الباحث القرآني
فِيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً: الْأُولَى قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ﴾ يَقُولُ: تُعِينُوهُ بِالنَّفْرِ مَعَهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. عَاتَبَهُمُ اللَّهُ بَعْدَ انْصِرَافِ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ تَبُوكَ. قَالَ النَّقَّاشُ: هَذِهِ أَوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ مِنْ سُورَةِ [بَرَاءَةٌ]. وَالْمَعْنَى: إِنْ تَرَكْتُمْ نَصْرَهُ فَاللَّهُ يَتَكَفَّلُ بِهِ، إِذْ قَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنِ الْقِلَّةِ وَأَظْهَرَهُ عَلَى عَدُوِّهِ بِالْغَلَبَةِ وَالْعِزَّةِ. وَقِيلَ: فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ بِصَاحِبِهِ فِي الْغَارِ بِتَأْنِيسِهِ لَهُ وَحَمْلِهِ عَلَى عُنُقِهِ، وَبِوَفَائِهِ وَوِقَايَتِهِ لَهُ بِنَفْسِهِ وَمُوَاسَاتِهِ لَهُ بِمَالِهِ. قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: مَا صَحِبَ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ بِهَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الْمُعَاتَبَةِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: "إِلَّا تَنْصُرُوهُ" الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وَهُوَ خَرَجَ بِنَفْسِهِ فَارًّا، لَكِنْ بِإِلْجَائِهِمْ إِلَى ذَلِكَ حَتَّى فَعَلَهُ، فَنَسَبَ الْفِعْلَ إِلَيْهِمْ وَرَتَّبَ الْحُكْمَ فِيهِ عَلَيْهِمْ، فَلِهَذَا يُقْتَلُ الْمُكْرِهُ عَلَى الْقَتْلِ وَيَضْمَنُ الْمَالَ الْمُتْلَفَ بِالْإِكْرَاهِ، لِإِلْجَائِهِ الْقَاتِلَ وَالْمُتْلِفَ إِلَى الْقَتْلِ وَالْإِتْلَافِ. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ثانِيَ اثْنَيْنِ﴾ أَيْ أَحَدَ اثْنَيْنِ. وَهَذَا كَثَالِثِ ثَلَاثَةٍ وَرَابِعِ أَرْبَعَةٍ. فَإِذَا اخْتَلَفَ اللَّفْظُ فَقُلْتَ رَابِعُ ثَلَاثَةٍ وَخَامِسُ أَرْبَعَةٍ، فَالْمَعْنَى صَيَّرَ الثَّلَاثَةَ أَرْبَعَةً بِنَفْسِهِ وَالْأَرْبَعَةَ خَمْسَةً. وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ، أَيْ أَخْرَجُوهُ مُنْفَرِدًا مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِلَّا مِنْ أَبِي بَكْرٍ. وَالْعَامِلُ فِيهَا "نَصَرَهُ اللَّهُ" أَيْ نَصَرَهُ مُنْفَرِدًا وَنَصَرَهُ أَحَدُ اثْنَيْنِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ: التَّقْدِيرُ فَخَرَجَ ثَانِي اثْنَيْنِ، مِثْلُ" وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ [[راجع ج ١٨ ص ٣٠٥.]] نَباتاً" [نوح: ١٧]. وقرا جمهور الناس "ثانِيَ" بِنَصْبِ الْيَاءِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا يُعْرَفُ غَيْرُ هَذَا. وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ "ثَانِي" بِسُكُونِ الْيَاءِ. قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: حَكَاهَا أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ سَكَّنَ الْيَاءَ تَشْبِيهًا لَهَا بِالْأَلِفِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: فَهِيَ كَقِرَاءَةِ الْحَسَنِ "مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا" وَكَقَوْلِ جَرِيرٍ:
هُوَ الْخَلِيفَةُ فَارْضَوْا مَا رَضِي لَكُمْ ... مَاضِي الْعَزِيمَةِ مَا فِي حُكْمِهِ جَنَفَ [[راجع ج ٣ ص ٣٦٩.]]
الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِذْ هُما فِي الْغارِ﴾ الْغَارُ: ثُقْبٌ فِي الْجَبَلِ، يَعْنِي غَارَ ثَوْرٍ. وَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ صَارُوا إِلَى الْمَدِينَةِ قَالُوا: هَذَا شَرٌّ شَاغِلٌ لَا يُطَاقُ، فَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى قَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَبَيَّتُوهُ وَرَصَدُوهُ عَلَى بَابِ مَنْزِلِهِ طُولَ لَيْلَتِهِمْ لِيَقْتُلُوهُ إِذَا خَرَجَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يَنَامَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَدَعَا اللَّهَ أَنْ يُعَمِّيَ عَلَيْهِمْ أَثَرَهُ، فَطَمَسَ اللَّهُ عَلَى أَبْصَارِهِمْ فَخَرَجَ وَقَدْ غَشِيَهُمُ النَّوْمُ، فَوَضَعَ عَلَى رؤوسهم تُرَابًا وَنَهَضَ فَلَمَّا أَصْبَحُوا خَرَجَ عَلَيْهِمْ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَخْبَرَهُمْ أَنْ لَيْسَ فِي الدَّارِ أَحَدٌ فَعَلِمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ فَاتَ وَنَجَا. وَتَوَاعَدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ لِلْهِجْرَةِ، فَدَفَعَا رَاحِلَتَيْهِمَا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَرْقَطَ. وَيُقَالُ ابْنُ أُرَيْقِطٍ، وَكَانَ كَافِرًا لَكِنَّهُمَا وَثِقَا بِهِ، وَكَانَ دَلِيلًا بِالطُّرُقِ فَاسْتَأْجَرَاهُ لِيَدُلَّ بِهِمَا إِلَى الْمَدِينَةِ. وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ من خَوْخَةٍ فِي ظَهْرِ دَارِ أَبِي بَكْرٍ الَّتِي فِي بَنِي جُمَحٍ وَنَهَضَا نَحْوَ الْغَارِ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ، وَأَمَرَ أَبُو بَكْرٍ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ أَنْ يَسْتَمِعَ مَا يَقُولُ النَّاسُ، وَأَمَرَ مَوْلَاهُ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ أَنْ يَرْعَى غَنَمَهُ وَيُرِيحَهَا [[يريحها: يردها.]] عَلَيْهِمَا لَيْلًا فَيَأْخُذُ مِنْهَا حَاجَتَهُمَا. ثُمَّ نَهَضَا فَدَخَلَا الْغَارَ. وَكَانَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَأْتِيهِمَا بِالطَّعَامِ وَيَأْتِيهِمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بِالْأَخْبَارِ، ثُمَّ يَتْلُوهُمَا عَامِرُ بن فهيرة بالغنم فيعفي آثار هما. فَلَمَّا فَقَدَتْهُ قُرَيْشٌ جَعَلَتْ تَطْلُبُهُ بِقَائِفٍ مَعْرُوفٍ بِقِفَاءِ الْأَثَرِ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى الْغَارِ فَقَالَ: هُنَا انْقَطَعَ الْأَثَرُ. فَنَظَرُوا فَإِذَا بِالْعَنْكَبُوتِ قَدْ نَسَجَ عَلَى فَمِ الْغَارِ مِنْ سَاعَتِهِ، وَلِهَذَا نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ قَتْلِهِ فَلَمَّا رَأَوْا نَسْجَ الْعَنْكَبُوتِ أَيْقَنُوا أَنْ لَا أَحَدَ فِيهِ فَرَجَعُوا وَجَعَلُوا فِي النَّبِيِّ ﷺ مِائَةَ نَاقَةٍ لِمَنْ رده عليهم.
الْخَبَرُ مَشْهُورٌ، وَقِصَّةُ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فِي ذَلِكَ مَذْكُورَةٌ. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَثَوْبَانَ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا [[من هـ.]]]: أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ حَمَامَةً فَبَاضَتْ عَلَى نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ، وَجَعَلَتْ تَرْقُدُ عَلَى بِيضِهَا، فَلَمَّا نَظَرَ الْكُفَّارُ إِلَيْهَا رَدَّهُمْ ذَلِكَ عَنِ الْغَارِ. الْخَامِسَةُ- رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ هَادِيًا خِرِّيتًا [[الخريت: الدليل الحاذق والماهر بطرق المفاوز.]]، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَدَفَعَا إليه راحلتيهما وأعداه غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا صَبِيحَةَ ثَلَاثٍ فَارْتَحَلَا وَارْتَحَلَ [[في ج وك وهـ وز: وانطلق.]] مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ الدِّيلِيُّ فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّاحِلِ [[الساحل: موضع بعينه ولم يرد به ساحل البحر.]]. قَالَ الْمُهَلَّبُ: فِيهِ مِنَ الْفِقْهِ ائْتِمَانُ أَهْلِ الشِّرْكِ [[في ج: الكفر.]] عَلَى السِّرِّ وَالْمَالِ إِذَا عُلِمَ مِنْهُمْ وَفَاءٌ وَمُرُوءَةٌ كَمَا ائْتَمَنَ النَّبِيُّ ﷺ هَذَا الْمُشْرِكَ عَلَى سِرِّهِ فِي الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ وَعَلَى النَّاقَتَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: فِيهِ اسْتِئْجَارُ الْمُسْلِمِينَ الْكُفَّارَ عَلَى هِدَايَةِ الطَّرِيقِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ: [بَابُ اسْتِئْجَارِ الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَوْ إِذَا لَمْ يُوجَدْ أَهْلُ الْإِسْلَامِ [قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: إِنَّمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ] أَوْ إِذَا لَمْ يُوجَدْ أَهْلُ الْإِسْلَامِ [مِنْ أَجْلِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ إِنَّمَا عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى الْعَمَلِ فِي أَرْضِهَا إِذْ لَمْ يُوجَدْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَنُوبُ مَنَابَهُمْ فِي عَمَلِ الْأَرْضِ، حَتَّى قَوِيَ الْإِسْلَامُ وَاسْتُغْنِيَ عَنْهُمْ أَجْلَاهُمْ عمر. وعامة الفقهاء يجيزون استئجار هم عند الضرورة وغير ها. وَفِيهِ: اسْتِئْجَارُ الرَّجُلَيْنِ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ عَلَى عَمَلٍ وَاحِدٍ لَهُمَا. وَفِيهِ: دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْفِرَارِ بِالدِّينِ خَوْفًا مِنَ الْعَدُوِّ، وَالِاسْتِخْفَاءِ فِي الْغِيرَانِ وغير ها أَلَّا يُلْقِيَ الْإِنْسَانُ بِيَدِهِ إِلَى الْعَدُوِّ تَوَكُّلًا عَلَى اللَّهِ وَاسْتِسْلَامًا لَهُ. وَلَوْ شَاءَ رَبُّكُمْ لَعَصَمَهُ مَعَ كَوْنِهِ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهَا سُنَّةُ اللَّهِ في الأنبياء وغير هم، وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا. وَهَذَا أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى فَسَادِ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ وَقَالَ: مَنْ خَافَ مَعَ اللَّهِ سِوَاهُ كَانَ ذَلِكَ نَقْصًا فِي تَوَكُّلِهِ، وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالْقَدَرِ. وَهَذَا كُلُّهُ فِي مَعْنَى الْآيَةِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْهِدَايَةُ السَّادِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا﴾ هَذِهِ الْآيَةُ تَضَمَّنَتْ فَضَائِلَ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. رَوَى أَصْبَغُ وَأَبُو زَيْدٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ "ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا" هُوَ الصِّدِّيقُ. فَحَقَّقَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلَهُ لَهُ بِكَلَامِهِ وَوَصَفَ الصُّحْبَةَ فِي كِتَابِهِ. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مَنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ أَوْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَهُوَ كَذَّابٌ مُبْتَدِعٌ. وَمَنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَهُوَ كَافِرٌ، لِأَنَّهُ رَدَّ نَصَّ الْقُرْآنِ. وَمَعْنَى "إِنَّ اللَّهَ مَعَنا" أَيْ بِالنَّصْرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحِفْظِ وَالْكِلَاءَةِ. رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَالْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَهُ قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَنَحْنُ فِي الْغَارِ: لَوْ أن أحد هم نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ، فَقَالَ: (يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا). قَالَ الْمُحَاسِبِيُّ: يَعْنِي مَعَهُمَا بِالنَّصْرِ وَالدِّفَاعِ، لَا عَلَى مَعْنَى مَا عَمَّ بِهِ الْخَلَائِقَ، فَقَالَ: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ﴾[[راجع ج ١٨ ص ٢٨٩.]] [المجادلة: ٧]. فَمَعْنَاهُ الْعُمُومُ أَنَّهُ يَسْمَعُ وَيَرَى مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُؤْمِنِينَ. السَّابِعَةُ- قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: قَالَتِ الْإِمَامِيَّةُ قَبَّحَهَا اللَّهُ: حُزْنُ أَبِي بَكْرٍ فِي الْغَارِ دَلِيلٌ عَلَى جَهْلِهِ وَنَقْصِهِ وَضَعْفِ قَلْبِهِ وَخُرْقِهِ [[الخرق (بالضم): الحمق وضعف الرأى.]]. وَأَجَابَ عُلَمَاؤُنَا عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ إِضَافَةَ الْحُزْنِ إِلَيْهِ لَيْسَ بِنَقْصٍ، كَمَا لَمْ يَنْقُصْ إِبْرَاهِيمُ حِينَ قَالَ عَنْهُ: ﴿نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لَا تَخَفْ﴾[[راجع ج ٩ ص ٦٢.]] [هود: ٧٠]. وَلَمْ يَنْقُصْ مُوسَى قَوْلُهُ: "فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى. قُلْنا لَا تَخَفْ" [[راجع ج ١١ ص ٢٢١ فما بعد.]] [طه ٦٧، ٦٨]. وَفِي لُوطٍ: ﴿وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ﴾[[راجع ج ١٣ ص ٣٤١ فما بعد]] [العنكبوت: ٣٣]. فَهَؤُلَاءِ الْعُظَمَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ قَدْ وُجِدَتْ عِنْدَهُمُ التَّقِيَّةُ نَصًّا وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَعْنًا عَلَيْهِمْ وَوَصْفًا لَهُمْ بِالنَّقْصِ، وَكَذَلِكَ فِي أَبِي بَكْرٍ. ثُمَّ هِيَ عِنْدَ الصِّدِّيقِ احْتِمَالٌ، فَإِنَّهُ قال: لو أن أحد هم نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا. جَوَابٌ ثَانٍ- إِنَّ حُزْنَ الصِّدِّيقِ إِنَّمَا كَانَ خَوْفًا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ ضرر، وَلَمْ يَكُنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَعْصُومًا وَإِنَّمَا نَزَلَ عَلَيْهِ ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾[[راجع ج ٦ ص ٢٤٢.]] [المائدة: ٦٧] بِالْمَدِينَةِ [[[من ب وج وز وك وى.]]. الثَّامِنَةُ- قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: قَالَ لَنَا أَبُو الْفَضَائِلِ الْعَدْلُ [[من ب وك وى. واضطربت الأصول في هذا الاسم. والذي في أحكام القرآن لابن العربي المطبوع: (أبو الفضائل بن المعدل) وفي المخطوطة منه (أبو الفضائل المعدل).]] قَالَ لَنَا جَمَالُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْقَاسِمِ قَالَ مُوسَى ﷺ: ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾[[راجع ج ١٣ ص ١٠٠ فما بعد.]] [الشعراء: ٦٢] وَقَالَ فِي مُحَمَّدٍ ﷺ: "لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا" لَا جَرَمَ لَمَّا كَانَ اللَّهُ مَعَ مُوسَى وَحْدَهُ ارْتَدَّ أصحابه بعده، فرجع من عند ربه ووجد هم يَعْبُدُونَ الْعِجْلَ. وَلَمَّا قَالَ فِي مُحَمَّدٍ ﷺ "لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا" بَقِيَ أَبُو بَكْرٍ مُهْتَدِيًا مُوَحِّدًا عَالِمًا جَازِمًا قَائِمًا بِالْأَمْرِ وَلَمْ يَتَطَرَّقْ إِلَيْهِ اخْتِلَالٌ. التَّاسِعَةُ- خَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ نُبَيْطِ بْنِ شُرَيْطٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ- لَهُ صُحْبَةٌ- قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ... ، الْحَدِيثَ. وَفِيهِ: وَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ يَتَشَاوَرُونَ فَقَالُوا: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الْأَنْصَارِ نُدْخِلُهُمْ مَعَنَا فِي هَذَا الْأَمْرِ. فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ. فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ لَهُ مِثْلُ هَذِهِ الثَّلَاثِ "ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا" مَنْ "هُما"؟ قَالَ: ثُمَّ بَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَهُ وَبَايَعَهُ النَّاسُ بَيْعَةً حَسَنَةً جَمِيلَةً. قُلْتُ: وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ" مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَلِيفَةَ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ [[من ج وهـ.]]]، لِأَنَّ الْخَلِيفَةَ لَا يَكُونُ أَبَدًا إِلَّا ثَانِيًا. وَسَمِعْتُ شَيْخَنَا الْإِمَامَ أَبَا الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: إِنَّمَا اسْتَحَقَّ الصِّدِّيقُ أَنْ يُقَالَ لَهُ ثَانِي اثْنَيْنِ لِقِيَامِهِ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ بِالْأَمْرِ، كَقِيَامِ النَّبِيِّ ﷺ بِهِ أَوَّلًا. وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا مَاتَ ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ كُلُّهَا، وَلَمْ يَبْقَ الْإِسْلَامُ إلا بالمد ينه وَمَكَّةَ وَجُوَاثَا [[موضع بالبحرين.]]، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو النَّاسَ إلى الإسلام ويقاتلهم على
الدُّخُولِ فِي الدِّينِ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ، فَاسْتَحَقَّ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ أَنْ يُقَالَ فِي حَقِّهِ ثَانِيَ اثْنَيْنِ. قُلْتُ- وَقَدْ جَاءَ فِي السُّنَّةِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ، يَدُلُّ ظَاهِرُهَا عَلَى أَنَّهُ الْخَلِيفَةُ بَعْدَهُ، وَقَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ. وَالْقَادِحُ فِي خِلَافَتِهِ مَقْطُوعٌ بِخَطَئِهِ وَتَفْسِيقِهِ. وَهَلْ يَكْفُرُ أَمْ لَا، يُخْتَلَفُ فِيهِ، وَالْأَظْهَرُ تَكْفِيرُهُ. وَسَيَأْتِي لِهَذَا الْمَعْنَى مَزِيدُ بَيَانٍ فِي سُورَةِ [الْفَتْحِ [[راجع ج ١٦ ص ٢٩٧.]]] إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَالَّذِي يُقْطَعُ بِهِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَقْوَالِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ وَيَجِبُ أَنْ تُؤْمِنَ بِهِ الْقُلُوبُ وَالْأَفْئِدَةُ فَضْلُ الصِّدِّيقِ عَلَى جَمِيعِ الصَّحَابَةِ. وَلَا مُبَالَاةَ بِأَقْوَالِ أَهْلِ الشِّيَعِ وَلَا أَهْلِ الْبِدَعِ، فَإِنَّهُمْ بَيْنَ مُكَفَّرٍ تُضْرَبُ رَقَبَتُهُ، وَبَيْنَ مُبْتَدِعٍ مُفَسَّقٍ لَا تُقْبَلُ كَلِمَتُهُ. ثُمَّ بَعْدَ الصِّدِّيقِ عُمَرُ الْفَارُوقُ، ثُمَّ بَعْدَهُ عُثْمَانُ. رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ. وَاخْتَلَفَ أَئِمَّةُ أَهْلِ السَّلَفِ [[في ج: أهل السنة. وفي ز: التفسير.]] فِي عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، فَالْجُمْهُورُ مِنْهُمْ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ. وَرُوِيَ عَنْهُ [أَيْضًا [[من هـ.]]] أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَهُوَ الْأَصَحُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. الْعَاشِرَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ﴾ فيه قولان: أحد هما: عَلَى النَّبِيِّ ﷺ. وَالثَّانِي: عَلَى أَبِي بَكْرٍ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا وَهُوَ الْأَقْوَى، لِأَنَّهُ خَافَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ مِنَ الْقَوْمِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ بِتَأْمِينِ النَّبِيِّ ﷺ، فَسَكَنَ جَأْشُهُ وَذَهَبَ رَوْعُهُ وَحَصَلَ الْأَمْنُ وَأَنْبَتَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ثُمَامَةً، [[الثمام: نبت معروف في البادية.]] وَأَلْهَمَ الْوَكْرَ هُنَاكَ حَمَامَةً وَأَرْسَلَ [[في هـ: وألهم.]] الْعَنْكَبُوتَ فَنَسَجَتْ بَيْتًا عَلَيْهِ. فَمَا أَضْعَفَ هَذِهِ الْجُنُودَ فِي ظَاهِرِ الْحِسِّ وَمَا أَقْوَاهَا فِي بَاطِنِ الْمَعْنَى! وَلِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعُمَرَ حِينَ تَغَامَرَ [[المغامرة: المخاصمة. راجع الحديث بطوله في صحيح البخاري في باب مناقب أبي بكر رضى الله عنه.]] مَعَ الصِّدِّيقِ: (هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي إِنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ قَالُوا كَذَبْتَ وَقَالَ أبو بكر صدقت) رواه أبو الدرداء.
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها﴾ أَيْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. وَالْكِنَايَةُ فِي قَوْلِهِ "وَأَيَّدَهُ" تَرْجِعُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ. وَالضَّمِيرَانِ يَخْتَلِفَانِ، وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ.
(وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى) أَيْ كَلِمَةَ الشِّرْكِ.
(وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا) قِيلَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقِيلَ: وَعْدُ النَّصْرِ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَيَعْقُوبُ "وَكَلِمَةُ اللَّهِ" بِالنَّصْبِ حَمْلًا عَلَى "جَعَلَ" وَالْبَاقُونَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ. وَزَعَمَ الْفَرَّاءُ أَنَّ قِرَاءَةَ النَّصْبِ بَعِيدَةٌ، قَالَ: لِأَنَّكَ تَقُولُ أَعْتَقَ فُلَانٌ غُلَامَ أَبِيهِ، وَلَا تَقُولُ غُلَامَ أَبِي فُلَانٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ نَحْوًا مِنْ هَذَا. قَالَ: كَانَ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ وَكَلِمَتَهُ هِيَ الْعُلْيَا. قَالَ النَّحَّاسُ: الَّذِي ذَكَرَهُ الْفَرَّاءُ لَا يُشْبِهُ الْآيَةَ، وَلَكِنْ يُشْبِهُهَا مَا أَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ:
لَا أَرَى الْمَوْتَ يَسْبِقُ الْمَوْتَ شَيْءٌ ... نَغَّصَ الْمَوْتُ ذَا الْغِنَى وَالْفَقِيرَا
فَهَذَا حَسَنٌ جَيِّدٌ لَا إِشْكَالَ فِيهِ، بَلْ يَقُولُ النَّحْوِيُّونَ الْحُذَّاقُ: فِي إِعَادَةِ الذِّكْرِ فِي مِثْلِ هَذَا فَائِدَةٌ وَهِيَ أَنَّ فِيهِ مَعْنَى التَّعْظِيمِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها. وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها" [[راجع ج ٢٠ ص ١٤٧.]] [الزلزلة: ١، ٢] فَهَذَا لَا إِشْكَالَ فِيهِ. وَجَمْعُ الْكَلِمَةِ كَلِمٌ. وَتَمِيمٌ تَقُولُ: هِيَ كِلْمَةٌ بِكَسْرِ الْكَافِ. وَحَكَى الْفَرَّاءُ فِيهَا ثَلَاثَ لُغَاتٍ: كَلِمَةٌ وَكِلْمَةٌ وَكَلْمَةٌ مِثْلَ كَبِدٍ وَكِبْدٍ وَكَبْدٍ، وَوَرِقٍ وَوِرْقٍ وَوَرْقٍ. والكلمة أيضا القصيدة بطولها، قاله الجوهري.
{"ayah":"إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ ثَانِیَ ٱثۡنَیۡنِ إِذۡ هُمَا فِی ٱلۡغَارِ إِذۡ یَقُولُ لِصَـٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِینَتَهُۥ عَلَیۡهِ وَأَیَّدَهُۥ بِجُنُودࣲ لَّمۡ تَرَوۡهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ ٱلسُّفۡلَىٰۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِیَ ٱلۡعُلۡیَاۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق