الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ﴾ قال ابن عباس، ومجاهد: (قاتل نفسك) [["جامع البيان" 15/ 194، و"الدر المنثور" 4/ 382 وعزاه لابن المنذر.]]. وهو قول المفسرين، وأهل المعاني [["جامع البيان" 15/ 194، و"بحر العلوم" 2/ 289، و"الكشاف" 2/ 380، و"زاد المسير" 5/ 104، و"معاني القرآن" للزجاج 3/ 268، و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة 1/ 393.]]. قال الفراء في المصادر: (بَخَعَها، يبخَعُهَا، بخعًا، وبخوعًا) [[لم أقف عليه. وذكره ابن منظور بلا نسبة في "لسان العرب" (بخع) 1/ 222.]]. وقال الليث: (بَخَعَ الرجل نفسه إذا قتلها غيظًا من شدة وجده بالشيء) [[ذكرت نحوه كتب اللغة. انظر: "تهذيب اللغة" (بخع) 1/ 285، "ومقاييس اللغة" (بخع) 1/ 206، و"لسان العرب" (بخع) 1/ 222، و"القاموس المحيط" (بخع) ص 702.]]. وأنشد قول ذي الرمة [[البيت الذي الرمة. انظر: "ديوانه" (251)، و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة 1/ 393، و"تهذيب اللغة" (بخع) 1/ 286، و"مقاييس اللغة" (نجع) 1/ 206، و"الصحاح" (نجع) ص 17، و"اللسان" (نجع) 1/ 222، و"الدر المصون" 7/ 442.]]: ألا أيُّهذا الباخعُ الوجد نفسه ... لشيءٍ نحته عن يديه المقادر قال أبو عبيدة: (كان ذو الرمة ينشد الوجد رفعًا) [["مجاز القرآن" لأبي عبيدة 1/ 393.]]. وقال الأصمعي: (يقول: إنما هو الوجد بالفتح) [["الدر المصون" 7/ 442.]]. وأصل معنى البَخْع: الجهد، يقال: بَخَعْت لك نفسي، أي جهدتها، ذكره الفراء، والأخفش [[) "معاني القرآن" للفراء 2/ 134، و"تهذيب اللغة" (بخع) 1/ 285.]]. وفي حديث عائشة: (أنها ذكرت عمر فقالت: بَخَعَ الأرض) [[انظر: "النهاية في غريب الحديث" 1/ 102،و"التفسير الكبير" 21/ 79، و"تهذيب اللغة" (بخع) 1/ 285.]]. أي: جهدها حتى أخرج ما فيها من أموال الملوك. وقال الكسائي: (بَخَعْتُ الأرض بالزراعة، إذا أنهكتها وتابعت [[في نسخة (ص): (بايعت)، وهو تصحيف.]] حراثتها، ولم تجمَّها عامًا، وبَخَعَ الوجدُ نفسه إذا أنهكها، وأنشد بيت ذي الرمة) [["تهذيب اللغة" (بخع) 1/ 285، و"الدر المصون" 7/ 442.]]. وعلى هذا معنى: ﴿بَاخِعٌ نَفْسَكَ﴾ أي: ناهكها، وجاهدها حتى تهلكها، ولكن أهل التأويل كلهم قالوا: قاتل نفسك ومهلكها؛ والأصل هو ما ذكرنا [[انظر: "تهذيب اللغة" (بخع) 1/ 285، و"مقاييس اللغة"، (بخع) 1/ 206، و"لسان العرب" (بخع) 1/ 222، و"القاموس المحيط" (بخع) ص 702، و"الصحاح" (بخع) 3/ 1183، و"المفردات في غريب القرآن" (بخع) ص 38.]]. وقوله تعالى: ﴿عَلَى آثَارِهِمْ﴾ قال الزجاج: (أي من بعدهم) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 268.]]. وهذا كلام العرب يقولون: مات فلان واحدًا على أثر فلان، أي: بعده، وأصل هذا من التأثير، والأثر الذي هو العلامة، وذلك أنهم يقولون: خرجت في أثر فلان، وجئت على أثره، يعنون بعده، كأنهم يريدون أثر سلوكه الطريق، ثم كثر هذا حتى استعمل بمعنى بعد حيث لا يتحقق الأثر، كقول: مات فلان على أثر فلان أي: بعده، وأثر كذا بكذا أتبعه إياه [[انظر: "تهذيب اللغة" (أثر) 1/ 119، و"مقاييس اللغة" (أثر) 1/ 53، و"الصحاح" (أثر) 2/ 574، و"اللسان" (أثر) 1/ 25، و"المفردات" (أثر) ص 9.]]، ومنه قول متمم [[هذا صدر بيت لمتمم يصف الغيث، وعجزه: ترشِّح وسميًّا من النبت خروعا والمعنى: أتبع مطرًا تقدم بديمة بعده انظر: "الشعر والشعراء" ص 219، و"الأغاني" 15/ 298، و"المفضليات" ص 268، و"خزانة الأدب" 1/ 236، و"تهذيب اللغة" (أثر) 1/ 119، و"لسان العرب" (أثر) 1/ 25.]]: فأثر سيل الواديين بديمةٍ أي: أتبعه بمطر. ومعنى ﴿عَلَى آثَارِهِمْ﴾ هاهنا: من بعدهم، وتحقيقه ما بينَّا، وليس يريد من بعد موتهم، وإنما التأويل: من بعد توليهم وإعراضهم عنك [["جامع البيان" 15/ 194، و"معالم التنزيل" 5/ 144، و"المحرر الوجيز" 9/ 232 - 233، و"زاد المسير" 5/ 105.]]. قوله تعالى: ﴿إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ﴾ قال ابن عباس وغيره: (يعني القرآن) [["جامع البيان" 15/ 194، و"معالم التنزيل" 5/ 144،و"الكشاف" 2/ 280، و"الدر المنثور" 4/ 382. ويشهد لهذا قوله سبحانه في سورة الزمر الآية رقم (23): ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ﴾ الآية.]]. ﴿أَسَفًا﴾ قال مجاهد: (جزعاً) [["جامع البيان" 15/ 195،"المحرر الوجيز" 9/ 233 و"زاد المسير" 5/ 105.]]. وقال السدي: (حزنًا) [["جامع البيان" 15/ 195، و"المحرر الوجيز" 9/ 233 عن قتادة، و"زاد المسير" 5/ 105 عن ابن عباس وابن قتيبة، و"تفسير القرآن العظيم" عن قتادة 3/ 81.]]. وقال سفيان: (غضبًا) [["معالم التنزيل" 5/ 144، و"الدر المنثور" 4/ 382، وعزاه لابن أبي حاتم، و"فتح القدير" 3/ 385 بدون نسبة.]]. وجمع ابن عباس بينهما فقال: (يريد: غضبًا وحزنًا) [[ذكرته كتب التفسير بدون نسبة انظر: "الكشف والبيان" 3/ 385 ب، و"المحرر الوجيز"، 9/ 233، و"معالم التنزيل" 5/ 144، و"زاد المسير" 5/ 105، و"الكشاف" 2/ 473، و"تفسير القرآن العظيم" 3/ 81.]]. وقال الزجاج: (والأسف: المبالغة في الحزن والغصب) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 269.]]. وذكرنا الكلام في هذا عند قوله: (غضبان أسفًا) في سورة الأعراف. وانتصابه يجوز أن يكون على المصدر، ودل ما قبله من الكلام على أنه تأسف، ويجوز أن يكون مفعولاً له أي: للأسف، كقولهم: جئتك ابتغاء الخير [[انظر: "الكشاف" 3/ 380، و"البحر المحيط" 6/ 98، و"الدر المصون" 7/ 443، و"إعراب القرآن" للنحاس 2/ 266، و"إملاء ما من به الرحمن" 1/ 394.]]. وقال الزجاج: (﴿أَسَفًا﴾ منصوب؛ لأنه مصدر في موضع الحال) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 268.]]. وفي هذه الآية إشارة إلى نهي النبي -ﷺ- عن كثرة الحرص على إيمان قومه حتى يؤدي ذلك إلى هلاك نفسه بالأسف، والفاء في قوله: ﴿فَلَعَلَّكَ﴾ جواب الشرط، وهو قوله: ﴿إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا﴾ قدّم عليه، ومعناه التأخير.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب