قوله تعالى: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحى إِلَيْكَ وذلك أن كفار مكة. قالوا: كيف لا ينزل الله إليه ملكا، أو يكون له كنز، وطلبوا منه بأن لا يعيب آلهتهم، فهمَّ النبي ﷺ بأن يترك عيبها رجاء أن يتبعوه، فنزل: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحى إِلَيْكَ مِن أمر الآلهة وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ في البلاغ، أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ يعني: المال، أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ يُعِينُهُ ويُصَدِّقُهُ، فأمر بأن لا يترك تبليغ الرسالة بقولهم وقال: قُلْ يا محمد، إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ يعني:
إنما عليك تبليغ الرسالة والتخويف. وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ يعني: شهيد بأنك رسول الله تعالى.
قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ يعني: أتقولون، وأَمْ صلة افتراء، يعني: اختلقه من تلقاء نفسه. قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ يعني: مختلقات. قال الكلبي: يعني: بعشر سور مثله مثل سورة البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والتوبة، ويونس. وهود، لأن العاشرة هي سورة هود. وقال بعضهم: هذا التفسير لا يصح، لأن سورة هود مكية، والبقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة مدنيات، أُنْزِلَتْ بعد سورة هود بمدة طويلة. ولكن معناه: فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مثل سور القرآن، أي سورة كانت، مُفْتَرَياتٍ يعني: مختلقات إن كنتم تزعمون أن محمدا ﷺ يختلقه من ذات نفسه، وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ يعني: استعينوا بآلهتكم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في مقالتكم. فسكتوا ولم يجيبوا، فنزل قوله تعالى: فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ يعني: فإن لم يجيبوك، خاطب النبيّ ﷺ بلفظ الجماعة، كما قال: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ [المؤمنون: 51] ويقال: أراد النبي ﷺ وأصحابه، فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ يقال: فاعلموا يا أهل مكة، إنما أُنزل بعلم الله، يعني: أنزل جبريل هذا القرآن بإذن الله تعالى وبأمره. وقال القتبي: بِعِلْمِ اللَّهِ يعني: من علم الله، والباء مكان من.
ثم قال تعالى: وَأَنْ لاَّ إِلهَ إِلَّا هُوَ يعني: فاعلموا أن لا إله إلا هو، يعني: أن الله تعالى هو منزل الوحي، وليس أحد ينزل الوحي غيره فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ يعني: مقرّين بأن الله أنزله على محمد ﷺ ويقال: مخلصون بالتوحيد ويقال: فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ هذا على وجه الأمر، يعني: أسلموا.
{"ayahs_start":12,"ayahs":["فَلَعَلَّكَ تَارِكُۢ بَعۡضَ مَا یُوحَىٰۤ إِلَیۡكَ وَضَاۤىِٕقُۢ بِهِۦ صَدۡرُكَ أَن یَقُولُوا۟ لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡهِ كَنزٌ أَوۡ جَاۤءَ مَعَهُۥ مَلَكٌۚ إِنَّمَاۤ أَنتَ نَذِیرࣱۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ وَكِیلٌ","أَمۡ یَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ فَأۡتُوا۟ بِعَشۡرِ سُوَرࣲ مِّثۡلِهِۦ مُفۡتَرَیَـٰتࣲ وَٱدۡعُوا۟ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ","فَإِلَّمۡ یَسۡتَجِیبُوا۟ لَكُمۡ فَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّمَاۤ أُنزِلَ بِعِلۡمِ ٱللَّهِ وَأَن لَّاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ"],"ayah":"فَلَعَلَّكَ تَارِكُۢ بَعۡضَ مَا یُوحَىٰۤ إِلَیۡكَ وَضَاۤىِٕقُۢ بِهِۦ صَدۡرُكَ أَن یَقُولُوا۟ لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡهِ كَنزٌ أَوۡ جَاۤءَ مَعَهُۥ مَلَكٌۚ إِنَّمَاۤ أَنتَ نَذِیرࣱۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ وَكِیلٌ"}