الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة"، ما التوبة على الله لأحد من خلقه، إلا للذين يعملون السوء من المؤمنين بجهالة ="ثم يتوبون من قريب"، يقول: ما الله براجع لأحد من خلقه إلى ما يحبه من العفو عنه والصفح عن ذنوبه التي سلفت منه، إلا للذين يأتون ما يأتونه من ذنوبهم جهالة منهم وهم بربهم مؤمنون، ثم يراجعون طاعة الله ويتوبون منه إلى ما أمرهم الله به من الندم عليه والاستغفار وترك العود إلى مثله من قبل نزول الموت بهم.
وذلك هو"القريب" الذي ذكره الله تعالى ذكره فقال:"ثم يتوبون من قريب". [[انظر تفسير"القريب" فيما يلي ص: ٩٣.]]
* * *
وبنحو ما قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل. غير أنهم اختلفوا في معنى قوله:"بجهالة".
فقال بعضهم في ذلك بنحو ما قلنا فيه، وذهب إلى أنّ عمله السوء، هو"الجهالة" التي عناها.
* ذكر من قال ذلك:
٨٨٣٢ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي العالية: أنه كان يحدِّث: أن أصحاب رسول الله ﷺ كانوا يقولون: كل ذنب أصابه عبد فهو بجهالة.
٨٨٣٣ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قوله:"للذين يعملون السوء بجهالة"، قال: اجتمع أصحابُ رسول الله ﷺ فرأوا أن كل شيء عُصيِ به فهو"جهالة"، عمدًا كان أو غيره.
٨٨٣٤ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"للذين يعملون السوء بجهالة"، قال: كل من عصى ربه فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته.
٨٨٣٥ - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله:"إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة"، قال: كل من عمل بمعصية الله، فذاك منه بجهل حتى يرجع عنه.
٨٨٣٦ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة"، ما دام يعصي الله فهو جاهل.
٨٨٣٧ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان، عن أبي النضر، عن أبي صالح، عن ابن عباس:"إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة"، قال: من عمل السوء فهو جاهل، من جهالته عمل السوء.
٨٨٣٨ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قال: من عصى الله فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته = قال ابن جريج: وأخبرني عبد الله بن كثير، عن مجاهد قال: كل عامل بمعصية فهو جاهل حين عمل بها = قال ابن جريج: وقال لي عطاء بن أبي رباح نحوه.
٨٨٣٩ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قول الله:"إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب"، قال:"الجهالة"، كل امرئ عمل شيئًا من معاصي الله فهو جاهل أبدًا حتى ينزع عنها، وقرأ: ﴿هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ﴾ [سورة يوسف: ٨٩] ، وقرأ: وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ [سورة يوسف: ٣٣] . قال: من عصى الله فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته.
* * *
وقال آخرون: معنى قوله:"للذين يعملون السوء بجهالة"، يعملون ذلك على عمد منهم له.
* ذكر من قال ذلك:
٨٨٤٠ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن مجاهد:"يعملون السوء بجهالة"، قال: الجهالة: العمد.
٨٨٤١ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد مثله.
٨٨٤٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك:"إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة"، قال: الجهالة: العمد.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء في الدنيا.
* ذكر من قال ذلك:
٨٨٤٣ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا معتمر بن سليمان، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة قوله:"إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة"، قال: الدنيا كلها جهالة.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية، قولُ من قال: تأويلها: إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء، وعملهم السوء هو الجهالة التي جهلوها، عامدين كانوا للإثم، أو جاهلين بما أعدّ الله لأهلها. [[انظر فيما سلف ٢: ١٨٣، تفسيره"الجاهلون" أنهم: السفهاء.]]
وذلك أنه غير موجود في كلام العرب تسمية العامد للشيء:"الجاهل به"، إلا أن يكون معنيًّا به أنه جاهل بقدر منفعته ومضرّته، فيقال:"هو به جاهل"، على معنى جهله بمعنى نفعه وضُرّه. [[لعل الصواب"بمبلغ نفعه وضره"، وحرفه الناسخ.]] فأما إذا كان عالمًا بقدر مبلغ نفعه وضرّه، قاصدًا إليه، فغيرُ جائز من أجل قصده إليه أن يقال [[كان في المطبوعة والمخطوطة: "فغير جائز من غير قصده إليه أن يقال: هو به جاهل" وهو بلا شك كلام لا يستقيم مع الذي قبله ولا الذي بعده، وسهو الناسخ هنا شيء لا ريب فيه أيضًا، فظني أنه سبق قلمه بأن كتب"من غير" مكان"من أجل" كما أثبتها، أو تكون كانت"من جراء قصده إليه" فلم يحسن قراءة"من جرا" فكتب"من غير"، وهو تصحيف قريب جدًا، مر عليك أشد منه.]] "هو به جاهل"، لأن"الجاهل بالشيء"، هو الذي لا يعلمه ولا يعرفه عند التقدم عليه = أو [الذي] يعلمه، فيشبَّه فاعله، [[في المخطوطة"أو الذي يعمله فيشبه فاعله" وهو خطأ، صححه ناشر المطبوعة الأولى"يعلمه"، وزدت"الذي بين القوسين لكي يستوي جانبا الكلام".]] إذ كان خطًأ ما فعله، بالجاهل الذي يأتي الأمر وهو به جاهل، فيخطئ موضع الإصابة منه، فيقال:"إنه لجاهل به"، وإن كان به عالمًا، لإتيانه الأمر الذي لا يأتي مثله إلا أهل الجهل به.
وكذلك معنى قوله:"يعملون السوء بجهالة"، قيل فيهم:"يعملون السوء بجهالة" = وإن أتوه على علم منهم بمبلغ عقاب الله أهله، عامدين إتيانه، مع معرفتهم بأنه عليهم حرام = لأن فعلهم ذلك كان من الأفعال التي لا يأتي مثله إلا من جَهِل عظيمَ عقاب الله عليه أهلَه في عاجل الدنيا وآجل الآخرة، فقيل لمن أتاه وهو به عالم:"أتاه بجهالة"، بمعنى أنه فعل فعل الجهَّال به، لا أنه كان جاهلا.
* * *
وقد زعم بعض أهل العربية أن معناه: أنهم جهلوا كُنْه ما فيه من العقاب، فلم يعلموه كعلم العالم، وإن علموه ذنبًا، فلذلك قيل:"يعملون السوء بجهالة". [[قائل هذا هو الفراء في معاني القرآن ١: ٢٥٩.]]
قال أبو جعفر: ولو كان الأمر على ما قال صاحب هذا القول، لوجب أن لا تكون توبة لمن علم كُنْه ما فيه. وذلك أنه جل ثناؤه قال:"إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب" دون غيرهم. فالواجب على صاحب هذا القول أن لا يكون للعالم الذي عمل سوءًا على علم منه بكنه ما فيه، ثم تاب من قريب = [[قوله: "توبة" اسم"يكون" في قوله: "أن لا يكون للعالم ... ".]] توبة، وذلك خلاف الثابت عن رسول الله ﷺ: من أن كل تائب عسى الله أن يتوب عليه = وقوله:"باب التوبة مفتوح ما لم تطلع الشمس من مغربها" = [[هذان الخبران رواهما أبو جعفر بغير إسناد، وكأنه ذكر معناهما دون لفظهما، وكأن الأول: "كُلّ ذَنْبٍ عَسَى اللهُ أن يَغْفره، إلا من مات مشركًا أوْ قتلَ مؤمنًا مُتَعمّدًا" خرجه السيوطي في الجامع الصغير، لأبي داود، من حديث أبي الدرداء، وإلى أحمد والنسائي والحاكم في المستدرك، من حديث معاوية.
أما الثاني، فكأنه قوله ﷺ: "إنَّ اللهَ عزّ وجَلَّ يبْسُطُ يَدَهُ باللَّيْلِ ليتوبَ مُسِيءُ النهار، ويَبْسُط يده بالنهار ليتُوبَ مسيءُ الليل، حتى تطلُعَ الشَّمْسُ من مغربها"، أخرجه مسلم ١٧: ٧٦ من حديث أبي موسى.]] وخلاف قول الله عز وجل: ﴿إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا﴾ [سورة الفرقان: ٧٠] .
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى:"القريب" في هذا الموضع.
فقال بعضهم: معنى ذلك: ثم يتوبون في صحتهم قبل مرضهم وقبل موتهم.
* ذكر من قال ذلك:
٨٨٤٤ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ثم يتوبون من قريب"، والقريب قبلَ الموت ما دام في صحته.
٨٨٤٥ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا محمد بن فضيل، عن أبي النضر، عن أبي صالح، عن ابن عباس:"ثم يتوبون من قريب"، قال: في الحياة والصحة.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ثم يتوبون من قبل معاينة مَلَك الموت.
* ذكر من قال ذلك:
٨٨٤٦ - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"ثم يتوبون من قريب"، والقريب فيما بينه وبين أن ينظر إلى مَلَك الموت.
٨٨٤٧ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان قال، سمعت عمران بن حدير قال، قال أبو مجلز: لا يزال الرجل في توبة حتى يُعاين الملائكة.
٨٨٤٨ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن قيس قال: القريب، ما لم تنزل به آية من آيات الله تعالى، وينزلْ به الموت. [[الأثر: ٨٨٤٨ -"محمد بن قيس المدني"، قاضي عمر بن عبد العزيز، قال ابن سعد: "كان كثير الحديث عالمًا"، ذكره ابن حبان في الثقات. له حديث واحد في مسلم، عن أبي صرمة، عن أبي هريرة. وهو الذي يروي عنه أبو معشر. مترجم في التهذيب.]]
٤٨٤٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك:"إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب"، وله التوبة ما بينه وبين أن يعاين ملَك الموت، فإذا تاب حين ينظر إلى ملك الموت، فليس له ذاك.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ثم يتوبون من قبل الموت.
* ذكر من قال ذلك:
٨٨٥٠ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن رجل، عن الضحاك،"ثم يتوبون من قريب"، قال: كل شيء قبل الموت فهو قريب.
٨٨٥١ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا معتمر بن سليمان، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة:"ثم يتوبون من قريب"، قال: الدنيا كلها قريب.
٨٨٥٢ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ثم يتوبون من قريب"، قبل الموت.
٨٨٥٣ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا معاذ بن هشام قال، حدثني أبي، عن قتادة، عن أبي قلابة قال: ذُكر لنا أن إبليس لما لُعن وأُنظر، قال: وعزتك لا أخرج من قلب ابن آدم ما دام فيه الروح. فقال تبارك وتعالى: وعزتي لا أمنعه التَّوبة ما دام فيه الروح.
٨٨٥٤ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو داود قال، حدثنا عمران، عن قتادة قال: كنا عند أنس بن مالك وثَمَّ أبو قلابة، فحدث أبو قلابة قال: إن الله تبارك وتعالى لما لعن إبليس سأله النَّظِرة، فقال: وعزتك لا أخرج من قلب ابن آدم! فقال الله تبارك وتعالى: وعزتي لا أمنعه التوبة ما دام فيه الروح.
٨٨٥٥ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة قال: إن الله تبارك وتعالى لما لعن إبليس سأله النَّظِرة، فأنظره إلى يوم الدين، فقال: وعزتك لا أخرج من قلب ابن آدم ما دام فيه الروح! قال: وعزتي لا أحجب عنه التوبة ما دام فيه الروح.
٨٨٥٦ - حدثني ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا عوف، عن الحسن قال: بلغني أن رسول الله ﷺ قال: إن إبليس لما رأى آدم أجْوفَ قال: وعزتك لا أخرج من جوفه ما دام فيه الروح! فقال الله تبارك وتعالى: وعزتي لا أحُول بينه وبين التوبة ما دام فيه الروح. [[الأحاديث: ٨٨٥٣ - ٨٨٥٦ - هذه أحاديث مرسلة، أشار إليها ابن كثير في تفسيره ٢: ٣٨٠، ثم قال: "وقد ورد في هذا حديث مرفوع رواه الإمام أحمد في مسنده، من طريق عمرو بن أبي عمرو، وأبي الهيثم العتواري، كلاهما عن أبي سعيد، عن النبي ﷺ قال: "قال إبليس: يا ربّ، وعزّتك وجَلالكَ لا أَزال أُغويهم مَا دامت أَرواحُهُم في أَجسادِهم!
فقال الله عز وجلّ: وعزّتي وجَلالي لا أزَال أغفِر لهم ما استغفروا لي"]]
٨٨٥٧ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا معاذ بن هشام قال، حدثني أبي، عن قتادة، عن العلاء بن زياد، عن أبي أيوب بُشَيْر بن كعب: أن نبيّ الله ﷺ قال: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغَرْغر". [[الأثر: ٨٨٥٧ -"بشير بن كعب بن أبي الحميري، أبو أيوب العدوي". ثقة معروف، روى عن أبي الدرداء، وأبي ذر، وأبي هريرة. و"بشير" مصغر.
وهذا حديث آخر مرسل، رواه الإمام أحمد في مسنده ٦٦١٠، ٦٤٠٨ مرفوعًا من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب. من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن جبير بن نفير، عن ابن عمر، وهو حديث صحيح. ورواه الترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي: "حسن غريب". وانظر تخريجه من شرح المسند لأخي السيد أحمد.
و"الغرغرة": أن يجعل الشراب في فمه ويردده إلى أقصى الحلق، ثم لا يبلعه. شبهوا تردد الروح قبل خروجها بمنزلة ما يتغرغر به المريض. وهذه صفة عجيبة بلفظ واحد، لحالة من شهدها شهد للعرب أنهم أهل بيان، وأن لغتهم أدنى اللغات في تصويرها للدقيق المشكل بكلمة واحدة.]]
٨٨٥٨ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن عبادة بن الصامت: أن رسول الله ﷺ قال، فذكر مثله. [[الأثر: ٨٨٥٨ - هذا حديث منقطع، فإن عبادة بن الصامت مات سنة ٣٤. وولد قتادة سنة ٦١، وانظر التعليق على الأثر السالف.]] .
٨٨٥٩ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن عوف، عن الحسن، قال: بلغني أن رسول الله ﷺ قال: إن الله تبارك وتعالى يقبل توبة العبد ما لم يُغَرْغِرْ. [[الأثر: ٨٨٥٩ - انظر التعليق على الأثر: ٨٨٥٧.]]
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قولُ من قال: تأويله: ثم يتوبون قبل مماتهم، في الحال التي يفهمون فيها أمر الله تبارك وتعالى ونهيَه، وقبل أن يُغلبوا على أنفسهم وعقولهم، وقبل حال اشتغالهم بكرب الحَشْرجة وغمّ الغرغرة، فلا يعرفوا أمر الله ونهيه، ولا يعقلوا التوبة، لأن التوبة لا تكون توبة إلا ممن ندمٍ على ما سلف منه، وعزمٍ منه على ترك المعاودة، [[في المطبوعة: "إلا ممن ندم على ما سلف منه، وعزم فيه على ترك المعاودة"، تصرف فيما كان في المخطوطة، لما رأى من تحريفها، وكان فيها: "إلا من ندم على ما سلف منه، وعرف فيه على ترك المعاودة"، والجملة الأولى مستقيمة، وقد أثبتها، والثانية تصحيف صواب قراءته ما أثبت.]] وهو يعقل الندم، ويختار ترك المعاودة: فأما إذا كان بكرب الموت مشغولا وبغمّ الحشرجة مغمورًا، فلا إخالُه إلا عن الندم على ذنوبه مغلوبًا. ولذلك قال من قال:"إن التوية مقبولة، ما لم يغرغر العبد بنفسه"، [[قوله: "ولذلك قال من قال"، دال على أن أبا جعفر. حين روى الأحاديث الثلاثة المرسلة: ٨٨٥٧ -٨٨٥٩، لم يكن عنده ما صح من رفعه إلى رسول الله ﷺ.]] فإن كان المرء في تلك الحال يعقل عقلَ الصحيح، ويفهم فهم العاقل الأريب، فأحدث إنابة من ذنوبه، ورجعةً من شروده عن رَبه إلى طاعته، كان إن شاء الله ممن دخل في وعد الله الذي وعد التائبين إليه من إجرامهم من قريب بقوله:"إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب".
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٧) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: [[في المخطوطة والمطبوعة"يعني بذلك جل ثناؤه"، والسياق يقتضي ما أثبت.]] "فأولئك"، فهؤلاء الذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب ="يتوب الله عليهم"، دون من لم يتب حتى غُلب على عقله، وغمرته حشرجة ميتته، فقال وهو لا يفقه ما يقول:"إني تبت الآن"، خداعًا لربه، ونفاقًا في دينه.
* * *
ومعنى قوله:"يتوب الله عليهم"، يرزقهم إنابة إلى طاعته، ويتقبل منهم أوبتهم إليه وتوبتهم التي أحدثوها من ذنوبهم. [[انظر تفسير"التوبة" و"تاب" فيما سلف من فهارس اللغة.]]
* * *
وأما قوله:"وكان الله عليما حكيما"، فإنه يعني: ولم يزل الله جل ثناؤه [[انظر معنى"كان" فيما سلف قريبًا: ٨٨ تعليق: ٢، والمراجع هناك.]] = "عليما" بالناس من عباده المنيبين إليه بالطاعة، بعد إدبارهم عنه، المقبلين إليه بعد التولية، وبغير ذلك من أمور خلقه ="حكيمًا"، [[كان في المخطوطة والمطبوعة: "حكيم"، ورددتها إلى نص الآية والسياق.]] في توبته على من تاب منهم من معصيته، وفي غير ذلك من تدبيره وتقديره، ولا يدخل أفعاله خلل، ولا يُخالطه خطأ ولا زلل. [[في المطبوعة والمخطوطة: "لا يخلطه"، وإنما يقال: "خلط الشيء بالشيء"، وليس هذا مكانها، بل الصواب ما أثبت.
وانظر تفسير"عليم" و"حكيم" فيما سلف من فهارس اللغة.]]
{"ayah":"إِنَّمَا ٱلتَّوۡبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِینَ یَعۡمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَـٰلَةࣲ ثُمَّ یَتُوبُونَ مِن قَرِیبࣲ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَیۡهِمۡۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِیمًا حَكِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق