الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ﴾ قال أبو علي الجرجاني: (ليكون بينهم تساؤل وتنازع واختلاف في مدة لبثهم) [[ذكر نحوه بلا نسبة الرازي "التفسير الكبير" 21/ 102، والطبرسي في "مجمع == البيان" 6/ 705، وقال الشوكاني في "فتح القدير" 3/ 293: ليقع التساؤل بينهم والاختلاف والتنازع في مدة اللبث لما يترتب على ذلك من انكشاف الحال وظهور القدرة الباهرة، والاقتصار على علة التساؤل لا ينفي غيرها، وإنما أفرده لاستتباعه لسائر الآثار.]]. ﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ﴾ قال ابن عباس: (يريد كم لنا منذ دخلنا الكهف) [[ذكره "زاد المسير" 5/ 120، و"التفسير الكبير" 11/ 103 بدون نسبة.]]. ﴿قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ قال المفسرون: (إنهم دخلوا الكهف غدوة، وبعثهم الله في آخر النهار، لذلك قالوا: ﴿يَوْمًا﴾ فلما رأوا الشمس قالوا: ﴿أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾، وكان قد بقيت من النهار بقية) [["النكت والعيون" 3/ 293، و"معالم التنزيل" 5/ 159، و"زاد المسير" 5/ 120، و"الجامع لأحكام القرآن" 10/ 375.]]. ﴿قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ﴾ قال ابن عباس: (يرد تمليخا رئيسهم رد علم ذلك إلى الله) [["معالم التنزيل" 5/ 159، و"زاد المسير" 5/ 120، و"التفسير الكبير" 11/ 103.]]، ﴿فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ﴾، الورق: اسم للدراهم. وقال أبو عبيدة: (الفضة كانت مضروبة دراهم أو لا) [[ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" (ورق) 4/ 3874.]]؛ يدل على هذا ما روي: (أن عرفجة [[عرفجة بن أسعد بن كريب، وقيل: ابن صفوان التيمي، العطاردي، أحد أصحاب النبي -ﷺ-، أصيب أنفه يوم الكلاب بالجاهلية، وكان من أهل البصرة، روى عنه ابنه طرفة، وابن ابنه عبد الِرحمن. انظر: "أسد الغابة" 3/ 518، و"الاستيعاب" 3/ 1062، و"الإصابة" 2/ 467، و"تهذيب التهذيب" 7/ 176.]] اتخذ أنفًا من ورق) [[أخرجه أبو داود في "سننه" كتاب: الخاتم، باب: ما جاء في ربط الأسنان == بالذهب 4/ 434، والترمذي في "جامعه" كتاب: اللباس، باب: ما جاء في شد الأسنان بالذهب 4/ 211 وقال: هذا حديث حسن غريب. والنسائي في "سننه" كتاب: الزينة، باب: من أصيب أنفه هل يتخذ أنفًا من ذهب 8/ 163، والإمام أحمد في "مسنده" 4/ 342، وابن الأثير في "جامع الأصول" كتاب: الزينة، فصل: في أنواع من الحلي متفرقة 4/ 731، وابن حجر في "الكافي الشاف" ص 103.]]. وفيه لغات: وَرِق، وَوَرْق، وَوِرْق، مثل كَبِد، وكَبْد، وكِبْد، ذكر ذلك الفراء والزجاج [["معاني القرآن" للفراء 2/ 137، و"معاني القرآن" للزجاج 3/ 275.]]. وكسر الواو أردؤها. ويقال أيضًا: للورق: الرِّقَة، قال الأزهري: (أصله: وِرْقَة، مثل: صِلَة وعِدَة) [["تهذيب اللغة" (ورق) 4/ 3876، و"إعراب القرآن" للنحاس 2/ 270.]]. وإنما قال هذه؛ لأنه عني بالورق الدراهم أو الفضة. قال ابن عباس: (وكانت معهم دراهم عليها صورة الملك الذي كان في زمانهم، فهربوا منه) [[ذكرته كتب التفسير بلا نسبة انظر: "جامع البيان" 15/ 216، و"الجامع لأحكام القرآن" 15/ 375، و"التفسير الكبير" 11/ 103.]]. ويعني بالمدينة: دقسوس، وهي مدينتهم، ويقال: هي اليوم طرسوس [[طَرَسوس: بفتح أوله وثانيه وسينين مهملتين بينهما واو ساكنة: عجمية رومية، وهي في الإقليم الرابع، وقالوا: سميت بـ (طرسوس بن الروم بن اليفز بن سام بن نوح)، وقيل: إن مدينة طرسوس أحدثها سليمان كان خادمًا للرشيد في سنة نيف وتسعين ومائة، وهي مدينة بثغور الشام بين أنطاكية وحلب وبلاد الروم. انظر: "معجم البلدان" 4/ 28، و"تهذيب الأسماء واللغات" 3/ 152.]]. وقوله تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا﴾ قال عطاء عن ابن عباس: (يريد: أحل الذبائح) [["زاد المسير" 5/ 121، و"الجامع لأحكام القرآن" 10/ 375، و"الدر المنثور" 4/ 392، و"البحر المحيط" 6/ 111.]]. وهو قول سعيد بن جبير [["جامع البيان" 15/ 223، و"تفسير القرآن" للصنعاني 4/ 400، و"زاد المسير" 5/ 185.]]، واختيار الفراء [["معاني القرآن" للفراء 2/ 137.]]. قالوا: لأن عامة بلدهم كانوا مجوسًا، وفيهم قوم يخفون إيمانهم. وقال مجاهد: (أيها أحل، وكان لهم ملك غشوم يظلم الناس في طعامهم وأسواقهم، فقالوا لصاحبهم: لا تبتع طعامًا فيه ظلم ولا غصبًا) [["زاد المسير" 5/ 122، و"البحر المحيط" 6/ 11، و"التفسير الكبير" 11/ 103.]]. وذكر أبو إسحاق القولين جميعًا وقال: (الآية من باب حذف المضاف؛ لأن المعنى: أي أهلها أزكى طعامًا، أي: أحل، إما من جهة أنه ذبيحة مؤمن، وإما من جهة أنه لا غصب فيه، هذا معنى قوله. قال: و ﴿أَيُّهَا﴾ رفع بالابتداء، و ﴿أَزْكَى﴾ خبره، و ﴿طَعَامًا﴾ منصوب على التمييز) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 276.]]. وقوله تعالى: ﴿وَلْيَتَلَطَّفْ﴾ قال ابن عباس: (يريد يكون ذلك في ستر وكتمان) [[ذكره البغوي في "معالم التنزيل" 5/ 160 بدون نسبة.]]، يعني دخول المدينة وشراؤه الطعام، ومعنى ﴿وَلْيَتَلَطَّفْ﴾: وليدقق النظر وليحتل حتى لا يطلع عليه. وقوله تعالى: ﴿وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا﴾ قال ابن عباس: (يريد لا يخبرن بكم، ولا بمكانكم أحدًا من أهل المدينة) [[ذكره "جامع البيان" بدون نسبة 15/ 224، وكذلك "الجامع لأحكام القرآن" 10/ 375، و"التفسير الكبير" 11/ 103.]]. وقال أبو إسحاق: (أي إن ظهر عليه فلا يوقعن إخوانه فيما يقع فيه) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 276.]]. وهذا خلاف ما ورد في التفسير، فقد ذكر السدي وغيره: (أن الرسول خرج من عندهم وقد أخذ عليه المواثيق، لئن أخذت لتدلن علينا ولا تستأثر بالشهادة) [[ذكر نحوه الثعلبي في "الكشف والبيان" 3/ 389 أ.]]؛ وهذا أليق بحالهم مما ذكره أبو إسحاق. والمعنى ما قاله ابن عباس، أنه لا يتولى إعلام أحد، ثم إن عرف واحد دل على أصحابه ليشاركوه في الشهادة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب