الباحث القرآني

ولَمّا كانَ الخَتْمُ بِهَذَيْنِ الوَصْفَيْنِ بَعْدَ الأمْرِ بِالعَفْوِ رُبَّما جَرَّأ عَلى مِثْلِ هَذِهِ الإساءَةِ، وصَلَ بِهِ مُرَهِّبًا مِنَ الوُقُوعِ في مِثْلِ ذَلِكَ قَوْلَهُ مُعَمِّمًا لِلْحُكْمِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ﴾ أيْ بِالفاحِشَةِ ﴿المُحْصَناتِ﴾ أيِ اللّائِي جَعَلْنَ (p-٢٤١)أنْفُسَهُنَّ مِنَ العِفَّةِ في مِثْلِ الحِصْنِ. ولَمّا كانَ الهامُّ بِالسَّيِّئِ والمُقْدِمُ عَلَيْهِ عالِمًا بِما يَرْمِي بِهِ مِنهُ، جاعِلًا لَهُ نُصْبَ عَيْنِهِ، أكَّدَ مَعْنى الإحْصانِ بِقَوْلِهِ: ﴿الغافِلاتِ﴾ أيْ عَنِ السُّوءِ حَتّى عَنْ مُجَرَّدِ ذِكْرِهِ. ولَمّا كانَ وصْفُ الإيمانِ حامِلًا عَلى كُلِّ خَيْرٍ ومانِعًا مِن كُلِّ سُوءٍ، نَبَّهَ عَلى أنَّ الحامِلَ عَلى الوَصْفَيْنِ المُتَقَدِّمَيْنِ إنَّما هو التَّقْوى، وصَرَفَ ما لَهُنَّ مِنَ الفِطْنَةِ إلى ما لِلَّهِ عَلَيْهِنَّ مِنَ الحُقُوقِ فَقالَ: ﴿المُؤْمِناتِ﴾ ولَمّا ثَبَتَ بِهَذِهِ الأوْصافِ البُعْدُ عَنِ السُّوءِ، ذَكَرَ جَزاءَ القاذِفِ كَفًّا عَنْهُ وتَحْذِيرًا مِنهُ بِصِيغَةِ المَجْهُولِ، لِأنَّ المَحْذُورَ اللَّعْنُ لا كَوْنُهُ المُعَيَّنُ، وتَنْبِيهًا عَلى وُقُوعِ اللَّعْنِ مِن كُلِّ مَن يَتَأتّى مِنهُ فَقالَ: ﴿لُعِنُوا﴾ أيْ أُبْعِدُوا عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وفُعِلَ مَعَهم فِعْلَ المُبْعَدِ مِنَ الحَدِّ وغَيْرِهِ ﴿فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ﴾ ثُمَّ زادَ في تَعْظِيمِ القَذْفِ لِمَن هَذِهِ أوْصافُها فَقالَ: ﴿ولَهُمْ﴾ أيْ في الآخِرَةِ ﴿عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ وقَيَّدَ بِوَصْفِ الإيمانِ لِأنَّ قَذْفَ الكافِرَةِ وإنَّ كانَ مُحَرَّمًا لَيْسَ فِيهِ هَذا المَجْمُوعِ، وهَذا الحُكْمُ وإنْ كانَ عامًّا فَهو لِأجْلِ الصِّدِّيقَةِ بِالذّاتِ وبِالقَصْدِ الأوَّلِ وفِيما فِيهِ مِنَ التَّشْدِيدِ الَّذِي قَلَّ أنْ يُوجَدَ مِثْلُهُ في القُرْآنِ مِنَ الإعْلامِ (p-٢٤٢)يُعْلِي قَدْرَها، وجَلّى أمْرَها، في عَظِيمِ فَخْرِها، ما يَجِلُّ عَنِ الوَصْفِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب