(p-٣٦٩٣)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[ ٤٢ ] ﴿وقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ المَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وسَيَعْلَمُ الكُفّارُ لِمَن عُقْبى الدّارِ﴾
﴿وقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ أيْ: مَكَرَ الكُفّارُ الَّذِينَ خَلَوْا، إيقاعَ المَكْرُوهِ بِأنْبِيائِهِمْ والمُؤْمِنِينَ كَما مَكَرَ هَؤُلاءِ، وقَوْلُهُ: ﴿فَلِلَّهِ المَكْرُ جَمِيعًا﴾ إشارَةٌ إلى ضَعْفِ مَكْرِهِمْ وكَيْدِهِمْ لِاضْمِحْلالِهِ وذَهابِ أثَرِهِ، وأنَّهُ مِمّا لا يَسُوءُ، وأنَّ المَكْرَ المَرْهُوبَ هو ما سَيُؤْخَذُونَ بِهِ مِن إيقاعِ فُنُونِ النَّكالِ، وهم نائِمُونَ عَلى فَرْشِ الإمْهالِ، مِمّا لا يَخْطُرُ لَهم عَلى بالٍ، كَما يُومِئُ إلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ﴾ أيْ: فَيُوَفِّيها جَزاءَها المُعَدَّ لَها عَلى ما كَسَبَتْ مِن فُنُونِ المَعاصِي الَّتِي مِنها مَكْرُهُمْ، مِن حَيْثُ لا يَحْتَسِبُونَ ﴿وسَيَعْلَمُ الكُفّارُ لِمَن عُقْبى الدّارِ﴾ أيِ العاقِبَةُ الحَمِيدَةُ، وعَلى مَن تَدُورُ الدّائِرَةُ، وهَذا كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ومَكَرُوا مَكْرًا ومَكَرْنا مَكْرًا وهم لا يَشْعُرُونَ﴾ [النمل: ٥٠] ﴿فانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أنّا دَمَّرْناهم وقَوْمَهم أجْمَعِينَ﴾ [النمل: ٥١] ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهم خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا﴾ [النمل: ٥٢] الآيَةَ.
{"ayah":"وَقَدۡ مَكَرَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَلِلَّهِ ٱلۡمَكۡرُ جَمِیعࣰاۖ یَعۡلَمُ مَا تَكۡسِبُ كُلُّ نَفۡسࣲۗ وَسَیَعۡلَمُ ٱلۡكُفَّـٰرُ لِمَنۡ عُقۡبَى ٱلدَّارِ"}