الباحث القرآني
قال اللهُ تعالى: ﴿قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرامِ وحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وإنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أنَّهُ الحَقُّ مِن رَبِّهِمْ وما اللَّهُ بِغافِلٍ عَمّا يَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: ١٤٤]،
وقال: ﴿ومِن حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرامِ وإنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَبِّكَ﴾ [البقرة: ١٤٩].
كان النبيُّ ﷺ كثيرَ النظرِ إلى السماءِ تأمُّلًا وتدبُّرًا وتفكُّرًا، وهذا مِن العباداتِ التي قلَّ مَن يفعلُها، وإنْ نظَرَ الناسُ إلى السماءِ، نظَرُوا إعجابًا وتَسْلِيَةً، لا تعظيمًا للخالقِ بتأمُّلِ عظيمِ مخلوقِه، فكثيرًا ما يذكُرُ اللهُ خَلْقَ السمواتِ والأرضِ أنّه آياتٌ لأُولي الألبابِ، قال تعالى: ﴿إنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ والأَرْضِ واخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهارِ لآَياتٍ لأُولِي الأَلْبابِ ﴾ [آل عمران: ١٩٠]، ويدلِّلُ سبحانَهُ على ربوبيَّتِهِ وألوهيَّتِهِ بخلقِهما، فقال تعالى: ﴿ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَن خَلَقَ السَّماواتِ والأَرْضَ وسَخَّرَ الشَّمْسَ والقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [العنكبوت: ٦١].
والنظرُ والتفكُّرُ في العظيمِ يُعطي الإنسانَ احتقارًا لما دونَهُ خَلْقًا، فيستَدِلُّ بشيءٍ على شيءٍ آخَرَ دونَهُ بقياسِ الأَوْلى، قال اللهُ تعالى: ﴿أوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وهُوَ الخَلاَّقُ العَلِيمُ ﴾ [يس: ٨١]، وقال تعالى: ﴿لَخَلْقُ السَّماواتِ والأَرْضِ أكْبَرُ مِن خَلْقِ النّاسِ﴾ [غافر: ٥٧].
ويستدِلُّ سبحانَهُ على قدرتِهِ على التصرُّفِ في الناسِ وإفنائِهم، وإعادةِ خَلْقِهم، بالسمواتِ والأرضِ: ﴿ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّماواتِ والأَرْضَ بِالحَقِّ إنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ويَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ [إبراهيم: ١٩].
ويستدِلُّ على توقُّفِ الزمنِ وقيامِ الساعةِ بملكوتِ السمواتِ ودَوَرانِ الأفلاكِ والأرضِ ودَوَرانِ صورةِ الخلقِ في الأرضِ، تبتدِئُ ثمَّ تنتهي، وهذا كلُّه علامةٌ على قيامِ الساعةِ، فالمتحرِّكُ لا بُدَّ أنْ يسكُنَ، لأنّ حركتَهُ كانتْ بعدَ سكونٍ، وسكونَهُ كان بعدَ عدم، قال تعالى: ﴿أوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ والأَرْضِ وما خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ وأَنْ عَسى أنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: ١٨٥].
واللهُ تعالى يقدِّمُ السمواتِ على الأرضِ غالبًا، لأنّ السمواتِ أعظَمُ خَلْقًا، وأظهَرُ نظرًا، وأكثرُ عِبَرًا، وقد يقدِّمُ نادرًا الأرضَ على السمواتِ، قال تعالى: ﴿تَنْزِيلًا مِمَن خَلَقَ الأَرْضَ والسَّماواتِ العُلى ﴾ [طه: ٤]، وقال: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ ولا فِي السَّماءِ ﴾ [آل عمران: ٥]، وقال تعالى: ﴿وما يَخْفى عَلى اللَّهِ مِن شَيْءٍ فِي الأَرْضِ ولا فِي السَّماءِ ﴾ [إبراهيم: ٣٨]، وقال تعالى: ﴿وما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِن مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ ولا فِي السَّماءِ﴾ [يونس: ٦١]، وقال تعالى: ﴿وما أنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ ولا فِي السَّماءِ﴾ [العنكبوت: ٢٢]، ولكنَّه ليس في سياقِ طَلَبِ التفكُّرِ والتدبُّرِ.
النَّظَرُ إلى السماءِ عبادةٌ:
ومِن المقطوعِ به: أنّ النظرَ إلى السماءِ تفكُّرًا واعتبارًا عبادةٌ عظيمةٌ، وقد كان النبيُّ ﷺ كثيرًا ما ينظُرُ إلى السماءِ، ففي «صحيحِ مسلمٍ»، مِن حديثِ أبي موسى رضي الله عنه، قال: صَلَّيْنا المَغْرِبَ مع رسولِ اللهِ ﷺ، ثُمَّ قُلْنا: لو جلَسْنا حتى نصلِّيَ معه العشاءَ، قال: فجلَسْنا فخرَجَ علينا، فقال: (ما زِلْتُمْ هَهُنا؟)، قُلْنا: يا رسولَ اللهِ، صَلَّيْنا معك المَغْرِبَ، ثمَّ قُلْنا: نجلِسُ حتى نصلِّيَ معك العشاءَ، قال: (أحْسَنْتُمْ) أو: (أصَبْتُمْ)، قال: فرفَعَ رأسَهُ إلى السماءِ ـ وكان كثيرًا ما يَرْفَعُ رأسَهُ إلى السماءِ ـ فقال: (النُّجُومُ أمَنَةٌ لِلسَّماءِ، فَإذا ذَهَبَتِ النُّجُومُ، أتى السَّماءَ ما تُوعَدُ، وأَنا أمَنَةٌ لأَصْحابِي، فَإذا ذَهَبْتُ، أتى أصْحابِي ما يُوعَدُونَ، وأَصْحابِي أمَنَةٌ لأُمَّتِي، فَإذا ذَهَبَ أصْحابِي، أتى أُمَّتِي ما يُوعَدُونَ) [[أخرجه مسلم (٢٥٣١) (٤/١٩٦١).]].
وفي النظرِ إلى السماءِ حِكَمٌ جليلةٌ، منها:
أولًا: التفكُّرُ والتدبُّرُ والاعتبارُ.
ثانيًا: إظهارُ الحاجةِ والفقرِ والضعفِ، ولو لم يتكلَّمِ الإنسانُ.
ثالثًا: حسنُ الظنِّ باللهِ، وكأنّ الإنسانَ يرقُبُ نزولَ الخيرِ ويتحيَّنُهُ، كمَن يعلو جبلًا يرقُبُ قادمًا يتوقَّعُ قدومَهُ.
ولذا كان النبيُّ ﷺ يُقلِّبُ وجهَهُ في السماءِ ينتظرُ تحويلَ القِبْلةِ، محسِنًا ظنَّه باللهِ، ومتفائِلًا بعاجلِ جوابِه.
رابـعًـا: إفرادُ اللهِ في الربوبيَّةِ والعبادةِ، فمدبِّرُ هذه الأفلاكِ لا يمكِنُ أنْ يكونَ إلا واحدًا، فمسيِّرُ هذه الأفلاكِ ومدبِّرُها ـ بهذا النظامِ الدقيقِ الذي لم يختلَّ بمرورِ آلافِ السنينَ، بل بَقِيَ دونَ اضطرابٍ أو تغيُّرٍ ـ واحدٌ، ولو كان أكثَرَ مِن ذلك، لاختلَفُوا واختصَمُوا ولو في تدبيرِ شيءٍ واحدٍ: ﴿لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ العَرْشِ عَمّا يَصِفُونَ ﴾ [الأنبياء: ٢٢].
خامسًا: زيادةُ الإيمانِ بمشاهَدَةِ قُدْرةِ اللهِ، وعظيمِ خَلْقِه، وإتقانِ صُنْعِه.
سـادسًا: تواضُعُ الإنسانِ عندَ رؤيتِه مخلوقًا أعظَمَ منه، فينفي عنه خَصْلةَ الكِبْرِ، ويهذِّبُ النفسَ بمعرفةِ قَدْرِها.
سـابعًا: الخوفُ مِن اللهِ، فكلَّما ظهرتْ قوةُ السيِّدِ، زادَ خوفُ العبدِ، وأطاعَهُ وحَذِرَ مِن معصيتِه.
ثـامـنًـا: الاعتمادُ والاتِّكالُ عليه في تدبيرِ الشأنِ، فمدبِّرُ هذه الأجرامِ والأفلاكِ، ومدبِّرُ هذه المخلوقاتِ ومسيِّرُها بانتظامٍ: أقدَرُ على تدبيرِ شأنِ العبدِ.
تـاسـعًا: الإيمانُ بجميعِ صفاتِه وأسمائِه التي تُرى آثارُها في هذه المخلوقاتِ، مِن عَظَمةٍ، وقُوَّةٍ، ورِزْقٍ، وتقديرٍ، ولُطْفٍ، وجَبَروتٍ، وكبرياءَ، وعِزَّةٍ، وانتقامٍ، وعلوٍّ، فالخالقُ فوقَ جميعِ المخلوقاتِ مكانًا ومكانةً.
عـاشرًا: هوانُ مَن يستعظِمُ ويستعلي على اللهِ مِن متكبِّري الأرضِ مِن سلاطينَ وظَلَمَةٍ، وعدَمُ الخوفِ منهم، وهوانُ كلِّ معبودٍ يُعبَدُ مِن دونِ اللهِ في الأرضِ أو في السماءِ في عَيْنِ العبدِ عندَ تأمُّلِ عَظَمةِ اللهِ وقدرتِه.
وغيرُ ذلك مِن الحِكَمِ، التي لو أرادَ الإنسانُ استقصاءَها، لتعذَّر ذلك عليه.
والذي يُستفادُ مِن هذه الآيةِ: استحبابُ النظرِ إلى السماءِ عندَ الدعاءِ في غيرِ الصلاةِ، وهذا مِن السُّنَنِ المهجورةِ، وكان النبيُّ إذا دعا، نظَرَ إلى السماءِ، كما هو ظاهرُ الآيةِ في تقلُّبِ وجهِه في السماءِ، فقد روى ابنُ جريرٍ، مِن حديثِ ابنِ أبي جعفرٍ، عن أبيهِ، عن الربيعِ، في قولِه: ﴿قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وجْهِكَ فِي السَّماءِ﴾، يقولُ: نظَرَك في السماءِ[[«تفسير الطبري» (٢/٦٥٧).]].
وقيل: إنّ النبيَّ إنّما كان يُكثِرُ مِن تقليبِ بصرِه في السماءِ راجيًا بقلبِهِ تحويلَ القِبْلةِ وإنْ لم ينطِقْ بالدعاءِ، وهذا الفعلُ لو صدَرَ مِن العبدِ جائزٌ، ولكنْ لا دليلَ ظاهرًا على أنّ النبيَّ ﷺ فعَلَهُ في القِبْلةِ، ورفعُ البصرِ إلى السماءِ تضرُّعًا مع لَهَجِ القلبِ، كرفعِ الأَكُفِّ تضرُّعًا مع لَهَجِ اللسانِ وحضورِ القلبِ، ورفعُ البصرِ والأَكُفِّ ولَهَجُ القلبِ واللسانِ بالمناجاةِ: أكملُ أحوالِ الدعاءِ.
وقد جاء في رفعِ بصرِهِ إلى السماءِ أحاديثُ كثيرةٌ عندَ دعائِهِ وغيرِه.
وكان أصحابُهُ يَعْرِفُونَ دعاءَهُ برفعِ بصرِهِ إلى السماءِ، ففي «صحيحِ مسلمٍ»، عن المِقْدادِ، قال: أقبَلْتُ أنا وصاحبانِ لي، وقد ذهَبَتْ أسماعُنا وأبصارُنا مِن الجَهْدِ، فجَعَلْنا نَعْرِضُ أنفُسَنا على أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ، فليس أحدٌ منهم يَقْبَلُنا، فأتَيْنا النبيَّ ﷺ، فانطلَقَ بنا إلى أهلِهِ، فإذا ثلاثةُ أعْنُزٍ، فقال النبيُّ ﷺ: (احْتَلِبُوا هَذا اللَّبَنَ بَيْنَنا)، قال: فكنّا نحتلِبُ فيشْرَبُ كلُّ إنسانٍ منّا نَصِيبَهُ، ونرفعُ للنبيِّ ﷺ نَصِيبَهُ، قال: فيَجِيءُ مِن الليلِ فيُسَلِّمُ تسليمًا لا يُوقِظُ نائمًا، ويُسْمِعُ اليَقْظانَ، قال: ثُمَّ يأتي المسجِدَ، فيُصلِّي، ثمَّ يأتي شرابَهُ فيشربُ، فأتاني الشيطانُ ذاتَ ليلةٍ وقد شَرِبْتُ نصيبي، فقال: محمَّدٌ يأتي الأنصارَ فيُتْحِفُونَهُ ويُصِيبُ عندَهم، ما به حاجةٌ إلى هذه الجُرْعَةِ، فأتيتُها فشَرِبْتُها، فلمّا أنْ وغَلَتْ في بَطْنِي، وعَلِمْتُ أنّه ليس إليها سبيلٌ، قال: نَدَّمَنِي الشيطانُ، فقال: ويْحَكَ، ما صَنَعْتَ؟ أشَرِبْتَ شرابَ محمدٍ، فيجيءُ فلا يجدُهُ فيَدْعُو عليك فتَهلِكُ فتذهَبُ دُنْياكَ وآخِرَتُك؟! وعَلَيَّ شَمْلَةٌ إذا وضَعْتُها على قدميَّ، خرَجَ رأسي، وإذا وضَعْتُها على رأسي، خرَجَ قدماي، وجعَلَ لا يَجِيئُني النومُ، وأمّا صاحِبايَ فناما، ولم يَصْنَعا ما صنَعْتُ، قال: فجاء النبيُّ ﷺ، فسلَّمَ كما كان يُسلِّمُ، ثمَّ أتى المسجِدَ فصلّى، ثم أتى شرابَهُ فكشَفَ عنه، فلم يَجِدْ فيه شيئًا، فرفَعَ رأسَهُ إلى السماءِ، فقلتُ: الآن يَدْعُو عَلَيَّ فأَهْلِكُ، فقال: (اللَّهُمَّ أطْعِمْ مَن أطْعَمَنِي، وأَسْقِ مَن أسْقانِي) [[أخرجه مسلم (٢٠٥٥) (٣/١٦٢٥).]].
وفي حديثِ عُقْبةَ في «سننِ أبي داود»، في رفعِ النبيِّ بصرَهُ إلى السماءِ بعدَ وُضوئِهِ، وفيه ضعفٌ[[أخرجه أبو داود (١٧٠) (١/٤٤).]].
وفي «سننِ أبي داود»، عن الشَّعْبيِّ عن أمِّ سَلَمةَ، قالتْ: ما خرَجَ النبيُّ ﷺ مِن بيتي قطُّ إلا رفَعَ طَرْفَهُ إلى السماءِ، فقال: (اللَّهُمَّ، إنِّي أعُوذُ بِكَ أنْ أضِلَّ أوْ أُضَلَّ، أوْ أزِلَّ أوْ أُزَلَّ، أوْ أظْلِمَ أوْ أُظْلَمَ، أوْ أجْهَلَ أوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ) [[أخرجه أبو داود (٥٠٩٤) (٤/٣٢٥).]].
وعندَ أبي داودَ وغيرِه، عن ابنِ عباسٍ، قال: رأيتُ رسولَ اللهِ ﷺ جالسًا عندَ الرُّكْنِ، قال: فرفَعَ بصرَهُ إلى السماءِ، فضَحِكَ، فقال: (لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ ـ ثَلاثًا ـ إنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الشُّحُومَ، فَباعُوها، وأَكَلُوا أثْمانَها) [[أخرجه أبو داود (٣٤٨٨) (٣/٢٨٠).]].
وعن عائشةَ زوجِ النبيِّ ﷺ، قالتْ: كان رسولُ اللهِ ﷺ وهو صحيحٌ يقولُ: (إنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ قَطُّ حَتّى يَرى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ، ثُمَّ يُحَيّا أوْ يُخَيَّرَ)، فَلَمّا اشْتَكى وحَضَرَهُ القَبْضُ، ورَأْسُهُ عَلى فَخِذِ عائِشَةَ، غُشِيَ عَلَيْهِ، فَلَمّا أفاقَ، شَخَصَ بَصَرُهُ نَحْوَ سَقْفِ البَيْتِ، ثُمَّ قالَ: (اللَّهُمَّ، فِي الرَّفِيقِ الأَعْلى!) [[أخرجه البخاري (٤٤٣٧) (٦/١٠)، ومسلم (٢٤٤٤) (٤/١٨٩٤).]]، رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ.
وكان ينظُرُ عندَ تدبُّرِ آيِ السمواتِ والأرضِ والاعتبارِ بهما، فقد روى البخاريُّ، مِن حديثِ ابنِ عَبّاسٍ، قال: بِتُّ في بيتِ مَيْمُونةَ لَيْلةً، والنبيُّ ﷺ عندَها، لأَنْظُرَ كيف صلاةُ رسولِ اللهِ ﷺ بالليلِ، فتحدَّثَ رسولُ اللهِ ﷺ مع أهلِهِ ساعةً، ثمَّ رقَدَ، فلمّا كان ثُلُثُ الليلِ الآخِرُ، أو بعضُهُ، قعَدَ فنظَرَ إلى السماءِ، فقرَأَ: ﴿إنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ والأَرْضِ﴾، إلى قولِهِ: ﴿لأُولِي الأَلْبابِ ﴾ [آل عمران: ١٩٠] [[أخرجه البخاري (٧٤٥٢) (٩/١٣٥).]].
وربَّما رفَعَ النبيُّ ﷺ بصَرَهُ إلى السماءِ، وهو يتحدَّثُ إلى أصحابِهِ ويَعِظُهم ويعلِّمُهم، فقد روى البخاريُّ ومسلمٌ والتِّرمِذيُّ وغيرُهم، عن عليٍّ، قال: بينما نحنُ مع رسولِ اللهِ ﷺ وهو ينكُتُ في الأرضِ، إذْ رفَعَ رأسَهُ إلى السَّماءِ، ثُمَّ قال: (ما مِنكُمْ مِن أحَدٍ إلاَّ قَدْ عُلِمَ ـ وقال وكِيعٌ: إلاَّ قَدْ كُتِبَ ـ مَقْعَدُهُ مِنَ النّارِ، ومَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ)، قالُوا: أفَلا نَتَّكِلُ يا رَسُولَ اللهِ ؟ قالَ: (لا، اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ لَهُ) [[أخرجه البخاري (٤٩٤٩) (٦/١٧١)، ومسلم (٢٦٤٧) (٤/٢٠٤٠)، والترمذي (٢١٣٦) (٤/٤٤٥).]].
ورفعُ البصرِ عندَ الأمورِ العظيمةِ مستَحَبٌّ، وعندَ نزولِ المصيبةِ ورجاءِ الإعانةِ، ففي ذلك إظهارُ ضعفٍ وافتقارٍ والتجاءٍ.
ورفعُ البصرِ إلى السماءِ هو سجودُ العَيْنِ، لأنّ مَدَّ البصرِ بصورةِ التعظيمِ لِما دُونَ اللهِ يُورِثُ هَيْبةً في القَلْبِ للمخلوقِ وتعظيمًا له ورجاءً لما عندَهُ، وهذا قبَسٌ مِن العبوديَّةِ لا يكادُ يَسْلَمُ منه أحدٌ، ولذا خَفَّفَ اللهُ فيه، لمشقةِ الاحترازِ منه، وأمَرَ بالاحترازِ منه الكُمَّلَ مِن العِبادِ كالأنبياءِ، ولذا قال اللهُ لنبيِّهِ: ﴿ولَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعًا مِنَ المَثانِي والقُرْآنَ العَظِيمَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أزْواجًا مِنهُمْ﴾ [الحجر: ٨٧ ـ ٨٨]، فأمَرَهُ بإطلاقِ الفِكْرِ والعَيْنِ في القرآنِ، لأنّ مَدَّ البصرِ يُورِثُ تعظيمًا للمنظورِ، حتى يصلَ بالإنسانِ إلى الافتتانِ به والعبوديَّةِ له: ﴿ولا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أزْواجًا مِنهُمْ زَهْرَةَ الحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ورِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وأَبْقى ﴾ [طه: ١٣١].
ولذا يُسمّى اللاهي بالدِّينارِ والدرهمِ عن حدودِ اللهِ: عَبْدًا له، وفي الحديثِ: «تَعِسَ عبدُ الدِّينارِ والدِّرْهَمِ» [[أخرجه البخاري (٢٨٨٧) (٤/٣٤)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]].
وروى ابنُ أبي شَيْبةَ، وأبو نُعَيْمٍ، عن هشامِ بنِ عُرْوةَ، قال: كان أبي إذا رأى شيئًا مِن أمرِ الدُّنيا يُعجِبُهُ، قال: ﴿لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أزْواجًا مِنهُمْ﴾[[أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٣٠١١٦) (٦/١٣٧).]].
وإدامةُ النظرِ إلى الشيءِ تَنسِجُ خيوطًا تقيِّدُ القلبَ وتعلِّقُه به، حتى يُكبَّلَ القلبُ ويُصبِحَ أسيرًا لما يَرى، ويَظُنُّ أنّه حُرٌّ طليقٌ!
وإنّما نَهى اللهُ نبيَّه عن «مَدِّ العَيْنِ»، ولم ينهَ عن النظرِ، لأنّ المدَّ هو إطالةُ التأمُّلِ، والنهيُ عن أصلِ النظرِ يُنافي الحِكْمةَ مِن خَلْقِ العَيْنِ والإبصارِ، فالأرضُ مليئةٌ بالنِّعَمِ والأرزاقِ الممنوحةِ للخَلْقِ، فمنعُ النظرِ لها ابتداءً لا يُناسِبُ حِكْمةَ خَلْقِ البصرِ.
ورُوِيَ عن إبراهيمَ الخليلِ رَفْعُ بصرِهِ إلى السماءِ عندَ ضربِ أصنامِ قومِهِ، روى ابنُ أبي حاتمٍ، عن الحَسَنِ، قال: خرَجَ قومُ إبراهيمَ عليه السلام إلى عِيدٍ لهم، وأرادُوا إبراهيمَ عليه السلام على الخروجِ، فاضطجَعَ على ظهرِهِ، فقال: إنِّي سقيمٌ لا أستطيعُ الخروجَ، وجعَلَ ينظُرُ إلى السماءِ، فلمّا خرَجُوا، أقبَلَ على آلهتِهِمْ فكسَّرَها[[«تفسير ابن أبي حاتم» (١٠/٣٢٢٠).]].
ونظرُهُ إلى السماءِ توكُّلٌ وافتقارٌ، وطلبُ إعانةٍ وكفايةٍ.
وقد ذكَرَ اللهُ في هذه الآيةِ: أنّ سببَ تغييرِ القِبلةِ لنبيِّهِ تقلُّبُ وجهِهِ في السماءِ، وخصَّ اللهُ نبيَّه بأمرِ الاستقبالِ، بقولِه تعالى: ﴿فَوَلِّ وجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرامِ﴾، إكرامًا له، ثمَّ عمَّمَ الخطابَ للأمَّةِ، وإنْ كانتْ داخلةً في أمرِهِ تعالى: ﴿وحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾.
ولم تتحوَّلِ القِبْلةُ إلا مع طولِ سؤالٍ وتضرُّعٍ وطولِ نَظَرٍ في السماءِ، ولذا قال تعالى: ﴿تَقَلُّبَ وجْهِكَ فِي السَّماءِ﴾، يعني: رَفْعَهُ وإدارتَهُ مراتٍ ومراتٍ.
تكرارُ الدعاءِ والإلحاحُ به:
وفي هذا: مشروعيةُ تَكْرارِ السؤالِ والإلحاحِ بالدعاءِ، وعدمُ اليأسِ من الإجابةِ، فإذا كان هذا لنبيٍّ، فكيف لغيرِه؟! فللَّهِ حِكَمٌ وغاياتٌ محمودةٌ بتأجيلِ إجابةِ دعوةِ عبدِه، منها ما يختصُّ بالأمرِ الذي دعا بتحقيقِه، فاللهُ يختارُ لعبدِهِ عندَ الإجابةِ أصلَحَ الزمنِ لا أسرعَهُ، ومنها ما يتعلَّقُ بالعبدِ نفسِه، فالدعاءُ عظيمٌ وعبادةٌ جليلةٌ، وربَّما احتاجَ إلى التضرُّعِ، لِيَعْظُمَ أجْرُه، ويزولَ كِبْرُه، وتُنَقّى نفسُه، وتتهذَّبَ سريرتُه بطولِ الانكسارِ، فيتحقَّقُ له بذلك أمورٌ عظيمةٌ وهو يُريدُ أمرًا واحدًا، وربَّما كان ذلك سببًا لتعجيلِ خيرٍ آخَرَ يَدْعُو به بنفسٍ مُقْبِلةٍ هذَّبَها دعاؤُها السابقُ.
روى ابنُ جريرٍ، عن مَعْمَرٍ، عن قتادةَ، في قولِه: ﴿قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وجْهِكَ فِي السَّماءِ﴾، قال: كان ﷺ يُقلِّبُ وجهَهُ في السماءِ، يُحِبُّ أنْ يَصْرِفَهُ اللهُ عزّ وجل إلى الكَعْبةِ، حتى صرَفَهُ اللهُ إليها[[«تفسير الطبري» (٢/٦٥٦).]].
وفي قولِه: ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها﴾: إشارةٌ إلى أنّ النبيَّ ﷺ امتثَلَ أمرَ اللهِ، مع أنّ نَفْسَ النبيِّ تُحِبُّ التوجُّهَ إلى المسجدِ الحرامِ أكثَرَ، وأنّ رَغْبةَ النفسِ وإنْ كانتْ مِن نبيٍّ ينبَغي ألاَّ تصيِّرَه إلى خلافِ ما يريدُهُ اللهُ، وأنّ التفاضُلَ بينَ الأعمالِ يحكُمُهُ اللهُ وليس النفوسَ، وكثيرًا ما تميلُ النفسُ إلى قولٍ فتلتقِطُ له مؤيِّداتٍ من الدلائلِ والقرائنِ حتى تثقُلَ كِفَّتُه، ولو مالتْ إلى غيرِهِ، لَفَعَلَتْ مِثلَ ذلك، وهكذا يدورُ الدِّينُ والرأيُ في فلَكِ الهَوى ولا يشعرُ الإنسانُ بذلك.
وقولُهُ تعالى: ﴿وحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾: إشارةٌ إلى وجوبِ استقبالِ الجميعِ للقِبْلةِ، الإمامِ والمأمومِ والمنفرِدِ، قائمًا وقاعدًا وعلى جنبٍ، حسَبَ الاستطاعةِ والطاقةِ، ويخرُجُ من ذلك النافلةُ في السفرِ، لفعلِه عليه الصلاةُ والسلامُ.
فيجبُ على المأمومِ أنْ يستقبِلَ عَيْنَ القِبْلةِ مع الإمامِ عندَ رؤيتِها، ويجبُ على الجميعِ استقبالُ الجهةِ عندَ البُعْدِ عنها.
وقولُه: ﴿شَطْرَهُ﴾، يعني: نحوَهُ وجِهَتَهُ، ثبَتَ هذا عن عمرِو بنِ دينارٍ، عن ابنِ عباسٍ[[«تفسير الطبري» (٢/٦٦١).]]، وابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مجاهدٍ[[«تفسير الطبري» (٢/٦٦٠).]]، رواهُ ابنُ جريرٍ عنهم، وعن آخَرِين[[«تفسير الطبري» (٢/٦٦٠ ـ ٦٦١).]].
وإنّما كان النبيُّ يُحِبُّ استقبالَ المسجِدِ الحرامِ، لأنّ اليهودَ فَرِحُوا باستقبالِ النبيِّ لقِبْلَتِهم ويَعْجَبُونَ مِن استقبالِهِ لها، مع أنّه يُخالِفُهم، رُوِيَ هذا عن ابنِ عباسٍ[[«تفسير الطبري» (٢/٤٥٠).]]، ومجاهدٍ[[«تفسير الطبري» (٢/٦٥٧).]]، وغيرِهما، ولذا قال سبحانه: ﴿وإنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أنَّهُ الحَقُّ مِن رَبِّهِمْ وما اللَّهُ بِغافِلٍ عَمّا يَعْمَلُونَ ﴾.
{"ayahs_start":144,"ayahs":["قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِی ٱلسَّمَاۤءِۖ فَلَنُوَلِّیَنَّكَ قِبۡلَةࣰ تَرۡضَىٰهَاۚ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَیۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّوا۟ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥۗ وَإِنَّ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ لَیَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا یَعۡمَلُونَ","وَلَىِٕنۡ أَتَیۡتَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ بِكُلِّ ءَایَةࣲ مَّا تَبِعُوا۟ قِبۡلَتَكَۚ وَمَاۤ أَنتَ بِتَابِعࣲ قِبۡلَتَهُمۡۚ وَمَا بَعۡضُهُم بِتَابِعࣲ قِبۡلَةَ بَعۡضࣲۚ وَلَىِٕنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَاۤءَهُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ إِنَّكَ إِذࣰا لَّمِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ","ٱلَّذِینَ ءَاتَیۡنَـٰهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ یَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا یَعۡرِفُونَ أَبۡنَاۤءَهُمۡۖ وَإِنَّ فَرِیقࣰا مِّنۡهُمۡ لَیَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ","ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِینَ","وَلِكُلࣲّ وِجۡهَةٌ هُوَ مُوَلِّیهَاۖ فَٱسۡتَبِقُوا۟ ٱلۡخَیۡرَ ٰتِۚ أَیۡنَ مَا تَكُونُوا۟ یَأۡتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِیعًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ","وَمِنۡ حَیۡثُ خَرَجۡتَ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۖ وَإِنَّهُۥ لَلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ"],"ayah":"وَلَىِٕنۡ أَتَیۡتَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ بِكُلِّ ءَایَةࣲ مَّا تَبِعُوا۟ قِبۡلَتَكَۚ وَمَاۤ أَنتَ بِتَابِعࣲ قِبۡلَتَهُمۡۚ وَمَا بَعۡضُهُم بِتَابِعࣲ قِبۡلَةَ بَعۡضࣲۚ وَلَىِٕنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَاۤءَهُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ إِنَّكَ إِذࣰا لَّمِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق