الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (١٠٢) ﴾ يقول تعالى ذكره: لا يسمع هؤلاء الذين سبقت لهم منا الحسنى حَسيس النار، ويعني بالحسيس: الصوت والحسّ. فإن قال قائل: فكيف لا يسمعون حسيسها، وقد علمت ما روي من أن جهنم يؤتى بها يوم القيامة فتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل إلا جثا على ركبتيه خوفا منها؟ قيل: إن الحال التي لا يسمعون فيها حسيسها هي غير تلك الحال، بل هي الحال التي حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ﴿لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ﴾ يقول: لا يسمع أهل الجنة حسيس النار إذا نزلوا منزلهم من الجنة. * * * وقوله ﴿وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ﴾ يقول: وهم فيما تشتهيه نفوسهم من نعيمها ولذاتها ماكثون فيها، لا يخافون زوالا عنها ولا انتقالا عنها. * * * القول في تأويل قوله تعالى: ﴿لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (١٠٣) ﴾ اختلف أهل التأويل في الفزع الأكبر أي الفزع هو؟ فقال بعضهم: ذلك النار إذا أطبقت على أهلها. * ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو هشام، قال: ثنا يحيى بن يمان، قال: ثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأكْبَرُ) قال: النار إذا أطبقت على أهلها. ⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج، قوله ﴿لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأكْبَرُ﴾ قال: حين يطبق جهنم، وقال: حين ذبح الموت. وقال آخرون: بل ذلك النفخة الآخرة. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ﴿لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأكْبَرُ﴾ يعني النفخة الآخرة. وقال آخرون: بل ذلك حين يؤمر بالعبد إلى النار. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن رجل، عن الحسن ﴿لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأكْبَرُ﴾ قال: انصراف العبد حين يُؤْمر به إلى النار. وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: ذلك عند النفخة الآخرة، وذلك أن من لم يحزنه ذلك الفزع الأكبر وآمن منه، فهو مما بعدَه أحرى أن لا يفزَع، وأن من أفزعه ذلك فغير مأمون عليه الفزع مما بعده. * * * وقوله ﴿وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ﴾ يقول: وتستقبلهم الملائكة يهنئونهم يقولون ﴿هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ فيه الكرامة من الله والحِباء والجزيل من الثواب على ما كنتم تنصَبون في الدنيا لله في طاعته. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال ابن زيد. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ﴿هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ قال: هذا قبل أن يدخلوا الجنة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب