الباحث القرآني

سُورَةِ النِّسَاءِ -مَدَنِيَّةٌ ﷽ * * * قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ يَعْنِي: آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ يَعْنِي: حَوَّاءَ، ﴿وَبَثَّ مِنْهُمَا﴾ نَشَرَ وَأَظْهَرَ، ﴿رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ﴾ أَيْ: تَتَسَاءَلُونَ بِهِ، وَقَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ بِتَخْفِيفِ السِّينِ عَلَى حَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا﴾ ، ﴿وَالْأَرْحَامَ﴾ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِالنَّصْبِ، أَيْ: وَاتَّقُوا الْأَرْحَامَ أَنْ تَقْطَعُوهَا، وَقَرَأَ حَمْزَةُ بِالْخَفْضِ، أَيْ: بِهِ وَبِالْأَرْحَامِ كَمَا يُقَالُ: سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ وَالْأَرْحَامِ، وَالْقِرَاءَةُ الْأُولَى أَفْصَحُ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَكَادُ تُنَسِّقُ بِظَاهِرٍ عَلَى مُكَنَّى، إِلَّا أَنْ تُعِيدَ الْخَافِضَ فَتَقُولُ: مَرَرْتُ بِهِ وَبِزَيْدٍ، إِلَّا أَنَّهُ جَائِزٌ مَعَ قِلَّتِهِ، ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ أَيْ: حَافِظًا. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ﴾ قَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنْ غَطَفَانَ كَانَ مَعَهُ مَالٌ كَثِيرٌ لِابْنِ أَخٍ لَهُ يَتِيمٍ، فَلَمَّا بَلَغَ الْيَتِيمُ طَلَبَ الْمَالَ فَمَنَعَهُ عَمُّهُ فَتَرَافَعَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَلَمَّا سَمِعَهَا الْعَمُّ قَالَ: أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْحُوبِ الْكَبِيرِ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ مَالَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ وَيُطِعْ رَبَّهُ هَكَذَا فَإِنَّهُ يَحُلُّ دَارَهُ"، يَعْنِي: جَنَّتَهُ، فَلَمَّا قَبَضَ الْفَتَى مَالَهُ أَنْفَقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "ثَبَتَ الْأَجْرُ وَبَقِيَ الْوِزْرُ" فَقَالُوا: كَيْفَ بَقِيَ الْوِزْرُ؟ فَقَالَ: "ثَبَتَ الْأَجْرُ لِلْغُلَامِ وَبَقِيَ الْوِزْرُ عَلَى وَالِدِهِ" [[ذكره الواحدي في أسباب النزول ص (١٣٦) دون إسناد، عازيا للكلبي ومقاتل، وانظر: تفسير القرطبي: ٥ / ٨، البحر المحيط: ٣ / ١٥٩.]] . وَقَوْلُهُ ﴿وَآتُوا﴾ خِطَابٌ لِلْأَوْلِيَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ، وَالْيَتَامَى: جَمْعُ يَتِيمٍ، وَالْيَتِيمُ: اسْمٌ لِصَغِيرٍ لَا أَبَ لَهُ وَلَا جَدَّ، وَإِنَّمَا يُدْفَعُ الْمَالُ إِلَيْهِمْ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَسَمَّاهُمْ يَتَامَى هَاهُنَا عَلَى مَعْنَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَامَى. ﴿وَلَا تَتَبَدَّلُوا﴾ أَيْ: لَا تَسْتَبْدِلُوا، ﴿الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾ أَيْ: مَالُهُمُ الَّذِي هُوَ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ بِالْحَلَالِ مِنْ أَمْوَالِكُمْ، وَاخْتَلَفُوا فِي هَذَا التَّبَدُّلِ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالنَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَالسُّدِّيُّ: كَانَ أَوْلِيَاءُ الْيَتَامَى يَأْخُذُونَ الْجَيِّدَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَيَجْعَلُونَهُ مَكَانَ الرَّدِيءِ، فَرُبَّمَا كَانَ أَحَدُهُمَا يَأْخُذُ الشَّاةَ السَّمِينَةَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَيَجْعَلُ مَكَانَهَا الْمَهْزُولَةَ، وَيَأْخُذُ الدِّرْهَمَ الْجَيِّدَ وَيَجْعَلُ مَكَانَهُ الزَّيْفَ، وَيَقُولُ: دِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ. وَقِيلَ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ وَيَأْخُذُ الْأَكْبَرُ الْمِيرَاثَ، فَنَصِيبُهُ مِنَ الْمِيرَاثِ طَيِّبٌ، وَهَذَا الَّذِي يَأْخُذُهُ خَبِيثٌ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَا تَتَعَجَّلِ الرِّزْقَ الْحَرَامَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكَ الْحَلَالُ. ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ﴾ أَيْ: مَعَ أَمْوَالِكُمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾ أَيْ: مَعَ اللَّهِ، ﴿إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾ أَيْ: إِثْمًا عَظِيمًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب