الباحث القرآني

وقوله سبحانه: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ هذه الآية تسلية للنبيّ ﷺ، والباخِعُ نَفْسَه هو مهلكها. قال ص: «لعلَّ» للترجِّي في المحبوب، وللإِشفاق في المحذور، وهي هنا للإِشفاق. انتهى. وقوله: عَلى آثارِهِمْ: استعارة فصيحةٌ من حيثُ لهم إِدبارٌ وتباعُدٌ عن الإِيمان فكأنهم من فرط إِدبارهم قَدْ بَعُدُوا، فهو في آثارهم يحزَنُ عليهم. وقوله: بِهذَا/ الْحَدِيثِ، أي: بالقرآن، «والأسف» المبالغة في حزنٍ أو غضبٍ، وهو في هذا الموضع الحزنُ لأنه على مَنْ لا يملك، ولا هو تحت يدِ الآسِفِ، ولو كان الأَسَفُ من مقتدرٍ على من هو في قبضته ومِلْكه، لكان غضباً، كقوله تعالى: فَلَمَّا آسَفُونا [الزخرف: 55] أي: أغضبونا. قال قتادة: أَسَفاً: حُزْناً [[أخرجه الطبري (8/ 177- 178) برقم: (22873) ، وذكره ابن عطية (3/ 496) ، وابن كثير (3/ 72) ، والسيوطي (4/ 382) ، وعزاه لعبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.]] . وقوله سبحانه: إِنَّا جَعَلْنا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها ... الآية: بسط في التسلية، أي: لا تهتمَّ بالدنيا وأهلها، فإن أمرها وأمرهم أقلُّ لفناء ذلك وذهابه، فإِنا إِنما جعلنا ما على الأرض زينةً وامتحاناً واختباراً، وفي معنى هذه الآية قوله ﷺ: «الدّنيا حلوة خضرة، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالى مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَنَاظِرٌ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيا واتقوا النِّسَاءَ» [[أخرجه مسلم (4/ 2098) كتاب «الرقائق» باب: أكثر أهل الجنة الفقراء، حديث (99/ 2742) ، والترمذي (4/ 483) كتاب «الفتن» باب: ما جاء ما أخبر النبي ﷺ أصحابه بما هو كائن إلى يوم القيامة، حديث (2191) ، وابن ماجه (2/ 1325) كتاب «الفتن» باب: فتنة النساء، حديث (4000) ، وأحمد (3/ 19، 22، 46) ، وأبو يعلى (2/ 352- 353) برقم: (1101) ، وابن حبان (3221) من حديث أبي سعيد الخدري.]] لِنَبْلُوَهُمْ أي: لنختبرهم، وفي هذا وعيدٌ مَّا. قال سفيانُ الثَّوْريُّ: أحسنهم عملاً: أزهدهم فيها [[ذكره ابن عطية (3/ 497) ، والسيوطي (4/ 383) ، وعزاه لابن أبي حاتم.]] ، وقال أبو عاصم العَسْقَلاَنِيُّ: أَحْسَنُ عَمَلًا. الترك لها [[أخرجه الطبري (8/ 178) برقم: (22878) ، وذكره ابن عطية (3/ 497) .]] . قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 497) .]] : وكان أبي رحمه اللَّه يقولُ: أحسن العَمَلِ: أخْذٌ بحقٍّ، وإِنفاقٌ في حقٍّ، وأداء الفرائض، واجتناب المحارِمِ، والإِكثار من المندوب إِليه. وقوله سبحانه: وَإِنَّا لَجاعِلُونَ مَا عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً أي: يرجع ذلك كُّله تراباً، «والجُرُز» : الأرض التي لا شيء فيها مِنْ عمارةٍ وزينةٍ، فهي البَلْقَعُ، وهذه حالة الأرض العَامِرَةِ لا بُدَّ لها من هذا في الدنيا جزءاً جزءاً من الأرض، ثم يعمُّها ذلك بأجمعها عند القيامة، و «الصعيدُ» وجْه الأرض، وقيل: «الصّعيد» : التراب خاصّة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب