الباحث القرآني
ولَمّا بَيَّنَ تَعالى أنَّ دَأْبَهُمُ اسْتِعْجالُهم بِالخَيْرِ، وكانَ مِنهُ اسْتِكْشافُ الضُّرِّ، بَيَّنَ أنَّ حالَهم عِنْدَهُ الِاعْتِرافُ، وشُكْرَهم عَلى النَّجاةِ مِنهُ الإنْكارُ [فَدَأْبُهُمُ الطُّغْيانُ والعَمَهُ]، وذَلِكَ في غايَةِ المُنافاةِ لِما يَدَّعُونَهُ مِن رَجاحَةِ العُقُولِ وأصالَةِ الآراءِ وسَلامَةِ الطِّباعِ، فالحاصِلُ أنَّ الإنْسانَ عِنْدَ البَلاءِ غَيْرُ صابِرٍ، وعِنْدَ الرَّجاءِ غَيْرُ شاكِرٍ، فَكَأنَّهُ قِيلَ: فَإذا مَسَّ الإنْسانَ مِنهُمُ الخَيْرُ كانَ في غَفْلَةٍ بِالفَرِحِ والأشَرِ والمَرَحِ ﴿وإذا مَسَّ الإنْسانَ﴾ مِنهم ﴿الضُّرُّ﴾ [وإنْ كانَ مِن جِهَةٍ يَتَوَقَّعُها لِطُغْيانٍ هو فِيهِ ولا يَنْزِعُ عَنْهُ خَوْفًا مِمّا يَتَوَقَّعُهُ مِن حُلُولِ الضُّرِّ لِشِدَّةِ طُغْيانِهِ وجَهْلِهِ] ﴿دَعانا﴾ مُخْلِصًا مُعْتَرِفًا بِحَقِّنا عالِمًا بِما لَنا مِن كَمالِ العَظَمَةِ عامِلًا بِذَلِكَ مُعْرِضًا عَمّا ادَّعاهُ شَرِيكًا لَنا كائِنًا ﴿لِجَنْبِهِ﴾ أيْ مُضْطَجِعًا حالَ إرادَتِهِ لِلرّاحَةِ، وكَأنَّهُ عَبَّرَ بِاللّامِ إشارَةً إلى أنَّ ذَلِكَ أسَرُّ أحْوالِهِ إلَيْهِ ﴿أوْ قاعِدًا﴾ أيْ مُتَوَسِّطًا [فِي أحْوالِهِ] ﴿أوْ قائِمًا﴾ أيْ في غايَةِ السَّعْيِ في (p-٨٤)مُهِمّاتِهِ، لا يَشْغَلُهُ عَنْ ذَلِكَ شَيْءٌ في حالٍ مِنَ الأحْوالِ، [بَلْ يَكُونُ ظَرْفُ المَسِّ بِالضُّرِّ ظَرْفَ الدُّعاءِ بِالكَشْفِ]، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ عَبَّرَ بِالأحْوالِ الثَّلاثَةِ عَنْ مَراتِبِ الضُّرِّ، وقالَ: لِجَنْبِهِ إشارَةً إلى اسْتِحْكامِ الضُّرِّ وغَلَبَتِهِ بِحَيْثُ لا يَسْتَطِيعُ جُلُوسًا كَما يُقالُ: فُلانٌ لِما بِهِ، وأشارَ بِالفاءِ إلى قُرْبِ زَمَنِ الكَشْفِ فَقالَ: ﴿فَلَمّا كَشَفْنا﴾ أيْ بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ ﴿عَنْهُ ضُرَّهُ﴾ [أيْ] الَّذِي دَعانا لِأجْلِهِ ﴿مَرَّ﴾ أيْ: في كُلِّ ما يُرِيدُهُ لاهِيًا عَنّا بِكُلِّ اعْتِبارٍ ﴿كَأنْ﴾ أيْ كَأنَّهُ ﴿لَمْ يَدْعُنا﴾ أيْ عَلى ما كانَ يَعْتَرِفُ بِهِ وقْتَ الدُّعاءِ مِن عَظَمَتِنا؛ ولَمّا كانَ المَدْعُوُّ يَأْتِي إلى الدّاعِي فَيَعْمَلُ ما دَعاهُ لِأجْلِهِ قالَ: ﴿إلى﴾ أيْ كَشْفِ ﴿ضُرٍّ مَسَّهُ﴾ أيْ كَأنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِنا مَعْرِفَةٌ أصْلًا فَضْلًا عَنْ أنْ يَعْتَرِفَ بِأنّا نَحْنُ كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ، فَهَذِهِ الآيَةُ في بَيانِ ضَعْفِ الإنْسانِ وسُوءِ عُبُودِيَّتِهِ، والَّتِي قَبْلَها في بَيانِ قُدْرَةِ اللَّهِ وحُسْنِ رُبُوبِيَّتِهِ؛ والمَسُّ: لِقاءٌ مِن غَيْرِ فَصْلٍ؛ والدُّعاءُ: طَلَبُ الفِعْلِ مِنَ القادِرِ عَلَيْهِ؛ والضُّرُّ: إيجابُ الألَمِ بِفِعْلِهِ أوِ السَّبَبِ المُؤَدِّي إلَيْهِ.
ولَمّا كانَ هَذا مِن فِعْلِ الإنْسانِ مِن أعْجَبِ العَجَبِ. كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: لِمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ؟ فَقِيلَ: لِما يُزَيَّنُ لَهُ مِنَ الأُمُورِ الَّتِي يَقَعُ بِها الِاسْتِدْراجُ لِإسْرافِهِ. وهَذا دَأْبُنا أبَدًا ﴿كَذَلِكَ﴾ أيْ مِثْلُ هَذا التَّزْيِينِ العَظِيمِ الرُّتْبَةِ؛ ولَمّا كانَ الضّارُّ مُطْلَقَ التَّزْيِينِ، بَنى لِلْمَفْعُولِ قَوْلَهُ: ﴿زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ﴾ (p-٨٥)أيْ كُلِّهِمُ العَرِيقِينَ في هَذا الوَصْفِ ﴿ما كانُوا﴾ أيْ بِجِبِلّاتِهِمْ ﴿يَعْمَلُونَ﴾ أيْ: يُقْبِلُونَ عَلَيْهِ عَلى سَبِيلِ التَّجْدِيدِ والِاسْتِمْرارِ مِنَ المَعْصِيَةِ بِالكُفْرِ وغَيْرِهِ مَعَ ظُهُورِ فَسادِهِ ووُضُوحِ ضَرَرِهِ؛ والإسْرافُ: الإكْثارُ مِنَ الخُرُوجِ عَنِ العَدْلِ.
{"ayah":"وَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَـٰنَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنۢبِهِۦۤ أَوۡ قَاعِدًا أَوۡ قَاۤىِٕمࣰا فَلَمَّا كَشَفۡنَا عَنۡهُ ضُرَّهُۥ مَرَّ كَأَن لَّمۡ یَدۡعُنَاۤ إِلَىٰ ضُرࣲّ مَّسَّهُۥۚ كَذَ ٰلِكَ زُیِّنَ لِلۡمُسۡرِفِینَ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











