الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (٤٢) ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قد مكر الذين من قَبْل هؤلاء المشركين من قُرَيشٍ من الأمم التي سلفت بأنبياء الله ورُسله ﴿فلله المكر جميعًا﴾ ، يقول: فلله أسبابُ المكر جميعًا، وبيده وإليه، لا يضرُّ مكرُ من مَكَر منهم أحدًا إلا من أراد ضرَّه به، يقول: فلم يضرَّ الماكرون بمكرهم إلا من شاء الله أن يضرَّه ذلك، وإنما ضرُّوا به أنفسهم لأنهم أسخطوا ربَّهم بذلك على أنفسهم حتى أهلكهم، ونجَّى رُسُلَه: يقول: فكذلك هؤلاء المشركون من قريش يمكرون بك، يا محمد، والله منَجّيك من مكرهم، ومُلْحِقٌ ضُرَّ مكرهم بهم دونك. [[انظر تفسير" المكر" فيما سلف: ٤٦٦، تعليق: ٣،والمراجع هناك.]] وقوله: ﴿يعلم ما تكسب كلّ نفس﴾ ، يقول: يعلم ربك، يا محمد ما يعمل هؤلاء المشركون من قومك، وما يسعون فيه من المكر بك، ويعلم جميعَ أعمال الخلق كلهم، لا يخفى عليه شيء منها [[انظر تفسير" الكسب" فيما سلف من فهارس اللغة.]] = ﴿وسيعلَم الكفار لمن عقبى الدار﴾ ، يقول: وسيعلمون إذا قَدموا على ربهم يوم القيامة لمن عاقبة الدار الآخرة حين يدخلون النار، ويدخلُ المؤمنون بالله ورسوله الجَنَّة. [[انظر تفسير" العقبى" فيما سلف قريبًا: ٤٧٢، تعليق: ٥، والمراجع هناك.]] * * * قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة ذلك: فقرأته قرأة المدينة وبعضُ البَصْرة:"وَسَيَعْلَمُ الكَافِرُ" على التوحيد. [[في المطبوعة:" بعض أهل البصرة"، زاد في الكلام ما يستقيم بإسقاطه وبإثباته.]] * * * وأما قرأة الكوفة فإنهم قرءوه: ﴿وَسَيَعْلَمُ الكُفَّار﴾ ، على الجمع. * * * قال أبو جعفر: والصوابُ من القراءة في ذلك، القراءةُ على الجميع: ﴿وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ﴾ لأن الخبر جرى قبل ذلك عن جماعتهم، وأتبع بعَده الخبر عنهم، وذلك قوله: ﴿وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ﴾ وبعده قوله: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلا﴾ . وقد ذُكر أنها في قراءة ابن مسعود:"وَسَيَعْلَمُ الكَافِرُونَ"، وفى قراءة أبيّ:" ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ " وذلك كله دليلٌ على صحة ما اخترنا من القراءة في ذلك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب