الباحث القرآني
﴿قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكم حَتّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إلّا أنْ يُحاطَ بِكم فَلَمّا آتَوْهُ مَوْثِقَهم قالَ اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وكِيلٌ﴾ اشْتَهَرَ الإيتاءُ والإعْطاءُ وما يُرادُ بِهِما في إنْشاءِ الحَلِفِ لِيَطْمَئِنَّ بِصِدْقِ الحالِفِ غَيْرُهُ وهو المَحْلُوفُ لَهُ.
وفِي حَدِيثِ الحَشْرِ «فَيُعْطِي اللَّهَ مِن عُهُودٍ ومَواثِيقَ أنْ لا يَسْألَهُ غَيْرَهُ» . كَما أُطْلِقَ فِعْلُ الأخْذِ عَلى تَلَقِّي المَحْلُوفِ لَهُ لِلْحَلِفِ، قالَ تَعالى ﴿وأخَذْنَ مِنكم مِيثاقًا غَلِيظًا﴾ [النساء: ٢١] و﴿قَدْ أخَذَ عَلَيْكم مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ﴾ [يوسف: ٨٠] .
(p-١٩)ولَعَلَّ سَبَبَ إطْلاقِ فِعْلِ الإعْطاءِ أنَّ الحالِفَ كانَ في العُصُورِ القَدِيمَةِ يُعْطِي المَحْلُوفَ لَهُ شَيْئًا تَذْكِرَةً لِلْيَمِينِ مِثْلَ سَوْطِهِ أوْ خاتَمِهِ، أوْ أنَّهم كانُوا يَضَعُونَ عِنْدَ صاحِبِ الحَقِّ ضَمانًا يَكُونُ رَهِينَةً عِنْدَهُ. وكانَتِ الحَمالَةُ طَرِيقَةً لِلتَّوْثِيقِ فَشَبَّهَ اليَمِينَ بِالحَمالَةِ. وأثْبَتَ لَهُ الإعْطاءَ والأخْذَ عَلى طَرِيقَةِ المَكْنِيَّةِ، وقَدِ اشْتُهِرَ ضِدُّ ذَلِكَ في إبْطالِ التَّوْثِيقِ يُقالُ: رَدَّ عَلَيْهِ حِلْفَهُ.
والمَوْثِقُ: أصْلُهُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ لِلتَّوْثِيقِ، أُطْلِقَ هُنا عَلى المَفْعُولِ وهو ما بِهِ التَّوَثُّقُ، يَعْنِي اليَمِينَ.
ومِنَ اللَّهِ صِفَةٌ لِـ (مَوْثِقًا)، و(مِنَ) لِلِابْتِداءِ، أيْ مَوْثِقًا صادِرًا مِنَ اللَّهِ تَعالى. ومَعْنى ذَلِكَ أنْ يَجْعَلُوا اللَّهَ شاهِدًا عَلَيْهِمْ فِيما وعَدُوا بِهِ بِأنْ يَحْلِفُوا بِاللَّهِ فَتَصِيرُ شَهادَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ كَتَوَثُّقٍ صادِرٍ مِنَ اللَّهِ تَعالى بِهَذا الِاعْتِبارِ. وذَلِكَ أنْ يَقُولُوا: لَكَ مِيثاقُ اللَّهِ أوْ عَهْدُ اللَّهِ أوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وبِهَذا يُضافُ المِيثاقُ والعَهْدُ إلى اسْمِ الجَلالَةِ كَأنَّ الحالِفَ اسْتَوْدَعَ اللَّهَ ما بِهِ التَّوَثُّقُ لِلْمَحْلُوفِ لَهُ.
وجُمْلَةُ ﴿لَتَأْتُنَّنِي بِهِ﴾ جَوابٌ لِقَسَمٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ (مَوْثِقًا)، وهو حِكايَةٌ لِقَوْلٍ يَقُولُهُ أبْناؤُهُ المَطْلُوبُ مِنهم إيقاعُهُ حِكايَةً بِالمَعْنى عَلى طَرِيقَةِ حِكايَةِ الأقْوالِ لِأنَّهم لَوْ نَطَقُوا بِالقَسَمِ لَقالُوا: لَنَأْتِيَنَّكَ بِهِ، فَلَمّا حَكاهُ هو رَكَّبَ الحِكايَةَ بِالجُمْلَةِ الَّتِي هي كَلامُهم وبِالضَّمائِرِ المُناسِبَةِ لِكَلامِهِ بِخِطابِهِ إيّاهم.
ومِن هَذا النَّوْعِ قَوْلُهُ تَعالى حِكايَةً عَنْ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿ما قُلْتُ لَهم إلّا ما أمَرْتَنِي بِهِ أنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي ورَبَّكُمْ﴾ [المائدة: ١١٧]، وإنَّ ما أمَرَهُ اللَّهُ: قُلْ لَهم أنْ يَعْبُدُوا رَبَّكَ ورَبَّهم.
ومَعْنى ﴿يُحاطَ بِكُمْ﴾ يُحِيطُ بِكم مُحِيطٌ. والإحاطَةُ: الأخْذُ بِأسْرٍ أوْ هَلاكٍ مِمّا هو خارِجٌ عَنْ قُدْرَتِهِمْ، وأصْلُهُ إحاطَةُ الجَيْشِ في الحَرْبِ، فاسْتُعْمِلَ مَجازًا في الحالَةِ الَّتِي لا يُسْتَطاعُ التَّغَلُّبُ عَلَيْها، وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿وظَنُّوا أنَّهم أُحِيطَ بِهِمْ﴾ [يونس: ٢٢] .
(p-٢٠)والِاسْتِثْناءُ في ﴿إلّا أنْ يُحاطَ بِكُمْ﴾ اسْتِثْناءٌ مِن عُمُومِ أحْوالٍ، فالمَصْدَرُ المُنْسَبِكُ مِن أنْ مَعَ الفِعْلِ في مَوْضِعِ الحالِ، وهو كالإخْبارِ بِالمَصْدَرِ، فَتَأْوِيلُهُ: إلّا مُحاطًا بِكم.
وقَوْلُهُ ﴿واللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وكِيلٌ﴾ [القصص: ٢٨] تَذْكِيرٌ لَهم بِأنَّ اللَّهَ رَقِيبٌ عَلى ما وقَعَ بَيْنَهم. وهَذا تَوْكِيدٌ لِلْحَلِفِ.
والوَكِيلُ: فَعِيلٌ بِمَعْنى مَفْعُولٍ، أيْ مَوْكُولٍ إلَيْهِ، وتَقَدَّمَ في ﴿وقالُوا حَسْبُنا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ﴾ [آل عمران: ١٧٣] في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ.
{"ayah":"قَالَ لَنۡ أُرۡسِلَهُۥ مَعَكُمۡ حَتَّىٰ تُؤۡتُونِ مَوۡثِقࣰا مِّنَ ٱللَّهِ لَتَأۡتُنَّنِی بِهِۦۤ إِلَّاۤ أَن یُحَاطَ بِكُمۡۖ فَلَمَّاۤ ءَاتَوۡهُ مَوۡثِقَهُمۡ قَالَ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِیلࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق