الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿وآتُوا اليَتامى أمْوالَهُمْ ولا تَتَبَدَّلُوا الخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ولا تَأْكُلُوا أمْوالَهُمْ إلى أمْوالِكُمْ إنَّهُ كانَ حُوبًا كَبِيرًا ﴾ [النساء: ٢].
ذكَرَ اللهُ أموالَ الأيتامِ بعدَ بيانِ حقِّهِ تعالى بتَقْواهُ وحُكْمِ الرحِمِ بالوصلِ، لأنّ غالبَ كفالةِ الأيتامِ تكونُ مِن ذوي الرحِمِ والقُربى، فيتتبَّعُ الرجلُ أيتامَ أخيهِ وأختِهِ وعمِّهِ ونحوِهِمْ، فبَيَّنَ اللهُ حقَّهم وخصيصتَهُمْ بالحقِّ والفضلِ والحُرْمةِ.
وأعظَمُ اليُتْمِ فَقْدُ الأبوَيْنِ، ثمَّ فقدُ الأبِ، ثمَّ فقدُ الأمِّ، ويُطلَقُ في الشرعِ اليُتْمُ على مَن فقَدَ أباهُ ولو كانتْ أُمُّه باقيةً، قال ابنُ السِّكِّيتِ: «اليُتْمُ في بني آدمَ مِن قِبَلِ الأبِ، وفي غيرِهم مِن قِبَلِ الأمِّ»[[ينظر: «إصلاح المنطق» لابن السكيت (ص ٢٦٣)، و«تاج العروس» (٣٤/١٣٤).]].
وتُسمِّي العربُ مَن فقَدَ أبوَيْهِ لَطِيمًا، ويستمرُّ وصفُهُ باليُتْمِ ما لم يَحتلِمْ، لقولِ النبيِّ ﷺ: (لا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلامٍ)، رواهُ أبو داودَ[[أخرجه أبو داود (٢٨٧٣) (٣/١١٥).]].
تعظيمُ حقِّ اليتيمِ ومالِهِ:
وعظَّمَ اللهُ مالَ اليتيمِ، لضَعْفِهِ عن الانتصارِ لنفسِهِ ومعرفةِ حقِّه، ولمّا كانتِ البَلْوى تَعُمُّ بمخالَطةِ مالِهم في أموالِ مَن يَكفُلُهُمْ لتنميتِها أو حِفْظِها، شدَّدَ اللهُ فيها أنْ تُخلَطَ بغيرِها قَصْدَ الإضرارِ بها والتكثُّرِ بها والإفسادِ لها، كمَن يَخلِطُ مالَهُ بمالِ اليتيمِ لِيَأْكُلَهُ، أو لأنّ مالَهُ قليلٌ ومالَ اليتيمِ كثيرٌ، أو مالَهُ رديءٌ ومالَ اليتيمِ جيِّدٌ وطيِّبٌ، ليتقاسَمَهُ بعدَ ذلك، فيكونَ الطيِّبُ مِن نصيبِهِ، والخبيثُ مِن نصيبِ اليتيمِ، فيُبْدِلَ هذا بهذا.
وقال سعيدُ بنُ المسيَّبِ والزهريُّ: «لا تُعْطِ مَهْزُولًا، وتأخُذَ سَمِينًا»[[«تفسير الطبري» (٦/٣٥٢)، و«تفسير ابن المنذر» (٢/٥٥٠)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٣/٨٥٥).]].
وقال إبراهيمُ النَّخَعيُّ والضحّاكُ: «لا تُعْطِ زائفًا، وتأخُذَ جيِّدًا»[[«تفسير الطبري» (٦/٣٥٢)، و«تفسير ابن المنذر» (٢/٥٥٠)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٣/٨٥٦).]].
وجنسُ أكلِ مالِ اليتيمِ أعظَمُ مِن جنسِ أكلِ مالِ الرِّبا، لأنّ مالَ اليتيمِ يُؤخَذُ عن جهلٍ وضعفٍ، أو قهرٍ وغلَبةٍ، ويستتِرُ بأكلِهِ عن الناسِ، ويُؤكَلُ بالتحايُلِ وتأكُلُهُ النفوسُ الضعيفةُ الدنيئةُ، بخلافِ الرِّبا، فكثيرًا ما يُؤخَذُ عن رِضًا وتوافُقٍ، والنفوسُ تَعافُ أكلَ مالِ اليتيمِ، لِما جُبِلَتْ عليه مِن الرحمةِ والأنَفةِ عن الضعيفِ، ولأنّ اليتيمَ غالبًا ما يكونُ في كفالةِ ذي الرحمِ، لذا كان أكلُ مالِ اليتيمِ أقَلَّ وقوعًا وانتشارًا بخلافِ الرِّبا، لذا جاءَتِ النصوصُ في الوعيدِ في الرِّبا أكثَرَ وأشَدَّ مِن مالِ اليتيمِ، لأنّ الرِّبا بلاءٌ عامٌّ، وأكْلَ مالِ اليتيمِ بلاءٌ خاصٌّ.
والشريعةُ تُعظِّمُ الذنبَ الذي ينتشرُ ويَشِيعُ، وتُشدِّدُ فيه أكثَرَ مِن غيرِهِ ولو كان أشَدَّ منه، ولهذا قُدِّمَ في الحديثِ أكلُ الرِّبا على أكلِ مالِ اليتيمِ، كما في البخاريِّ، قالَ النبيُّ ﷺ: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ)، قالُوا: يا رَسُولَ اللهِ، وما هُنَّ؟ قالَ: (الشِّرْكُ بِاللهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إلاَّ بِالحَقِّ، وأَكْلُ الرِّبا، وأَكْلُ مالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ الغافِلاتِ)[[أخرجه البخاري (٢٧٦٦) (٤/١٠).]].
وجاء في روايةِ مُسلِمٍ في هذا الحديثِ تقديمُ أكلِ مالِ اليتيمِ على أكلِ الرِّبا[[أخرجه مسلم (٨٩) (١/٩٢).]].
وقولُه: ﴿حُوبًا كَبِيرًا ﴾، يعني: إثمًا عظيمًا، قاله ابنُ عبّاسٍ وغيرُه[[«تفسير الطبري» (٦/٣٥٧)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٣/٨٥٧).]].
وتقدَّمَ في سورةِ البقرةِ الكلامُ على جوازِ مشارَكَةِ الكفيلِ لمالِ اليتيمِ والمتاجَرةِ به في قولِهِ تعالى: ﴿وإنْ تُخالِطُوهُمْ فَإخْوانُكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٠].
{"ayah":"وَءَاتُوا۟ ٱلۡیَتَـٰمَىٰۤ أَمۡوَ ٰلَهُمۡۖ وَلَا تَتَبَدَّلُوا۟ ٱلۡخَبِیثَ بِٱلطَّیِّبِۖ وَلَا تَأۡكُلُوۤا۟ أَمۡوَ ٰلَهُمۡ إِلَىٰۤ أَمۡوَ ٰلِكُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ حُوبࣰا كَبِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق