الباحث القرآني
﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا﴾ الفاء ذكرنا أنها للتفريع، واللام في قوله: ﴿لَنُوَلِّيَنَّكَ﴾ موطئة للقسم، فالجملة إذن مؤكدة بثلاثة، بثلاثة مؤكدات، وهي: القسم المقدر، واللام، والنون، ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ﴾، وأتى بها بصيغة التعظيم ﴿لَنُوَلِّيَنَّكَ﴾؛ لأنه سبحانه وتعالى عظيم، فالنون هنا للعظمة، وقوله: ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ﴾ المعنى: فلنجعلنك تتولى قبلة، فلنجعلنك تتولى قبلة، وعلى هذا فتكون الكاف مفعولًا أول، و(قبلة) مفعولًا ثانيًا، وقيل: إن المعنى ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ﴾: فلنحولنك، وعلى هذا المعنى يكون قوله: ﴿قِبْلَةً﴾ منصوبًا بنزع الخافض، أي: فلنحولنك إلى قبلة ترضاها، مفهوم؟ وقوله: ﴿قِبْلَةً﴾ معنى القبلة الشيء الذي يُستقبل ويوليه الإنسان وجهه، وقوله: ﴿قِبْلَةً﴾ نُكِّرت للتعظيم (قبلة)، وقوله: ﴿تَرْضَاهَا﴾ أي: تطمئن إليها وتحبها وتقبلها، والرسول عليه الصلاة والسلام قَبِلَ هذا وهذا، لكنه يحب أن يُصرف إلى الكعبة.
قال الله تعالى بعد أن قدم هذه المقدمة ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾، ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾، وَلِّهِ: اسْتَقْبِله، استقبل بوجهك، وقوله: ﴿وَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ﴾، (وجه) مفعول أول، و(شطر) مفعول ثان، والمراد بالشطر هنا الجهة، يعني جهة المسجد الحرام، وقوله: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾، المراد به أيضًا جميع البدن؛ لأن البدن بهيئته وطبيعته إذا استقبل الوجه جهة صار جميع البدن مستقبلًا لها، وقوله: ﴿شَطْرَ الْمَسْجِدِ﴾، المسجِد في الأصل مكان السجود، وقيل: إن المسجَد مكان السجود، مسجَد بالفتح، والمسجِد المكان المعد للسجود، فيكون بينهما فرق، بينهما فرق هو أن المكان المبني المعد للسجود يسمى مسجِد بالكسر، وأما المكان الذي سجدت فيه بالفعل فيسمى مسجَد، وقوله: ﴿الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾، (الحرام) صفة مشبهة من الحُرم وهو المنع، وسمي حرامًا؛ لأنه يُمنع فيه من أشياء لا تُمنع في غيره، ولأنه محترم معظم، والمراد به أيش؟ المراد بالمسجد الحرام هنا الكعبة وما حولها من البناء المعروف، وقوله: ﴿شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾، عَدَل عن قوله عن الخطاب للنبي عليه الصلاة والسلام إلى الخطاب لأمته، فقال: ﴿وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾؛ لأن خطاب النبي ﷺ خطاب له وللأمة؛ إذ إنه الإمام، والخطاب إذا وُجِّه للإمام فهو خطاب له ولأمته، ونظير ذلك أن الوزير مثلًا يقول للقائد: اتجه إلى كذا، المعنى اتجه ومن يتبعك من الجنود، فهكذا الخطاب الموجه للرسول ﷺ يكون له وللأمة، ونظير هذا قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ﴾ [الطلاق ١]، فخاطب النبي ﷺ أولًا، ثم قال: ﴿إِذَا طَلَّقْتُمُ﴾؛ لأن الحكم له ولأمته، على أنه إن كانت هذه الآية بعد نزول قوله تعالى: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ [الأحزاب ٥٢]، فإنما وجَّه الخطاب إلى الأمة؛ لأنه لا يمكن أن يقع من الرسول عليه الصلاة والسلام طلاق، قال: ﴿وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ﴾، هذه (حيثما) ظرف مكان لكنها شرطية زيدت عليها (ما) لفظًا لا معنى للتوكيد، ويجوز في غير القرآن أن تقول: حيث كنت، ولكنها في القرآن لا تغيَّر، وقوله: ﴿كُنْتُمْ﴾ هذا فعل الشرط، أين جواب الشرط؟
كان في مكة ومن كان (...) ومن كان بعيدًا عنها، ولهذا جاء التعبير بقوله: ﴿شَطْرَهُ﴾، أي: نحوه؛ ويشمل من كان في جوف الكعبة ولّا لا؟ نعم يشمله؛ لأنه لعموم قوله: ﴿حَيْثُ مَا كُنْتُمْ﴾، إذن إذا كان في جوف الكعبة يَستقبل أمام وجهه من أي الجهات كان، أليس كذلك؟ من أي الجهات إلا أن بعض أهل العلم يقول: لا يستقبل الباب إذا كان مفتوحًا ما لم يكن له عتبة؛ لأنه لا بد من شاخص يكون بين يديه، حتى يصح أن يقال إنه ولّى وجهه شطره، طيب إذا كنا خارج البيت لكن في المسجد ندور عليه ولّا لا؟ ندور عليه؛ لأننا لو استقمنا في صف مستقيم ما ولّينا وجوهنا نحوه أي شطره، يصير من خرج عن مُسامكته ولّى وجهه جهة غيره؛ لأنه محصور الآن، وإذا ابتعدنا فإننا، بعض العلماء يقول: إن كنت في مكة فاستقبِل المسجد، وإن كنت خارج مكة فاستقبل مكة، لكن هذا تقريبي، إنما الصواب في هذه المسألة أن من أمكنه مشاهدة عين الكعبة وجب عليه استقبال العين لا يخرج عن مسامكتها، ومن لا يمكنه مشاهدتها لبُعد أو حيلولة شيء دونها استكفى بالجهة؛ لقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة ٢٨٦].
* طالب: وإن حال عمود يا شيخ بينهما؟
* الشيخ: لا، حال عمود يمكن أن يتجه، يعني في المسجد؟
* الطالب: عمود أو شيء موضوع (...)؟
* الشيخ: إي هذا يمكن يصيب عينها ولو حال.
* طالب: ما هو مقصود النظر المقصود الجهة.
* الشيخ: إي نعم المقصود أنك تكون أنت محاذيًا لها.
* طالب: على هذا القول ما يجوز أن يصلى فوق ظهر الكعبة؟
* الشيخ: نعم على القول بأنه لا بد من شاخص ما نصلي فوق سطحها، لكن سطحها فيه جدار، السطح فيه جدار، فيه جدار يصل إلى فوق الركبة، إي نعم.
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: نعم، ما فيه شيء أبدًا؛ ولذلك قلت لك: عتبة الباب تجزئ عند الذين يقولون: لا بد من شاخص، يقولون: عتبة الباب تجزئ.
* الطالب: (...) يصلي ولا؟
* الشيخ: لا، بس يقولون المهم أن يكون شاخص بين يديه، يعني يكون شيء مرتفع يكون بين يديه.
وقوله: ﴿حَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ يشمل من كان في الطائرة؟ نعم، أو في الباخرة، أو في القطار، أو في السيارة فلا بد أن يستقبل القبلة، ولكن عند ذكر الفوائد سنذكر إن شاء الله ما يُستثنى من ذلك.
وقوله: ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾، ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾، والمراد بالكتاب الجنس، وهو التوراة والإنجيل، والذين أوتوه هم اليهود والنصارى، وقوله: ﴿لَيَعْلَمُونَ﴾ اللام هنا للتوكيد، فالجملة إذن مؤكدة بـ (إنّ) واللام، ﴿أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾، ﴿أَنَّهُ﴾ أي: استقبالك المسجد الحرام، ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾، لكنهم -والعياذ بالله– يشوهوه، وإلا فهم يعلمون أن الرسول عليه الصلاة والسلام سيستقبل الكعبة، من أين علموا ذلك؟ مما جاء في كتبهم من وصف الرسول ﷺ، فإنهم يعلمون أن هذا النبي الأمي سوف يتجه إلى الكعبة، وقوله: ﴿لَيَعْلَمُونَ﴾، العلم هو إدراك الشيء إدراكًا جازمًا وأيش بعد؟ مطابقًا للواقع، وقوله: ﴿أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾، ذكرنا أن الحق معناه الشيء الثابت، فإن أضيف إلى الخبر فهو الصدق، وإن أضيف إلى الحكم فهو العدل، قال الله تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا﴾ [الأنعام ١١٥]، وقوله: ﴿أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾، الرب تقدمنا مرارًا وتكرارًا أنه الخالق المالك الكامل السلطان، وإنما أضاف الربوبية هنا إليهم ﴿مِنْ رَبِّهِمْ﴾؛ لإقامة الحجة عليهم، حيث يعترفون بربوبيته، ومن اعترف بربوبيته لزم أن يعترف بأحكامه وتصرفه؛ لأن الرب له الملك المطلق يتصرف كيف يشاء، وإلا فهو رب الجميع، لكن هذا فائدة إضافته إليهم.
﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ (ما) هنا حجازية ولّا تميمية؟
* طالب: حجازية.
* الشيخ: وأيش الدليل؟
* طالب: لأنها عملت.
* الشيخ: لا.
* طالب: (...).
* الشيخ: وتدخل حتى التميمية.
* طالب: أقول: القرآن بقراءة الحجاز.
* الشيخ: هذه صح؛ لأن القرآن بلغة قريش، والدليل على هذا قوله في سورة يوسف: ﴿مَا هَذَا بَشَرًا﴾ [يوسف ٣١]، ولم يقل: بشرٌ، ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ [يوسف ٣١]، فالقرآن بلغة قريش، وقريش حجازيون ليسوا تميميين، وقوله: ﴿بِغَافِلٍ﴾، الباء زائدةٌ إعرابًا مفيدة معنى، ما فائدتها؟
* الطلبة: التوكيد.
* الشيخ: التوكيد، وقوله: ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ﴾، إذن الباء حرف جر من حيث الإعراب زائد، و(غافل) خبر (ما) منصوب بها وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، وقوله: ﴿بِغَافِلٍ﴾ الغفلة: اللهو والسهو عن الشيء، وقوله: ﴿عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ (ما) اسم موصول تفيد العموم، يعني عن أي عمل يعملونه، سواء كان عملًا قلبيًّا أم جارحيًّا، يعني أن يتعلق بالجوارح أو يتعلق بالقلوب، فيشمل الاعتقاد ويشمل القول والفعل، وقوله: ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ يفيد التهديد لهؤلاء؛ لأن الغرض من هذه الجملة تهديدهم على مخالفتهم، حيث أنكروا ما يعلمون أنه الحق من ربهم، وهذه الصفة ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ من صفات الله الإيجابية ثبوتية أو السلبية؟ السلبية المنفية، وقد ذكرنا فيما سبق أن الصفات السلبية لا يُقصد بها مجرد السلب والنفي، وإنما يقصد بها مع ذلك إثبات كمال الضد، فمثلًا ﴿مَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ تستلزم كمال العلم والمراقبة لأعمالهم الذي لا يعتريها أي غفلة، وقد ذكرنا فيما سبق أن النفي المجرد لا يستلزم كمالًا؛ لأنه قد يستلزم نقصًا وقد لا يدل على مدح ولا نقص، أو نسيتم؟ مثال النفي الذي يستلزم النقص؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا هذه ليست تستلزم الكمال، ما يمكن يكون نفي لله يستلزم النقص أبدًا، يعني نفي الغفلة ما تستلزم النقص؛ لأنه لكماله ليس بغافل، من يعرف؟
* طالب: (...).
* الشيخ: هو نفي، نفي شيء مذموم، وهو ما يستلزم الكمال، بل هو نقص.
* طالب: قولك: الضعيف لا يظلم.
* الشيخ: ممكن.
* الطالب: ما ظلم لضعفه لأنه عاجز عن الظلم.
* طالب: من غير القرآن ولا من القرآن؟
* الشيخ: لا، من غير القرآن.
* الطالب: ؎قُبَيِّلَةٌ لَا يَغْدِرُونَ بِذِمَّةٍ ∗∗∗ وَلَا يَظْلِمُونَ النَّاسَ حَبَّةَخَرْدَلِ
* الشيخ: صح ؎قُبَيِّلَةٌ لَا يَغْدِرُونَ بِذِمَّةٍ ∗∗∗ وَلَا يَظْلِمُونَ النَّاسَ حَبَّةَخَرْدَلِ
عندما أسمع هذا الكلام أقول: إن هؤلاء القوم أوفياء وغير معتدين، أوفياء لا يغدرون بذمة، غير معتدين لا يظلمون الناس، والواقع أنه وصفهم بالنقص، وصفهم بالنقص، فهمتم؟ وكذلك قول الشاعر:
؎لَكِنَّ قَوْمِي وَإِنْ كَانُوا ذَوِي حَسَبٍ ∗∗∗ لَيْسُوا مِنَ الشَّرِّ فِي شَيْءٍ وَإِنْ هَانَا؎يَجْزُونَ مِنْ ظُلْمِ أَهْـلِ الظُّلْمِ مَغْفِرَةً ∗∗∗ وَمِـنْ إِسَاءَةِ أَهْلِ السوءِإِحْسَانَاهذا يذمهم ولا يمدحهم؟
* طالب: الظاهر إنه يمدحهم.
* الشيخ: ظاهر الكلام أنه يمدحهم والواقع أنه يريد؟
* الطلبة: الذم.
* الشيخ: إي نعم، أما الذي لا يستلزم نقصًا ولا مدحًا فمثل لو قلت: جدارنا لا يظلم أحدًا، الجدار لا يظلم أحد؛ لأنه غير قابل للظلم، فنفي الظلم عنه ليس مدحًا لكن بالنسبة لله عز وجل الأمر بالعكس، كل صفة منفية عنه فإنها تستلزم كمال ضدها من المدح.
قال الله تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ﴾، في ﴿لَئِنْ﴾ أمران متنازعان: قسم وشرط؛ قسم مدلول عليه باللام؛ لأن اللام واقعة في جواب القسم المقدَّر، أي: والله لئن، الثاني المنازِع للقسم (إن) الشرطية، وكل من القسم والشرط يحتاج إلى جواب، أين الجواب في قوله: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾؟ قوله: ﴿مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ﴾، هذا الجواب هل هو جواب للشرط أو جواب للقسم؟
* طالب: للشرط.
* الشيخ: جواب للشرط؟
* طالب: للقسم قبل الشرط.
* الشيخ: لا، هذا جواب للقسم، يقول ابن مالك:
؎وَاحْذِفْ لَدَى اجْتِمَاعِ شَرْطٍ وَقَسَمٍ ∗∗∗ جَوَابَ مَا أَخَّرْتَ فَهْوَ مُلْتَزَمْ
والمؤخر الآن هو الشرط، وعلى هذا فيكون قوله: ﴿مَا تَبِعُوا﴾ جوابًا للقسم لا محل له من الإعراب؛ لأن جملة جواب القسم ليس لها محل من الإعراب، وجواب الشرط المحذوف دل عليه جواب القسم، وقوله: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ﴾ إن وأيش؟
* الطلبة: شرطية.
* الشيخ: شرطية، و ﴿أَتَيْتَ﴾ بمعنى جئت، ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ يعني: اليهود والنصارى، ﴿بِكُلِّ آيَةٍ﴾ الباء للمصاحبة، يعني مصطحبًا لكل آية، ﴿آيَةٍ﴾ أي: علامة على صدق ما أتيت به إليهم، لئن أتيتهم بكل آية تدل على صدق ما أتيت به، ﴿مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ﴾، أيّ شيء قبلته؟ الكعبة، يعني لا يتبعون هذه القبلة ولا يتولونها، لو تأتيهم بكل آية، وذلك لأنهم لا يريدون الحق، وإنما هم معاندون؛ لأن الذي يعلم الحق ولا يتبعه معاند، ما فيه فائدة، تأتيه بكل آية ما يفهم ما يقبل، وقوله: ﴿بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ﴾ قد نقول: إنهم كما لا يتبعون قبلته لا يتبعون دينه أيضًا، نعم لا يتبعون دينه؛ لأنه من لازم اتباع الدين أن يتبعوا القبلة، وقوله: ﴿مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ﴾، قد يقول قائل: إن هذه القبلة من خصائص هذه الأمة؛ لأنه أضافها إليهم، فقال: ﴿مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ﴾، ولكن الظاهر والله أعلم أن المسجد الحرام قبلة لكل الأنبياء؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا﴾ [آل عمران ٩٦].
وهكذا قال شيخ الإسلام: إن المسجد الحرام قبلة لكل الأنبياء، لكن أتباعهم من اليهود والنصارى هم الذين بدلوا هذه القبلة.
قال: ﴿وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ﴾، الواو هنا واو العطف ولّا واو الاستئناف؟
* طالب: واو العطف.
* الشيخ: الواو هذه عاطفة أو استئنافية؟
* طالب: استئنافية.
* الشيخ: هذه استئنافية؛ لأننا لو جعلناها عاطفة على قوله: ﴿مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ﴾ لصار المعنى: وما أنت بتابع قبلتهم في حال إتيانك بالآيات التي تدل على صدق ما جئت به، ومعلوم أن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يمكن أن يتبعهم مطلقًا، وهذا هو السر في التعبير والله أعلم للجملة الاسمية في قوله: ﴿وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ﴾، و(هم)، أتى بالجملة الفعلية في قوله: ﴿مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ﴾، فهم لا يتبعون قبلة الرسول، والنبي عليه الصلاة والسلام مستحيل أن يكون تابعًا لقبلتهم؛ لأن قبلتهم هذه منكرة لم يأت بها الشرع، ثم لو فُرِض أن الأديان التي هم عليها قد جاءت بهذه القبلة فإنها نُسِخَت بقبلة الإسلام، وقوله: ﴿مَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ﴾، وأيش اللي ناصب ﴿قِبْلَتَهُمْ﴾؟
* طالب: باسم الفاعل.
* الشيخ: إي نعم، منصوبة باسم الفاعل، طيب في غير القرآن لو أضيف (بتابعِ قبلتِهم) صحَّ وكانت الإضافة لفظية.
﴿وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ﴾، ﴿مَا بَعْضُهُمْ﴾، أي: الذين أوتوا الكتاب، ﴿بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ﴾، فاليهود ما تتبع قبلة النصارى، والنصارى ما تتبع قبلة اليهود؛ لأن النصارى يقولون: إن اليهود كفار، واليهود يقولون: إن النصارى كفار ليسوا على حق، ولهذا يكذِّبون عيسى ﷺ ويقولون إنه -والعياذ الله- ولد زنا، وفعلًا حاولوا قتله وشُبِّه لهم فقتلوا الشبيه، وصاروا يقولون: إننا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم، يفتخرون بذلك، قتلهم الله، هؤلاء بعضهم لبعض عدو، لكنهم مع ذلك بالنسبة للمسلمين بعضهم لبعض ولي، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة ٥١]، فبعضهم يتولى بعضًا على المسلمين لكن بالنسبة لإقرار بعضهم على دين بعض لا يقرون، هؤلاء لا يقرون اليهود، وهؤلاء لا يقرون النصارى، ولهذا سبق لنا أن اليهود قالت: ﴿لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ﴾ [البقرة ١١٣].
﴿وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾.
* طالب: ﴿وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ﴾، هل لكل من اليهود والنصارى قبلة ولّا لا؟
* الشيخ: إي نعم، هذه نحتاج تنبيه عليها، ﴿وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ﴾، قبلة اليهود إلى بيت المقدس، إلى الصخرة، وقبلة النصارى إلى المشرق، يتجهون نحو الشمس، فاليهود يقولون للنصارى: أنتم ضالون، والنصارى يقولون لليهود: أنتم ضالون، ولا يتبع بعضهم بعضًا في القبلة، ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾، قوله: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ﴾ نقول فيها مثل ما قلنا في ﴿ولئن أتيت﴾، ففيها قسم وشرط، والجواب للقسم ولّا للشرط؟ للقسم، وهو قوله: ﴿إِنَّكَ إِذًا﴾، ولهذا لم تقترن بالفاء، ولو كانت جوابًا للشرط لوجب اقترانها بالفاء لأنها جملة اسمية، ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ﴾ الخطاب لمن؟ للنبي ﷺ، و(إن) الشرطية لا تقتضي أو لا تستلزم وجود شرطها، لا تستلزم وجود الشرط، (إن) الشرطية لا تستلزم وجود الشرط، وإنما قلنا ذلك لئلا يقول قائل: هل من الممكن أن الرسول ﷺ يتبع أهواءهم من بعد ما جاءه من العلم؟ لا، ما يمكن، كيف يقول: ﴿لَئِنِ اتَّبَعْتَ﴾، نقول: هذه لا تستلزم جواب شرطها، جواب وقوع الشرط، ما تستلزم، ألم يقل الله تعالى: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر ٦٥]؟
* الطلبة: بلى.
* الشيخ: وهل يمكن هذا؟ لا، ألم يقل الله: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ [الزخرف ٨١] وهذا يمكن ولّا لا؟ ما يمكن، إذن فالشرط المعلق بـ(إن) لا يستلزم الوقوع، ولاحظوا الفرق نحن لسنا نقول: لا يمكن وقوعه، نقول: لا يستلزم الوقوع، بمعنى أنه قد يقع في بعض الأشياء، وقد لا يقع في بعض الأشياء، ما أدري اللغة مفهومة؟ أقول: فرق بين لا يستلزم الوقوع، وبين لا يقتضي الوقوع، إذا قلنا: لا يقتضي الوقوع، هذا ليس بصحيح؛ فإن المعلق بـ(إن) قد يقع، وإذا قلنا: لا يستلزم، فالمعنى ليس بلازم الوقوع، ليس بلازم، قد يعلق بـ(إن) وهو غير ممكن، وقوله: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ جمع (هوى)، والأصل في الهوى، الهوى بمعنى الميل، ومنه يقال للنجم: هوى، إذا مال وسقط، ويطلق الهوى في الغالب على الميل عن الحق، ويقابله الهدى، فيقال: اتَّبَعَ الهوى بعد الهدى، فهمتم؟ وهل يطلق الهوى على الهدى؟ إن صح الحديث وهو قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ»[[أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (١٥)، والبيهقي في المدخل (٢٠٩) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.]]، فهو دليل على أن الهوى يكون في الخير كما يكون في الشر، ولكن مع ذلك فالغالب أن الهوى يكون في الشر، ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ متعلق بـ(اتبعت).
* طالب: الحديث هذا ما يصح.
* الشيخ: أقول: إن صح، إذا ما صح ما عاد يكون فيه شاهد على أن الهوى يأتي بمعنى الهدى.
* الطالب: الحديث النظر فيه من باب اللغة بغض النظر عن صحته؟
* الشيخ: لا، بس لو ما صح فإنه لا يصح أن نقول: إن الهوى يكون في الشيء المحمود؛ لأن كل ما في القرآن والسنة من ذكر الهوى فإنها في الأشياء المذمومة.
* طالب: هذا الحديث وإن كنا نقول قدح بعضهم في سنده وبعضهم حسنه، لكن شاهده من القرآن ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [النساء ٦٥].
* الشيخ: إي هو معناه صحيح، المعنى لا شك صحيح، لكن اللفظ، طيب قوله: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ هذا متعلق بـ(اتبعت)، يعني إذا وقع هذا الاتباع بعد العلم فإنه يكون الظلم، وقوله: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ﴾، وردت في القرآن على ثلاثة أوجه: هذا أحدها، والثاني: ﴿بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ [الرعد ٣٧]، والثالث: ﴿بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ [البقرة ١٢٠]، كذا؟ أما ﴿بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ و﴿بَعْدَ الَّذِي﴾ فلا فرق بينهما، إلا أنه عبر بـ(ما) عن (الذي)، وأما ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ﴾ فهي أبلغ من قوله: ﴿بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ﴾، أشد؛ لأن (مِن) تدل على أنه جاءه العلم وتَمَهَّل، وحصل هذا الأمر بعد مجيء العلم، نظير ذلك - أن دخول (من) يكون أبلغ - قوله تعالى: ﴿وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ﴾ [فصلت ٥] أشد من قوله: و(بيننا وبينك حجاب)؛ لأن (من) تدل على مسافة قبل الحجاب ثم حجاب، بخلاف (وبيننا وبينك حجاب) فهي ما تدل على هذا، وقوله: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾، المراد بالعلم أيش؟ علم الشريعة والوحي الذي جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام. ﴿إِنَّكَ﴾ هذه جواب القسم، ﴿إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ (إذن)، هي (إذٍ) اللي مرت علينا بالإضافة ولّا غيرها؟
* طالب: لا، هذه ظرف.
* الشيخ: هي ظرف ما فيه شك، لكن حين قلنا: إنها (إِذْ، وإِذَنْ، وإِذَا)، وأن هذه الأدوات الثلاث تنازعت الأزمنة: (إِذْ) للماضي، و(إذَا) للمستقبل، و(إذن) للحاضر، يعني ﴿إِنَّكَ إِذًا﴾ في حال اتباعك أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم، في هذه الحال ﴿لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾، الله، أكده بـ(إن) و(إذن) واللام، في قوله: ﴿لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾، وصدق الله عز وجل، اللي يتبع أهواء الضالين والمغضوب عليهم بعد ما جاءه العلم الصحيح الشرعي فهو لا شك من الظالمين، وتأمل اللطف في الخطاب للرسول ﷺ، لم يقل: إنك إذن ظالم، قال: ﴿لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾، وهذا لا شك أنه أيش؟ تلطف في الأسلوب؛ لأني الآن لو أقول لك: أنت رجل ظالم، أيهما أشد وقعًا، أو أن أقول: أنت من الظالمين؟ الأول أشد وقعًا، أشد وقع في النفس، ولهذا نقول: إن قوله تعالى: ﴿إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ من باب التلطف في الأسلوب للرسول ﷺ، نظيره شوف، نظيره قوله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾ [عبس ١ - ٣] عندما تقرأ ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ تظن أن العابس والمتولي مَن؟ غير الرسول عليه الصلاة والسلام، غير الرسول، تظن أنه رجل آخر، ولكن المراد به الرسول عليه الصلاة والسلام، النبي ﷺ، فعليه يكون الله عز وجل تلطف في الأسلوب بالنسبة لقوله: ﴿لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾؛ لأن الظالمين فيها ضمير مستتر يعود على من؟ على غير الرسول، على الظالم، لكن لو قال: إنك ظالم، صار الضمير يعود عليه نفسه، ﴿إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾.
* طالب: خاص بالرسول ولّا..؟
* الشيخ: وأيش اللي خاص؟
* الطالب: ﴿إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ..﴾؟
* الشيخ: لا، الرسول وغيره. وقوله: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾.
* طالب: شيخ، (...)؟
* الشيخ: لا، المراد الظالمين الذين لم يعدلوا في تصرفهم؛ لأن الظلم هو في الأصل النقص، وهو عدم العدل، فقد يكون يصل إلى درجة الكفر وقد لا يصل، حسب ما اتبع فيه، إن اتبعهم في أمر لا يُخرج عن الملة لم يكن خارجًا عن الملة، وإن اتبعهم في أمر يخرج صار خارجًا.
﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾، ﴿الَّذِينَ﴾ مبتدأ، فأين الخبر؟
* طالب: ﴿يَعْرِفُونَهُ﴾.
* الشيخ: جملة ﴿يَعْرِفُونَهُ﴾، وقوله: ﴿آتَيْنَاهُمُ﴾: أعطيناهم، والإيتاء هنا شرعي ولا كوني؟
* الطلبة: كوني وشرعي.
* الشيخ: نعم جامع بينهما، كونيًّا شرعيًّا؛ لأن الكتاب شرعي، والإعطاء هنا كوني، قدر الله تعالى أن ينزل عليهم الكتاب فنزل، وقوله: ﴿آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ﴾، الفعل هنا ناصب مفعولين، أولهما: الهاء، والثاني: الكتاب، أصلهما المبتدأ والخبر ولّا لا؟
* الطلبة: لا.
* الشيخ: ليس أصلهما المبتدأ والخبر؟
* الطلبة: لا.
* الشيخ: إي نعم، إذن من أخوات (كسا) الذي قال فيها ابن مالك:
؎وَالثَّانِي مِنْهُمَا كَثَانِي اثْنَيْ كَسَا ∗∗∗ .......................
﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾، الضمير في قوله: ﴿يَعْرِفُونَهُ﴾ يعود إلى النبي ﷺ، ﴿كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾، الكاف للتشبيه، و(ما) مصدرية، أي؟
* طالب: أي يعلمون..
* الشيخ: لا لا، قصدي ﴿كَمَا يَعْرِفُونَ﴾ الكاف؟
* الطالب: للتشبيه.
* الشيخ: للتشبيه، وهي حرف جر، و(ما)؟
* طالب: مصدرية.
* الشيخ: مصدرية، أي؟
* الطالب: يعلمون.
* الشيخ: لا، أوِّلها بمصدر، أي: كمعرفة أبنائهم، نعم، وهنا عبر بـ﴿يَعْرِفُونَهُ﴾ دون (يعلمونه)؛ لأن الغالب أن العلم يعبَّر به عن الأمور المعقولة التي تدرَك بالحس الباطن، والمعرفة تطلق أو يعبر بها عن الأمور المحسوسة المدركة بالحس، فأنا أقول لك: أعرفت فلانًا؟ أو أقول لك: أعلمت فلانًا، وأيش تقول؟
* الطلبة: عرفت.
* الشيخ: عرفت فلان، ما تقول: علمت، لكني أقول: أعرفت فلانًا فعلمتَ ما فعل، فهنا جعلنا العلم في الفعل، والمعرفة في الجسم، فهنا (يعرفونه) ليست بمعنى (يعلمونه)؛ لأن المعلومات تكون في المعقولات أو في الصفات، أما في الأشخاص فإنه يطلق فيها المعرفة، وقوله: ﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾، ﴿أَبْنَاءَهُمْ﴾ جمع (ابن) وخصه دون البنت؛ لأن تعلق الإنسان بالذكر أقوى من تعلقه بالأنثى فهو به أعرف، أليس كذلك؟
* طالب: ما تعم البنت؟
* الشيخ: لا الابن ما تعم البنت، الأولاد هي اللي تعم البنت والولد.
* الطالب: تغليبًا؟
* الشيخ: لا لا، ما هو تغليبًا، ﴿أَبْنَاءَهُمْ﴾؛ لأن تعلق الإنسان بالابن أكثر من تعلقه بالبنت، فيكون معرفته له أكثر من معرفته للبنت، واضح؟ هذا هو السبب في أنه عبر بالأبناء دون البنات.
* طالب: والبنون بردو الأولاد الذكور فقط؟
* الشيخ: لا، البنون ذكور فقط، عبر بالأبناء دون الأولاد أو دون البنات؛ لأن تعلق الإنسان بالابن الذكر أكثر من تعلقه بالبنت فيكون به أعرف، يكون به أعرف، وقد ذكر الله عن الإنسان أنه إذا بُشِّر بالأنثى ﴿ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ [النحل ٥٨]، ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ [الزخرف ١٧]، ولهذا يجزئ في غسل بول الذكر، يجزئ فيه النضح دون بول الأنثى الصغيرة اللي ما تاكل الطعام، أو الذكر الصغير اللي ما ياكل الطعام، الذكر يجزئ فيه النضح، والأنثى لا بد فيه من الغسل، وذلك لأن الابن يُلْطَف به أكثر من البنت في الغالب، وهناك بعد علة أخرى وعلة ثالثة قرأناها في الفقه، العلة الثانية هي أن بول الذكر ينتشر؛ لأنه يخرج بارزًا بقوة فيلوث من الثياب ما هو أكثر فيشق التحرز منه، وقالوا أيضًا: إن الذكر أقوى طبيعة من الأنثى، وأنه يُلَطِّف الفضلات أكثر من تلطيف الأنثى، وقيل: لأن الأنثى خلقت من دم، والذكر من طين، لكن هذا ما هو بصحيح، إنما الاعتبارات الأولى هي أقرب، وقال بعضهم: إنه تعبدي ما نعرف الحكمة، وعلى كل حال هذه مسألة ما هي من بحثنا، إنما نقول: عبر بالأبناء لهذا السبب، ﴿وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، الله أكبر، العدل في التعبير القرآني، ﴿وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ﴾، يعني طائفة منهم تكتم الحق، وعُلم من ذلك أن طائفة أخرى لا تكتم الحق، وهذا هو الواقع، فإن من النصارى كالنجاشي مَن آمن، ومن اليهود كعبد الله بن سلام مَن آمن ولم يكتم الحق، لكن فريقًا منهم يكتمون الحق، أي يخفونه فلا يبينونه، ما يبينونه - والعياذ بالله - ولهذا ذكر الله في سورة آل عمران أن بعضهم يقول لبعض: كيف إنكم تتبينون الهدى من محمد وأصحابه، إذا بيّنتموه يحاجونكم به عند الله، أفلا تعقلون؟ فهم يتواصون بالكتمان، والعياذ بالله.
وقوله: ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ الجملة في موضع نصب على الحال من فاعل ﴿يَكْتُمُونَ﴾، أين فاعل ﴿يَكْتُمُونَ﴾؟
* الطلبة: الواو.
* الشيخ: الواو، يعني: يكتمون والحال أنهم يعلمون أنه حق، وهذا أبلغ في الذم؛ أن يكونوا كاتمين الحق وهم يعلمون به، فيكونون قد كتموه عن علم فهم عامدون ظالمون، ﴿يَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، أي: يعلمون به.
قال الله تعالى: ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾.
* * *
﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾.
من هنا ابتدأ الحكم بتغيير القبلة، فيستفاد من هذه الآية الكريمة: إثبات رؤية الله عز وجل، من قوله: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ﴾.
* ومن فوائدها: جواز النظر إلى السماء، ﴿تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾، وأنه ليس سوء أدب مع الله إلا في حال الصلاة، في حال الصلاة لا يجوز أن يرفع الإنسان بصره إلى السماء.
* ومنها: إثبات علو الله؛ لأن الرسول ﷺ يقلب وجهه في السماء؛ لأن الوحي يأتيه من السماء.
أن يتوجه إلى الكعبة ولكن هل فعل؟
* الطلبة: لم يفعل.
* الشيخ: لم يفعل إلا بعد أن أمره الله به.
* ومنها: إثبات عظمة الله سبحانه وتعالى لقوله: ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ﴾، فإن ضمير الجمع هنا للتعظيم.
* ومنها: أن النبي ﷺ كان يحب أن يتوجه إلى الكعبة لقوله:﴿تَرْضَاهَا﴾ مع قوله: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ﴾.
* ومن الفوائد: وجوب الاتجاه نحو المسجد الحرام لقوله: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾.
* ومنها: أن الوجه أشرف الأعضاء، حيث عبر به عن سائر الجسم، ﴿وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾.
* ومنها: ما استدل به المالكية على أنه ينبغي للمصلي أن ينظر تلقاء وجهه لقوله: ﴿وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾، وإذا ولَّى الإنسان وجهه فإنه ينظر تلقاء وجهه. وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم، فالمشهور عند المالكية أن المصلي ينظر تلقاء وجهه، وعند الإمام أحمد أنه ينظر إلى موضع سجوده، وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة، واستدلوا لذلك بأثر مرسل عن محمد بن سيرين: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُطَأْطِئُ رَأْسَهُ وَيَنْظُرُ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ »[[أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٦٥٦١) من حديث ابن سيرين.]]. وقال بعض العلماء: إن الإمام والمنفرد ينظر إلى موضع السجود، وأما المأموم فينظر إلى إمامه، واستدلوا لذلك بأحاديث في البخاري وهي:« أَنَّ الرَّسُولَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حِينَمَا صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَأَخْبَرَ أَصْحَابَهُ بِأَنَّهُ عُرِضَتْ عَلَيْهِ الْجَنَّةُ وَعُرِضَتْ عَلَيْهِ النَّارُ، فقال لهم: «وَذَلِكَ حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَقَدَّمْت وَتَأَخَّرْتُ»[[أخرجه البخاري (١٢١٢) من حديث عائشة.]] وهذا دليل على أنهم يرونه.
* ومنها: أنه لما صُنع له المنبر قام يصلي عليه فكان يقوم ويركع ويرفع، فإذا أراد السجود نزل وقال: «فَعَلْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي وَلِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي»[[متفق عليه؛ البخاري (٩١٧)، ومسلم (٥٤٤ / ٤٤) من حديث سهل بن سعد الساعدي.]] وهذا دليل على أنهم يرونه.
* ومنها أيضًا: أنهم لما أخبروا أن الرسول عليه الصلاة والسلام« كان يقرأُ في صلاةِ السِّرِّ، قيل لهم: بمَ تعرفون ذلك؟ قالوا: باضْطِرابِ لحيتِهِ »[[أخرجه البخاري (٧٤٦) من حديث خباب بن الأرت.]]. وهذه كلها في الصحيح، فهذا دليل على أن المأموم ينظر إلى إمامه؛ ولأنه أبلغ في الإتمام به؛ لأن الإمام قد يقوم وقد يجلس، ساهيًا مثلًا، فإذا كان المأموم ينظر إلى الإمام كان ذلك أبلغ في الاقتداء به، أما الإمام والمنفرد فإنهما ينظران إلى موضع السجود، وهذا القول لا بأس به، ولا سيما إذا كان المأموم محتاجًا إلى ذلك، كما لو كان لا يسمع مثلًا فيريد أن ينظر إلى الإمام ليقتدي به أو نحو ذلك.
* طالب: إذا كان بعيدًا يلحظ عليه؟
* الشيخ: إي نعم، يلحظ عليه إن احتاج الالتفات ولا بدون التفات؟ ولقد استثنى بعض العلماء الذين يقولون إنه ينظر إلى موضع السجود استثنوا من ذلك إذا كان في التشهد فإنه ينظر إلى إشارته لقول ابن الزبير أو الزبير نسيت «كانَ لا يُجاوِزُ بصرُهُ إشارَتَهُ »[[أخرجه أبو داود (٩٩٠) من حديث عبد الله بن الزبير.]] فعند التشهد عند الإشارة تنظر إلى الأصبع.
ومنها مما يستثنى من ذلك عند بعضهم إذا كنت في المسجد الحرام، إن كنت مشاهدًا الكعبة فإنك تنظر إلى الكعبة.
ومنها: إذا كنت في خوف حولك العدو فإنك تنظر إلى جهة العدو، فهذه المسائل الثلاث التي تستثنى نقول: أما موضوع استثناء التشهد أو رفع الأصبع عند التشهد فهذا قد ورد به الحديث فهو مستثنى، وأما إذا كانت الكعبة أمامك فلا وجه له، لا وجه لكونك تشاهد الكعبة، لا سيما أن الإنسان إذا شاهد الكعبة والناس يطوفون حولها قد يحصل انشغال، وأما إذا كان في الخوف فإن هذا داخل في قوله تعالى: ﴿وَخُذُوا حِذْرَكُمْ﴾ [النساء ١٠٢] وقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه بعث طليعة فكان ينظر نحو الشعب هل جاءت طليعة أم لا[[أخرجه أبو داود (٢٥٠١)، وابن خزيمة (٤٨٦) من حديث سهل بن الحنظلية.]]، فهذا دليل على أنه ينظر في حال الخوف إلى ما يتقي به هذا الخوف، ولا حرج عليه.
* طالب: صلاة الخوف فيه ناس (...)؟
* الشيخ: (...) هذه واضحة.
وقوله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾.
* من فوائد الآية: عظمة هذا المسجد لوصفه بالحرام؛ أي ذي الحرمة، ولهذا كان من يدخله آمنًا، وكان من يدخله يُشرع له أن يأتي بنسك إما وجوبًا وإما استحبابًا. بخلاف غيره، ولهذا كل شيء فيه آمن، كل ما فيه حياة فهو آمن حتى الجماد، أو لا؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: لا، حتى الجماد، الشجر، الشجر آمن ما يجوز قطعه في المسجد الحرام.
* الطالب: هو نبات؟
* الشيخ: إي، حي، هو حي ولهذا لو يبس الشجر جاز كسره ولا حرمة له.
ومنها: وجوب الاتجاه إلى القبلة في أي مكان كان الإنسان من بر أو بحر أو جو لقوله: ﴿وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾، ويسقط الاستقبال في مواضع منها كما مر علينا، يسقط استقبال القبلة في مواضع؟
* طالب: في صلاة التنفل في السفر إلا حيث..
* الشيخ: حيث كان وجهه، هذه واحدة، والثاني؟
* طالب: عند الخوف الشديد.
* الشيخ: عند الخوف الشديد إذا كان لا يمكن استقبال القبلة، والثالث؟
* طالب: إذا صار ما يدري القبلة أين.
* الشيخ: لا.
* طالب: إذا كان على راحلة في نافلة.
* الشيخ: ذكرها الأخ.
* طالب: إذا كان مريضًا.
* الشيخ: يعني عند العجز، عند العجز عن استقبال القبلة لمرض أو صلب، لو صلب عن القبلة أو نحو ذلك، والموضع الرابع، هل يمكن نجعله من هذه المواضع إذا اشتبهت عليه القبلة ولّا ما يمكن؟
* الطلبة: ما يمكن.
* الشيخ: ما يمكن؛ لأنه مأمور أن يجتهد، مأمور أن يجتهد، لكن لو أخطأ فهو معذور، وإلا فإنه لا بد أن يكون حين الصلاة يرى أن ما اتجه إليه هو الصواب، إذن فالاشتباه ما يستثنى؛ لأن حقيقة الأمر أنه ما يجوز يصلي إلا وهو يعتقد أنه إلى القبلة بخلاف الذي ذكرناه قبل قليل، العاجز يعرف أن القبلة خلفه يُصلي إلى غير القبلة وهو يعرف، وكذلك في شدة الخوف، وكذلك المتنفِّل في السفر.
* طالب: القتال يا شيخ؟
* الشيخ: في شدة الخوف.
* طالب: شدة الخوف ما يدخل في العجز؟
* الشيخ: لا، ما يدخل في العجز؛ لأنه قادر، يستطيع لكن خائف، يستطيع أنه يتجه ويقف لكن يخاف على نفسه، العاجز ما يقدر يتحرك ما يقدر يتجه، إذن ثلاثة أشياء تستثنى.
* ومن فوائد الآيات: أن الشرع يلاحظ اتحاد المسلمين في اتجاههم البدني كما يلاحظ اتحادهم في اتجاههم القلبي الفكري؛ لأنه يقول: ﴿حَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ الآن المسلمون في أقطاب الدنيا كلها كلهم متجهون إلى قبلة واحدة، هذا توحيد ولّا لا؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: توحيد، ولا سيما أنهم يتجهون هذا الاتجاه، ويتحدون هذا الاتحاد في أعظم مشعر عملي، أو في أعظم فريضة عملية وهي الصلاة، فيدل هذا على أن الشرع يراعي مراعاة تامة توحيد المسلمين في دينهم، توحيدهم في الاتجاه البدني، وكذلك في الاتجاه القلبي الفكري، وأنا عدلت عن كلمة الروحي؛ لأني ما أعتبرها؛ لأنه لا ينبغي أن نقول: روحي وجسمي، الروح والجسم شيء واحد، وتطهير الروح هو تطهير الجسم، وهذه كلمة الروح جاءت فيما يظهر من النصارى، ولهذا ما تجدها إلا في عبارات المتأخرين الذين تأثروا بالثقافة الغربية، تجدها غالبًا في كلام العلماء السابقين دائمًا يقولون: الجسم والقلب كما قال الله تعالى: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ [البقرة ١٠] فجعل الشيء معلقًا بالقلب.
* طالب: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ [الإسراء ٨٥]؟
* الشيخ: إي، ما هذا الذي يعنون، هم يعنون بالروح ما يتعلق بالعبادات، ما يتعلق بالعبادات هو الروح، يقولون لك: الروح، والحقيقة أن العبادات مصلحتها للبدن وللروح جميعًا، والروح من البدن والبدن منها.
* ومن فوائد الآية: عناد اليهود والنصارى، بيان عناد اليهود والنصارى لقوله: ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ ولكن مع ذلك -والعياذ بالله- شنعوا على النبي عليه الصلاة والسلام تشنيعًا عظيمًا.
* ومن فوائد الآية: أن ما كان من عند الله فهو حق لقوله: ﴿أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ مضافًا إلى من؟
* الطلبة: إلى الله تعالى.
* الشيخ: إلى الله: ﴿مِنْ رَبِّهِمْ﴾.
* ومنها: أن هؤلاء المعاندين من أهل الكتاب يعاندون مع علمهم التام ومع إقرارهم بربوبية الله، وكان عليهم حين يكونون قد أقروا بربوبية الله لهم وعلموا الحق كان عليهم أن ينقادوا له، وأن يكونوا أولى الناس باتباعه؛ لأن عندهم علمًا بذلك.
* ومنها: انتفاء غفلة الله عز وجل عن أعمالهم المتضمن لكمال علمه وإحاطته بهم، ما يكفي أن نقول: انتفاء الغفلة فقط بل نقول: المتضمن لكمال العلم والإحاطة لقوله تعالى: ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾.
* ومنها: صحة تقسيم الصفات إلى ثبوتية وسلبية؛ لأن اللي معنا هنا سلبية، فالصفات المنفية بأي أداة من أداة النفي سواء (ما) أو (ليس) أو (لا) أو (غير) أو ما أشبه ذلك فإنها من الصفات السلبية، وقد مر علينا أن الله لا ينفي عن نفسه إلا ما هو نقص، وأن كل نفي فهو متضمن لكمال ضده؛ لأنه لكمال ضده انتفى عنه هذا الشيء، فلتمام علمه وإحاطته انتفى عنه الغفلة.
* ومنها: تهديد هؤلاء المعاندين الذين أوتوا الكتاب وعلموا الحق؛ لأن قوله: ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ هذا فيه تهديد واضح.
ثم قال تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ﴾ [البقرة ١٤٥]
* طالب: (...) في الآية السابقة أن توجهه لبيت المقدس كان (...) من الله؟
* الشيخ: إي نعم، هذه الآية مرت علينا.
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: لا.
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي نعم من قوله: ﴿أُوتُوا الْكِتَابَ﴾.
* الطالب: ﴿مِنْ رَبِّهِمْ﴾ ما يستفاد أن القرآن (...)؟
* الشيخ: لا ما يستفاد، لكن يستفاد إثبات الكتب السابقة التي كانت من الرسالة.
قال: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ﴾.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن الرسول ﷺ كان حريصًا على هداية الخلق؛ لأن قوله: ولئن أتيتهم ﴿بِكُلِّ آيَةٍ﴾ دليل على أنه كان عليه الصلاة والسلام يعرض الآيات، ويبين الحقائق ولكن لا ينتفعون.
* ومنها: قوة عناد هؤلاء الذين أوتوا الكتاب، وأنه مهما أوتوا من الآيات فإنهم لم ينصاعوا لها ولن يتبعوها.
* ومن فوائد الآية: وجوب الانقياد للحق إذا ظهرت آياته؛ لأن هذه الآية سيقت مساق الذم، فدل هذا على وجوب اتباع الحق إذا تبين الآيات.
* ومنها: ذم بعض المتعصبين في تقليدهم، كيف ذلك؟ لأن من المتعصبين بمذاهبهم من إذا أُتوا بكل آية ما تبعوها، وإذا أتيتهم بكلام من كلام مشايخهم قالوا: على السمع والطاعة، ولهذا كان شيخ الإسلام رحمه الله في الفتوى الحموية أكثر النقول عن العلماء من الأشاعرة وغيرهم وقال: إنه ليس كل من نقلنا قوله فإننا نقول به، ولكن لما كان بعض الطوائف منتحلًا إلى إمام أو مذهب صار لو أُتي بكل آية ما تبعها حتى يؤتى بشيء من كلامهم، وهذا من الدعاء بالحكمة أن الإنسان يقنع المعارض بما لا يمكنه نفيه، ومعارضته، إذا أتى إليه بشيء من كلام مقلَّده، هو ما يمكن أن يحيد عنه، هؤلاء المتعصبون للمذاهب إذا قلنا لهم: هذا الإمام الشافعي، الإمام مالك، الإمام أحمد، الإمام أبو حنيفة، كلهم ينكرون تقليدهم مع مخالفة الكتاب والسنة، ويقولون: اضربوا بأقوالنا عرض الحائط. ولهم عبارات في هذا المعنى كثيرة، إذا كانوا هم يقولون هكذا، فهل الذين يتعصبون لهم مع مخالفة الدليل هل هم مقلدون لهم حقيقة؟
* الطلبة: كلا.
* الشيخ: كلا، ما قلدوهم حقيقة، لو قلدوهم حقيقة لكانوا إذا تبين لهم الدليل أخذوا به، لكنهم ما قلدوهم حقيقة بل تعصبوا تعصبًا لا يحمدون عليه ما دام قام الدليل، أما إذا لم يقُم الدليل عند الإنسان سواء كان ممن يطلب الدليل ويستطيع أن يعرف الحكم بالأدلة فهذا على كل حال يُعذر إذا قلد من يرى أنه أقرب إلى الحق، أما مع وضوح الدليل وبيانه فإن التقليد حرام، ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن التقليد بمنزلة أكل الميتة، متى يحل؟
* الطلبة: للضرورة.
* الشيخ: للضرورة، يحل للضرورة، أما مع وجود لحم مذكّى فلا تأكل الميتة، مع وجود الدليل من الكتاب والسنة وتبينه للإنسان فإنه لا يحل له أن يقلد، ولهذا ما أمر الله بسؤال أهل العلم إلا عند عدم العلم، فقال: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٤٣) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ﴾ [النحل ٤٣، ٤٤] أما إذا كنا نعلم بالبينات والزبر فلا نسألهم. نقول بالبينات والزبر.
* ومنها؛ من فوائد الآية: استحالة أن يتبع المسلم أحدًا من اليهود والنصارى، ﴿وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ﴾ ووجه الاستحالة أن الجملة هنا جاءت بالاسمية، وما أنت بتابع قبلتهم، فالمؤمن حقيقة لا يمكن أن يتابع أعداء الله، وأن يأخذ بآرائهم وأفكارهم واتجاهاتهم، وقد حمى النبي عليه الصلاة والسلام ذلك غاية الحماية حيث قال: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»[[أخرجه أبو داود (٤٠٣١) من حديث عبد الله بن عمر.]] حتى نحذر ونبعد عن التشبه بأعداء الله والتقليد لهم سواء في أمور العبادة أو في أمور العادة، فإن التشبه بهم حرام وقد يؤدي إلى الكفر والشرك -والعياذ بالله- فالمهم أن قوله: ﴿وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ﴾ يستفاد منه أن المؤمن لا يمكن أن يتابع هؤلاء في دينهم.
* ومن فوائد الآية: أن اليهود والنصارى لا يتبع بعضهم بعضًا، بل يضلل بعضهم بعضًا، فاليهود يرون النصارى غير مسلمين، والنصارى يرون اليهود غير مسلمين أيضًا، كل منهم يضلل الآخر، لكنهم على الإسلام يد واحدة، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [المائدة ٥١]، هم على الإسلام يد واحدة؛ لأنهم كلهم أعداء الإسلام، وهم فيما بينهم أيضًا يُضلل بعضهم بعضًا، كل واحد منهم يرى أن الآخر ليس على ملة صحيحة.
* ومن فوائد الآية: أن اتباع اليهود والنصارى اتباع للهوى لا للهدى ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ﴾.
* ومنها أيضًا: أنهم ليسوا على هدى؛ اليهود والنصارى، حيث جعل الله تعالى ما هم عليه هوى وليس بهدى.
* ومن فوائد الآية: أن الإنسان لا يؤاخذ بالأمر بالمخالفة إلا بعد قيام الحجة عليه لقوله: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ الإنسان قد يتابع غيره جهلًا فلا يؤاخذ به، وإن كان يسمى ضالًّا لكنه ليس بظالم، ما يتحقق الظلم إلا لمن عرف الحق وخالفه، أما من جهل الحق ولم يُوفق له فيقال: إنه ضال، لكن لا يقال: إنه ظالم؛ لأنه لم يتعمد المخالفة.
* ومن فوائد الآية: بيان أن العلم حقيقة هو علم الشريعة ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾. أتى بـ (أل) المفيدة للكمال ﴿مِنَ الْعِلْمِ﴾، ولا شك أن العلم الكامل الذي هو محل الحمد والثناء هو العلم بأي شيء؟
* الطلبة: بالشريعة.
* الشيخ: بالشريعة، ولذلك نحن نقول: إن عصر النبوة هو عصر العلم، وليس عصرنا الآن هو عصر العلم، عصرنا حقيقة هو عصر الجهل، عصر الجهل بالله وبشريعته، أما أنه هو علم بالدنيا ما هو علم؛ لأن هذا علم هل يبقى العلم هذا؟
* الطلبة: لا، يزول.
* الشيخ: يزول بزوال الدنيا، ما يبقى، لكن العلم بالشريعة يبقى؛ لأنه هو الطريق والوسيلة إلى الوصول إلى الله عز وجل وإلى دار كرامته، فهو العلم الحقيقي الباقي، ولهذا قال: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ كثيرًا ما نسمع من يلهث يقول: هذا عصر العلم، عصر التقدم، وبعضهم يقول: عصر النور أيضًا يبالغ. هذا خطأ، نعم، نقول: عصر العلم، يجب أن يقيد، يجب أن يقيد لا بأس، الناس الآن عندهم من العلوم المادة ما ليس عند من قبلهم، لكن أن نقول: العلم اللي هو محل الثناء، العلم عند الإطلاق هو العلم الشرعي ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾.
* ومنها أيضًا؛ من فوائد الآية: أن الظلم والعدل وغير ذلك مقرون بالأعمال لا بالأشخاص بمعنى ليس بين الله تعالى وبين أحد من الخلق شيء يحابيه ويراعيه به، كل من خالفه فهو ظالم، ما نقول مثلًا: هذا قريب من الرسول ﷺ فتُكفّر سيئاته لقربه من الرسول عليه الصلاة والسلام، أو نقول: هذا إنسان من قريش من سلالة الأشراف من سلالة بني هاشم تكفر عنه سيئاته، إذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول الله له: ﴿لَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ ﴿إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ فما بالك بمن دون الرسول ﷺ، أليس كذلك؟
* الطلبة: بلى.
* الشيخ: يعني ما هنا أحد يحابَى من قبل الله عز وجل من أجل نسبه أو حسبه أو جاهه بين الناس، لا ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات ١٣].
* ومن فوائد الآية: جواز التعليق على شرط لا يتحقق ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ هذا أمر معلق لكنه متعلق ما يمكن يقع، لا يمكن أن يقع لقوله تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾ [النجم ٣] النبي ﷺ يقول الله فيه: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾ فالذي لا ينطق عن الهوى لا يمكن أن يسأل عن الهوى، إذا كان النطق لا ينطق به عن الهوى فالعمل كذلك، فالرسول عليه الصلاة والسلام لا يمكن أن يتبع أهواءهم.
* ومن فوائد الآية: تحذير الأمة من اتّباع أهواء غير المؤمنين، وجه ذلك إذا كان هذا الوصف يكون للرسول عليه الصلاة والسلام لو اتبع أهواءهم فالذي دونه من باب أولى، فهذا فيه التحذير أن نحذر غاية الحذر من اتباع أهواء أعداء الله، وليت أننا نوقظ الأمة مما وقعت فيه الآن من اتباع أهواء أعداء الله، ونبين لهم أن هذا هو الظلم، والظلم ظلمات يوم القيامة، والظلم مرتع مبتغيه وخيم، حتى يكون الناس اتباعهم لأي شيء؟
* الطلبة: للهدى.
* الشيخ: للهدى الذي جاء به محمد ﷺ كما قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى﴾ [النجم ٢٣].
* طالب: أقول: بناء على القاعدة أن الإنسان ما يؤاخذ إلا بعد قيام الحجة هل لنا أن نقول لعباد القبور: إنهم ضلال وليسوا بمشركين، أن نقول: فعلهم شرك ولا يؤاخذون إلا إذا أقيمت عليهم الحجة؟
* الشيخ: إلا إذا أقمت الحجة نعم؛ لكننا نعاملهم معاملة المشرك بالنسبة لعدم الصلاة عليهم مثلًا أو عدم دفنهم في قبور المسلمين وما أشبه ذلك؛ لأن ظاهرهم الآن ظاهر فعل الشرك، لكن عند الله ما نجزم بأنهم في النار، قد تكون ما قامت عليه الحجة، ثم إن هذا حقيقة بالنسبة للبلاد الإسلامية القريبة هذا شيء في ظني أنه فرض مستحيل، إنها مسألة فرضية؛ يعني عندهم من يقول: إن هذا شرك، يسمعون من يقول: هذا شرك، ما تخلو الأرض من عالم يبين الحق، مثلًا لنفرض في هذه البلاد العربية اللي فيها الآن القبور تُعبد من دون الله، يعني أتظنون أنه ليس فيهم عالم يهديهم إلى الحق؟
* الطلبة: بلى.
* الشيخ: فيه، فيهم علماء يبينون لهم أن هذا غلط، وأن هذا حرام، وأن هذا شرك وكفر، لكن هم يصرون؛ لأن لهم أناس يقلدونهم يرون أنهم اللي على الحق.
* طالب: يحصل عملية (...) موجّه (...)؟
* الشيخ: لا ما يمكن، الخطاب صريح ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الزمر ٦٥] ﴿أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ صريح، وقلنا في أثناء التفسير: إن التعليق ما يجري على الوقوع، ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ [الزخرف ٨١] هذا ما ممكن.
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: إي، بس بالنسبة لله عند الله ما ينفعهم هذا.
* الطالب: أيش مقتضاه؟ ما هو مقتضاه؟
* الشيخ: مقتضاه أنهم أشرف الناس جنسًا؛ يعني جنس بني آدم الناس معادن، فالجنس جنس بني هاشم ثم جنس قريش، ثم جنس العرب أفضل من غيرهم باعتبار الجنس.
* الطالب: ما بيصير الثواب أكثر على العمل؟
* الشيخ: لا قد يكون الثواب أكثر، وقد يكون أقل حسب ما في قلب الإنسان من الإيمان، ولهذا لو يجي ناس من بني هاشم من بعض الصحابة نقول: ما بلغ مد أحدهم «لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ»[[البخاري (٣٦٧٣) من حديث أبي سعيد الخدري واللفظ له، ومسلم (٢٥٤٠ / ٢٢١) من حديث أبي هريرة.]] ولو كان من بني هاشم.
* طالب: إذن ما يستفيدون من هذا القرب؟
* الشيخ: يستفيدون قال الرسول: «خِيَارُكُمْ فِي الْإِسْلَامِ خِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ»[[أخرجه البخاري (٣٣٧٤) من حديث أبي هريرة.]] يستفيدون بأنهم إذا كانوا في التقوى مع غيرهم سواء فهم مقدمون في الأحكام، أما عند الله درجاتهم عند الله فالظاهر -والله أعلم- أنه يكون لهم في ذلك شرف، لكن غير مؤمن ما يستفيد من قُربه من الرسول ﷺ.
* طالب: ذكرت في كتاب (...)، أنت ذكرته في كتاب ملخص أنه يقول بتقليد (...) له من العلم بالشيء (...).
* الشيخ: آه صحيح، اللي ما يستطيع يستفيد إلى العلم بالشيء يقلد.
* الطالب: السؤال: أن عليه أن يسأل (...)؟
* الشيخ: إي، هو هذا يسأل اللي يقلد، حتى الآن الإنسان الذي يمكنه معرفة الحق بدليله من طلبة العلم أحيانًا تأتيهم مسائل ما يستطيعون أن يصلوا إلى الدليل، ما يستطيعون فما هو فرضه، تجي مسائل تتطلب العجلة وعدم التأني يعني تتطلب الحكم الفوري وأنت الإنسان ما عندك أدلة الآن والبحث عن هذه الأدلة قد يكون صعبًا بحيث تفوت المسألة قبل البت في الحكم فيها، فماذا نصنع حينئذٍ؟
* طالب: نقلد.
* الشيخ: ما لنا إلا التقليد، نشوف أقرب الناس إلى الصواب في ظننا ونقلده.
* طالب: شيخ، الرسول عليه الصلاة والسلام كيف (...) كيف أكد (...)، الجواب ﴿إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾؟
* الشيخ: إي نعم، هذا أُكد لأجل التحذير للمبالغة في التحذير، ولهذا أُكّد في الحقيقة ما هو بس بـ(إن) و(اللام)، أُكّد بالقسم ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ﴾ فأصل الجملة كلها مؤكدة بالقسم، ثم جواب القسم مؤكد بـ (إن) و(اللام).
* طالب: الروح أليس نفسها هي القلب؟
* الشيخ: القلب، لا، الروح يراد بها النفس التي بها حياة الجسم، فكل ما به الحياة فهو روح، ولهذا قال الله تعالى في القرآن: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا﴾ [الشورى ٥٢] فسمى الله القرآن روحًا؛ لأن به الحياة.
* الطالب: فضيلة الشيخ، كيف يكون به الحياة القلب؟
* الشيخ: إي نعم، القلب يكون به حياة، والرقبة تكون فيها حياة أيضًا لو قُطعت رقبة الإنسان ما بقي له حياة.
* الطالب: لو بحيث يعني أن الكل بيتكون من القلب يعني؟
* الشيخ: لا ما يسمى، ما أعرف أنه سمي روحًا، إنما كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «فِي الْجَسَدِ مُضْغَةٌ إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ؛ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩ / ١٠٧) من حديث النعمان بن بشير.]].
* طالب: شيخ، واللي في الحديث: «الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ مَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ»[[أخرجه البخاري (٣٣٣٦) من حديث عائشة، ومسلم (٢٦٣٨ / ١٥٩) من حديث أبي هريرة.]] (...)؟
* الشيخ: إي، هذا صحيح؛ لأن نفسك اللي في جسمك تعرف نفس الرجل الآخر من الناس بمجرد ما تقابله تألفه، وبمجرد ما تشاهده تُنكره، أهل الفسق إذا رأوا الفاسق ألفته نفوسهم، وإذا رأوا أهل الخير نكرت نكرتهم، وكذلك أهل الخير مع أهل الفسق هذا معنى قوله: «جُنْدٌ مُجَنَّدَةٌ».
﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة ١٤٦] هذا عود على حال أو على بيان حال اليهود والنصارى، هل عنادهم عن جهل بالرسول ﷺ؟ لا، ليستفاد به قوة الإنكار عليهم؛ لأنهم كانوا يعاندون عن عِلم.
* ومن فوائد الآية: أن نبوة الرسول ﷺ ثابتة في الرسالات السابقة لقوله: ﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾.
* ومن فوائد الآية: بيان أن تعلق الإنسان بالابن أقوى من تعلقه بالبنت لقوله: ﴿كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ فهو يعرف من ابنه أكثر مما يعرف من بنته.
تلطف الله في الخطاب للرسول ﷺ حين قال، بينا في التفسير ﴿إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ ولم يقل: إنك ظالم؛ لأن هذه العبارة ﴿إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ أرق من قوله: إنك ظالم، وذكرنا شاهدًا بينًا لذلك في تلطف الخطاب من الله جل وعلا إلى النبي ﷺ، وهو؟
* طالب: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ﴾ [التوبة ٤٣].
* الشيخ: غيرها؟
* طالب: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾.
* الشيخ: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢) وَمَا يُدْرِيكَ﴾ [عبس ١ - ٣] ولم يقل: عبست وتوليت.
قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ ما معنى قوله: ﴿آتَيْنَاهُمُ﴾؟ ما معنى ﴿آتَيْنَاهُمُ﴾؟
* الطالب: معناه أعطيناهم.
* الشيخ: كم تنصب من مفعول؟ أين المفعول الأول؟
* الطالب: الأول الضمير، والثاني الكتاب.
* الشيخ: أين خبر المبتدأ؟ ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ﴾ لأن الذين مبتدأ فأين خبره؟
* الطالب: ﴿يَعْرِفُونَهُ﴾.
* الشيخ: ﴿يَعْرِفُونَهُ﴾، أحسنت. الضمير في قوله: ﴿يَعْرِفُونَهُ﴾ يعود إلى من؟
* الطالب: يعود على ﴿الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾.
* الشيخ: الضمير في ﴿يَعْرِفُونَهُ﴾ الهاء، ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ﴾ الهاء تعود على من؟
* الطالب: على محمد ﷺ.
* الشيخ: على النبي ﷺ نعم. فيه إشكال لم يسبق له ذكر؟
* طالب: كيف هذا الإشكال؟
* الشيخ: وأيش الإشكال إنه ما سبق له ذكر الرسول ﷺ؟
* الطالب: لكنه معروف في العهد الذهني.
* الشيخ: ما في هذا الضمير.
* الطالب: مذكور في كتب (...).
* الشيخ: إي، نحن تكلمنا عن الصياغة اللي معنا الآن، سياق القرآن ما سبق ذكر للرسول ﷺ حتى نقول الضمير يرجع إليه.
* الطالب: لأن القرآن بلسان النبي ﷺ..
* طالب آخر: (...) للعلم به.
* الشيخ: إي نعم، هذا معلوم من السياق وقد نقول: إنه سبق ﴿وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة ١٤٣] ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ﴾ [البقرة ١٤٣] ﴿وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ﴾.
* طالب: إذا قلنا: الضمير يعود على أقرب مذكور أقرب مذكور الكتاب؟
* الشيخ: يعرفون الكتاب ويش الفائدة من معرفة كتابهم؟
* الطالب: يعرفون أنه الحق.
* الشيخ: يعرفون أن كتابهم حق؟
* الطالب: الكتاب القرآن.
* الشيخ: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ﴾ يعني اليهود والنصارى بني إسرائيل يعرفون محمدًا كما يعرفون أبناءهم.
لماذا خص الأبناء؟ لماذا خص الأبناء دون البنات ﴿كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾؟
* الطالب: ما أعرف.
* الشيخ: ذكرناها في التفسير.
* طالب: يعني (...).
* الشيخ: يعني كونه يعرفه معرفة أبنائه أشد من معرفة بناته لشدة عنايته بهم، هذا قول وأيش القول الثاني؟ وأيش تقول؟
* الطالب: من باب التغليب.
* الشيخ: لا، ما فيها إلا هذا، لكن لعله يريد أن يكون كابن جني لكل مسألة قولان، ما فيها إلا هذه، خص الأبناء بالذكر لتعلق النفس بهم أكثر من تعلقها بالبنات، فيكون معرفة الإنسان لهم أكثر من معرفة البنات.
قوله: ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ ما موضع الجملة من الإعراب؟
* طالب: منصوب على الحال.
* الشيخ: على الحال، من أين؟
* الطالب: يعلمون (...) ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ﴾.
* الشيخ: حال من الكتاب، الكتاب ما هو بعلاقة؟
* الطالب: ما هو الكتاب.
* الشيخ: وينه؟ أعطني صاحب الحال ونصّ عليه؟
* طالب: الذين، أو الواو.
* طالب آخر: حال من فاعل ﴿يَكْتُمُونَ﴾.
* الشيخ: من فاعل ﴿يَكْتُمُونَ﴾. لماذا قيد كتمانهم بالعلم؟ لأيش قيدها بالعلم قال: ﴿يَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾؟
(...) ومن النصارى؟
* طالب: النجاشي.
* الشيخ: النجاشي، نعم.
* طالب: ورقة.
* الشيخ: ورقة، لا، من العرب، لكنه تنصَّر.
{"ayahs_start":144,"ayahs":["قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِی ٱلسَّمَاۤءِۖ فَلَنُوَلِّیَنَّكَ قِبۡلَةࣰ تَرۡضَىٰهَاۚ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَیۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّوا۟ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥۗ وَإِنَّ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ لَیَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا یَعۡمَلُونَ","وَلَىِٕنۡ أَتَیۡتَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ بِكُلِّ ءَایَةࣲ مَّا تَبِعُوا۟ قِبۡلَتَكَۚ وَمَاۤ أَنتَ بِتَابِعࣲ قِبۡلَتَهُمۡۚ وَمَا بَعۡضُهُم بِتَابِعࣲ قِبۡلَةَ بَعۡضࣲۚ وَلَىِٕنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَاۤءَهُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ إِنَّكَ إِذࣰا لَّمِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ","ٱلَّذِینَ ءَاتَیۡنَـٰهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ یَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا یَعۡرِفُونَ أَبۡنَاۤءَهُمۡۖ وَإِنَّ فَرِیقࣰا مِّنۡهُمۡ لَیَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ"],"ayah":"وَلَىِٕنۡ أَتَیۡتَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ بِكُلِّ ءَایَةࣲ مَّا تَبِعُوا۟ قِبۡلَتَكَۚ وَمَاۤ أَنتَ بِتَابِعࣲ قِبۡلَتَهُمۡۚ وَمَا بَعۡضُهُم بِتَابِعࣲ قِبۡلَةَ بَعۡضࣲۚ وَلَىِٕنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَاۤءَهُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ إِنَّكَ إِذࣰا لَّمِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق