الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٣٨) ﴾ يقول تعالى ذكره: وقال فرعون لأشراف قومه وسادتهم: ﴿يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ فتعبدوه، وتصدّقوا قول موسى فيما جاءكم به من أن لكم وله ربا غيري ومعبودا سواي ﴿فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ﴾ يقول: فاعمل لي آجرا، وذُكر أنه أوّل من طبخ الآجر وبنى به. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد: ﴿فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ﴾ قال: على المدَر يكون لَبِنا مطبوخا. قال ابن جُرَيج: أوّل من أمر بصنعة الآجرّ وبنى به فرعون. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة: ﴿فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ﴾ قال: فكان أوّل من طبخ الآجرّ يبني به الصرح. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قول الله: ﴿فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ﴾ قال: المطبوخ الذي يوقد عليه هو من طين يبنون به البنيان. * * * وقوله: ﴿فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا﴾ يقول: ابنِ لي بالآجرّ بناء، وكل بناء مسطح فهو صرح كالقصر. ومنه قول الشاعر: بِهِنَّ نَعامٌ بَنَاهَا الرِّجَا ... لُ تَحْسَبُ أعْلامَهُنَّ الصُّرُوحَا [[البيت لأبي ذؤيب الهذلي يصف طرق المفازة (اللسان: نعم) . قال: النعامة: كل بناء أو ظلة أو علم يهتدي به من أعلام المفاوز. وقيل: كل بناء على الجبل كالظلة والعلم. والجمع: نعام. قال أبو ذؤيب يصف طرق المفازة: "بهن نعام ... " البيت قال: وروى الجوهري عجز * تلقى النقائض فيه السريحا * قال: والنقائض: الهزلي من الإبل. اه. وفي (اللسان: نقض) النفيضة نحو الطليعة، وهم الجماعة يبعثون في الأرض متجسسين، لينظروا: هل فيها عدو وخوف؟ والجمع النفائض. هذا تفسير الأصمعي. وهكذا رواه أبو عمرو بالفاء إلا أنه قال في تفسيره: إنها الهزلي من الإبل. قال ابن بري: النعام: خشبات يستظل تحتها. والرجال: الرجالة. والسريح: سيور تشد بها النعال، يريد أن نعال النقائض تقطعت. والصروح: جمع صرح، وهو كما في (اللسان: صرح) بيت واحد يبنى منفردًا ضخمًا طويلا في السماء. قال أبو ذؤيب: عَلَى طُرُقِ كَنُحُورِ الظَّبَا ... ءِ تَحْسَبُ آرَامَهُنَّ الصُّرُحَا وقال الزجاج في قوله تعالى: (قيل لها ادخلي الصرح) قال: الصرح في اللغة: القصر، والصحن يقال: هذه صرحة الدار وقارعتها: أي ساحتها وعرصتها. وقال بعض المفسرين: الصرح: بلاط اتخذ لها من قوارير. والصرح: الأرض المملسة. والصرح متن من الأرض مستو. اه. وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن. الصرح: البناء والقصر. ولم يزد، وروى البيت كرواية صاحب اللسان.]] يعني بالصروح: جمع صرح. * * * وقوله: ﴿لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى﴾ يقول: انظر إلى معبود موسى، الذي يعبده، ويدعو إلى عبادته ﴿وَإِنِّي لأظُنُّهُ﴾ فيما يقول من أن له معبودا يعبده في السماء، وأنه هو الذي يؤيده وينصره، وهو الذي أرسله إلينا من الكاذبين؛ فذكر لنا أن هامان بنى له الصرح، فارتقى فوقه. فكان من قصته وقصة ارتقائه ما:- ⁕ حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: قال فرعون لقومه: ﴿يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي﴾ أذهب في السماء، فأنظر ﴿إِلَى إِلَهِ مُوسَى﴾ فلما بُنِي له الصرح، ارتقى فوقه، فأمر بِنُشابة فرمى بها نحو السماء، فردّت إليه وهي متلطخة دما، فقال: قد قتلت إله موسى، تعالى الله عما يقولون.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب