القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٢٥) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره وأما الذين ينقضون عهد الله، ونقضهم ذلك، خلافهم أمر الله، وعملهم بمعصيته [[انظر تفسير" النقض" فيما سلف ٩: ٣٦٣ / ١٠: ١٢٥ / ١٤: ٢٢.]] ﴿من بعد ميثاقه﴾ ، يقول: من بعد ما وثّقوا على أنفسهم لله أن يعملوا بما عهد إليهم [[انظر تفسير" الميثاق" فيما سلف ص: ٤١٩، تعليق: ٢، والمراجع هناك.]] = ﴿ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل﴾ ، [[انظر تفسير" الوصل" فيما سلف ١: ٤١٥ وهذا ص: ٤٢٠، تعليق: ١.]] يقول: ويقطعون الرحم التي أمرهم الله بوصلها= ﴿ويفسدون في الأرض﴾ ، فسادهم فيها: عملهم بمعاصي الله ([[انظر تفسير" الفساد في الأرض" فيما سلف من فهارس اللغة (فسد) .]] أولئك لهم اللعنة) ، يقول: فهؤلاء لهم اللعنة، وهي البعد من رحمته، والإقصاء من جِنانه [[انظر تفسير" اللعنة" فيما سلف ١٥: ٤٦٧، تعليق: ١، والمراجع هناك.]] = ﴿ولهم سوء الدار﴾ يقول: ولهم ما يسوءهم في الدار الآخرة.
* * *
٢٠٣٤٩- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قال: أكبر الكبائر الإشراك بالله، لأن الله يقول: ﴿وَمَْن يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ﴾ [سورة الحج:٣١] ، ونقض العهد، وقطيعة الرحم، لأن الله تعالى يقول: ﴿أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار﴾ ، يعني: سوء العاقبة.
٢٠٣٥٠- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج قال : قال ابن جريج، في قوله: ﴿ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل﴾ ، قال: بلغنا أن النبي ﷺ قال: "إذا لم تمش إلى ذي رحمك برجلك ولم تعطه من مالك فقد قطعته".
٢٠٣٥١- حدثني محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مصعب بن سعد قال: سألت أبي عن هذه الآية: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [سورة الكهف:١٠٣، ١٠٤] ، أهم الحرورية؟ قال: لا ولكن الحرورية ﴿الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار﴾ ، فكان سعدٌ يسميهم الفاسقين. [[الأثر: ٢٠٣٥١ -" مصعب بن سعد بن أبي وقاص"، تابعي ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا، آخرها رقم: ١٨٧٧٦.
رواه البخاري في صحيحه من طريق محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، مطولا (الفتح ٨: ٣٢٣) وسيأتي مطولا في التفسير ١٧: ٢٧ (بولاق) في تفسير آية سورة الكهف. رواه الحاكم في المستدرك ٢: ٣٧٠، من طريق" إسحاق، عن جرير، عن منصور، عن مصعب بن سعد"، وقال:" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. ثم انظر تخريجه في غير المطبوع من الكتب، في الدر المنثور ٤: ٢٥٣. وسيأتي بإسناد آخر في الذي يليه.]]
٢٠٣٥٢- حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة قال: سمعت مصعب بن سعد قال: كنت أمسك على سعدٍ المصحف، فأتى على هذه الآية، ثم ذكر نحو حديث محمد بن جعفر. [[الأثر: ٢٠٣٥٢ - هو مكرر الذي قبله من رواية أبي داود الطيالسي، عن شعبة.]]
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ یَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِیثَـٰقِهِۦ وَیَقۡطَعُونَ مَاۤ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦۤ أَن یُوصَلَ وَیُفۡسِدُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوۤءُ ٱلدَّارِ"}