الباحث القرآني

قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ، يعني: أجيبوا الله بالطاعة في أمر القتال، وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ إلى القتال أو غيره. وإنّما قال: إِذا دَعاكُمْ ولم يقل: إذا دعواكم، لأن الدعوة واحدة، ومن يجب الرسول فقد أجاب الله تعالى. قوله تعالى: لِما يُحْيِيكُمْ، يعني: القرآن الذي به حياة القلوب، ويقال لِما يُحْيِيكُمْ- أي أمر الحرب الذي يعزّكم ويصلحكم ويقويكم بعد الضعف [[ما بين معقوفتين ساقط من النسخة «أ» .]] - ويقال: لِما يُحْيِيكُمْ يعني: يهديكم. ويقال: لِما يُحْيِيكُمْ، يعني: لما يكون سبباً للحياة الدائمة في نعيم الآخرة. وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ. قال الفقيه: حدثنا محمد بن الفضل قال: حدثنا فارس بن مردويه، عن محمد بن الفضل، عن أبي مطيع، عن حماد بن سلمة، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس أنه قال: «يحول بين المؤمن ومعاصيه التي تسوقه وتجره إلى النار، ويحول بين الكافر وطاعته التي تجره إلى الجنة» [[عزاه السيوطي 4/ 44 إلى ابن شيبة وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه.]] ويقال: يحول بين المرء وإرادته، لأن الأمر لا يكون بإرادة العبد، وإنما يكون بإرادة الله تعالى، كما قال أبو الدرداء: يُرِيدُ المَرْءُ أَنْ يُعْطَى مُنَاه ... وَيَأْبَى الله إلاَّ مَا أَرَادَا ويقال: يحال بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ يعني: وأمله، لأن الأجل حال دون الأمل. وقال سعيد بن جبير: «يحول بين الكافر والإيمان وبين المؤمن والكفر» . وقال مجاهد: يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ يعني: يدركه ولا يفعله. ثم قال: وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ، يعني: في الآخرة، فتثابون بأعمالكم. قوله تعالى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً قال مقاتل: نزلت الآية في شأن عليّ وطلحة والزبير. قال الفقيه: حدثنا عمر بن محمد قال: حدّثنا أبو بكر الواسطي قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف قال: حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن جويبر، عن الضحاك في قوله تعالى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً قال: نزلت في شأن أصحاب محمد ﷺ. قال: حدثنا عمر بن محمد قال: حدّثنا أبو بكر الواسطي قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف قال: حدثنا أبو معاوية، عن السدي، عن المعلى، عن أبي ذرّ: أن عمر أخذ بيده يوماً فغمزها، فقال: خل عني يا قفل الفتنة. فقال عمر: ما قولك قفل الفتنة؟ قال: إنك جئت ذات يوم فجلست آخر القوم، فقال النبي ﷺ: «لا تُصِيبَنَّكُمْ فِتنْةٌ مَا دَامَ هذا فِيكُمْ» . وروي عن عليّ رضي الله عنه أنه قال: «جعلت أنا وعثمان [[في النسخة «أ» و «عمر» بدل و «عثمان» .]] فتنة لهذه الأمة» . وقال بعضهم: قوله لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خاصة، يعني: لا تعرّضوا الذين ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً لما ينزل بهم، وقَال بعضهم: هذا جواب الأمر بلفظ النهي مثل قوله تعالى: لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ [النمل: 18] . ثم قال تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ، أي: لمن وقع في الفتنة. ثم ذكرهم النعم فقال: وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ، يعني واحفظوا نعمة الله عليكم إذ كنتم قليلاً في العدد وهم المهاجرون والأنصار، مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ يعني: مقهورون في أرض مكة. تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ، يعني: يختلسكم الناس ويذهب بكم الكفار- وهم أهل فارس والروم [[ما بين معقوفتين ساقط من النسخة «أ» .]] -. فَآواكُمْ بالمدينة وَأَيَّدَكُمْ يعني: وقوّاكم وأعانكم بِنَصْرِهِ يوم بدر. وقال قتادة: كانوا بين أسدين: قيصر وكسرى، تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ وهم أهل فارس والروم والعرب ممن حول مكة. ثم قال: وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ، يعني: الحلال، وهو الغنيمة. لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، يعني لكي تشكروا الله وتطيعوه وتعرفوا ذلك منه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب