لَفْظَةَ ”نَحْنُ“ الَّتِي هي المُبْتَدَأُ بِلَفْظَةِ ”نا“ الصّالِحَةِ لِلنَّصْبِ، والجُمْلَةُ هي هي إلّا أنَّها في أحَدِ اللَّفْظَيْنِ أُكِّدَتْ بِـ ”إنَّ“ كَما لا يَخْفى، وقَوْلُـهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: ﴿فَهَبْ لِي مِن لَدُنْكَ ولِيًّا﴾، يَعْنِي بِهَذا الوَلِيِّ الوَلَدَ خاصَّةً دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الأوْلِياءِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعالى في القِصَّةِ نَفْسِها ﴿هُنالِكَ دَعا زَكَرِيّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً﴾ الآيَةَ [آل عمران: ٣٨]، وأشارَ إلى أنَّهُ الوَلَدُ أيْضًا بِقَوْلِهِ: ﴿وَزَكَرِيّا إذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وأنْتَ خَيْرُ الوارِثِينَ﴾ [الأنبياء: ٨٩]، فَقَوْلُهُ «لا تَذَرْنِي فَرَدًا»، أيْ: واحِدًا بِلا ولَدٍ. وَقَوْلُـهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ، عَنْ زَكَرِيّا: ﴿وَإنِّي خِفْتُ المَوالِيَ مِن ورائِي﴾، أيْ: مِن بَعْدِي إذا مِتُّ أنْ يُغَيِّرُوا في الدِّينِ، وقَدْ قَدَّمْنا أنَّ المَوالِيَ الأقارِبُ والعَصَباتُ، ومِن ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمّا تَرَكَ الوالِدانِ والأقْرَبُونَ﴾ الآيَةَ [النساء: ٣٣]، والمَوْلى في لُغَةِ العَرَبِ: يُطْلَقُ عَلى كُلِّ مَنِ انْعَقَدَ بَيْنَكَ وبَيْنَهُ سَبَبٌ يُوالِيكَ وتَوالِيهِ بِهِ، وكَثِيرًا ما يُطْلَقُ في اللُّغَةِ عَلى ابْنِ العَمِّ؛ لِأنَّ ابْنَ العَمِّ يُوالِي ابْنَ عَمِّهِ بِالقَرابَةِ العَصَبِيَّةِ، ومِنهُ قَوْلُ طَرَفَةَ بْنِ العَبْدِ: ؎واعْلَمْ عِلْمًا لَيْسَ بِالظَّنِّ أنَّهُ إذا ذَلَّ مَوْلى المَرْءِ فَهو ذَلِيلٌ يَعْنِي إذا ذَلَّتْ بَنُو عَمِّهِ فَهو ذَلِيلٌ، وقَوْلُ الفَضْلِ بْنِ العَبّاسِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أبِي لَهَبٍ: ؎مَهْلًا ابْنَ عَمِّنا مَهْلًا مَوالِينا ∗∗∗ لا تَنْبُشُوا بَيْنَنا ما كانَ مَدْفُونا وَقَوْلُهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: ﴿وَكانَتِ امْرَأتِي عاقِرًا﴾، ظاهِرٌ في أنَّها كانَتْ عاقِرًا في زَمَنِ شَبابِها، والعاقِرُ: هي العَقِيمُ الَّتِي لا تَلِدُ وهو يُطْلَقُ عَلى الذَّكَرِ والأُنْثى؛ (p-٣٦٦)فَمِن إطْلاقِهِ عَلى الأُنْثى هَذِهِ الآيَةُ، وقَوْلُهُ تَعالى عَنْ زَكَرِيّا أيْضًا: ﴿وَقَدْ بَلَغَنِيَ الكِبَرُ وامْرَأتِي عاقِرٌ﴾ [آل عمران: ٤٠]، ومِن إطْلاقِهِ عَلى الذَّكَرِ قَوْلُ عامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ: ؎لَبِئْسَ الفَتى إنْ كَنْتُ أعْوَرَ عاقِرًا ∗∗∗ جَبانًا فَما عُذْرِي لَدى كُلِّ مَحْضَرِ وَقَدْ أشارَ تَعالى إلى أنَّهُ أزالَ عَنْها العُقْمَ، وأصْلَحَها، فَجَعَلَها ولُودًا بَعْدَ أنْ كانَتْ عاقِرًا في قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿فاسْتَجَبْنا لَهُ ووَهَبْنا لَهُ يَحْيى وأصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ﴾ [الأنبياء: ٩٠]، فَهَذا الإصْلاحُ هو كَوْنُها صارَتْ تَلِدُ بَعْدَ أنْ كانَتْ عَقِيمًا، وقَوْلُ مَن قالَ: إنَّ إصْلاحَها المَذْكُورَ هو جَعْلُها حَسَنَةَ الخُلُقِ بَعْدَ أنْ كانَتْ سَيِّئَةَ الخُلُقِ لا يُنافِي ما ذُكِرَ لِجَوازِ أنْ يَجْمَعَ لَهُ بَيْنَ الأمْرَيْنِ فِيها، مَعَ أنَّ كَوْنَ الإصْلاحِ هو جَعْلُها ولُودًا بَعْدَ العُقْمِ هو ظاهِرُ السِّياقِ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ومُجاهِدٍ وغَيْرِهِمْ، والقَوْلُ الثّانِي يُرْوى عَنْ عَطاءٍ. وَقَوْلُـهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ عَنْ زَكَرِيّا ﴿واجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا﴾ [مريم: ٦]، أيْ: مَرْضِيًّا عِنْدَكَ وعِنْدَ خَلْقِكَ في أخْلاقِهِ وأقْوالِهِ وأفْعالِهِ ودِينِهِ، وهو فَعِيلٌ بِمَعْنى مَفْعُولٍ. وَقَوْلُـهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: ﴿فَهَبْ لِي مِن لَدُنْكَ﴾، أيْ: مِن عِنْدِكَ، وقَوْلُـهُ جَلَّ وعَلا في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ ﴿يَرِثُنِي ويَرِثُ مِن آلِ يَعْقُوبَ﴾ [مريم: ٦]، قَرَأهُ أبُو عَمْرٍو والكِسائِيُّ بِإسْكانِ الثّاءِ المُثَلَّثَةِ مِنَ الفِعْلَيْنِ، أعْنِي ﴿يَرِثُنِي ويَرِثُ مِن آلِ يَعْقُوبَ﴾ وهُما عَلى هَذِهِ القِراءَةِ مَجْزُومانِ لِأجْلِ جَوابِ الطَّلَبِ الَّذِي هو ”هَبْ لِي“ والمُقَرَّرُ عِنْدَ عُلَماءِ العَرَبِيَّةِ، أنَّ المُضارِعَ المَجْزُومَ في جَوابِ الطَّلَبِ مَجْزُومٌ بِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ فِعْلُ الطَّلَبِ، وتَقْدِيرُهُ في هَذِهِ الآيَةِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِها، إنْ تَهَبْ لِي مِن لَدُنْكَ ولِيًّا يَرِثُنِي ويَرِثُ مِن آلِ يَعْقُوبَ، وقَرَأ الباقُونَ ﴿يَرِثُنِي ويَرِثُ مِن آلِ يَعْقُوبَ﴾، يَرْفَعُ الفِعْلَيْنِ عَلى أنَّ الجُمْلَةَ نَعْتٌ لِقَوْلِهِ ”وَلِيًّا“ أيْ: ولِيًّا وارِثًا لِي، ووارِثًا مِن آلِ يَعْقُوبَ، كَما قالَ في الخُلاصَةِ: وَنَعَتُوا بِجُمْلَةٍ مُنَكَّرًا فَأُعْطِيَتْ ما أُعْطِيَتْهُ خَبَرًا وقِراءَةُ الجُمْهُورِ بِرَفْعِ الفِعْلَيْنِ أوْضَحُ مَعْنى، وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ بِفَتْحِ الياءِ مِن قَوْلِهِ: ﴿مِن ورائِي وكانَتِ امْرَأتِي﴾، والباقُونَ بِإسْكانِها، وقَرَأ ”زَكَرِيّا“ بِلا هَمْزَةٍ بَعْدَ الألِفِ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ، والباقُونَ قَرَءُوا ”زَكَرِيّاءَ“ بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الألِفِ، وبِهِ تَعْلَمُ أنَّ المَدَّ في قَوْلِهِ: ”وَزَكَرِيّاءُ إذْ نادى“، مُنْفَصِلٌ عَلى قِراءَةِ حَمْزَةَ والكِسائِيِّ وحَفْصٍ، ومُتَّصِلٌ (p-٣٦٧)عَلى قِراءَةِ الباقِينَ، والهَمْزَةُ الثّانِيَةُ عَلى قِراءَةِ الجُمْهُورِ الَّتِي هي هَمْزَةُ ”إذا“ مُسَهَّلَةٌ في قِراءَةِ نافِعٍ وابْنِ كَثِيرٍ وأبِي عَمْرٍو، ومُحَقَّقَةٌ في قِراءَةِ ابْنِ عامِرٍ وشُعْبَةَ عَنْ عاصِمٍ، وقِراءَةُ ﴿خِفْتُ المَوالِيَ﴾ بِفَتْحِ الخاءِ والفاءِ المُشَدَّدَةِ بِصِيغَةِ الفِعْلِ الماضِي بِمَعْنى أنَّ مَوالِيَهُ خَفُّوا أيْ: قَلُّوا شاذَّةٌ لا تَجُوزُ القِراءَةُ بِها وإنْ رُوِيَتْ عَنْ عُثْمانَ بْنِ عَفّانَ، ومُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ، وغَيْرِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم، وامْرَأةُ زَكَرِيّا المَذْكُورَةُ قالَ القُرْطُبِيُّ: هي إيشاعُ بِنْتُ فاقُوذَ بْنِ قَبِيلٍ، وهي أُخْتُ حِنَّةَ بِنْتِ فاقُوذا، قالَهُ الطَّبَرِيُّ، وحِنَّةُ: هي أُمُّ مَرْيَمَ، وقالَ القُتَبِيُّ: امْرَأةُ زَكَرِيّا هي إيشاعُ بِنْتُ عِمْرانَ، فَعَلى هَذا القَوْلِ يَكُونُ يَحْيى بْنُ خالَةِ عِيسى عَلَيْهِما السَّلامُ عَلى الحَقِيقَةِ، وعَلى القَوْلِ الأوَّلِ يَكُونُ ابْنَ خالَةِ أُمِّهِ، وفي حَدِيثِ الإسْراءِ قالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ”فَلَقِيتُ ابْنَيِ الخالَةِ يَحْيى وعِيسى“ شاهِدًا لِلْقَوْلِ الأوَّلِ ا هـ، مِنهُ، والظّاهِرُ شَهادَةُ الحَدِيثِ لِلْقَوْلِ الثّانِي لا لِلْأوَّلِ، خِلافًا لِما ذَكَرَهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعالى، والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب