الباحث القرآني

﴿قالَ﴾ [أيْ: ] شُعَيْبٌ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وهو في التَّوْراةِ يُسَمّى: رَعُوئِيلَ - بِفَتْحِ الرّاءِ وضَمِّ العَيْنِ (p-٢٧٠)المُهْمَلَةِ وإسْكانِ الواوِ ثُمَّ هَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ بَعْدَها تَحْتانِيَّةٌ ساكِنَةٍ ولامٍ، ويِثْرُو - بِفَتْحِ التَّحْتانِيَّةِ وإسْكانِ المُثَلَّثَةِ وضَمِّ الرّاءِ المُهْمَلَةِ وإسْكانِ الواوِ- ﴿إنِّي أُرِيدُ﴾ يا مُوسى، والتَّأْكِيدُ لِأجْلِ أنَّ الغَرِيبَ قَلَّ ما يُرْغَبُ فِيهِ أوَّلَ ما يَقْدُمُ لا سِيَّما مِنَ الرُّؤَساءِ أتَمَّ الرَّغْبَةِ ﴿أنْ أُنْكِحَكَ﴾ أيْ: أُزَوِّجَكَ زَواجًا، تَكُونُ وُصْلَتُهُ كَوُصْلَةِ أحَدِ الحَنَكَيْنِ بِالآخَرِ ﴿إحْدى ابْنَتَيَّ﴾ ولَمّا كانَ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُنْكَحَ مِنهُما غَيْرَ المَسْقِيِّ لَهُما، نَفى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿هاتَيْنِ﴾ أيْ: الحاضِرَتَيْنِ اللَّتَيْنِ سَقَيْتَ لَهُما، لِيَتَأمَّلَهُما فَيَنْظُرَ مَن يَقَعُ اخْتِيارُهُ عَلَيْها مِنهُما لِيَعْقِدَ لَهُ عَلَيْها ﴿عَلى أنْ تَأْجُرَنِي﴾ أيْ: تَجْعَلَ نَفْسَكَ أجِيرًا عِنْدِي أوْ تَجْعَلَ أجْرِي عَلى ذَلِكَ وثَوابِي ﴿ثَمانِيَ حِجَجٍ﴾ جَمْعُ حِجَّةٍ بِالكَسْرِ- أيْ: سِنِينَ، أيْ: العَمَلُ فِيها بِأنْ تَكُونَ أجِيرًا لِي أسْتَعْمِلُكَ فِيما يَنُوبُنِي مِن رَعِيَّةِ الغَنَمِ وغَيْرِها، وآجَرَهُ - بِالمَدِّ والقَصْرِ- مِنَ الأجْرِ والإيجارِ، وكَذَلِكَ أجَرَ الأجِيرَ والمَمْلُوكَ وآجَرَهُ: أعْطاهُما أجْرَهُما ﴿فَإنْ أتْمَمْتَ﴾ أيْ: الثَّمانِيَ بِبُلُوغِ العَقْدِ بِأنْ تَجْعَلَها ﴿عَشْرًا﴾ أيْ: عَشْرَ سِنِينَ ﴿فَمِن﴾ أيْ: فَذَلِكَ فَضْلٌ مِن ﴿عِنْدِكَ﴾ (p-٢٧١)غَيْرُ واجِبٍ عَلَيْكَ، وكانَ تَعْيِينُ الثَّمانِي لِأنَّها - إذا أُسْقِطَتْ مِنها مُدَّةُ الحَمْلِ - أقَلُّ سِنٍّ يُمَيِّزُ فِيهِ الوَلَدُ غالِبًا، والعَشَرُ أقَلُّ ما يُمْكِنُ فِيهِ البُلُوغُ، لِيَنْظُرَ سِبْطَهُ إنْ قَدَرَ فَيَتَوَسَّمُ فِيهِ بِما يَرى مِن قَوْلِهِ وفِعْلِهِ، والتَّعْبِيرِ بِما هو مِنَ الحَجِّ الَّذِي هو القَصْدُ تَفاؤُلًا بِأنَّها تَكُونُ مِن طِيبِها بِمُتابَعَةِ أمْرِ اللَّهَ وسَعَةِ رِزْقِهِ وإفاضَةِ نِعَمِهِ ودَفْعِ نِقَمِهِ أهْلًا لِأنْ تُقْصَدَ أوْ يَكُونَ فِيها الحَجُّ في كُلِّ واحِدَةٍ مِنها إلى بَيْتِ اللَّهِ الحَرامِ. ولَمّا ذَكَرَ لَهُ هَذا، أرادَ أنْ يُعْلِمَهُ أنَّ الأمْرَ بَعْدَ الشَّرْطِ بَيْنَهُما عَلى المُسامَحَةِ فَقالَ: ﴿وما أُرِيدُ أنْ أشُقَّ عَلَيْكَ﴾ أيْ: أُدْخِلَ عَلَيْكَ مَشَقَّةً في شَيْءٍ مِن ذَلِكَ ولا غَيْرِهِ لازِمٌ أوْ غَيْرُ لازِمٍ؛ ثُمَّ أكَّدَ مَعْنى المُساهَلَةِ بِتَأْكِيدِ وعْدِ المُلاءَمَةِ فَقالَ: ﴿سَتَجِدُنِي﴾ ثُمَّ اسْتَثْنى عَلى قاعِدَةِ أوْلِياءِ اللَّهِ وأنْبِيائِهِ في المُراقَبَةِ عَلى سَبِيلِ التَّنَزُّلِ فَقالَ: ﴿إنْ شاءَ اللَّهُ﴾ أيْ: الَّذِي لَهُ جَمِيعُ الأمْرِ ﴿مِنَ الصّالِحِينَ﴾ أيْ: في حُسْنِ الصُّحْبَةِ والوَفاءِ بِما قُلْتَ وكُلِّ ما تُرِيدُ مِن خَيْرٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب