الباحث القرآني

قوله تعالى ﴿قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ﴾ الموثق [[انظر: "تهذيب اللغة" 9/ 266.]]: مصدر بمعنى الثقة، ومعناه: العهد الذي يوثق به، فهو مصدر بمعنى المفعول، يقول: لن أرسله معكم حتى تعطوني عهدًا موثوقًا به. وقوله تعالى: ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ أي: عهدًا يوثق به من جهة إشهاد الله. أو القسم بالله، فالموثق من أنفسهم، وكلهم يؤكدون ذلك بإشهاد الله عليه، وبالقسم بالله عليه، فيوثق بذلك العهد من هذه الجهة. وقوله تعالى ﴿لَتَأْتُنَّنِي بِهِ﴾ دخلت اللام هاهنا لأن قوله ﴿تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ﴾ موثقًا من الله معناه اليمين أي: حتى تحلفوا بالله لتأتنني به. وقوله تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ﴾ قال عطاء عن ابن عباس [[ذكره الثعلبي 7/ 94 ب عن مقاتل، و"تنوير المقباس" ص 151 بنحوه.]]: يريد إلا أن يأتيكم من الله أمر غالب لا طاقة لكم به. وذكر المفسرون وأهل المعاني [[الطبري 16/ 163، الثعلبي 7/ 94 ب، البغوي 2/ 437، ابن عطية 9/ 336، "معاني القرآن" للنحاس 3/ 441، "معاني الفراء" 2/ 50.]] في هذا قولين أحدهما: أن قوله ﴿إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ﴾ معناه الهلاك. قال مجاهد [[الطبري 16/ 163، وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم 4/ 227 أ، وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 556، الثعلبي 7/ 94 ب، البغوي 2/ 437، ابن عطية 9/ 336، "زاد المسير" 4/ 253.]]: إلا أن تموتوا كلكم. وقال ابن إسحاق [[الطبري 16/ 164.]]: إلا أن يصبكم أمر يذهب بكم جميعًا فيكون ذلك عذرًا لكم عندي، والعرب تقول: أحيط بفلان: إذا دنا هلاكه، قال الله تعالى: ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ﴾ [الكهف: 42] أي أصابه ما أهلكه، وأصله أن ما أحاط به العدو أو ما يخافه انسدت عليه مسالك النجاة ودنا هلاكه، فقيل لكل ما هلك: قد أحيط به، القول الثاني: ما ذكره معمر عن قتادة [[الطبري 13/ 12، عبد الرزاق 2/ 325، البغوي 4/ 257، ابن عطية 8/ 21، القرطبي 9/ 225.]] ﴿إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ﴾ قال: إلا أن تغلبوا ولا تطيقوا الرجوع، وهذا اختيار الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 119.]] قال: معنى الإحاطة أن يحال بينهم وبينه فلا يقدرون على الإتيان به. وذكر ابن قتيبة [["مشكل القرآن وغريبه" ص 227.]] الوجهين جميعًا فقال: إلا أن تشرفوا على الهلكة، وتغلبوا، والذي ذكرنا عن ابن عباس يحتمل الوجهين جميعًا، والإحاطة بالشيء يتضمن الغلبة، وذكرنا بعض هذا في قوله: ﴿وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ﴾ [البقرة: 81]، وقوله تعالى: ﴿وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ﴾ [[يونس: 22، وقال هنالك: "قال أبو عبيدة والقتيبي "أي دنوا من الهلاك" وأصل هذا أن العدو إذا أحاط بقوم أو بلد فقد دنوا من الهلاك".]] قال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 119.]]: وموضع "أن" في قوله ﴿أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ﴾ نصب، والمعنى لتأتونني به إلا للإحاطة بكم، وهذا يسمى مفعولاً، وتقول: ما تأتيني إلا لأخذ الدراهم، وإلا أن يأخذوا الدراهم. وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ﴾ قال ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 253، و"تنوير المقباس" ص 152، وقال به الطبري 13/ 13، والثعلبي 7/ 94 ب.]]: يريد العهد. قال يعقوب: ﴿اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ﴾: يريد شهيد، وإنما جعل الوكيل بمعنى الشهيد؛ لأن الشهيد وكيل في معنى أنه موكول إليه القيام بما أشهد عليه. وقال ابن قتيبة [["مشكل القرآن وغريبه" ص 227.]]: كفيل.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب