الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ﴾ يَعْنِي: العَفائِفَ ﴿الغافِلاتِ﴾ عَنِ الفَواحِشِ، ﴿لُعِنُوا في الدُّنْيا﴾ أيْ: عُذِّبُوا بِالجَلْدِ وفي الآخِرَةِ بِالنّارِ. واخْتَلَفَ العُلَماءُ فِيمَن نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلى أرْبَعَةِ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّها نَزَلَتْ في عائِشَةَ خاصَّةً. قالَ خَصِيفٌ: سَألْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ، فَقُلْتُ: مَن قَذَفَ مُحْصَنَةً لَعَنَهُ اللَّهُ؟ قالَ: لا، إنَّما أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في عائِشَةَ خاصَّةً. والثّانِي: أنَّها في أزْواجِ النَّبِيِّ ﷺ خاصَّةً، قالَهُ الضَّحّاكُ. والثّالِثُ: أنَّها في المُهاجِراتِ. قالَ أبُو حَمْزَةَ الثَّمّالِيُّ: بَلَغَنا أنَّ المَرْأةَ كانَتْ إذا خَرَجَتْ إلى المَدِينَةِ مُهاجِرَةً، قَذَفَها المُشْرِكُونَ مِن أهْلِ مَكَّةَ، وقالُوا إنَّما خَرَجَتْ تَفْجُرُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. والرّابِعُ: أنَّها عامَّةٌ في أزْواجِ النَّبِيِّ ﷺ وغَيْرِهِنَّ، وبِهِ قالَ قَتادَةُ، وابْنُ زَيْدٍ. (p-٢٦)فَإنْ قِيلَ: لِمَ اقْتَصَرَ عَلى ذِكْرِ المُحْصَناتِ دُونَ الرِّجالِ؟ فالجَوابُ: [أنَّ] مَن رَمى مُؤْمِنَةً فَلا بُدَّ أنْ يَرْمِيَ مَعَها مُؤْمِنًا، فاسْتُغْنِيَ عَنْ ذِكْرِ المُؤْمِنِينَ، ومِثْلُهُ: ﴿سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرَّ﴾ [ النَّحْلِ:٨١] أرادَ: والبَرْدَ، قالَهُ الزَّجّاجُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ ألْسِنَتُهُمْ﴾ وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وخَلَفٌ: " يَشْهَدُ " بِالياءِ؛ وهو إقْرارُها بِما تَكَلَّمُوا بِهِ مِنَ الفِرْيَةِ. قالَ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ: وهَؤُلاءِ غَيْرُ الَّذِينَ يُخْتَمُ عَلى أفْواهِهِمْ. وقالَ ابْنُ جَرِيرٍ: المَعْنى: أنَّ ألْسِنَةَ بَعْضِهِمْ تَشْهَدُ عَلى بَعْضٍ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الحَقَّ﴾ أيْ: حِسابَهُمُ العَدْلَ، وقِيلَ: جَزاءَهُمُ الواجِبَ. وقَرَأ مُجاهِدُ، وأبُو الجَوْزاءِ، وحُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ، والأعْمَشُ: " دِينَهُمُ الحَقُّ " بِرَفْعِ القافِ ﴿وَيَعْلَمُونَ أنَّ اللَّهَ هو الحَقُّ المُبِينُ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: وذَلِكَ أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ كانَ يَشُكُّ في الدِّينِ، فَإذا كانَتِ القِيامَةُ عَلِمَ حَيْثُ لا يَنْفَعُهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب