.
الهَمْزَةُ في قَوْلِهِ: ﴿أفَمَن يَعْلَمُ﴾ لِلْإنْكارِ عَلى مَن يَتَوَهَّمُ المُماثَلَةَ بَيْنَ مَن يَعْلَمُ، إنَّما أنْزَلَهُ اللَّهُ سُبْحانَهُ إلى رَسُولِهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ مِنَ الحَقِّ الَّذِي لا شَكَّ فِيهِ ولا شُبْهَةَ، وهو القُرْآنُ، وبَيْنَ مَن هو أعْمى لا يَعْلَمُ ذَلِكَ، فَإنَّ الحالَ بَيْنَهُما مُتَباعِدٌ جِدًّا كالتَّباعُدِ الَّذِي بَيْنَ الماءِ والزَّبَدِ، وبَيْنَ الخَبَثِ والخالِصِ مِن تِلْكَ الأجْسامِ، ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحانَهُ أنَّهُ إنَّما يَقِفُ عَلى تَفاوُتِ المَنزِلَتَيْنِ، وتَبايُنِ الرُّتْبَتَيْنِ أهْلُ العُقُولِ الصَّحِيحَةِ، فَقالَ: ﴿إنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبابِ﴾ .
ثُمَّ وصَفَهم بِهَذِهِ الأوْصافِ المادِحَةِ، فَقالَ: ﴿الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ﴾ أيْ بِما عَقَدُوهُ مِنَ العُهُودِ فِيما بَيْنَهم وبَيْنَ رَبِّهِمْ، أوْ فِيما بَيْنَهم وبَيْنَ العِبادِ ﴿ولا يَنْقُضُونَ المِيثاقَ﴾ الَّذِي وثَّقُوهُ عَلى أنْفُسِهِمْ، وأكَّدُوهُ بِالأيْمانِ ونَحْوِها، وهَذا تَعْمِيمٌ بَعْدَ التَّخْصِيصِ، لِأنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ المِيثاقِ كُلُّ ما أوْجَبَهُ العَبْدُ عَلى نَفْسِهِ كالنُّذُورِ ونَحْوِها، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ الأمْرُ بِالعَكْسِ فَيَكُونُ مِنَ التَّخْصِيصِ بَعْدَ التَّعْمِيمِ عَلى أنْ يُرادَ بِالعَهْدِ جَمِيعُ عُهُودِ اللَّهِ، وهي أوامِرُهُ ونَواهِيهِ الَّتِي وصّى بِها عَبِيدَهُ، ويَدْخُلُ في ذَلِكَ الِالتِزاماتُ الَّتِي يُلْزِمُ بِها العَبْدُ نَفْسَهُ، ويُرادُ بِالمِيثاقِ ما أخَذَهُ اللَّهُ عَلى عِبادِهِ حِينَ أخْرَجَهم مِن صُلْبِ آدَمَ في عالَمِ الذَّرِّ المَذْكُورِ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿وإذْ أخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ﴾ [الأعراف: ١٧٢] الآيَةَ.
﴿والَّذِينَ يَصِلُونَ ما أمَرَ اللَّهُ بِهِ أنْ يُوصَلَ﴾ ظاهِرُهُ شُمُولُ كُلِّ ما أمَرَ اللَّهُ بِصِلَتِهِ، ونَهى عَنْ قَطْعِهِ مِن حُقُوقِ اللَّهِ وحُقُوقِ عِبادِهِ، ويَدْخُلُ تَحْتَ ذَلِكَ صِلَةُ الأرْحامِ دُخُولًا أوَّلِيًّا، وقَدْ قَصَرَهُ كَثِيرٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ عَلى صِلَةِ الرَّحِمِ، واللَّفْظُ أوْسَعُ مِن ذَلِكَ ﴿ويَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾ خَشْيَةً تَحْمِلُهم عَلى فِعْلِ ما وجَبَ، واجْتِنابِ ما لا يَحِلُّ ﴿ويَخافُونَ سُوءَ الحِسابِ﴾ (p-٧٢٩)وهُوَ الِاسْتِقْصاءُ فِيهِ والمُناقَشَةُ لِلْعَبْدِ، فَمَن نُوقِشَ الحِسابَ عُذِّبَ، ومِن حَقِّ هَذِهِ الخِيفَةِ أنْ يُحاسِبُوا أنْفُسَهم قَبْلَ أنْ يُحاسَبُوا.
﴿والَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وجْهِ رَبِّهِمْ﴾ قِيلَ: هو كَلامٌ مُسْتَأْنَفٌ، وقِيلَ: مَعْطُوفٌ عَلى ما قَبْلَهُ والتَّعْبِيرُ عَنْهُ بِلَفْظِ المُضِيِّ لِلتَّنْبِيهِ عَلى أنَّهُ يَنْبَغِي تَحَقُّقُهُ، والمُرادُ بِالصَّبْرِ الصَّبْرُ عَلى الإتْيانِ بِما أمَرَ اللَّهُ بِهِ، واجْتِنابِ ما نَهى عَنْهُ، وقِيلَ: عَلى الرَّزايا والمَصائِبِ، ومَعْنى كَوْنِ ذَلِكَ الصَّبْرِ لِابْتِغاءِ وجْهِ اللَّهِ: أنْ يَكُونَ خالِصًا لَهُ، لا شائِبَةَ فِيهِ لِغَيْرِهِ ﴿وأقامُوا الصَّلاةَ﴾ أيْ فَعَلُوها في أوْقاتِها عَلى ما شَرَعَهُ اللَّهُ سُبْحانَهُ في أذْكارِها وأرْكانِها مَعَ الخُشُوعِ والإخْلاصِ، والمُرادُ بِها الصَّلَواتُ المَفْرُوضَةُ، وقِيلَ: أعَمُّ مِن ذَلِكَ ﴿وأنْفَقُوا مِمّا رَزَقْناهُمْ﴾ أيْ أنْفَقُوا بَعْضَ ما رَزَقْناهم، والمُرادُ بِالسِّرِّ: صَدَقَةُ النَّفْلِ، والعَلانِيَةِ: صَدَقَةُ الفَرْضِ، وقِيلَ: السِّرُّ لِمَن لَمْ يُعْرَفْ بِالمالِ، أوْ لا يُتَّهَمُ بِتَرْكِ الزَّكاةِ، والعَلانِيَةُ لِمَن كانَ يُعْرَفُ بِالمالِ أوْ يُتَّهَمُ بِتَرْكِ الزَّكاةِ ﴿ويَدْرَءُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ أيْ يَدْفَعُونَ سَيِّئَةَ مَن أساءَ إلَيْهِمْ بِالإحْسانِ إلَيْهِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هي أحْسَنُ﴾ [ المُؤْمِنُونَ: ٩٦، فُصِّلَتْ: ٣٤ ]، أوْ يَدْفَعُونَ بِالعَمَلِ الصّالِحِ العَمَلَ السَّيِّئَ، أوْ يَدْفَعُونَ الشَّرَّ بِالخَيْرِ، أوِ المُنْكَرَ بِالمَعْرُوفِ، أوِ الظُّلْمَ بِالعَفْوِ، أوِ الذَّنْبَ بِالتَّوْبَةِ، ولا مانِعَ مِن حَمْلِ الآيَةِ عَلى جَمِيعِ هَذِهِ الأُمُورِ، والإشارَةُ بِقَوْلِهِ: أُولَئِكَ إلى المَوْصُوفِينَ بِالصِّفاتِ المُتَقَدِّمَةِ ﴿لَهم عُقْبى الدّارِ﴾ العُقْبى مَصْدَرٌ كالعاقِبَةِ، والمُرادُ بِالدّارِ الدُّنْيا وعُقْباها الجَنَّةُ، وقِيلَ: المُرادُ بِالدّارِ: الدّارُ الآخِرَةِ، وعُقْباها الجَنَّةُ لِلْمُطِيعِينَ، والنّارُ لِلْعُصاةِ.
﴿جَنّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها﴾ بَدَلٌ مِن عُقْبى الدّارِ أيْ لَهم جَنّاتُ عَدْنٍ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً، وخَبَرُهُ يَدْخُلُونَها، والعَدْنُ أصْلُهُ الإقامَةُ، ثُمَّ صارَ عَلَمًا لِجَنَّةٍ مِنَ الجِنانِ.
قالَ القُشَيْرِيُّ: وجَنّاتُ عَدْنٍ: وسَطُ الجَنَّةِ وقَصَبَتُها وسَقْفُها عَرْشُ الرَّحْمَنِ، ولَكِنْ في صَحِيحِ البُخارِيِّ وغَيْرِهِ «إذا سَألْتُمُ اللَّهَ فاسْألُوهُ الفِرْدَوْسَ فَإنَّهُ أوْسَطُ الجَنَّةِ، وأعْلى الجَنَّةِ، وفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، ومِنهُ تُفَجَّرُ أنْهارُ الجَنَّةِ» .
﴿ومَن صَلَحَ مِن آبائِهِمْ﴾ يَشْمَلُ الآباءَ والأُمَّهاتِ ﴿وأزْواجِهِمْ وذُرِّيّاتِهِمْ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى الضَّمِيرِ في يَدْخُلُونَ، وجازَ ذَلِكَ لِلْفَصْلِ بَيْنَ المَعْطُوفِ والمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، أيْ: ويَدْخُلُها أزْواجُهم وذُرِّيّاتُهم، وذِكْرُ الصَّلاحِ دَلِيلٌ عَلى أنَّهُ لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إلّا مَن كانَ كَذَلِكَ مِن قَراباتِ أُولَئِكَ، ولا يَنْفَعُ مُجَرَّدُ كَوْنِهِ مِنَ الآباءِ أوِ الأزْواجِ أوِ الذَّرِّيَّةِ بِدُونِ صَلاحٍ ﴿والمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِن كُلِّ بابٍ﴾ أيْ مِن جَمِيعِ أبْوابِ المَنازِلِ الَّتِي يَسْكُنُونَها، أوِ المُرادُ مِن كُلِّ بابٍ مِن أبْوابِ التُّحَفِ والهَدايا مِنَ اللَّهِ سُبْحانَهُ.
﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ﴾ أيْ قائِلِينَ سَلامٌ عَلَيْكم، أيْ: سَلِمْتُمْ مِنَ الآفاتِ أوْ دامَتْ لَكُمُ السَّلامَةُ ﴿بِما صَبَرْتُمْ﴾ أيْ بِسَبَبِ صَبْرِكم وهو مُتَعَلِّقٌ بِالسَّلامِ، أيْ: إنَّما حَصَلَتْ لَكم هَذِهِ السَّلامَةُ بِواسِطَةِ صَبْرِكم أوْ مُتَعَلِّقٌ بِـ عَلَيْكم، أوْ بِمَحْذُوفٍ، أيْ: هَذِهِ الكَرامَةُ بِسَبَبِ صَبْرِكم، أوْ بَدَلُ ما احْتَمَلْتُمْ مِن مَشاقِّ الصَّبْرِ ﴿فَنِعْمَ عُقْبى الدّارِ﴾ جاءَ سُبْحانَهُ بِهَذِهِ الجُمْلَةِ المُتَضَمِّنَةِ لِمَدْحِ ما أعْطاهم مِن عُقْبى الدّارِ المُتَقَدِّمِ ذِكْرُها لِلتَّرْغِيبِ والتَّشْوِيقِ.
ثُمَّ اتْبَعَ أحْوالَ السُّعَداءِ بِأحْوالِ الأشْقِياءِ، فَقالَ: ﴿والَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثاقِهِ ويَقْطَعُونَ ما أمَرَ اللَّهُ بِهِ أنْ يُوصَلَ﴾ وقَدْ مَرَّ تَفْسِيرُ عَدَمِ النَّقْضِ وعَدَمِ القَطْعِ فَعُرِفَ مِنهُما تَفْسِيرُ النَّقْضِ والقَطْعِ، ولَمْ يَتَعَرَّضْ لِنَفْيِ الخَشْيَةِ والخَوْفِ عَنْهم وما بَعَدَهُما مِنَ الأوْصافِ المُتَقَدِّمَةِ لِدُخُولِها في النَّقْضِ والقَطْعِ ﴿ويُفْسِدُونَ في الأرْضِ﴾ بِالكُفْرِ وارْتِكابِ المَعاصِي والإضْرارِ بِالأنْفُسِ والأمْوالِ أُولَئِكَ المَوْصُوفُونَ بِهَذِهِ الصِّفاتِ الذَّمِيمَةِ لَهم بِسَبَبِ ذَلِكَ اللَّعْنَةُ: أيِ الطَّرْدُ والإبْعادُ مِن رَحْمَةِ اللَّهِ سُبْحانَهُ ﴿ولَهم سُوءُ الدّارِ﴾ أيْ سُوءُ عاقِبَةِ دارِ الدُّنْيا، وهي النّارُ أوْ عَذابُ النّارِ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أفَمَن يَعْلَمُ أنَّما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ الحَقُّ﴾ قالَ: هَؤُلاءِ قَوْمٌ انْتَفَعُوا بِما سَمِعُوا مِن كِتابِ اللَّهِ وعَقَلُوهُ ووَعَوْهُ ﴿كَمَن هو أعْمى﴾ قالَ: عَنِ الحَقِّ، فَلا يُبْصِرُهُ ولا يَعْقِلُهُ ﴿إنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبابِ﴾ فَبَيَّنَ مَن هم ؟ فَقالَ: ﴿الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ﴿أُولُو الألْبابِ﴾ قالَ: مَن كانَ لَهُ لُبٌّ، أيْ: عَقْلٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتادَةَ أنَّ اللَّهَ ذَكَرَ الوَفاءَ بِالعَهْدِ والمِيثاقِ في بِضْعٍ وعِشْرِينَ آيَةً مِنَ القُرْآنِ.
وأخْرَجَ الخَطِيبُ وابْنُ عَساكِرَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: «إنَّ البِرَّ والصِّلَةَ لَيُخَفِّفانِ سُوءَ الحِسابِ يَوْمَ القِيامَةِ.
ثُمَّ تَلا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: ﴿والَّذِينَ يَصِلُونَ ما أمَرَ اللَّهُ بِهِ أنْ يُوصَلَ ويَخْشَوْنَ رَبَّهم ويَخافُونَ سُوءَ الحِسابِ﴾» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿والَّذِينَ يَصِلُونَ ما أمَرَ اللَّهُ بِهِ أنْ يُوصَلَ﴾ يَعْنِي مِن إيمانٍ بِالنَّبِيِّينَ وبِالكُتُبِ كُلِّها ﴿ويَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾ يَعْنِي يَخافُونَ مِن قَطِيعَةِ ما أمَرَ اللَّهُ بِهِ أنْ يُوصَلَ ﴿ويَخافُونَ سُوءَ الحِسابِ﴾ يَعْنِي شِدَّةَ الحِسابِ.
وقَدْ ورَدَ في صِلَةِ الرَّحِمِ وتَحْرِيمِ قَطْعِها أحادِيثُ كَثِيرَةٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنِ الضَّحّاكِ ﴿ويَدْرَءُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ قالَ: يَدْفَعُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ والفِرْيابِيُّ وابْنُ أبِي شَيْبَةَ وهَنّادٌ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ وأبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: ﴿جَنّاتُ عَدْنٍ﴾ قالَ: بُطْنانُ الجَنَّةِ، يَعْنِي وسَطَها.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الحَسَنِ أنَّ عُمَرَ قالَ لِكَعْبٍ: ما عَدْنٌ ؟ قالَ: هو قَصْرٌ في الجَنَّةِ لا يَدْخُلُهُ إلّا نَبِيٌّ أوْ صِدِّيقٌ أوْ شَهِيدٌ أوْ حَكَمٌ عَدْلٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَلِيٍّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: «جَنَّةُ عَدْنٍ قَضِيبٌ غَرَسَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَكانَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجاهِدٍ ﴿ومَن صَلَحَ مِن آبائِهِمْ﴾ قالَ: مَن آمَنَ في الدُّنْيا.
وأخْرَجَ (p-٧٣٠)عَبْدُ الرَّزّاقِ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنْ أبِي عِمْرانَ الجَوْنِيِّ في قَوْلِهِ: ﴿سَلامٌ عَلَيْكم بِما صَبَرْتُمْ﴾ قالَ: عَلى دِينِكم ﴿فَنِعْمَ عُقْبى الدّارِ﴾ قالَ: نِعْمَ ما أعْقَبَكُمُ اللَّهُ مِنَ الدُّنْيا في الجَنَّةِ.
وأخْرَجَ أحْمَدُ والبَزّارُ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وابْنُ حِبّانَ وأبُو الشَّيْخِ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ وأبُو نُعَيْمٍ في الحِلْيَةِ والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: «أوَّلُ مَن يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِن خَلْقِ اللَّهِ فُقَراءُ المُهاجِرِينَ الَّذِينَ تُسَدُّ بِهِمُ الثُّغُورُ، وتُتَّقى بِهِمُ المَكارِهُ، ويَمُوتُ أحَدُهم وحاجَتُهُ في صَدْرِهِ لا يَسْتَطِيعُ لَها قَضاءً، فَيَقُولُ اللَّهُ لِمَن يَشاءُ مِن مَلائِكَتِهِ: ائْتُوهم فَحَيُّوهم، فَتَقُولُ المَلائِكَةُ: رَبَّنا نَحْنُ سُكّانُ سَمائِكَ وخِيرَتُكَ مِن خَلْقِكَ، أفَتَأْمُرُنا أنْ نَأْتِيَ هَؤُلاءِ فَنُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ ؟ قالَ اللَّهُ: إنَّ هَؤُلاءِ عِبادِي كانُوا يَعْبُدُونَنِي ولا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا، وتُسَدُّ بِهِمُ الثُّغُورُ، وتُتَّقى بِهِمُ المَكارِهُ، ويَمُوتُ أحَدُهم وحاجَتُهُ في صَدْرِهِ لا يَسْتَطِيعُ لَها قَضاءً، فَتَأْتِيهِمُ المَلائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ فَيَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِن كُلِّ بابٍ ﴿سَلامٌ عَلَيْكم بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبى الدّارِ﴾» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي أُمامَةَ إنَّ المُؤْمِنَ لَيَكُونُ مُتَّكِئًا عَلى أرِيكَةٍ إذا دَخَلَ الجَنَّةَ وعِنْدَهُ سِماطانِ مِن خَدَمٍ وعِنْدَ طَرَفِ السِّماطَيْنِ بابٌ مُبَوَّبٌ، فَيُقْبِلُ المَلَكُ فَيَسْتَأْذِنُ، فَيَقُولُ أقْصى الخَدَمِ لِلَّذِي يَلِيهِ: مَلَكٌ يَسْتَأْذِنُ، ويَقُولُ الَّذِي يَلِيهِ: مَلَكٌ يَسْتَأْذِنُ، حَتّى يَبْلُغَ المُؤْمِنَ، فَيَقُولُ ائْذَنُوا لَهُ، فَيَقُولُ أقْرَبُهم إلى المُؤْمِنِ: ائْذَنُوا لَهُ، ويَقُولُ الَّذِي يَلِيهِ لِلَّذِي يَلِيهِ ائْذَنُوا لَهُ حَتّى يَبْلُغَ أقْصاهُمُ الَّذِي عِنْدَ البابِ فَيَفْتَحُ لَهُ فَيَدْخُلُ ويُسَلِّمُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿ولَهم سُوءُ الدّارِ﴾ قالَ: سُوءُ العاقِبَةِ.
{"ayahs_start":21,"ayahs":["وَٱلَّذِینَ یَصِلُونَ مَاۤ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦۤ أَن یُوصَلَ وَیَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ وَیَخَافُونَ سُوۤءَ ٱلۡحِسَابِ","وَٱلَّذِینَ صَبَرُوا۟ ٱبۡتِغَاۤءَ وَجۡهِ رَبِّهِمۡ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُوا۟ مِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ سِرࣰّا وَعَلَانِیَةࣰ وَیَدۡرَءُونَ بِٱلۡحَسَنَةِ ٱلسَّیِّئَةَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ عُقۡبَى ٱلدَّارِ","جَنَّـٰتُ عَدۡنࣲ یَدۡخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَاۤىِٕهِمۡ وَأَزۡوَ ٰجِهِمۡ وَذُرِّیَّـٰتِهِمۡۖ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ یَدۡخُلُونَ عَلَیۡهِم مِّن كُلِّ بَابࣲ","سَلَـٰمٌ عَلَیۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ","وَٱلَّذِینَ یَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِیثَـٰقِهِۦ وَیَقۡطَعُونَ مَاۤ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦۤ أَن یُوصَلَ وَیُفۡسِدُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوۤءُ ٱلدَّارِ"],"ayah":"وَٱلَّذِینَ یَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِیثَـٰقِهِۦ وَیَقۡطَعُونَ مَاۤ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦۤ أَن یُوصَلَ وَیُفۡسِدُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوۤءُ ٱلدَّارِ"}