الباحث القرآني
﴿ولَمّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ﴾ ﴿ولَمّا ورَدَ ماءَ مَدْيَنَ وجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النّاسِ يَسْقُونَ ووَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وأبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ ﴿فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلّى إلى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إنِّي لِما أنْزَلْتَ إلَيَّ مِن خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ ﴿فَجاءَتْهُ إحْداهُما تَمْشِي عَلى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إنَّ أبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمّا جاءَهُ وقَصَّ عَلَيْهِ القَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ القَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ ﴿قالَتْ إحْداهُما ياأبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ القَوِيُّ الأمِينُ﴾ ﴿قالَ إنِّي أُرِيدُ أنْ أُنْكِحَكَ إحْدى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإنْ أتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِن عِنْدِكَ وما أُرِيدُ أنْ أشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصّالِحِينَ﴾ ﴿قالَ ذَلِكَ بَيْنِي وبَيْنَكَ أيَّما الأجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ واللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وكِيلٌ﴾ ﴿فَلَمّا قَضى مُوسى الأجَلَ وسارَ بِأهْلِهِ آنَسَ مِن جانِبِ الطُّورِ نارًا قالَ لِأهْلِهِ امْكُثُوا إنِّي آنَسْتُ نارًا لَعَلِّي آتِيكم مِنها بِخَبَرٍ أوْ جَذْوَةٍ مِنَ النّارِ لَعَلَّكم تَصْطَلُونَ﴾ .
(p-١١٢)﴿تَوَجَّهَ﴾ رَدَّ وجْهَهُ. و﴿تِلْقاءَ﴾ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلَيْهِ في يُونُسَ، أيْ ناحِيَةَ وجْهِهِ. اسْتُعْمِلَ المَصْدَرُ اسْتِعْمالَ الظَّرْفِ، وكانَ هُناكَ ثَلاثُ طُرُقٍ، فَأخَذَ مُوسى أوْسَطَها، وأخَذَ طالِبُوهُ في الآخَرَيْنِ وقالُوا: المُرِيبُ لا يَأْخُذُ في أعْظَمِ الطُّرُقِ ولا يَسْلُكُ إلّا بُنَيّاتِها. فَبَقِيَ في الطَّرِيقِ ثَمانِيَ لَيالٍ (p-١١٣)وهُوَ حافٍ، لا يَطْعَمُ إلّا ورَقَ الشَّجَرِ. والظّاهِرُ مِن قَوْلِهِ: ﴿عَسى رَبِّي أنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ﴾ أنَّهُ كانَ لا يَعْرِفُ الطَّرِيقَ، فَسَألَ رَبَّهُ أنْ يَهْدِيَهُ أقْصَدَ الطَّرِيقِ بِحَيْثُ أنَّهُ لا يَضِلُّ، إذْ لَوْ سَلَكَ ما لا يُوَصِّلُهُ إلى المَقْصُودِ لَتاهَ. وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: قَصَدَ مَدْيَنَ وأخَذَ يَمْشِي مِن غَيْرِ مَعْرِفَةٍ، فَأوْصَلَهُ اللَّهُ إلى مَدْيَنَ. وقِيلَ: هَداهُ جِبْرِيلُ إلى مَدْيَنَ. وقِيلَ: مَلَكٌ غَيْرُهُ. وقِيلَ: أخَذَ طَرِيقًا يَأْمَنُ فِيهِ، فاتَّفَقَ ذَهابُهُ إلى مَدْيَنَ. والظّاهِرُ أنَّ ”سَواءَ السَّبِيلِ“: وسَطُ الطَّرِيقِ الَّذِي يَسْلُكُهُ إلى مَكانِ مَأْمَنِهِ. وقالَ مُجاهِدٌ: ”سَواءَ السَّبِيلِ“: طَرِيقُ مَدْيَنَ. وقالَ الحَسَنُ: هو سَبِيلُ الهُدى، فَمَشى مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - إلى أنْ وصَلَ إلى مَدْيَنَ، ولَمْ يَكُنْ في طاعَةِ فِرْعَوْنَ.
﴿ولَمّا ورَدَ ماءَ مَدْيَنَ﴾ أيْ وصَلَ إلَيْهِ، والوُرُودُ بِمَعْنى الوُصُولِ إلى الشَّيْءِ، وبِمَعْنى الدُّخُولِ فِيهِ. قِيلَ: وكانَ هَذا الماءُ بِئْرًا. والأُمَّةُ: الجَمْعُ الكَثِيرُ، ومَعْنى عَلَيْهِ: أيْ عَلى شَفِيرِهِ وحاشِيَتِهِ.
﴿يَسْقُونَ﴾ يَعْنِي مَواشِيَهم.
﴿ووَجَدَ مِن دُونِهِمُ﴾ أيْ مِنَ الجِهَةِ الَّتِي وصَلَ إلَيْها قَبْلَ أنْ يَصِلَ إلى الأُمَّةِ، فَهُما مِن دُونِهِمْ بِالإضافَةِ إلَيْهِ، قالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: في مَكانٍ أسْفَلَ مِن مَكانِهِمْ.
﴿تَذُودانِ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ وغَيْرُهُ: تَذُودانِ غَنَمَهُما عَنِ الماءِ خَوْفًا مِنَ السُّقاةِ الأقْوِياءِ. وقالَ قَتادَةُ: تَذُودانِ النّاسَ عَنْ غَنَمِهِما. قالَ الزَّجّاجُ: وكَأنَّهُما تَكْرَهانِ المُزاحَمَةَ عَلى الماءِ. وقِيلَ: لِئَلّا تَخْتَلِطَ غَنَمُهُما بِأغْنامِهِمْ. وقِيلَ: تَذُودانِ عَنْ وُجُوهِهِما نَظَرَ النّاظِرِ لِتَسَتُّرِهِما. وقالَ الفَرّاءُ: تَحْبِسانِها عَنْ أنْ تَتَفَرَّقَ، واسْمُ الصُّغْرى عِبْرا، واسْمُ الكُبْرى صَبُورا.
ولَمّا رَآهُما مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - واقِفَتَيْنِ لا تَتَقَدَّمانِ لِلسَّقْيِ، سَألَهُما فَقالَ: ﴿ما خَطْبُكُما﴾ ؟ قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: والسُّؤالُ بِالخَطْبِ إنَّما هو في مُصابٍ، أوْ مُضْطَهَدٍ، أوْ مَن يُشْفَقُ عَلَيْهِ، أوْ يَأْتِي بِمُنْكَرٍ مِنَ الأمْرِ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وحَقِيقَتُهُ: ما مَخْطُوبُكُما ؟ أيْ ما مَطْلُوبُكُما مِنَ الذِّيادِ ؟ سُمِّيَ المَخْطُوبُ خَطْبًا، كَما سُمِّيَ الشُّئُونَ شَأْنًا في قَوْلِكَ: ما شَأْنُكَ ؟ يُقالُ: شَأنْتُ شَأْنَهُ، أيْ قَصَدْتُ قَصْدَهُ. انْتَهى. وفي سُؤالِهِ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - دَلِيلٌ عَلى جَوازِ مُكالَمَةِ الأجْنَبِيَّةِ فِيما يَعُنُّ ولَمْ يَكُنْ لِأبِيهِما أجِيرٌ، فَكانَتا تَسُوقانِ الغَنَمَ إلى الماءِ، ولَمْ تَكُنْ لَهُما قُوَّةُ الِاسْتِقاءِ، وكانَ الرُّعاةُ يَسْتَقُونَ مِنَ البِئْرِ فَيَسْقُونَ مَواشِيَهم، فَإذا صَدَرُوا، فَإنْ بَقِيَ في الحَوْضِ شَيْءٌ سَقَتا. فَوافى مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - ذَلِكَ اليَوْمَ وهُما يَمْنَعانِ غَنَمَهُما عَنِ الماءِ، فَرَقَّ عَلَيْهِما وقالَ: ﴿ما خَطْبُكُما﴾ ؟ وقَرَأ شِمْرٌ: بِكَسْرِ الخاءِ، أيْ مَن زَوْجُكُما ؟ ولِمَ لا يَسْقِي هو ؟ وهَذِهِ قِراءَةٌ شاذَّةٌ نادِرَةٌ.
﴿قالَتا لا نَسْقِي﴾ . وقَرَأ ابْنُ مُصَرِّفٍ: لا نُسْقِيَ، بِضَمِّ النُّونِ. وقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ، وشَيْبَةُ، والحَسَنُ، وقَتادَةُ، والعَرَبِيّانِ: يَصْدُرَ، بِفَتْحِ الياءِ وضَمِّ الدّالِ، أيْ يَصْدُرُونَ بِأغْنامِهِمْ؛ وباقِي السَّبْعَةِ، والأعْرَجُ، وطَلْحَةُ، والأعْمَشُ، وابْنُ أبِي إسْحاقَ، وعِيسى: بِضَمِّ الياءِ وكَسْرِ الدّالِ، أيْ يُصْدِرُونَ أغْنامَهم. وقَرَأ الجُمْهُورُ: ”الرِّعاءُ“، بِكَسْرِ الرّاءِ: جَمْعَ تَكْسِيرٍ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وأمّا الرِّعاءُ بِالكَسْرِ فَقِياسٌ، كَصِيامٍ وقِيامٍ. انْتَهى. ولَيْسَ بِقِياسٍ؛ لِأنَّهُ جَمْعُ راعٍ، وقِياسُ فاعِلِ الصِّفَةِ الَّتِي لِلْعاقِلِ أنْ تُكْسَرَ عَلى فُعَلَةٍ، كَقاضٍ وقُضاةٍ، وما سِوى جَمْعِهِ هَذا فَلَيْسَ بِقِياسٍ. وقُرِئَ: الرُّعاءُ، بِضَمِّ الرّاءِ، وهو اسْمُ جَمْعٍ، كالرِّجالِ والثَّناءِ. قالَ أبُو الفَضْلِ الرّازِيُّ: وقَرَأ عَيّاشٌ، عَنْ أبِي عَمْرٍو: الرَّعاءُ، بِفَتْحِ الرّاءِ، وهو مَصْدَرٌ أُقِيمَ مَقامَ الصِّفَةِ، فاسْتَوى لَفْظُ الواحِدِ والجَماعَةِ فِيهِ، وقَدْ يَجُوزُ أنَّهُ حُذِفَ مِنهُ المُضافُ.
﴿وأبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ اعْتِذارٌ لِمُوسى عَنْ مُباشَرَتِهِما السَّقْيَ بِأنْفُسِهِما، وتَنْبِيهٌ عَلى أنَّ أباهُما لا يَقْدِرُ عَلى السَّقْيِ لِشَيَخِهِ وكِبَرِهِ، واسْتِعْطافٌ لِمُوسى في إعانَتِهِما.
﴿فَسَقى لَهُما﴾ أيْ سَقى غَنَمَهُما لِأجْلِهِما. ورُوِيَ أنَّ الرُّعاةَ كانُوا يَضَعُونَ عَلى رَأْسِ البِئْرِ حَجَرًا لا يُقِلُّهُ إلّا عَدَدٌ مِنَ الرِّجالِ، واضْطَرَبَ النَّقْلُ في العَدَدِ، فَأقَلُّ ما قالُوا سَبْعَةٌ، وأكْثَرُهُ مِائَةٌ، فَأقَلَّهُ وحْدَهُ. وقِيلَ: كانَتْ لَهم دَلْوٌ لا يَنْزِعُ بِها إلّا أرْبَعُونَ، فَنَزَعَ بِها وحْدَهُ. ورُوِيَ أنَّهُ زاحَمَهم عَلى الماءِ حَتّى سَقى لَهُما، كُلُّ ذَلِكَ رَغْبَةً في الثَّوابِ عَلى ما كانَ بِهِ مِن نَصَبِ السَّفَرِ وكَثْرَةِ الجُوعِ، حَتّى كانَتْ تَظْهَرُ الخُضْرَةُ في (p-١١٤)بَطْنِهِ مِنَ البَقْلِ. وقِيلَ: إنَّهُ مَشى حَتّى سَقَطَ أصْلُهُ، وهو باطِنُ القَدَمِ، ومَعَ ذَلِكَ أغاثَهُما وكَفاهُما أمْرَ السَّقْيِ. وقَدْ طابَقَ جَوابُهُما لِسُؤالِهِ. سَألَهُما عَنْ سَبَبِ الذَّوْدِ، فَأجاباهُ: بِأنّا امْرَأتانِ ضَعِيفَتانِ مَسْتُورَتانِ، لا نَقْدِرُ عَلى مُزاحَمَةِ الرِّجالِ، فَنُؤَخِّرُ السَّقْيَ إلى فَراغِهِمْ. ومُباشَرَتُهُما ذَلِكَ لَيْسَ بِمَحْظُورٍ، وعادَةُ العَرَبِ وأهْلِ البَدْوِ في ذَلِكَ غَيْرُ عادَةِ أهْلِ الحَضَرِ والأعاجِمِ، لا سِيَّما إذا دَعَتْ إلى ذَلِكَ ضَرُورَةٌ.
﴿ثُمَّ تَوَلّى إلى الظِّلِّ﴾ قالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: ظِلُّ شَجَرَةٍ. قِيلَ: كانَتْ سَمُرَةً. وقِيلَ: إلى ظِلِّ جِدارٍ لا سَقْفَ لَهُ. وقِيلَ: جَعَلَ ظَهْرَهُ يَلِي ما كانَ يَلِي وجْهَهُ مِنَ الشَّمْسِ.
﴿فَقالَ رَبِّ إنِّي لِما أنْزَلْتَ إلَيَّ مِن خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ قالَ المُفَسِّرُونَ: تَعَرَّضَ لِما يَطْعَمَهُ، لِما نالَهُ مِنَ الجُوعِ، ولَمْ يُصَرِّحْ بِالسُّؤالِ؛ و”أنْزَلْتَ“ هُنا بِمَعْنى تُنَزِّلُ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وعُدِّيَ بِاللّامِ. ”فَقِيرٌ“ لِأنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنى سائِلٍ وطالِبٍ. ويُحْتَمَلُ أنْ يُرِيدَ، أيْ فَقِيرٌ مِنَ الدُّنْيا لِأجْلِ ما أنْزَلْتَ إلَيَّ مِن خَيْرِ الدِّينِ، وهو النَّجاةُ مِنَ الظّالِمِينَ؛ لِأنَّهُ كانَ عِنْدَ فِرْعَوْنَ في مُلْكٍ وثَرْوَةٍ، قالَ ذَلِكَ رِضًا بِالبَدَلِ السَّنِيِّ وفَرَحًا بِهِ وشُكْرًا لَهُ. وقالَ الحَسَنُ: سَألَ الزِّيادَةَ في العِلْمِ والحِكْمَةِ.
﴿فَجاءَتْهُ إحْداهُما تَمْشِي عَلى اسْتِحْياءٍ﴾ في الكَلامِ حَذْفٌ، والتَّقْدِيرُ: فَذَهَبَتا إلى أبِيهِما مِن غَيْرِ إبْطاءٍ في السَّقْيِ، وقَصَّتا عَلَيْهِ أمْرَ الَّذِي سَقى لَهُما، فَأمَرَ إحْداهُما أنْ تَدْعُوَهُ لَهُ.
﴿فَجاءَتْهُ إحْداهُما﴾ . قَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ: فَجاءَتْهُ احْداهُما، بِحَذْفِ الهَمْزَةِ، تَخْفِيفًا عَلى غَيْرِ قِياسٍ، مِثْلُ: ويْلُ امِّهِ في ويْلِ أُمِّهِ، ويابا فُلانٍ، والقِياسُ أنْ يُجْعَلَ بَيْنَ بَيْنَ، و”إحْداهُما“ مُبْهَمٌ. فَقِيلَ: الكُبْرى، وقِيلَ: كانَتا تَوْأمَتَيْنِ، وُلِدَتِ الأُولى قَبْلَ الأُخْرى بِنِصْفِ نَهارٍ. وعَلى اسْتِحْياءٍ: في مَوْضِعِ الحالِ، أيْ مُسْتَحْيِيَةً مُتَحَفِّزَةً. قالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ: قَدْ سَتَرَتْ وجْهَها بِكُمِّ دِرْعِها؛ والجُمْهُورُ: عَلى أنَّ الدّاعِيَ أباهُما هو شُعَيْبٌ - عَلَيْهِ السَّلامُ - وهُما ابْنَتاهُ. وقالَ الحَسَنُ: هو ابْنُ أخِي شُعَيْبٍ، واسْمُهُ مَرْوانُ. وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: هارُونُ. وقِيلَ: هو رَجُلٌ صالِحٌ لَيْسَ مِن شُعَيْبٍ بِنَسَبٍ. وقِيلَ: كانَ عَمَّهُما صاحِبَ الغَنَمِ، وهو المُزَوِّجُ، عَبَّرَتْ عَنْهُ بِالأبِ، إذْ كانَ بِمَثابَتِهِ.
﴿لِيَجْزِيَكَ أجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا﴾ في ذَلِكَ ما كانَ عَلَيْهِ شُعَيْبٌ مِنَ الإحْسانِ والمُكافَأةِ لِمَن عَمِلَ لَهُ عَمَلًا، وإنْ لَمْ يَقْصِدِ العامِلُ المُكافَأةَ.
﴿فَلَمّا جاءَهُ﴾ أيْ فَذَهَبَ مَعَهُما إلى أبِيهِما، وفي هَذا دَلِيلٌ عَلى اعْتِمادِ أخْبارِ المَرْأةِ، إذْ ذَهَبَ مَعَها مُوسى، كَما يُعْتَمَدُ عَلى أخْبارِها في بابِ الرِّوايَةِ.
﴿وقَصَّ عَلَيْهِ القَصَصَ﴾ أيْ ما جَرى لَهُ مِن خُرُوجِهِ مِن مِصْرَ، وسَبَبَ ذَلِكَ.
﴿قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ القَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ أيْ قَبِلَ اللَّهُ دُعاءَكَ في قَوْلِكَ: ﴿رَبِّ نَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ [القصص: ٢١] أوْ أخْبَرَهُ بِنَجاتِهِ مِنهم، فَأنَّسَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿لا تَخَفْ﴾ وقَرَّبَ إلَيْهِ طَعامًا، فَقالَ لَهُ مُوسى: إنّا أهْلُ بَيْتٍ، لا نَبِيعُ دِينَنا بِمَلْءِ الأرْضِ ذَهَبًا، فَقالَ لَهُ شُعَيْبٌ: لَيْسَ هَذا عِوَضَ السَّقْيِ، ولَكِنَّ عادَتِي وعادَةَ آبائِي قِرى الضَّيْفِ وإطْعامُ الطَّعامِ؛ فَحِينَئِذٍ أكَلَ مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - .
﴿قالَتْ إحْداهُما﴾ أبْهَمَ القائِلَةَ، وهي الذّاهِبَةُ والقائِلَةُ والمُتَزَوِّجَةُ ﴿يا أبَتِ اسْتَأْجِرْهُ﴾ أيْ لِرَعْيِ الغَنَمِ وسَقْيِها. ووَصَفَتْهُ بِالقُوَّةِ: لِكَوْنِهِ رَفَعَ الصَّخْرَةَ عَنِ البِئْرِ وحْدَهُ، وانْتَزَعَ بِتِلْكَ الدَّلْوِ، وزاحَمَهم حَتّى غَلَبَهم عَلى الماءِ؛ وبِالأمانَةِ؛ لِأنَّها حِينَ قامَ يَتْبَعُها هَبَّتِ الرِّيحُ فَلَفَّتْ ثِيابَها فَوَصَفَتْها، فَقالَ: ارْجِعِي خَلْفِي ودُلِّينِي عَلى الطَّرِيقِ. وقَوْلُها كَلامٌ حَكِيمٌ جامِعٌ؛ لِأنَّهُ إذا اجْتَمَعَتِ الكِفايَةُ والأمانَةُ في القائِمِ بِأمْرٍ، فَقَدْ تَمَّ المَقْصُودُ، وهو كَلامٌ جَرى مَجْرى المَثَلِ، وصارَ مَطْرُوقًا لِلنّاسِ، وكانَ ذَلِكَ تَعْلِيلًا لِلِاسْتِئْجارِ، وكَأنَّها قالَتِ: اسْتَأْجِرْهُ لِأمانَتِهِ وقُوَّتِهِ، وصارَ الوَصْفانِ مُنَبِّهَيْنِ عَلَيْهِ. ونَظِيرُ هَذا التَّرْكِيبِ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎ألا إنَّ خَيْرَ النّاسِ حَيًّا وهالِكًا أسِيرُ ثَقِيفٍ عِنْدَهم في السَّلاسِلِ
جَعَلَ ”خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ“ الِاسْمَ، اعْتِناءً بِهِ. وحَكَمَتْ عَلَيْهِ بِالقُوَّةِ والأمانَةِ. ولَمّا وصَفَتْهُ بِهَذَيْنِ الوَصْفَيْنِ قالَ لَها أبُوها: ومِن أيْنَ عَرَفْتِ هَذا ؟ فَذَكَرَتْ إقْلالَهُ الحَجَرَ وحْدَهُ، وتَحَرُّجَهُ مِنَ النَّظَرِ إلَيْها حِينَ وصَفَتْها (p-١١٥)الرِّيحُ؛ وقالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، وقَتادَةُ، وابْنُ زَيْدٍ، وغَيْرُهم. وقِيلَ: قالَ لَها مُوسى ابْتِداءً: كُونِي ورائِي، فَإنِّي رَجُلٌ لا أنْظُرُ إلى أدْبارِ النِّساءِ، ودُلِّينِي عَلى الطَّرِيقِ يَمِينًا أوْ يَسارًا. وقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أفْرَسُ النّاسِ ثَلاثَةٌ: بِنْتُ شُعَيْبٍ وصاحِبُ يُوسُفَ في قَوْلِهِ: ﴿عَسى أنْ يَنْفَعَنا﴾ [القصص: ٩] وأبُو بَكْرٍ في عُمَرَ. وفي قَوْلِها: ﴿اسْتَأْجِرْهُ﴾ دَلِيلٌ عَلى مَشْرُوعِيَّةِ الإجارَةِ عِنْدَهم، وكَذا كانَتْ في كُلِّ مِلَّةٍ، وهي ضَرُورَةُ النّاسِ ومَصْلَحَةُ الخِلْطَةِ، خِلافًا لِابْنِ عُلَيَّةَ والأصَمِّ، حَيْثُ كانا لا يُجِيزانِها؛ وهَذا مِمّا انْعَقَدَ عَلَيْهِ الإجْماعُ، وخِلافُهُما خَرَقٌ.
﴿قالَ إنِّي أُرِيدُ أنْ أُنْكِحَكَ إحْدى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ﴾ رَغِبَ شُعَيْبٌ في مُصاهَرَتِهِ، لِما وصَفَتْهُ بِهِ، ولِما رَأى فِيهِ مِن عُزُوفِهِ عَنِ الدُّنْيا وتَعَلُّقِهِ بِاللَّهِ وفِرارِهِ مِنَ الكَفَرَةِ. وقَرَأ ورْشٌ، وأحْمَدُ بْنُ مُوسى، عَنْ أبِي عَمْرٍو: ”أُنْكِحَكَ احْدى“، بِحَذْفِ الهَمْزَةِ. وظاهِرُ قَوْلِهِ: ﴿أنْ أُنْكِحَكَ﴾ أنَّ الإنْكاحَ إلى الوَلِيِّ لا حَقَّ لِلْمَرْأةِ فِيهِ، خِلافًا لِأبِي حَنِيفَةَ في بَعْضِ صُوَرِهِ، بِأنْ تَكُونَ بالِغَةً عالِمَةً بِمَصالِحِ نَفْسِها، فَإنَّها تَعْقِدُ عَلى نَفْسِها بِمَحْضَرٍ مِنَ الشُّهُودِ، وفِيهِ دَلِيلٌ عَلى عَرْضِ الوَلِيِّ ولِيَّتَهُ عَلى الزَّوْجِ، وقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ، ودَلِيلٌ عَلى تَزْوِيجِ ابْنَتِهِ البِكْرِ مِن غَيْرِ اسْتِئْمارٍ، وبِهِ قالَ مالِكٌ والشّافِعِيُّ. وقالَ أبُو حَنِيفَةَ: إذا بَلَغَتِ البِكْرُ، فَلا تُزَوَّجُ إلّا بِرِضاها. قِيلَ: وفِيهِ دَلِيلٌ عَلى قَوْلِ مَن قالَ: لا يَنْعَقِدُ إلّا بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ، أوِ الإنْكاحِ، وبِهِ قالَ رَبِيعَةُ، والشّافِعِيُّ، وأبُو ثَوْرٍ، وأبُو عُبَيْدٍ، وداوُدُ. و”إحْدى ابْنَتَيَّ“: مُبْهَمٌ، وهَذا عَرْضٌ لا عَقْدٌ. ألا تَرى إلى قَوْلِهِ: ﴿إنِّي أُرِيدُ﴾ ؟ وحِينَ العَقْدِ يُعَيِّنُ مَن شاءَ مِنهُما، وكَذَلِكَ لَمْ يَحُدَّ أوَّلَ أمَدِ الإجارَةِ. والظّاهِرُ مِنَ الآيَةِ جَوازُ النِّكاحِ بِالإجارَةِ، وبِهِ قالَ الشّافِعِيُّ وأصْحابُهُ وابْنُ حَبِيبٍ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ﴿هاتَيْنِ﴾ فِيهِ دَلِيلٌ عَلى أنَّهُ كانَتْ لَهُ غَيْرُهُما. انْتَهى. ولا دَلِيلَ في ذَلِكَ؛ لِأنَّهُما كانَتا هُما اللَّتَيْنِ رَآهُما تَذُودانِ، وجاءَتْهُ إحْداهُما، فَأشارَ إلَيْهِما، والإشارَةُ إلَيْهِما لا تَدُلُّ عَلى أنَّ لَهُ غَيْرَهُما.
﴿عَلى أنْ تَأْجُرَنِي﴾ في مَوْضِعِ الحالِ مِن ضَمِيرِ ”أُنْكِحَكَ“، إمّا الفاعِلُ، وإمّا المَفْعُولُ. و”تَأْجُرَنِي“، مِن أجَرْتُهُ: كُنْتُ لَهُ أجِيرًا، كَقَوْلِكَ: أبَوْتُهُ: كُنْتُ لَهُ أبًا، ومَفْعُولُ ”تَأْجُرُنِي“ الثّانِي مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ نَفْسَكَ. و﴿ثَمانِيَ حِجَجٍ﴾ ظَرْفٌ، وقالَهُ أبُو البَقاءِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: حِجَجٌ: مَفْعُولٌ بِهِ، ومَعْناهُ: رَعْيُهُ ثَمانِيَ حِجَجٍ.
﴿فَإنْ أتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِن عِنْدِكَ﴾ أيْ هو تَبَرُّعٌ وتَفَضُّلٌ لا اشْتِراطٌ.
﴿وما أُرِيدُ أنْ أشُقَّ عَلَيْكَ﴾ بِإلْزامِ أيِّ الأجَلَيْنِ، ولا في المُعاشَرَةِ والمُناقَشَةِ في مُراعاةِ الأوْقاتِ، وتَكْلِيفُ الرُّعاةِ أشْياءً مِنَ الخِدَمِ خارِجَةً عَنِ الشَّرْطِ.
﴿سَتَجِدُنِي إنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصّالِحِينَ﴾ وعْدٌ صادِقٌ مَقْرُونٌ بِالمَشِيئَةِ ”مِنَ الصّالِحِينَ“ في حُسْنِ المُعامَلَةِ ووَطاءَةِ الخُلُقِ، أوْ ”مِنَ الصّالِحِينَ“ عَلى العُمُومِ، فَيَدْخُلُ تَحْتَهُ حَسَنُ المُعامَلَةِ.
ولَمّا فَرَغَ شُعَيْبٌ مِمّا حاوَرَ بِهِ مُوسى، قالَ مُوسى: ﴿ذَلِكَ بَيْنِي وبَيْنَكَ﴾ عَلى جِهَةِ التَّقْدِيرِ والتَّوَثُّقِ في أنَّ الشَّرْطَ إنَّما وقَعَ في ثَمانِي حِجَجٍ. و”ذَلِكَ“ مُبْتَدَأٌ خْبَرُهُ ”بَيْنِي وبَيْنَكَ“، إشارَةٌ إلى ما عاهَدَهُ عَلَيْهِ، أيْ ذَلِكَ الَّذِي عاهَدْتَنِي وشارَطْتَنِي قائِمٌ بَيْنَنا جَمِيعًا لا نَخْرُجُ عَنْهُ، ثُمَّ قالَ: ﴿أيَّما الأجَلَيْنِ﴾ أيِ الثَّمانِيَ أوِ العَشْرَ ؟ ﴿فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ﴾ أيْ لا يُعْتَدى عَلَيَّ في طَلَبِ الزِّيادَةِ، و”أيَّ“ شَرْطٌ، وما زائِدَةٌ. وقَرَأ الحَسَنُ، والعَبّاسُ، عَنْ أبِي عَمْرٍو: أيَّما، بِحَذْفِ الياءِ الثّانِيَةِ، كَما قالَ الشّاعِرُ:
؎تَنَظَّرَتْ نَصْرًا والسِّماكَيْنِ أيَّما ∗∗∗ عَلَيَّ مِنَ الغَيْثِ اسْتَهَلَّتْ مَواطِرُهُ
وقَرَأ عَبْدُ اللَّهِ: أيَّ الأجَلَيْنِ ما قَضَيْتُ، بِزِيادَةِ ما بَيْنَ الأجَلَيْنِ وقَضَيْتُ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: (فَإنْ قُلْتَ): ما الفَرْقُ بَيْنَ مُوقِعِ ما المَزِيدَةِ في القِراءَتَيْنِ ؟ (قُلْتُ): وقَعَتْ في المُسْتَفِيضَةِ مُؤَكَّدَةَ الإبْهامِ، أيْ زائِدَةً في شِياعِها، وفي الشّاذِّ تَأْكِيدًا لِلْقَضاءِ، كَأنَّهُ قالَ: أيَّ الأجَلَيْنِ صَمَّمْتُ عَلى قَضائِهِ وجَرَّدْتُ عَزِيمَتِي لَهُ ؟ وقَرَأ أبُو حَيْوَةَ، وابْنُ قُطَيْبٍ: ”فَلا عِدْوانَ“، بِكَسْرِ العَيْنِ. قالَ المُبَرِّدُ: قَدْ عَلِمَ أنَّهُ لا عُدْوانَ عَلَيْهِ في أتَمِّهِما، ولَكِنْ جَمَعَهُما، لِيَجْعَلَ الأوَّلَ كالأتَمِّ في الوَفاءِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: تَصَوُّرُ العُدْوانِ إنَّما هو في (p-١١٦)أحَدِ الأجَلَيْنِ الَّذِي هو أقْصَرُ، وهو المُطالَبَةُ بِتَتِمَّةِ العَشْرِ، فَما مَعْنى تَعْلِيقِ العُدْوانِ بِهِما جَمِيعًا ؟ (قُلْتُ): مَعْناهُ: كَما أنِّي إنْ طُولِبْتُ بِالزِّيادَةِ عَلى العَشْرِ، كانَ عُدْوانًا لا شَكَّ فِيهِ، فَكَذَلِكَ إنْ طُولِبْتُ في الزِّيادَةِ عَلى الثَّمانِي. أرادَ بِذَلِكَ تَقْرِيرَ الخِيارِ، وأنَّهُ ثابِتٌ مُسْتَقِرٌّ، وأنَّ الأجَلَيْنِ عَلى السَّواءِ، إمّا هَذا، وإمّا هَذا مِن غَيْرِ تَفاوُتٍ بَيْنَهُما في القَضاءِ. وأمّا التَّتِمَّةُ فَمَوْكُولَةٌ إلى رَأْيِي، إنْ شِئْتُ أتَيْتُ بِها وإلّا لَمْ أُجْبَرْ عَلَيْها. وقِيلَ: مَعْناهُ فَلا أكُونُ مُتَعَدِّيًا، وهو في نَفْيِ العُدْوانِ عَنْ نَفْسِهِ، كَقَوْلِكَ: لا إثْمَ عَلَيَّ ولا تَبِعَةَ. انْتَهى، وجَوابُهُ الأوَّلُ فِيهِ تَكْثِيرٌ.
﴿واللَّهُ عَلى ما نَقُولُ﴾ أيْ عَلى ما تَعاهَدْنا عَلَيْهِ وتَواثَقْنا ﴿وكِيلٌ﴾ أيْ شاهِدٌ. وقالَ قَتادَةُ: حَفِيظٌ. وقالَ ابْنُ شَجَرَةَ: رَقِيبٌ، والوَكِيلُ الَّذِي وُكِلَ إلَيْهِ الأمْرُ، فَلَمّا ضُمِّنَ مَعْنى شاهِدٍ ونَحْوِهِ عُدِّيَ بِعَلى.
﴿فَلَمّا قَضى مُوسى الأجَلَ﴾ جاءَ «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ وفّى أطْوَلَ الأجَلَيْنِ، وهو العَشْرُ» . وعَنْ مُجاهِدٍ: وفّى عَشْرًا أوْ عَشْرًا بَعْدَها، وهَذا ضَعِيفٌ.
﴿وسارَ بِأهْلِهِ﴾ أيْ نَحْوَ مِصْرَ بَلَدِهِ وبَلَدِ قَوْمِهِ. والخِلافُ فِيمَن تَزَوَّجَ، الكُبْرى أمِ الصُّغْرى، وكَذَلِكَ في اسْمِها. وتَقَدَّمَ كَيْفِيَّةُ مَسِيرِهِ، وإيناسُهُ النّارَ في سُورَةِ طه وغَيْرِها. وقَرَأ الجُمْهُورُ: ”جِذْوَةٍ“ بِكَسْرِ الجِيمِ؛ والأعْمَشُ، وطَلْحَةُ، وأبُو حَيْوَةَ، وحَمْزَةُ: بِضَمِّها؛ وعاصِمٌ غَيْرَ الجُعْفِيِّ: بِفَتْحِها.
﴿لَعَلَّكم تَصْطَلُونَ﴾ أيْ تَتَسَخَّنُونَ بِها، إذْ كانَتْ لَيْلَةً بارِدَةً، وقَدْ أضَلُّوا الطَّرِيقَ.
{"ayahs_start":22,"ayahs":["وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلۡقَاۤءَ مَدۡیَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّیۤ أَن یَهۡدِیَنِی سَوَاۤءَ ٱلسَّبِیلِ","وَلَمَّا وَرَدَ مَاۤءَ مَدۡیَنَ وَجَدَ عَلَیۡهِ أُمَّةࣰ مِّنَ ٱلنَّاسِ یَسۡقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمۡرَأَتَیۡنِ تَذُودَانِۖ قَالَ مَا خَطۡبُكُمَاۖ قَالَتَا لَا نَسۡقِی حَتَّىٰ یُصۡدِرَ ٱلرِّعَاۤءُۖ وَأَبُونَا شَیۡخࣱ كَبِیرࣱ","فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰۤ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّی لِمَاۤ أَنزَلۡتَ إِلَیَّ مِنۡ خَیۡرࣲ فَقِیرࣱ","فَجَاۤءَتۡهُ إِحۡدَىٰهُمَا تَمۡشِی عَلَى ٱسۡتِحۡیَاۤءࣲ قَالَتۡ إِنَّ أَبِی یَدۡعُوكَ لِیَجۡزِیَكَ أَجۡرَ مَا سَقَیۡتَ لَنَاۚ فَلَمَّا جَاۤءَهُۥ وَقَصَّ عَلَیۡهِ ٱلۡقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفۡۖ نَجَوۡتَ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِینَ","قَالَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا یَـٰۤأَبَتِ ٱسۡتَـٔۡجِرۡهُۖ إِنَّ خَیۡرَ مَنِ ٱسۡتَـٔۡجَرۡتَ ٱلۡقَوِیُّ ٱلۡأَمِینُ","قَالَ إِنِّیۤ أُرِیدُ أَنۡ أُنكِحَكَ إِحۡدَى ٱبۡنَتَیَّ هَـٰتَیۡنِ عَلَىٰۤ أَن تَأۡجُرَنِی ثَمَـٰنِیَ حِجَجࣲۖ فَإِنۡ أَتۡمَمۡتَ عَشۡرࣰا فَمِنۡ عِندِكَۖ وَمَاۤ أُرِیدُ أَنۡ أَشُقَّ عَلَیۡكَۚ سَتَجِدُنِیۤ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ","قَالَ ذَ ٰلِكَ بَیۡنِی وَبَیۡنَكَۖ أَیَّمَا ٱلۡأَجَلَیۡنِ قَضَیۡتُ فَلَا عُدۡوَ ٰنَ عَلَیَّۖ وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِیلࣱ","۞ فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلۡأَجَلَ وَسَارَ بِأَهۡلِهِۦۤ ءَانَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَارࣰاۖ قَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوۤا۟ إِنِّیۤ ءَانَسۡتُ نَارࣰا لَّعَلِّیۤ ءَاتِیكُم مِّنۡهَا بِخَبَرٍ أَوۡ جَذۡوَةࣲ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمۡ تَصۡطَلُونَ"],"ayah":"قَالَ إِنِّیۤ أُرِیدُ أَنۡ أُنكِحَكَ إِحۡدَى ٱبۡنَتَیَّ هَـٰتَیۡنِ عَلَىٰۤ أَن تَأۡجُرَنِی ثَمَـٰنِیَ حِجَجࣲۖ فَإِنۡ أَتۡمَمۡتَ عَشۡرࣰا فَمِنۡ عِندِكَۖ وَمَاۤ أُرِیدُ أَنۡ أَشُقَّ عَلَیۡكَۚ سَتَجِدُنِیۤ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق