الباحث القرآني

﴿وَكَذَلِكَ بَعَثْناهُمْ﴾ وكَما أنَمْناهم تِلْكَ النَوْمَةَ كَذَلِكَ أيْقَظْناهم إظْهارًا لِلْقُدْرَةِ عَلى الإنامَةِ والبَعْثِ جَمِيعًا ﴿لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ﴾ لِيَسْألَ بَعْضُهم بَعْضًا ويَتَعَرَّفُوا حالَهم وما صَنَعَ اللهُ بِهِمْ فَيَعْتَبِرُوا ويَسْتَدِلُّوا عَلى عِظَمِ قُدْرَةِ اللهِ ويَزْدادُوا يَقِينًا ويَشْكُرُوا ما أنْعَمَ اللهُ بِهِ عَلَيْهِمْ ﴿قالَ قائِلٌ مِنهُمْ﴾ رَئِيسُهم ﴿كَمْ لَبِثْتُمْ﴾ كَمْ مُدَّةُ لُبْثِكم ﴿قالُوا لَبِثْنا يَوْمًا أوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ جَوابٌ مَبْنِيٌّ عَلى غالِبِ الظَنِّ وفِيهِ دَلِيلٌ عَلى جَوازِ الِاجْتِهادِ والقَوْلِ بِالظَنِّ الغالِبِ ﴿قالُوا رَبُّكم أعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ﴾ بِمُدَّةِ لُبْثِكم، إنْكارٌ عَلَيْهِمْ مِن بَعْضِهِمْ كَأنَّهم قَدْ عَلِمُوا بِالأدِلَّةِ أوْ بِإلْهامٍ أنَّ المُدَّةَ مُتَطاوِلَةٌ وأنَّ مِقْدارَها لا يَعْلَمُهُ إلّا اللهُ، ورُوِيَ: أنَّهم دَخَلُوا الكَهْفَ غَدْوَةً وكانَ انْتِباهُهم بَعْدَ الزَوالِ فَظَنُّوا أنَّهم في يَوْمِهِمْ فَلَمّا نَظَرُوا إلى طُولِ أظْفارِهِمْ وأشْعارِهِمْ قالُوا ذَلِكَ وقَدِ اسْتَدَلَّ ابْنُ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُما - عَلى أنَّ الصَحِيحَ أنَّ عَدَدَهم سَبْعَةٌ، لِأنَّهُ قَدْ قالَ في الآيَةِ ﴿قالَ قائِلٌ مِنهم كَمْ لَبِثْتُمْ﴾ وهَذا واحِدٌ وقالُوا في جَوابِهِ "لَبِثْنا يَوْمًا أوْ بَعْضَ يَوْمٍ وهو جَمْعٌ وأقْلُّهُ ثَلاثَةٌ ثُمَّ قالَ ﴿رَبُّكم أعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ﴾ وهَذا (p-٢٩٢)قَوْلُ جَمْعٍ آخَرِينَ فَصارُوا سَبْعَةً ﴿فابْعَثُوا أحَدَكُمْ﴾ كَأنَّهم قالُوا رَبُّكم أعْلَمُ بِذَلِكَ لا طَرِيقَ لَكم إلى عِلْمِهِ فَخُذُوا في شَيْءٍ آخَرَ مِمّا يُهِمُّكم فابْعَثُوا أحَدَكم أيْ: تَمْلِيخا ﴿بِوَرِقِكُمْ﴾ هي الفِضَّةُ مَضْرُوبَةً كانَتْ أوْ غَيْرَ مَضْرُوبَةٍ وبِسُكُونِ الراءِ أبُو عَمْرٍو وحَمْزَةُ وأبُو بَكْرٍ ﴿هَذِهِ إلى المَدِينَةِ﴾ هي طَرْسُوسُ، وحَمْلُهُمُ الوَرِقَ عِنْدَ فِرارِهِمْ دَلِيلٌ عَلى أنَّ حَمْلَ النَفَقَةِ وما يَصْلُحُ لِلْمُسافِرِ هو رَأْيُ المُتَوَكِّلِينَ عَلى اللهِ دُونَ المُتَّكِلِينَ عَلى الِاتِّفاقاتِ وعَلى ما في أوْعِيَةِ القَوْمِ مِنَ النَفَقاتِ، وعَنْ بَعْضِ العُلَماءِ أنَّهُ كانَ شَدِيدَ الحَنِينِ إلى بَيْتِ اللهِ ويَقُولُ ما لِهَذا السَفَرِ إلّا شَيْئانِ شَدُّ المَحْمِيّانِ والتَوَكُّلُ عَلى الرَحْمَنِ ﴿فَلْيَنْظُرْ أيُّها﴾ أيُّ أهْلِها، فَحُذِفَ كَما في ﴿واسْألِ القَرْيَةَ﴾ [يوسف: ٨٢] وأيُّ مُبْتَدَأٌ وخَبَرُهُ ﴿أزْكى﴾ أحَلُّ وأطْيَبُ وأكْثَرُ وأرْخَصُ ﴿طَعامًا﴾ تَمْيِيزٌ ﴿فَلْيَأْتِكم بِرِزْقٍ مِنهُ ولْيَتَلَطَّفْ﴾ ولْيَتَكَلَّفِ اللُطْفَ فِيما يُباشِرُهُ مِن أمْرِ المُبايَعَةِ حَتّى لا يُغْبَنَ أوْ في أمْرِ التَخَفِّي حَتّى لا يُعْرَفَ ﴿وَلا يُشْعِرَنَّ بِكم أحَدًا﴾ ولا يَفْعَلَنَّ ما يُؤَدِّي إلى الشُعُورِ بِنا مِن غَيْرِ قَصْدٍ مِنهُ فَسَمّى ذَلِكَ إشْعارًا مِنهُ بِهِمْ، لِأنَّهُ سَبَبٌ فِيهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب