الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٢٣ - ٢٤] ﴿إنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ الغافِلاتِ المُؤْمِناتِ لُعِنُوا في الدُّنْيا والآخِرَةِ ولَهم عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ ألْسِنَتُهم وأيْدِيهِمْ وأرْجُلُهم بِما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النور: ٢٤] . ﴿إنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ الغافِلاتِ﴾ أيِ: العَفائِفَ عَنِ الفاحِشَةِ، النَّقِيّاتِ القُلُوبِ عَنْها: ﴿المُؤْمِناتِ لُعِنُوا في الدُّنْيا﴾ بِالذَّمِّ والحَدِّ ورَدِّ الشَّهادَةِ إلّا إذا تابُوا: ﴿والآخِرَةِ﴾ أيْ: حَيْثُ يَلْعَنُهم ثَمَّةَ المَلائِكَةُ ومَن شاءَ اللَّهُ: ﴿ولَهم عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ ألْسِنَتُهم وأيْدِيهِمْ وأرْجُلُهم بِما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النور: ٢٤] أيْ: يَعْتَرِفُونَ بِها بِإنْطاقِ اللَّهِ تَعالى إيّاها أوْ بِظُهُورِ آثارِ ما عَمِلُوهُ عَلَيْها. بِحَيْثُ يَعْلَمُ مَن يُشاهِدُهم ما عَمِلُوهُ. وذَلِكَ بِكَيْفِيَّةٍ يَعْلَمُها اللَّهُ. فَهو اسْتِعارَةٌ. ورَجَعَ الأوَّلُ لِقَوْلِهِ: ﴿قالُوا أنْطَقَنا اللَّهُ الَّذِي أنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [فصلت: ٢١] فَظاهِرُهُ الحَقِيقَةُ، وحَمْلُهُ عَلى الثّانِي بِعِيدٌ. قِيلَ: سَيَأْتِي في (يس "): ﴿اليَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أفْواهِهِمْ وتُكَلِّمُنا أيْدِيهِمْ وتَشْهَدُ أرْجُلُهم بِما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [يس: ٦٥] والخَتْمُ عَلى الأفْواهِ (p-٤٤٦٧)يُنافِي شَهادَةَ الألْسِنَةِ. والجَوابُ أنَّ الخَتْمَ عَلى الأفْواهِ مَعْناهُ المَنعُ عَنِ التَّكَلُّمِ بِما يُرِيدُهُ ويَنْفَعُهُ، بِحَسَبِ زَعَمِهِ، اخْتِيارًا. كالإنْكارِ والِاعْتِذارِ، أوْ أنَّ هَذا في حالٍ، وذَلِكَ في حالٍ، أوْ كُلٌّ مِنهُما في حَقِّ قَوْمٍ غَيْرِ الآخَرِينَ، أوْ هَذا في حَقِّ القَذَفَةِ، وذاكَ في حَقِّ الكَفَرَةِ - ولَيْسَ بِشَيْءٍ - إذْ لا مُنافاةَ فالسِّرُّ في التَّصْرِيحِ بِالألْسِنَةِ هُنا، وعَدَمِ ذِكْرِها هُناكَ، أنَّ الآيَةَ لَمّا كانَتْ في حَقِّ القاذِفِ بِلِسانِهِ، وهو مُطالَبٌ مَعَهُ بِأرْبَعَةِ شُهَداءَ، ذَكَرَ هُنا خَمْسَةً أيْضًا، وصَرَّحَ بِاللِّسانِ الَّذِي بِهِ عَمَلُهُ لِيَفْضَحَهُ، جَزاءً لَهُ مِن جِنْسِ فِعْلِهِ. كَذا في (العِنايَةِ ") .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب