الباحث القرآني
﴿إنَّما التَّوْبَةُ عَلى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وكانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ تَقَدَّمَ الكَلامُ في إنَّما وفي دَلالَتِها عَلى الحَصْرِ، أهْوَ مِن حَيْثُ الوَضْعِ، أوِ الِاسْتِعْمالِ ؟ أمْ لا دَلالَةَ لَها عَلَيْهِ ؟ وتَقَدَّمَ الكَلامُ في التَّوْبَةِ وشُرُوطِها، فَأغْنى ذَلِكَ عَنْ إعادَتِهِ. وقَوْلُهُ: ﴿إنَّما التَّوْبَةُ عَلى اللَّهِ﴾ هو عَلى حَذْفِ مُضافٍ مِنَ المُبْتَدَأِ والخَبَرِ، والتَّقْدِيرُ: إنَّما قَبُولُ التَّوْبَةِ مُتَرَتِّبٌ عَلى فَضْلِ اللَّهِ، فَتَكُونُ (عَلى) باقِيَةً عَلى بابِها. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يَعْنِي إنَّما القَبُولُ والغُفْرانُ واجِبٌ عَلى اللَّهِ تَعالى لِهَؤُلاءِ، انْتَهى. وهَذا الَّذِي قالَهُ هو عَلى طَرِيقِ المُعْتَزِلَةِ، والَّذِي نَعْتَقِدُهُ أنَّ اللَّهَ لا يَجِبُ عَلَيْهِ تَعالى شَيْءٌ مِن جِهَةِ العَقْلِ، فَأمّا ما ظاهِرُهُ الوُجُوبُ مِن جِهَةِ السَّمْعِ عَلى نَفْسِهِ كَتَخْلِيدِ الكُفّارِ وقَبُولِ الإيمانِ مِنَ الكافِرِ بِشَرْطِهِ فَذَلِكَ واقِعٌ قَطْعًا، وأمّا قَبُولُ التَّوْبَةِ فَلا يَجِبُ عَلى اللَّهِ عَقْلًا، وأمّا مِن جِهَةِ السَّمْعِ فَتَظافَرَتْ ظَواهِرُ الآيِ والسُّنَّةِ عَلى قَبُولِ اللَّهِ التَّوْبَةَ، وأفادَتِ القَطْعَ بِذَلِكَ. وقَدْ ذَهَبَ أبُو المَعالِي الجُوَيْنِيُّ وغَيْرُهُ: إلى أنَّ هَذِهِ الظَّواهِرَ إنَّما تُفِيدُ غَلَبَةَ الظَّنِّ لا القَطْعَ بِقَبُولِ التَّوْبَةِ، والتَّوْبَةُ فَرْضٌ بِإجْماعِ الأُمَّةِ، وتَصِحُّ وإنْ نَقَضَها في ثانِي حالٍ بِمُعاوَدَةِ الذَّنْبِ ومِن ذَنْبٍ، وإنْ أقامَ عَلى ذَنْبٍ غَيْرِهِ، خِلافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ ومَن نَحا نَحْوَهم مِمَّنْ يَنْتَمِي إلى السُّنَّةِ، إذْ ذَهَبُوا إلى أنَّهُ لا يَكُونُ تائِبًا مَن أقامَ عَلى ذَنْبٍ. وقِيلَ: (عَلى) بِمَعْنى عِنْدَ. وقالَ الحَسَنُ: بِمَعْنى مِن، والسُّوءُ يَعُمُّ الكُفْرَ، والمَعاصِي غَيْرُهُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأنَّهُ تَسُوءُ عاقِبَتُهُ.
ومَوْضِعُ بِجَهالَةٍ حالٌ، أيْ: جاهِلِينَ ذَوِي سَفَهٍ وقِلَّةِ تَحْصِيلٍ، إذِ ارْتِكابُ (p-١٩٨)السُّوءِ لا يَكُونُ إلّا عَنْ غَلَبَةِ الهَوى لِلْعَقْلِ، والعَقْلُ يَدْعُو إلى الطّاعَةِ، والهَوى والشَّهْوَةُ يَدْعُوانِ إلى المُخالَفَةِ، فَكُلُّ عاصٍ جاهِلٌ بِهَذا التَّفْسِيرِ. ولا تَكُونُ الجَهالَةُ هُنا التَّعَمُّدَ، كَما ذَهَبَ إلَيْهِ الضَّحّاكُ. ورُوِيَ عَنْ مُجاهِدٍ؛ لِإجْماعِ المُسْلِمِينَ عَلى أنَّ مَن تَعَمَّدَ الذَّنْبَ وتابَ، تابَ اللَّهُ عَلَيْهِ. وأجْمَعَ أصْحابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلى أنَّ كُلَّ مَعْصِيَةٍ هي بِجَهالَةٍ عَمْدًا كانَتْ أوْ جَهْلًا. وقالَ أبُو الكَلْبِيُّ: (بِجَهالَةٍ) أيْ: لا يَجْهَلُ كَوْنَها مَعْصِيَةً، ولَكِنْ لا يَعْلَمُ كُنْهَ العُقُوبَةِ. وقالَ عِكْرِمَةُ: أُمُورُ الدُّنْيا كُلُّها جَهالَةٌ، يَعْنِي ما اخْتَصَّ بِها وخَرَجَ عَنْ طاعَةِ اللَّهِ. وقالَ الزَّجّاجُ: جَهالَتُهُ مِن حَيْثُ آثَرَ اللَّذَّةَ الفانِيَةَ عَلى اللَّذَّةِ الباقِيَةِ، والحَظَّ العاجِلَ عَلى الآجِلِ. وقِيلَ: الجَهالَةُ الإصْرارُ عَلى المَعْصِيَةِ، ولِذَلِكَ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ﴾ . وقِيلَ: مَعْناهُ فَعَلَهُ غَيْرَ مُصِرٍّ عَلَيْهِ، فَأشْبَهَ الجاهِلَ الَّذِي لا يَتَعَمَّدُ الشَّيْءَ. وقالَ التِّرْمِذِيُّ: جَهْلُ الفِعْلِ الوُقُوعُ فِيهِ مِن غَيْرِ قَصْدٍ، فَيَكُونُ المُرادُ مِنهُ العَفْوَ عَنِ الخَطَأِ، ويُحْتَمَلُ قَصْدُ الفِعْلِ والجَهْلُ بِمَوْقِعِهِ، أيْ: أنَّهُ حَرامٌ، أوْ في الحُرْمَةِ أيُّ قَدْرٍ هي فَيَرْتَكِبُهُ مَعَ الجَهالَةِ بِحالِهِ، لا قَصْدَ الِاسْتِخْفافِ بِهِ والتَّهاوُنِ بِهِ. والعَمَلُ بِالجَهالَةِ قَدْ يَكُونُ عَنْ غَلَبَةِ شَهْوَةٍ، فَيَعْمَلُ لِغَرَضِ اقْتِضاءِ الشَّهْوَةِ عَلى طَمَعِ أنَّهُ سَيَتُوبُ مِن بَعْدُ ويَصِيرُ صالِحًا، وقَدْ يَكُونُ عَلى طَمَعِ المَغْفِرَةِ والِاتِّكالِ عَلى رَحْمَتِهِ وكَرَمِهِ. وقَدْ تَكُونُ الجَهالَةُ جَهالَةَ عُقُوبَةٍ عَلَيْهِ.
ومَعْنى ﴿مِن قَرِيبٍ﴾ أيْ: مِن زَمانٍ قَرِيبٍ. والقُرْبُ هُنا بِالنِّسْبَةِ إلى زَمانِ المَعْصِيَةِ، وهي بَقِيَّةُ مُدَّةِ حَياتِهِ إلى أنْ يُغَرْغِرَ، أوْ بِالنِّسْبَةِ إلى زَمانِ مُفارَقَةِ الرُّوحِ. فَإذا كانَتْ تَوْبَتُهُ تُقْبَلُ في هَذا الوَقْتِ فَقَبُولُها قَبْلَهُ أجْدَرُ، وقَدْ بَيَّنَ غايَةَ مَنعِ قَبُولِ التَّوْبَةِ في الآيَةِ بَعْدَها بِحُضُورِ المَوْتِ. وقِيلَ: قَبْلَ أنْ يُحِيطَ السُّوءُ بِحَسَناتِهِ، أيْ: قَبْلَ أنْ تَكْثُرَ سَيِّئاتُهُ وتَزِيدَ عَلى حَسَناتِهِ، فَيَبْقى كَأنَّهُ بِلا حَسَناتٍ. وقِيلَ: قَبْلَ أنْ تَتَراكَمَ ظُلُماتُ قَلْبِهِ بِكَثْرَةِ ذُنُوبِهِ، ويُؤَدِّيهِ ذَلِكَ إلى الكُفْرِ المُحِيطِ. وقالَ عِكْرِمَةُ والضَّحّاكُ ومُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ وأبُو مِجْلَزٍ وابْنُ زَيْدٍ وغَيْرُهم: قَبْلَ المُعايَنَةِ لِلْمَلائِكَةِ والسَّوْقِ. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ والسُّدِّيُّ: قَبْلَ المَرَضِ والمَوْتِ. فَذَكَرَ ابْنُ عَبّاسٍ أحْسَنَ أوْقاتِ التَّوْبَةِ، وذَكَرَ مَن قَبْلَهُ آخِرَ وقْتِها. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ أيْضًا: قَبْلَ أنْ يَنْزِلَ بِهِ سُلْطانُ المَوْتِ، ورَوى أبُو أيُّوبٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: (أنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ ما لَمْ يُغَرْغِرْ)، وعَنِ الحَسَنِ أنَّ إبْلِيسَ قالَ حِينَ أهْبِطُ إلى الأرْضِ: وعِزَّتِكَ لا أُفارِقُ ابْنَ آدَمَ ما دامَ رُوحُهُ في جَسَدِهِ، فَقالَ: وعِزَّتِي لا أُغْلِقُ عَلَيْهِ بابَ التَّوْبَةِ ما لَمْ يُغَرْغِرْ. قِيلَ: وسُمِّيَتْ هَذِهِ المُدَّةُ قَرِيبَةً لِأنَّ الأجَلَ آتٍ، وكُلُّ ما هو آتٍ قَرِيبٌ. وتَنْبِيهًا عَلى أنَّ مُدَّةَ عُمُرِ الإنْسانِ وإنْ طالَتْ فَهي قَلِيلَةٌ قَرِيبَةٌ، ولِأنَّ الإنْسانَ يَتَوَقَّعُ كُلَّ لَحْظَةٍ نُزُولَ المَوْتِ بِهِ، وما هَذِهِ حالُهُ فَإنَّهُ يُوصَفُ بِالقُرْبِ.
وارْتِفاعُ التَّوْبَةُ عَلى الِابْتِداءِ، والخَبَرُ هو عَلى اللَّهِ، و(لِلَّذِينِ) مُتَعَلِّقٌ بِما يَتَعَلَّقُ بِهِ (عَلى اللَّهِ)، والتَّقْدِيرُ: إنَّما التَّوْبَةُ مُسْتَقِرَّةٌ عَلى فَضْلِ اللَّهِ وإحْسانِهِ لِلَّذِينَ. وقالَ أبُو البَقاءِ: في هَذا الوَجْهِ يَكُونُ ﴿لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ﴾ حالًا مِنَ الضَّمِيرِ في قَوْلِهِ: عَلى اللَّهِ، والعامِلُ فِيها الظَّرْفُ والِاسْتِقْرارُ، أيْ ثابِتَةً لِلَّذِينَ، انْتَهى. ولا يَحْتاجُ إلى هَذا التَّكَلُّفِ. وأجازَ أبُو البَقاءِ أنْ يَكُونَ الخَبَرُ (لِلَّذِينَ)، ويَتَعَلَّقُ عَلى اللَّهِ بِمَحْذُوفٍ، ويَكُونُ حالًا مِن مَحْذُوفٍ أيْضًا، والتَّقْدِيرُ: إنَّما التَّوْبَةُ إذا كانَتْ، أوْ إذْ كانَتْ عَلى اللَّهِ. فَإذا وإذْ ظَرْفانِ العامِلُ فِيهِما (لِلَّذِينَ)، لِأنَّ الظَّرْفَ يَعْمَلُ فِيهِ المَعْنى وإنَّ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ. و(كانَ) تامَّةٌ، وصاحِبُ الحالِ ضَمِيرُ الفاعِلِ لِكانَ. قالَ: ولا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ عَلى اللَّهِ حالًا يَعْمَلُ فِيها (لِلَّذِينَ)، لِأنَّهُ عامِلٌ مَعْنَوِيٌّ، والحالُ لا يَتَقَدَّمُ عَلى المَعْنَوِيِّ. ونَظِيرُ هَذِهِ المَسْألَةِ قَوْلُهم: هَذا بُسْرًا أطْيَبُ مِنهُ رُطَبًا انْتَهى. وهو وجْهٌ مُتَكَلِّفٌ في الإعْرابِ، غَيْرُ مُتَّضِحٍ في المَعْنى، وبِجَهالَةٍ في مَوْضِعِ الحالِ أيْ: مَصْحُوبِينَ بِجَهالَةٍ. ويَجُوزُ عِنْدِي أنْ تَكُونَ باءَ السَّبَبِ، أيِ: الحامِلُ لَهم عَلى عَمَلِ السُّوءِ هو الجَهالَةُ، إذْ لَوْ كانُوا عالِمِينَ بِما يَتَرَتَّبُ عَلى المَعْصِيَةِ مُتَذَكِّرِينَ لَهُ حالَةَ (p-١٩٩)إتْيانِ المَعْصِيَةِ ما عَمِلُوها كَقَوْلِهِ (لا يَزْنِي الزّانِي حِينَ يَزْنِي وهو مُؤْمِنٌ) لِأنَّ العَقْلَ حِينَئِذٍ يَكُونُ مَغْلُوبًا أوْ مَسْلُوبًا. و(مِن) في قَوْلِهِ: ﴿مِن قَرِيبٍ﴾، تَتَعَلَّقُ بِـ يَتُوبُونَ، وفِيها وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّها لِلتَّبْعِيضِ، أيْ بَعْضَ زَمانٍ قَرِيبٍ، فَفي أيِّ جُزْءٍ مِن أجْزاءِ هَذا الزَّمانِ أتى بِالتَّوْبَةِ فَهو تائِبٌ مِن قَرِيبٍ. والثّانِي: أنْ تَكُونَ لِابْتِداءِ الغايَةِ، أيْ يَبْتَدِئُ التَّوْبَةَ مِن زَمانٍ قَرِيبٍ مِنَ المَعْصِيَةِ لِئَلّا يَقَعَ في الإصْرارِ. ومَفْهُومُ ابْتِداءِ الغايَةِ: أنَّهُ لَوْ تابَ مِن زَمانٍ بَعِيدٍ فَإنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ مَن خُصَّ بِكَرامَةِ خَتْمِ قَبُولِ التَّوْبَةِ عَلى اللَّهِ المَذْكُورَةِ في الآيَةِ بِـ (عَلى)، في قَوْلِهِ: عَلى اللَّهِ. وقَوْلِهِ: ﴿يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾، ويَكُونُ مِن جُمْلَةِ المَوْعُودِينَ بِكَلِمَةِ (عَسى) في قَوْلِهِ: ﴿عَسى اللَّهُ أنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ١٠٢] .
ودُخُولُ (مِنِ) الِابْتِدائِيَّةِ عَلى الزَّمانِ لا يُجِيزُهُ البَصْرِيُّونَ، وحُذِفَ المَوْصُوفُ هُنا وهو زَمانٌ، وقامَتِ الصِّفَةُ الَّتِي هي (قَرِيبٍ) مَقامَهُ، لَيْسَ مَقِيسًا. لِأنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ وهي القَرِيبُ لَيْسَتْ مِنَ الصِّفاتِ الَّتِي يَجُوزُ حَذْفُها بِقِياسٍ، لِأنَّها لَيْسَتْ مِمّا اسْتُعْمِلَتِ اسْتِعْمالَ الأسْماءِ، فَلَمْ يُلْفَظْ بِمَوْصُوفِها كالأبْطَحِ، والأبْرَقِ، ولا مُخْتَصَّةً بِجِنْسِ المَوْصُوفِ، نَحْوُ: مَرَرْتُ بِمُهَنْدِسٍ، ولا تَقَدَّمَ ذِكْرُ مَوْصُوفِها، نَحْوُ: اسْقِنِي ماءً ولَوْ بارِدًا، وما لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ مِمّا كانَ الوَصْفُ فِيهِ اسْمًا وحُذِفَ فِيهِ المَوْصُوفُ وأُقِيمَتْ صِفَتُهُ مَقامَهُ فَلَيْسَ بِقِياسٍ.
﴿فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾، لَمّا ذَكَرَ تَعالى أنَّ قَبُولَ التَّوْبَةِ عَلى اللَّهِ لِمَن ذَكَرَ، ذَكَرَ أنَّهُ تَعالى هو يَتَعَطَّفُ عَلَيْهِمْ ويَرْحَمُهم، ولِذَلِكَ اخْتَلَفَ مُتَعَلِّقا التَّوْبَةِ بِاخْتِلافِ المَجْرُورِ. لِأنَّ الأوَّلَ عَلى اللَّهِ، والثّانِي عَلَيْهِمْ، فَفَسَّرَ كُلٌّ بِما يُناسِبُهُ. ولَمّا ضَمَّنَ (يَتُوبُ) مَعْنى ما يُعَدّى بِعَلى عَدّاهُ بِعَلى، كَأنَّهُ قالَ: يَعْطِفُ عَلَيْهِمْ. وفي (عَلى) الأُولى رُوعِيَ فِيها المُضافُ المَحْذُوفُ وهو قَبُولٌ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإنْ قُلْتَ: ما فائِدَةُ قَوْلِهِ ﴿فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ بَعْدَ قَوْلِهِ: ﴿إنَّما التَّوْبَةُ عَلى اللَّهِ﴾ لَهم ؟ قُلْتُ: قَوْلُهُ: ﴿إنَّما التَّوْبَةُ عَلى اللَّهِ﴾ إعْلامٌ بِوُجُوبِها عَلَيْهِ، كَما يَجِبُ عَلى العَبْدِ بَعْضُ الطّاعاتِ، وقَوْلُهُ: ﴿فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ عِدَةٌ بِأنَّهُ يَفِي بِما وجَبَ عَلَيْهِ، وإعْلامٌ بِأنَّ الغُفْرانَ كائِنٌ لا مَحالَةَ، كَما يَعِدُ العَبْدَ الوَفاءَ بِالواجِبِ. انْتَهى كَلامُهُ. وهو مُشِيرٌ إلى طَرِيقِ الِاعْتِزالِ في قَوْلِهِمْ: إنَّ اللَّهَ يَجِبُ عَلَيْهِ، وتَقَدَّمَ ذِكْرُ مَذْهَبِهِمْ في ذَلِكَ. وقالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الرّازِيُّ ما مُلَخَّصُهُ: إنَّ قَوْلَهُ: ﴿إنَّما التَّوْبَةُ عَلى اللَّهِ﴾ إعْلامٌ بِأنَّهُ يَجِبُ قَبُولُها لُزُومَ إحْسانٍ لا اسْتِحْقاقٍ، و﴿يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ [آل عمران: ١٢٨] إخْبارٌ بِأنَّهُ سَيَفْعَلُ ذَلِكَ. أوْ يَكُونُ الأُولى بِمَعْنى الهِدايَةِ إلى التَّوْبَةِ والإرْشادِ، و﴿يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ [آل عمران: ١٢٨] بِمَعْنى: يَقْبَلُ تَوْبَتَهم.
﴿وكانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ أيْ: عَلِيمًا بِمَن يُطِيعُ ويَعْصِي، (حَكِيمًا) أيْ: يَضَعُ الأشْياءَ مَواضِعَها، فَيَقْبَلُ تَوْبَةَ مَن أنابَ إلَيْهِ.
{"ayah":"إِنَّمَا ٱلتَّوۡبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِینَ یَعۡمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَـٰلَةࣲ ثُمَّ یَتُوبُونَ مِن قَرِیبࣲ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَیۡهِمۡۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِیمًا حَكِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق