الباحث القرآني

(p-٢٥١)ولَمّا كانَ ما مَضى مِن نَكالِ الكافِرِينَ مُسَبَّبًا عَنْ عَدَمِ الِاسْتِجابَةِ، أمَرَ المُؤْمِنِينَ بِها تَحْذِيرًا مِنَ الكَوْنِ مَعَ الكَفَرَةِ في مِثْلِ حالِهِمْ فَيُحْشَرُوا مَعَهم في مَآلِهِمْ فَقالَ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أيْ: أقَرُّوا بِالإيمانِ بِألْسِنَتِهِمْ ﴿اسْتَجِيبُوا﴾ أيْ: صَدِّقُوا دَعْواكم ذَلِكَ بِإيجادِ الإجابَةِ إيجادَ مَن هو في غايَةِ الرَّغْبَةِ فِيها ﴿لِلَّهِ﴾ أيْ: واجْعَلُوا إجابَتَكم هَذِهِ خاصَّةً لِلَّذِي لَهُ جَمِيعُ صِفاتِ الكَمالِ ﴿ولِلرَّسُولِ﴾ الَّذِي أرْسَلَهُ إلى جَمِيعِ الخَلْقِ. ولَمّا كانَ ﷺ يَدْعُوهم لا مَحالَةَ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى أمَرَهُ بِدُعائِهِمْ، وكانَ لا يَدْعُوهم إلّا إلى ما أمَرَهُ اللَّهُ بِهِ، وكانَ سُبْحانَهُ لا يَدْعُو إلّا إلى صَلاحٍ ورُشْدٍ؛ عَبَّرَ بِأداةِ التَّحْقِيقِ ووَحَّدَ الضَّمِيرَ وشَوَّقَ بِإثْمارِ الحَياةِ فَقالَ: ﴿إذا دَعاكُمْ﴾ أيِ: الرَّسُولُ بِالنَّدْبِ والتَّحْرِيضِ. ولَمّا كانَ اجْتِناءُ ثَمَرَةِ الطّاعَةِ في غايَةِ القُرْبِ، نَبَّهَ عَلى ذَلِكَ بِاللّامِ دُونَ ”إلى“ فَقالَ: ﴿لِما يُحْيِيكُمْ﴾ أيْ: يَنْقُلُكم بِعِزِّ الإيمانِ والعِلْمِ عَنْ حالِ الكَفَرَةِ مِنَ الصَّمَمِ والبَكَمِ وعَدَمِ العَقْلِ الَّذِي هو المَوْتُ المَعْنَوِيُّ إلى الحَياةِ المَعْنَوِيَّةِ، ولا يَعُوقُكم عَنِ الِاسْتِجابَةِ في أمْرٍ مِنَ الأُمُورِ أنْ تَقُولُوا: إنّا اسْتَجَبْنا إلى الإيمانِ وكَثِيرٍ مِن شَرائِعِهِ، فَلَوْلا أنَّ رَبَّنا عَلِمَ فِينا الخَيْرَ ما أسْمَعَنا، فَنَحْنُ ناجُونَ؛ رَوى البُخارِيُّ في التَّفْسِيرِ وغَيْرُهُ «عَنْ أبِي سَعِيدٍ ابْنِ المُعَلّى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: ”كُنْتُ أُصَلِّي فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَدَعانِي فَلَمْ آتِهِ حَتّى صَلَّيْتُ ثُمَّ أتَيْتُهُ فَقالَ: ما مَنَعَكَ أنْ تَأْتِيَ؟ فَقُلْتُ: كُنْتُ أُصَلِّي، فَقالَ: ألَمْ يَقُلِ اللَّهُ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا﴾ - (p-٢٥٢)الآيَةَ. ثُمَّ قالَ: لَأُعَلِّمَنَّكَ أعْظَمَ سُورَةٍ في القُرْآنِ قَبْلَ أنْ أخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ، فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِيَخْرُجَ فَذَكَرْتُ لَهُ فَقالَ: هِيَ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢]“هِيَ السَّبْعُ المَثانِي والقُرْآنُ العَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ”». ولِلتِّرْمِذِيِّ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَرَجَ عَلى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يا أُبَيُّ! وهو يُصَلِّي، فالتَفَتَ أُبَيٌّ فَلَمْ يُجِبْهُ وصَلّى أُبَيٌّ فَخَفَّفَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُوَلَ اللَّهِ! فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وعَلَيْكَ السَّلامُ، ما مَنَعَكَ يا أُبَيُّ أنْ تُجِيبَنِي إذْ دَعَوْتُكَ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ! إنِّي كُنْتُ في الصَّلاةِ، قالَ: فَلَمْ تَجِدْ فِيما أوْحى اللَّهُ إلَيَّ أنِ ﴿اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إذا دَعاكم لِما يُحْيِيكُمْ﴾ قالَ: بَلى! ولا أعُودُ إنْ شاءَ اللَّهُ! قالَ: تُحِبُّ أنْ أُعَلِّمَكَ سُورَةً لَمْ يَنْزِلْ في التَّوْراةِ ولا في الإنْجِيلِ ولا في الزَّبُورِ ولا في الفُرْقانِ مِثْلُها؟ قالَ: نَعَمْ، يا رَسُولَ اللَّهِ! فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كَيْفَ تَقْرَأُ في الصَّلاةِ؟ قالَ: فَقَرَأ أُمَّ القُرْآنِ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! ما أُنْزِلَتْ في التَّوْراةِ ولا في الإنْجِيلِ ولا في الزَّبُورِ ولا في الفُرْقانِ مِثْلُها، وإنَّها سَبْعٌ مِنَ المَثانِي والقُرْآنِ العَظِيمِ الَّذِي أُعْطِيتُهُ» - هَذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. ولَمّا كانَ الإنْسانُ إذا كانَ عَلى حالَةٍ يُسْتَعْبَدُ جِدًّا أنْ يَصْبِرَ عَلى (p-٢٥٣)غَيْرِها، قالَ تَعالى مُرَغِّبًا مُرَهِّبًا: ﴿واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ﴾ أيِ: الَّذِي لَهُ جَمِيعُ العَظَمَةِ ﴿يَحُولُ﴾ أيْ: بِشُمُولِ عِلْمِهِ وكَمالِ قُدْرَتِهِ ﴿بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ﴾ فَيَرُدُّهُ إلى ما عَلِمَ مِنهُ فَيَصِيرُ فِيما كَشَفَهُ الحالُ كافِرًا مُعانِدًا بَعْدَ أنْ كانَ في ظاهِرِ الحالِ مُؤْمِنًا مُسْتَسْلِمًا فَيَكُونُ مِمَّنْ عَلِمَ اللَّهُ أنَّهُ لا خَيْرَ فِيهِ وقَسَرَهُ عَلى الإجابَةِ فَلَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَيْها، ويَرُدُّ الكافِرَ بَعْدَ عِنادِهِ إلى الإيمانِ بِغايَةِ ما يَرى مِن سُهُولَةِ قِيادِهِ، فَكَنّى سُبْحانَهُ بِشِدَّةِ القُرْبِ اللّازِمِ لِلْحَيْلُولَةِ عَنْ شِدَّةِ الِاقْتِدارِ عَلى تَبْدِيلِ العَزائِمِ والمُراداتِ، وهو تَحْرِيضٌ عَلى المُبادَرَةِ إلى اتِّباعِ الرَّسُولِ ﷺ ما دامَتِ القُلُوبُ مُقْبِلَةً عَلى ذَلِكَ خَوْفًا مِن تَغْيِيرِها. ولَمّا خَوَّفَهم عاقِبَةَ الحالِ، حَذَّرَهم شَأْنَ المَآلِ فَقالَ: ﴿وأنَّهُ﴾ أيْ: واعْلَمُوا أنَّهُ تَعالى: ﴿إلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ لا إلى غَيْرِهِ، فَيَحْشُرُ المُسْتَجِيبِينَ في زُمْرَةِ المُؤْمِنِينَ، والمُعْرِضِينَ في عِدادِ الكافِرِينَ وإنْ أبَوْا حُكْمًا واحِدًا؛ لِأنَّ الدِّينَ لا يَتَجَزَّأُ، وقَدْ عُلِمَ أنَّ“إذا" لَيْسَتْ قَيْدًا وإنَّما هي تَنْبِيهٌ عَلى وُجُوبِ اتِّباعِهِ في كُلِّ ما يَدْعُو إلَيْهِ لِعِصْمَتِهِ، وحِكْمَةُ الإتْيانِ بِها الإعْلامُ بِأنَّهُ ما تَرَكَ خَيْرًا إلّا دَعا إلَيْهِ؛ قالَ الحَرالِّيُّ في أواخِرِ كِتابٍ لَهُ في أُصُولِ الفِقْهِ: ولَها - أيِ: العِصْمَةِ - مَعْنَيانِ: أحَدُهُما عِصْمَةُ الحِفْظِ، وهو مَعْنًى يَنْشَأُ مِنَ التِزامِ الحُكْمِ عَلَيْهِ بِماضِي شِرْعَتِهِ، وهي العِصْمَةُ العامَّةُ لِلْأنْبِياءِ، وفي هَذِهِ الرُّتْبَةِ يَقَعُ الكَلامُ في الحِفْظِ مِنَ الصَّغائِرِ بَعْدَ (p-٢٥٤)الِاتِّفاقِ عَلى الحِفْظِ عَمّا يُخِلُّ بِالتَّبْلِيغِ ويَحُطُّ الرُّتْبَةَ والكَبائِرِ، وحَقِيقَةُ الصَّغائِرِ مُقَدِّماتُ الذُّنُوبِ الَّتِي لَمْ تَتِمَّ، فَيَكُونُ تَمامُها كَبِيرَتَها، وعَلى ذَلِكَ بَنى قَوْمٌ احْتِمالَ وُقُوعِ الفِعْلِ مَحْظُورًا مِن نَبِيٍّ، وكُلُّ ذَلِكَ - وإنْ كانَ مِن أحْوالِ أنْبِياءٍ - فَإنَّ المُتَحَقِّقَ مِن أمْرِ النَّبِيِّ ﷺ إنَّما هو عُلُوٌّ عَنْ هَذا المَحَلِّ. المَعْنى الثّانِي مِنَ العِصْمَةِ رَفْعُ الحُكْمِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِما حَفِظَهُ الحافِظُ مِن ماضِي ظاهِرِ شِرْعَتِهِ وبِما بَلَغَ إلَيْهِ فَهْمُهُ مِن مَبادِئِ التَّنَشُّؤِ مِن سُنَنِهِ، واتِّخاذُ فِعْلِهِ مَبْدَأً لِلْأحْكامِ في كُلِّ آنٍ مِن غَيْرِ التِفاتٍ لِما تَقَرَّرَ في ماضِي الزَّمانِ، وهَذِهِ هي العِصْمَةُ الخاصَّةُ بِالنَّبِيِّ ﷺ الجامِعِ، فَلا يَكُونُ لِفِعْلِهِ حُكْمٌ إلّا ما يُفْهِمُهُ إنْباؤُهُ عَنْ حالِ وُقُوعِهِ، ويَكُونُ الأحْكامُ تَبَعًا لِفِعْلِهِ، لا أنَّ فِعْلَهُ يَتْبَعُ حُكْمًا، فَهَذا وجْهُ عِصْمَتِهِ الخاصَّةِ المُمْتَنِعِ عَلَيْها جَوازُ الخُرُوجِ عَنْها، فَمَن كانَ يَسْبِقُ إلَيْهِ مِن أكابِرِ الصَّحابَةِ نَحْوٌ مَن هَذا المَعْنى لا يَتَوَقَّفُ في شَيْءٍ مِن أمْرِهِ كالصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وكَما كانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما في اقْتِدائِهِ حَتّى في إدارَةِ راحِلَتِهِ وصَبْغِهِ بِالصُّفْرَةِ ولُبْسِهِ النِّعالَ السَّبْتِيَّةَ ونَحْوِ ذَلِكَ مِن أمْرِهِ وأمْرِ مَن حَذا مِنهم هَذا الحَذْوَ، ومَن كانَ يَتَوَهَّمُ الحُكْمَ عَلَيْهِ بِمُقْتَضى عِلْمِهِ وفَهْمِهِ مِن أمْرِ شِرْعَتِهِ لا يَكادُ يَسْلَمُ مِن وُقُوعٍ في أمْرٍ يَرُدُّ عَلَيْهِ انْتِحالَهُ كَما حَكَمَ أُبَيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمّا كانَ يُصَلِّي بِإمْضاءِ عَمَلِ الصَّلاةِ إذْ دَعاهُ حَتّى بَيَّنَ لَهُ قُصُورَ فَهْمِهِ عَنِ اللَّهِ (p-٢٥٥)فِي حَقِّهِ أيْ: بِقَوْلِهِ: ألَمْ تَسْمَعِ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ﴾ وكالَّذِي قالَ: انْزِلْ فاجْدَعْ لَنا، فَقالَ: إنَّ عَلَيْكَ نَهارًا، فَقالَ لَهُ في الثّالِثَةِ أوِ الرّابِعَةِ: انْزِلْ فاجْدَعْ لَنا ويْلَكَ أوْ ويْحَكَ! فَإذا وضَحَ أنَّ فِعْلَهُ مَبْدَأُ الحُكْمِ ومَعْلَمُ الإنْباءِ لَزِمَ صِحَّةُ التَّأسِّي بِهِ في جَمِيعِ أحْوالِهِ، إمّا عَلى بَيانٍ مِن تَعَيُّنِ رُتْبَةِ الحُكْمِ مِن وُجُوبٍ أوْ نَدْبٍ أوْ إباحَةٍ، أوْ عَلى مُطْلَقِ التَّأسِّي مَعَ إبْهامِ رُتْبَةِ الحُكْمِ والِاتِّكالِ عَلى ما عِنْدَهُ هو ﷺ مِنَ العِلْمِ، فَنِيَّةُ التَّأسِّي بِهِ عَلى إبْهامٍ في الحُكْمِ رُبَّما كانَ أتَمَّ مِنَ العَمَلِ بِما تَبَيَّنَ حُكْمُهُ، أحْرَمَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وهو بِاليَمَنِ، تَوَّجَهُ إلى مَكَّةَ بِإحْرامِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ولا يَتَطَرَّقُ لِشَيْءٍ مِن أمْرِهِ ﷺ بِما وقَعَ مِن كَوْنِهِ يُفْتِي بِأمْرٍ ثُمَّ يُوافِقُ في غَيْرِهِ؛ لِأنَّ الآخِذَ في ذَلِكَ عَنْ قُصُورٍ في العِلْمِ بِمَكانَتِهِ مِن عِلْمِ رَحْمانِيَّةِ اللَّهِ وكَلِمَتِهِ وتَنْزِيلِهِ إلى مُوافَقَةِ أمْرِ سُنَّةِ اللَّهِ وحِكْمَتِهِ نَحْوَ الَّذِي أفْتاهُ بِتَكْفِيرِ الجِهادِ كُلَّ ذَنْبٍ بِناءً عَلى عِلْمِهِ بِرَحْمانِيَّةِ اللَّهِ وإمْضاءِ كَلِمَتِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ ما قالَ جِبْرائِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ مِنَ اسْتِثْناءِ الدَّيْنِ مِمّا أُنْزِلَ عَلى حُكْمِ أمْرِ اللَّهِ في مُحْكَمِ شِرْعَتِهِ وسُنَّتِهِ، يَعْنِي - واللَّهُ أعْلَمُ - أنَّ مَن صَحَّ جِهادُهُ تُكَفَّرُ كُلُّ ذُنُوبِهِ، وأنَّ تَوَقُّفَ الدَّيْنِ عَلى إرْضاءِ اللَّهِ لِخَصْمِهِ، فالإخْبارُ بِالكَفّارَةِ ناظِرٌ إلى المَآلِ، والإخْبارُ بِنَفْيِها ناظِرٌ إلى الِابْتِداءِ، وكَذَلِكَ أفْتى بِتَرْكِ التَّلْقِيحِ بِناءً عَلى إنْفاذِ كَلِمَةِ اللَّهِ، ورَدَّهم إلى عادَةِ دُنْياهم حِينَ لَمْ يَتَجَشَّمُوا الصَّبْرَ (p-٢٥٦)إلى ظُهُورِ كَلِمَةِ اللَّهِ عَلى مُسْتَمِرِّ عادَتِهِ، فَقَدْ عَمِلَ بِأوَّلِ فُتْياهُ غَيْرُ واحِدٍ مِمَّنْ لَمْ يَسْتَرِبْ في نَفاذِ حُكْمِهِ وصِحَّتِهِ فَأخْفَقَ ثَمَراتِ ثَلاثِ سِنِينَ ثُمَّ عادَ - في غِنًى عَنِ التَّلْقِيحِ - إلى أحْسَنَ مِن حالِهِ في مُتَقَدَّمِ عادَتِهِ، ولا يَتَقاصَرُ عَنْ إدْراكِ ذَلِكَ مَن أمْرُهُ في كُلِّ نازِلَةٍ مِن نَحْوِهِ إلّا مَن لَمْ يَسْمُ بِهِ التَّأْيِيدُ إلى مَعْرِفَةِ حَظٍّ مِن مَكانَتِهِ، فَإذا وضَحَ ذَلِكَ فَكُلُّ فِعْلٍ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَإنْ كانَ بَيانًا لِواجِبٍ فَهو مُنْجٍ مِن عِقابِ اللَّهِ، وإنْ كانَ تَعْلِيمًا لِقُرْبِي مِنَ اللَّهِ فَهو وصْلَةٌ إلى مَحَبَّةِ اللَّهِ كَما قالَ تَعالى: ﴿قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٣١] وإنْ لَمْ يَتَّضِحْ لَهُ مُجْمَلٌ مِنهُما تَأسّى بِها عَلى إبْهامٍ يُغْنِيهِ عَمَلُهُ وتَعْلُو بِهِ نِيَّتُهُ، وما كانَ مُخْتَصًّا بِهِ فَلا بُدَّ مِن إظْهارِ أمْرِ اخْتِصاصِهِ بِخِطابٍ مِنَ اللَّهِ سُبْحانَهُ أوْ مِنهُ عَلَيْهِ السَّلامُ كَما قالَ تَعالى: ﴿خالِصَةً لَكَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ﴾ [الأحزاب: ٥٠] انْتَهى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب