الباحث القرآني

وقوله سبحانه: لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَها هذه صفة الذين سبقت لهم الحسنى، وذلك بعد دخولهم الجنة لأَنَّ الحديث يقتضى أَنَّ في الموقف تزفر جهنم زفرةً لا يبقى نبيٌّ ولا مَلَكٌ إلاَّ جثا على ركبتيه، قال البخاريُّ [[ينظر: «صحيح البخاري» (8/ 289) كتاب التفسير: باب سورة الأنبياء.]] : الحسيس والحس: واحد، وهو الصوتُ الخفيُّ، انتهى. والفزع الأكبر عامٌّ في كلِّ هول يكون يوم القيامة، فكأَنَّ يوم القيامة بجملته هو الفَزَعُ الأكبر. وقوله سبحانه: وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ يريد: بالسلام عليهم والتبشير لهم، أي: هذا يومكم الذي وعدتهم فيه الثواب والنعيم، والسِّجِلِّ في قول فرقة: هو الصحيفة التي يُكْتَبُ فيها، والمعنى: كما يطوى السِّجِلُّ من أجل الكتاب الذي فيه، فالمصدر مضاف إلى المفعول وهكذا قال البخاري [[ينظر المصدر السابق.]] : السجل: الصحيفة، انتهى، وما خَرَّجه أبو داودَ في «مراسيله» من أَنَّ السجل: اسم رجل من كتّاب النبي ﷺ [[أخرجه أبو داود (2/ 147) كتاب الخراج والفيء والإمارة: باب في اتخاذ الكاتب، حديث (2935) ، والنسائي في التفسير (2/ 74) رقم (355) ، والطبريّ (9/ 94) رقم (24849) ، وابن عدي في «الكامل» (7/ 2662) ، والبيهقي (10/ 126) ، والطبراني في «الكبير» (12/ 170) رقم (12790) من حديث ابن عباس. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4/ 611) ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن منده في «المعرفة» ، وابن مردويه، وابن عساكر.]] . قال السهيليُّ فيه: هذا غير معروف. انتهى. وقوله سبحانه: كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ يحتمل معنيين: أحدهما: أن يكون خبراً عن البعث، أي كما اخترعنا الخلق أوَّلاً على غير مثال كذلك ننشئهم تارة أخرى، فنبعثهم من القبور. والثاني أنْ يكونَ خبراً عن أَنَّ كل شخص يُبْعَثُ يوم القيامة على هيئته التي خرج بها 21 أإلى الدنيا، ويؤيد هذا قوله ﷺ: «يُحْشَرُ/ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ» [[أخرجه البخاري (6/ 445) كتاب أحاديث الأنبياء: باب قول الله تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا حديث (3349) ، وأطرافه في (3447، 4625، 4626، 4740، 6524، 6525، 6526) ، ومسلم (4/ 2194- 2195) كتاب الجنة وصفة نعيمها: باب فناء الدنيا، حديث (508/ 2860) ، والترمذي (4/ 615- 616) كتاب صفة القيامة: باب ما جاء في شأن الحشر، حديث (2423) ، والنسائي (4/ 114) كتاب الجنائز: باب البعث، حديث (2082) من حديث ابن عباس وقال الترمذي: حسن صحيح.]] . وقوله: كَما بَدَأْنا الكاف مُتَعَلِّقَةٌ بقوله: نُعِيدُهُ، وقالت فرقة: الزَّبُورِ هنا يعم جميعَ الكتب المُنَزَّلَة لأَنه مأخوذ من: زبرت الكتاب إذا كتبته، والذِّكْرِ أراد به اللَّوحَ المحفوظ، وقالت فرقة: الزَّبُورِ هو زبور داود عليه السلام، والذِّكْرِ: التوراة. وقالت فرقة: الزَّبُورِ: ما بعد التوراةِ من الكتب، والذِّكْرِ: التوراة. وقالت فرقة: الْأَرْضَ هنا: أرضُ الدنيا، أي: كل ما يناله المؤمنون من الأرض، وقالت فرقة: أراد أرض الجنة، واستشهدوا بقوله تعالى: وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ [الزمر: 74] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب