قوله: ﴿إِنَّمَا ٱلتَّوْبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ﴾ الآية.
معناها عند الطبري: أن التوبة ليست لأحد إلا الذين يعملون السوء، وهم جهال: ثم يتوبون قبل الموت، فإن الله يتوب عليهم، وأكثر الصحابة على أن كل ذنب فعله الإنسان فعل جهالة عمداً كان أو غير عمد.
قال مجاهد: كل من عصى ربه فهو جاهل حتى يتوب عن ذلك، وعلى ذلك أكثر التابعين وأهل التفسير.
وقد قال الضحاك: إن الجهالة: العمد خاصة وروي مثله عن مجاهد.
وقال عكرمة: الجهالة: الدنيا. فالمعنى على قوله: للذين يعملون السوء في الدنيا، وقال: الدنيا كلها جهالة.
وقيل معنى: ﴿بِجَهَالَةٍ﴾ أي: بجهالة منهم لما في الذنب من العقاب عمدوا ذلك أو جهلوه. وقيل: الجهالة أن يعمل المعصية وهو يعلم أنها معصية، فإن لم يعلم ذلك، فهو خطأ وليست بجهالة.
* * *
قوله: ﴿ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ﴾ الآية.
أي: في صحة لا مرض فيها قبل نزول إمارات الموت، قاله ابن عباس والسدي وغيرهما، وقيل: المعنى من قبل معاينة الموت (وروي ذلك عن ابن عباس، وقاله الضحاك، وقال عكرمة وابن زيد "من قريب" من قبل الموت).
وقد روى قتادة عن أبي قلابة أنه قال: ذكر لنا أن إبليس لعنه الله لما لعن وأُنظْر قال: وعزتك لا أخرج من قلب ابن آدم ما دام فيه الروح، قال الله عز وجل: لا أمنعه التوبة ما دام فيه الروح.
وقال النبي ﷺ: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر
وقال أهل المعاني: "ثُمّ يثوبون" قبل مماتهم في الحال التي يفهمون فيها أمر الله عز وجل ونهيه، وقبل أن يغلبوا على أنفسهم وعقولهم ﴿فَأُوْلَـٰئِكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ أي: يرزقهم إنابة إلى طاعته ويتقبل منهم توبتهم إليه.
قال الأخفش: قال إني تبت الآن "تمام وخولف في ذلك لأن و ﴿ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ﴾ عطف على "الذين" الأول.
{"ayah":"إِنَّمَا ٱلتَّوۡبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِینَ یَعۡمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَـٰلَةࣲ ثُمَّ یَتُوبُونَ مِن قَرِیبࣲ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَیۡهِمۡۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِیمًا حَكِیمࣰا"}