الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وقُرئ ﴿رُبَمَا﴾ بالتخفيف، قال السُّكّري [[الحسن بن الحسين بن العلاء، أبو سعيد النحويّ اللغويّ، المعروف بابن السكري، أخذ عن أبي حاتم السجستاني، والرياشي، كان راوية للبصريين، وكان ثقة ديناً صادقاً، له: كتاب "الوحوش"، وكتاب "النبات"، و"أشعار هذيل" مات سنة 275 هـ، وقيل (290 هـ)، وكان مولده سنة (202 هـ) انظر: "طبقات النحويين واللغويين" ص 183. "الفهرست" ص 217، "نزهة الألباء" ص 160، "البلغة" ص 296، "البغية" 1/ 502.]]: ربّما وربتما ورُبّ، حرف جر عند سيبويه [[انظر: "الكتاب" باب الجر 1/ 419.]]، ويلحقها (ما) على وجهين: أحدهما: أن تكون نكرة بمعنى شيء، وذلك كقوله:
رُبَّما تَكْرَهُ النُّفُوسُ مِنَ الأمْرِ ... لها فَرْجةٌ كَحَلِّ العِقَالِ [["ديوان أمية بن أبي الصلت" ص 444 وفيه: (تجزع) بدل (تكره)، وورد البيت في "الكتاب" 2/ 109، 315، "اللسان" (فرج) 6/ 3369، "الخزانة" 6/ 108، 10/ 9، وورد غير منسوب في "البيان والتبيين" 3/ 224 برواية (تجزع)، "المقتضب" 1/ 42، "جمهرة اللغة" 1/ 463، "إيضاح الشعر" ص295، 445، "معاني الحروف" للرماني ص 156، "تفسير الطوسي" 6/ 314 برواية (تجزع)، "أمالي ابن الشجري" 2/ 554، "أساس البلاغة" 2/ 191 (فرج)، "تفسير ابن عطية" 8/ 277 "تفسير ابن الجوزي" 4/ 382 برواية "تجزع"، "إنباه الرواة" 4/ 134، "شرح المفصل" 3/ 4، "تفسير أبي حيان" 5/ 443، "همع الهوامع" 1/ 22، 316، "شرح الأشموني" 1/ 192، (الفَرجة) بالفتح قيل: الراحة من حزن أو مرض، و (الفُرجة) بالضم: الخلل بين الشيئين، (العقال) بالكسر: الحبل الذي يشد به قوائم الإبل، والمعنى: ربّ شيء تكرهه النفوس من الأمور الحادثة الشديدة، وله فَرجة سهلة سريعة تعقب الضيقَ والشدة؛ كحل عقال الدابة.]]
فـ (ما) في هذا البيت اسم لما يُقَدَّر من عَوْد الذكر إليه من الصفة، المعنى: رب شيء تكره النفوس، وإذا عاد إليها الهاء كان اسمًا ولم يجز أن يكون الحرف [[ورد في "تفسير الطوسي" 6/ 460 بنصه.]]، كما أن قوله سبحانه ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ﴾ [المؤمنون: 55] ما عاد الذكر إليه علمت بذلك أنه اسم، ويدلك على أن (ما) قد تكون اسمًا إذا وقعت بعد رب وقوع (من) بعدها [[في جميع النسخ: (بحدها)، والمثبت هو الصحيح، وموافق للمصدر.]] في نحو قوله [[هو عمرو بن قميئة جاهلي.]]: يا رُبَّ مَن يُبْغِضُ أذْوادَنا ... رُحْنَ على بَغْضائِه واغْتدَيْنْ [[ملحقات "ديوانه" ص 81، وورد في: "الكتاب" 2/ 108، "الأزهية" ص 101، "أمالي ابن الشجري" 3/ 219،64، وورد بلا نسبة في: "الحيوان" 3/ 466، "المقتضب" 1/ 41، "المسائل البغداديات" ص 566 (صدره)، "تفسير الفخر الرازي" 19/ 152، "شرح المفصل" 4/ 11، "معجم الشعراء" ص 27 وقد نسبه إلى عمرو بن لأي جاهلي. (الأذواد)، جمع ذود، وهو القطيع من الإبل ما بين الثلاث إلى الثلاثين، يعني أنهم أعزاء لا يستطيع أحد صد إبلهم عن مرعى، مما لهم من قوة ومنعة، (اغتدين) غدا يغدُو غدْوًا وغُدواً، واغتدى: بكَّر، والاغْتداء، الغُدُوُّ. "اللسان" (غدو) 6/ 3221.]]
وكما دخلت على (مَنْ) وكانت نكرة، كذلك تدخل على (ما) فهذا ضرب، والضرب الآخر: أن تدخل (ما) كافة، نحو الآية، والنحويون يسمّون (ما) هذه الكافة؛ يريدون أنها بدخولها كفت الحرفَ عن العمل الذي كان له، وهيأته لدخوله على ما لم يدخل عليه، ألا ترى أن (رب) إنما تدخل على الاسم المفرد؛ نحو: رب رجل يقول ذلك، ولا تدخل على الفعل، فلما دخلت (ما) عليها هيأتها للدخول على الفعل كهذه الآية [["الحجة للقراء" 5/ 36 وهو نقل طويل مع اختصار يسير، وانظر: "تفسير الطوسي" 6/ 314، الفخر الرازي 19/ 152.]]، فإن قيل لم قال: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ﴾ فجاء بعد ربما بفعل مستقبل، وسبيلها أن يأتي بعدها الماضي كما يقال: ربما قصدني عبد الله، ولا يكاد يستعمل المستقبل بعدها؟ قال ابن الأنباري: المستقبل في هذا بمنزلة الماضي، وإنما جاز الماضي هاهنا وهو لأمر لم يأت؛ لأن القرآن نَزَّل وعده ووعيده وما كان فيه كأنه عيان، فجرى الكلام فيما لم يكن منه كمجراه في الكائن، ألا ترى إلى قوله: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا﴾ [سبأ: 51] كأنه ماضٍ وهو منتظَر؛ لصدقه، وكذلك قوله: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ [التكوير: 1] وقوله تعالى: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ﴾ [الأعراف: 44] وهذا معنى قول الفراء في هذه الآية [["معاني القرآن" للفراء 2/ 82.]]، وقال أبو علي الفارسي: إنما وقع ﴿يَوَدُّ﴾ في الآية على لفظ المضارع؛ لأنه حكايته لحال آتية، كما أن قوله: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ﴾ [النحل: 124] حكايته لحال آتية أيضًا، ومن حكايته الحال قول القائل [[منسوب لرؤبة وهو في ملحقات "ديوانه" ص 176 وروايته:
لقد أتى في رمضان الماض ... جارية في درعها الفضفاضِ
تُقطّعُ الحديث بالإيماض ... أبيض من أختِ بني إباضِ]]:
جَارِيةٌ في رَمَضَانَ الماضِي ... تُقَطِّعُ الحَدِيثَ بالإيمَاضِ [[ورد غير منسوب في: "تفسير الطوسي" 6/ 314، "غرائب التفسير" 1/ 585، "الفريد في إعراب القرآن" 3/ 185 "اللسان" (رمض) 3/ 1730، "الخزانة" 1/ 156، "الإنصاف" ص 124 برواية:
جارية في درعها الفَضْفَاض
والمعنى أن القوم كانوا يتحدثون فأومضت امرأة فتركوا الحديث واشتغلوا بالنظر إليها لبراعة جمالها.]]
قال ومن زعم أن الآية على إضمار (كان) وتقديره: ربما كان يود الذين كفروا، فقد خرج بذلك عن قول سيبويه [[لأن هذا ليس من مواضع إضمار كان عنده؛ فكان لا تضمر عنده إلا حيث يكون حذف مقتضيها، وفي موضع تقوى الدلالة عليها. ذكره المنتجب في "الفريد في إعراب القرآن" 3/ 185، وانظر: "تفسير أبي حيان" 5/ 444.]]، ألا ترى (كان) لا تُضمر عنده، ولم يُجِزْ: وعبد الله المقتول، وأنت تريد: كن عبد الله المقتول، قال: ويجوز أن يكون (ما) في هذه الآية صفة بمنزلة شيء، و ﴿يَوَدُّ﴾ صفة له؛ وذلك أن (ما) لعمومها تقع على كل شيء، فيجوز أن يعني بها الودّ؛ كأنه في هذا الوجه أيضًا حكاية حال، ألا ترى أنه لم يكن بَعْدُ، انتهى كلامه. [["الحجة للقراء" 5/ 39 بنصه.]] وقد تلي (ربما) الأسماءُ، وكذلك (ربتما)، أنشد ابن الأعرابي [[والبيت لضمرة بن ضمرة النهشلي (جاهلي).]]:
ماويَّ يَا ربَّتَما غارةٍ ... شَعْواءَ كاللَّذْعةِ بالِمِيسمَ [[ورد البيت منسوباً في: "نوادر أبي زيد" ص 253، "المعاني الكبير" 2/ 1005، "الخزانة" 9/ 384. وورد غير منسوب في "تهذيب اللغة" (ماء) 9/ 3314، 9/ 3814 (رب) 2/ 1339، (موا) 4/ 3467، "الحجة للقراء" 5/ 35، "الإنصاف" ص90، "شرح المفصل" 8/ 31، "أمالي ابن الشجري" 2/ 413، "اللسان" (ربب) 3/ 1552، "الخزانة" 11/ 196، ورواية "النوادر والمعاني" و"الحجة" و"الأمالي": (بل ربتما). (ماويّ): أراد ماويّ؛ من أسماء النساء، فرخَّم، (الشعواء) الغارة الكثيرة المنتشرة؛ أراد الخيل التي تغير، (المِيسم) ما يوسم به البحير بالنار.]]
وإن قيل لِمَ [[في (أ)، (د): (لو)، والمثبت من (ش)، (ع) وهو الصحيح لاستقامة المعنى به.]] لَمْ تكف (ما) (رب) عن العمل كما كفت (إنّ) في قولك: إنما الله، وإنما زيد؟! قيل الفرق بينهما أن (إنّ) حرف الابتداء، فلما سُلب العمل بالكف لم يبق للجملة معنى سوى الابتداء، وحق الابتداء الرفع، ومعنى (رب) وهو التقليل موجود في الاسم كل حال، دخل عليه (ما) أو لم يدخل فتبَيَّن أثره في الاسم، فأما قراءة من قرأه ﴿رُبَمَا﴾ بالتخفيف [[هما نافع وعاصم. انظر: "السبعة" ص 366، "إعراب القراءات السبع" 1/ 339، "علل القراءات" 1/ 293، "الحجة للقراء" 5/ 35.]]؛ فلأنه حرف مضاعف، والحروف المضاعفة قد تحذف نحو: إنّ، وأنّ، ولكنّ، قد حذف [[في جميع النسخ: (خفف)، والمثبت هو الصحيح لاستقامة الكلام، وموافقة المصدر.]] كل واحد من هذه الحروف، وليس كل المضاعف يحذف نحو (ثُمَّ)، لم يُحك فيه الحذف [[ورد في "الحجة للقراء" 5/ 41 بنصه، وانظر: "تفسير الطوسي" 6/ 316.]]، قال أبو إسحاق: العرب تقول: رُبّ رجلٍ جاءني، ويخففون فيقولون: رُبَ رَجُلٍ، وأنشد [[للحادرة أو الحويدرة؛ واسمه قطبة بن أوس الذبياني (جاهلي).]]:
أَسُمَيَّ ما يُدْرِيكِ أن رُبَ فِتْية ... بَاكَرْتُ لذَّتَهُمْ بِأدْكَنَ مُتْرَعِ [["ديوان الحادرة" ص 56، وورد في "المفضَّليات" ص 46، "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 171، "علل القراءات" 1/ 293، "شرح اختيارات المفضل" 1/ 225، وورد بلا نسبة في "إعراب القراءات السبع" وعللها 1/ 340وفيه: (سُخرتهم) بدل (لذتهم)، "المُنصف" (3/ 129) وفيه: (ما أدراك)، وفي الديوان وجميع المصادر ما عدا علل القراءات بدايته برواية: (فَسُمَيَّ)، وهو تَرْخيم سُمَيَّة. (باكرتُ لذتهم) أسرعت إليهم لأمتعهم، (الأدكن المترع) الزِّق المليء بالخمر.]]
ويسكنون أيضًا في التخفيف فيقولون: رُبْ رَجُلٍ، وأنشد بيت الهذلي:
أزُهَيْرُ إن يَشِبِ القَذَالُ فإنني [[في جميع المصادر - ما عدا الديوان والزجاج والطوسي وابن الجوزي (فإنه).]] ... رُبَ هَيْضلٍ مَرِسٍ لَفَفْتُ بِهَيْضَلِ [["شرح أشعار الهذليين" ص 1070، وورد في "تفسير الطوسي" 6/ 316، "أمالي ابن الشجري" 3/ 48، إيضاح شواهد الإيضاح 1/ 287، "تفسير ابن الجوزي" 4/ 380، "الخزانة" 9/ 537، وورد غير منسوب في: "المحتسب" (ع) 2/ 343، "أمالي ابن الشجري" 2/ 179، "الإنصاف" ص 247، "شرح المفصل" 8/ 31، "الممتع في التصريف" 2/ 627، "المقّرِب" 8/ 200، "رصف المباني" ص 141، 270، "الخزانة" 9/ 535، وفي الديوان وجميع المصادر - ما عدا "تفسير ابن == الجوزي" و"المقرب" و"الرصف" و"الخزانة"- برواية (لَجِبٍ) بدل (مَرِسٍ) ولا يختلف المعنى. (زهير) مرخَّم زهيرة، وهي ابنته، (القذال) ما بين الأذن والقفا، (مَرِسٍ) ذو مَرَاسَة وشدة، (لَجِبٍ) من قولهم جيشٌ لجب؛ عرمرم، ذو جَلَبة وكثرة.]] والهيضل جماعة متسلِّحة، قال ويقولون: رُبَّتْ بسكون التاء، ورَبَّت بفتح الراء، ومثله: رَبَّ ورُبَمَا ورَبَّتَمَا، حكى ذلك قطرب [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 171 بتصرف يسير.]]، قال أبو على: من الحروف ما دخل عليه حرف التأنيث نحو: ثُمَّ ثمَّت، ولا ولات [["الحجة للقراء" 5/ 41 بنصمي]]، فأمّا معنى الآية فهو ما رواه أبو موسى أن النبيّ ﷺ قال: "إذا كان يوم القيامة واجتمع أهل النار في النار، ومعهم من شاء الله من أهل القلبة، قال الكفار لهم: ألستم مسلمين؟ قالوا: بلى، قالوا فما أغنى عنكم إسلامكم وقد صرتم معنا في النار؟ فيغضب الله لهم بفضل رحمته فيأمر بكل من كان من أهل القبلة في النار فيخرجون منها فحينئذ ﴿يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ وقرأ رسول الله ﷺ هذه الآية" [[أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" 2/ 405 بنحوه، والطبري في "تفسيره" 14/ 2 بنحوه، والحاكم في "المستدرك" 2/ 242 بنحوه، وصححه ووافقه الذهبي، والبيهقي في "البعث" ص 91، وأورده ابن كثير في "تفسيره" 2/ 600 - 601 وعزاه إلى الطبراني لم أقف عليه وابن أبي حاتم، وأوده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 45، قال وفيه خالد بيت نافع الأشعري، قال عنه أبو داود: متروك، وبقية رجاله ثقات، وأورده السيوطي في "الدر" 4/ 172 وزاد نسبته إلى ابن مردويه، وورد دون سند في "تفسير البغوي" 4/ 367 - 368، وابن الجوزي 4/ 380، والفخر الرازي 19/ 154 وهذا الحديث يدور على خالد بن نافع الأشعري، وهو ضعيف بل قال عنه أبو داود متروك، ولم يوافق الذهبي على تركه، وقال: هذا تجاوز فلا يستحق == الترك وقد حدث عنه أحمد ومسدد "الميزان" 2/ 166، ومع ذلك فالحديث ضعيف بهذا الإسناد؛ لضعف خالد الأشعري، لكن له شواهد عن ابن عباس وأنس رضي الله عنهما لذلك صحح الألباني الحديث في تحقيقه لكتاب "السنة" لابن أبي عاصم 2/ 406.]] وعلى هذا أكثر المفسرين؛ أبو العالية ومجاهد والسدي ومقاتل وغيرهم، قالوا: أنزلت في تمني الكفار الإسلام عند خروج من يخرج من النار من أهل الإسلام [["تفسير مجاهد" ص 339 مختصرًا، وأخرجه عبد الرزاق 2/ 345 بنحوه عن مجاهد، والطبري 14/ 3 بمعناه عن مجاهد وأبي العالية، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 7 عن مجاهد، "تفسير السمرقندي" 2/ 214 عن مجاهد وأبي العالية، "الطوسي" 6/ 317 عن مجاهد، "تفسير ابن الجوزي" 4/ 381 عن مجاهد وأبي العالية، وابن كثير 2/ 600 - 601 عن مجاهد وأبي العالية، ولم أقف على القول في تفسير مقاتل ولا منسوباً إليه ولا إلى السدي.]]، قال حماد [[حمّاد بن سلمة بن دينار البصري، أبو سلمة، أحد الأعلام، ثقة عابد، روى عن قتادة وابن أبي مليكة وثابت، وروى عنه ابن المبارك ووكيع وابن مهدي، قال ابن معين: إذا رأيت من يقع فيه فاتهمه على الإسلام، مات سنة (167هـ)، "الجرح والتعديل" 3/ 140، "الكاشف" 1/ 349، "تقريب التهذيب" ص 178 رقم (1499).]]: سألت إبراهيم عن هذه الآية فقال: إن الكفار يقولون لأهل التوحيد ما أغنى عنكم لا إله إلا الله، فيأمر الله الملائكة والنبيين فيشفعون لهم، فيخرجهم من النار [[أخرجه عبد الرزاق 2/ 345 بنحوه، و"الطبري" 14/ 5 بنصه وبنحوه بعدة روايات، وورد بنحوه في: "معاني القرآن" للنحاس 4/ 7، "تفسير السمرقندي" 2/ 214، "تفسير ابن الجوزي" 4/ 381.]]، ونحو هذا قال ابن عباس في رواية عطاء [[أخرجه ابن المبارك في "الزهد" ص 558، والطبري 14/ 5، والبيهقي في البعث ص 89، كلهم من طريق القاسم بن الفضل، "تفسير ابن الجوزي" 4/ 381، "الدر المنثور" 4/ 172 وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر.]]، وروى مجاهد عن ابن عباس قال: مايزال [[في (أ)، (د): (ما أنزل)، والمثبت من (ش)، (ع) وهو الصحيح.]] الله تعالى يرحم ويدخل الجنّة ويشفع حتى يقول: من كان من المسلمين فليدخل الجنة، قال فذلك حين يقول: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الآية [["أخرجه الطبري" 14/ 5 بنصه، من طريق عطاء بن السائب "صحيحة"، وأورده الثعلبي 2/ 145 ب بنصه، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 2/ 351 وصححه، والبيهقي في "البعث والنشور" ص 89 بنصه، "تفسير ابن الجوزي" 4/ 381، الفخر الرازي 19/ 154، الشوكاني 3/ 124 وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وهناد السريّ وابن المنذر.]].
وقال الضحاك: إذا احتضر الكافر وعلم أنه صائر إلى جهنم ودَّ أنه كان مسلمًا [["أخرجه الطبري" 14/ 4 بنحوه، "تفسير البغوي" 4/ 367، وابن الجوزي 4/ 381، الفخر الرازي 19/ 154، "تفسير القرطبي" 10/ 2، والخازن 3/ 88.]]، قال الزجاج: والذي أراه والله أعلم، أن الكافر لما رأى حالاً من أحوال العذاب ورأى حالاً من أحوال المسلم، ودَّ لو كان مسلمًا [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 172 بنصه.]]. فإن قيل (رب) موضوعة للتقليل وهي في التقليل نظيرة [[في الجميع: (نظره)، والمثبت هو الصحيح وبه يستقيم المعنى.]] (كم) في التكثير، وإذا قال الرجل: ربما زارنا فلان، دلّ بربما على تقليل الزيارة، وتمني الكافر الإسلام يكثر ويتصل فلا يشاكله ربما؟
قال ابن الأنباري: هذا الكلام معناه من الله التهديد، والمعنى: أن هذا لو كان مما يتمنى مرة واحدة من الدهر لكانت المسارعة إليه عند الإمكان واجبة، فكيف والتمني له يتصل ويكثر [["تفسير ابن الجوزي" 4/ 382، وورد هذا المعنى في "تفسير الزمخشري" 2/ 310، والبيضاوي 1/ 267، وابن جزي 2/ 143.]]، وإنما خوطبت العرب في القرآن بما تعقله، والرجل يتهدَّدُ صاحبه فيقول له: لعلك ستنْدَمُ على فعلك، وهو لا يشك في أنه يندم، ويقول: ربما تندم على هذا، وهو يعلم أنه يندم كثيرًا، ولكن مجازه أن هذا لو كان يخاف منه ندم قليل، لكان تركه واجبًا، فكيف إذا لم يتيقن قلة الندم من جهته؟ والدليل على أن هذا ورد في التهدد قوله بعده: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا﴾ الآية، وهذا كله معنى قول الزجاج، قال: وجائز أن تكون أهوال القيامة تشغلهم عن التَّمَنّي، فإذا أفاقوا من سكرةٍ من سكراتِ العذاب ودّوا ذلك [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 172 بتصرف.]]، وعبَّر بعض أهل المعاني عن هذين الجوابين بعبارة وجيزة؛ فقال في الجواب الأول: التقليل أبلغ في التهدد، كما يقول: ربما ندمت على هذا، وهو يعلم أنه يندم ندمًا طويلًا أي: يكفيك قليلُ الندم فكيف كثيرُهُ، وقال في الجواب الثاني: إنه يشغلهم العذاب عن تمني ذاك إلا في القليل [["تفسير الفخر الرازي" 19/ 153، والخازن 3/ 88.]]، قال أبو إسحاق: ومن قال إن (رُبَّ) يُعْنَى بها الكثير، فهو ضد ما يعرفه أهل اللغة [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 173 بنصه.]].
{"ayah":"رُّبَمَا یَوَدُّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَوۡ كَانُوا۟ مُسۡلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق