الباحث القرآني

قوله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ، يعني: العفائف الْغافِلاتِ، يعني: عن الزنى والفواحش. الْمُؤْمِناتِ، يعني: المصدقات بالألسن والقلوب، لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وأصل اللعن: هو الطرد والبعد، ويقال للشيطان: اللعين، لبعده عن الرحمة. وروي في الخبر: «أن يوم القيامة تكون هذه الأمة شاهدة على الأمم الأولين، إلا الذين تجري على لسانهم اللعنة» . وروي عن رسول الله ﷺ أنه سمع رجلاً يلعن بعيره، فقال: «أَتَلْعَنُهَا وَتَرْكَبُهَا؟» فنزل عنها، ولم يركبها أحد «3» . قوله تعالى: وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ، يعني: شديد يوم القيامة. وذكر أن حسان بن ثابت ذهب بصره في آخر عمره، فدخل يوماً على عائشة رضي الله عنها، فجلس عندها ساعة، ثم خرج، فقيل لها: إن الله تعالى قال: لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ في الدنيا والآخرة. فقالت عائشة: أو ليس هذا أعظم؟ يعني: ذهاب بصره. ويقال: عَذابٌ عَظِيمٌ إن لم يتوبوا. يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ، أي بِمَا تكلموا. ثم قال: يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ، يعني: يوفيهم جزاء أعمالهم. قرأ حمزة والكسائي يَشْهَدُ بالياء بلفظ المذكر، وقرأ الباقون بالتاء بلفظ التأنيث، لأن الفعل مقدم، فيجوز أن يذكر ويؤنث. وقرأ مجاهد الحق بضم القاف، فيكون الحق نعت لله، وتكون قراءة أبي بن كعب شاهدة له، كأنه يقول: يومئذ يوفيهم الله الحق دينهم، وقراءة العامة: الْحَقَّ بالنصب. وإنما يكون نصباً لنزع الخافض، يعني: يوفيهم الله ثواب دينهم بالحق، أي بالعدل. وجه أخر: أن يكون الحق نعتاً للدين، ويكون كقوله: حَقًّا ثم يدخل عليه الألف واللام. ثم قال: وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ، يعني: عبادة الله هي الحق المبين. ويقال: ويعلمون أن ما قال الله عزّ وجلّ هو الحق. ثمّ قال: الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ قال الكلبي: الخبيثات من الكلام للخبيثين من الرجال، يعني: عبد الله بن أبي، وَالْخَبِيثُونَ من الرجال لِلْخَبِيثاتِ من الكلام على معنى التكرار والتأكيد. ويقال: الْخَبِيثاتُ من النساء لِلْخَبِيثِينَ من الرجال، مثل عبد الله بن أبي تكون له زوجة خبيثة زانية، وامرأة النبيّ ﷺ لا تكون زانية خبيثة. ويقال: الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ يعني: لا يتكلم بكلام الخبيث إلا الخبيث، ولا يليق إلا بالخبيث. ويقال: الكلمات الخبيثات إنما تليق بالخبيثين من الرجال. ثم قال: وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ، يعني: الطَّيِّباتُ من الكلام لِلطَّيِّبِينَ من الرجال، ويقال الطَّيِّباتُ من النساء لِلطَّيِّبِينَ من الرجال، وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ على معنى التكرار والتأكيد. ثم قال: أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ، يعني: عائشة وصفوان مما يقولون من الفرية، لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ، يعني: رزقاً في الجنة كثيراً، ويقال: كَرِيمٌ يعني: حسن. وذكر ابن عباس أنه دخل على عائشة رضي الله عنها في مرضها الذي ماتت فيه، فذكرت ما كان منها من الخروج في يوم الجمل وغيره، فقال لها ابن عباس: «أبشري، فإن الله تعالى يقول: لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ، والله تعالى ينجز وعده» . فسري بذلك عنها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب