الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ﴾ أي: مضطجعا على جنبه؛ ولهذا المعنى عطف عليه بالحال، كقوله: ﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا﴾ [آل عمران: 46] فنسق ﴿وَكَهْلًا﴾ على ﴿فِي الْمَهْدِ﴾؛ لأن معناه: ويكلم الناس صغيرًا وكبيرًا، قال ابن الأنباري: وهذا كما يقول القائل إنا بخير وكثير صيدنا، فيعطف (كثيراً) على الباء، إذ تأويلها: إنا مخصبون [[لم أجده.]]. قال ابن عباس: إذا أصاب الكافر ما يكره من فقر أو مرض أو بلاءً أو شدة أخلص في الدعاء مضطجعًا كان أو قائمًا أو قاعدًا [[ذكره المؤلف في "الوسيط " 2/ 540، وبنحوه ابن الجوزي في "زاد المسير" 4/ 12، والفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص 209.]]، وإنما يريد جميع حالاته؛ لأن الإنسان لا يخلو من هذه الحالات. قال أبو إسحاق: وجائز أن يكون: وإذا مس الإنسان الضر لجنبه أو مسه قاعدًا أو مسه قائمًا دعانا [[اهـ. كلام أبي إسحاق الزجاج، انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 9.]]، والمعنى: وإذا مسَّ الإنسان الضر في حال من الأحوال دعانا، قال أبو بكر: وفي هذا القول عندي بُعد؛ لأن إزالة ألفاظ القرآن إلى معنى غامض يُتطلب لها مكروهة؛ إذِ استعمال الظاهر إذا لم يدعُ إلى الغامضِ ضرورةٌ أولى [[ساقط من (م).]]. قال: ومما يزيد هذا القول فسادًا أنّ اللام في قوله (لجنبه) إذا انتصب بـ (مس) لم يجز أن يدخل بين (دعانا) وما يتعلق به كتعلق الصلة، والفاء في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا﴾ يتصل ما [[في (ى): (بما)، وهو خطأ.]] بعدها بـ (دعانا) وغير جائز أن تقول: دعوت فأجابني عبد الله فأحسن)، من قِبَل أنّ (أحسن) ينعطف على أجابني، فدخول منصوب الأول بينهما لا وجه له [[لم أجد مصدره، وانظر: "التبيان في إعراب القرآن" ص 434، فقد ضعف أبو البقاء أيضاً قول الزجاج المذكور.]]. وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ﴾ [قال ابن عباس: فلما كشفنا عنه] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ح).]] مرضه مرّ طاغيا على ترك الشكر [[ذكره المؤلف في "الوسيط" 2/ 540 مختصرًا، و"زاد المسير" 4/ 12 بلا نسبة.]]. وقال الفراء: استمر على طريقته الأولى قبل أن يصيبه البلاء [["معاني القرآن" 1/ 459.]]. وقال الزجاج: مرّ في العافية على ما كان عليه قبل [[ساقط من (ى).]] أن يبتلى ولم يتعظ بما ناله [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 9.]]، وهذا بيان عن حال الجاهل [[في (ى): (الجاهلية).]] من الإعراض عما يجب عليه من الشكر على كشف الضر الذي نزل به. وقوله تعالى: ﴿كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ﴾، قال الأخفش: ﴿كَأَنْ لَمْ﴾ يريد: كأنه لم، فخففت، ومثله: ﴿كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا﴾ [[انظر: "معاني القرآن" للأخفش 1/ 369.]] [يونس: 45]، وهذا مثل ما ذكرنا في (أن) الخفيفة في مواضع، وقال الحسن: نسي ما دعى الله فيه، وما صنع الله به [[في (م): (فيه).]] فيما كشف عنه من ذلك النبلاء [[ذكره المؤلف في "الوسيط" 2/ 540، ولم أجده عند غيره.]]. وقال صاحب النظم في هذه الآية: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ﴾: (وإذا) موضوعة للمستقبل، ثم قال: ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا﴾ وهذا واجب ماضٍ، فهذا النظم محمول على الاشتراك من أن المعنى فيه: إنه هكذا كان فيما مضى، وهكذا يكون في المستأنف، فدل ما فيه من [الفعل المستأنف على ما فيه من المعنى المستأنف، وما فيه من] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ح).]] الماضي على الماضي [[ذكره بنحوه الرازي في "تفسيره" 17/ 52، وأبو حيان في "البحر المحيط" 5/ 130.]]. وقوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، قال المفسرون: [يقول: كما زُين لهذا الكافر الدعاء عند البلاء والإعراض عند الرخاء، زُين للمسرفين عملهم [[انظر: "تفسير الثعلبي" 7/ 7 ب، والبغوي 4/ 124، وابن الجوزي 4/ 13.]]، والمعنى: زُين للمسرفين عملهم تزيينًا مثل تزيين عمل هذا الكافر، فموضع الكاف في (كذلك) نصب أي: جعل الله جزاءهم الإضلال [بإسرافهم [[في (م): (بإسرارهم)، وهو خطأ.]] في كفرهم؛ لأن تزيينهم لهم ما يعملون إضلال] [[ما بين المعقوفين ساقط من النسخ عدا (م).]] وهذا معنى قول الزجاج في هذه الآية [[انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 9.]]. قال ابن عباس: يريد بالمسرفين: المشركين [[رواه الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص 209.]]. قال ابن كيسان: أسرفوا على أنفسهم إذ عبدوا الوثن [["الوسيط" 2/ 540، ولم أجده في مصدر آخر.]]، قال عطاء: نزلت هذه الآية في عتبة بن ربيعة [[هو: عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، أبو الوليد، كبير قريش، واحد ساداتها في الجاهلية، أدرك الإسلام ولم يسلم، بل عاند وتكبر، وشهد بدرًا مع المشركين وقتل فيها سنة 2 هـ. انظر: "السيرة النبوية" 1/ 276، "الأعلام" 4/ 200.]] والوليد بن المغيرة [[هو: الوليد بن المغيرة بن عبد الله المخزومي، أبو عبد شمس، كان من قضاة العرب في الجاهلية، ومن زعماء قريش وأثريائها، أدرك الإسلام وهو هرم، فقاوم دعوته، وسعى لإطفاء نوره حتى هلك سنة 1 هـ. انظر: "السيرة النبوية" 1/ 277، "الأعلام" 8/ 122.]] [["زاد المسير" 3/ 12، "الوسيط" 2/ 540.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب