الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ﴾ هَذِهِ الْآيَةُ وَالَّتِي بَعْدَهَا إِلَى قَوْلِهِ شَدِيدُ الْعِقابِ [[ما بين المربعين ساقط من ح، س.]] فِيهِ عَشْرُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما أَفاءَ اللَّهُ يَعْنِي مَا رَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ. فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ أَوْضَعْتُمْ عَلَيْهِ. وَالْإِيجَافُ: الْإِيضَاعُ فِي السَّيْرِ وَهُوَ الْإِسْرَاعُ، يُقَالُ: وَجَفَ الْفَرَسُ إِذَا أَسْرَعَ، وَأَوْجَفْتُهُ أَنَا أَيْ حَرَّكْتُهُ وَأَتْعَبْتُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ تَمِيمِ بْنِ مُقْبِلٍ:
مَذَاوِيدُ بِالْبِيضِ الْحَدِيثِ صِقَالُهَا ... عَنِ الرَّكْبِ أَحْيَانًا إِذَا الرَّكْبُ أَوْجَفُوا
وَالرِّكَابُ الْإِبِلُ، وَاحِدُهَا رَاحِلَةٌ. يَقُولُ: لَمْ تَقْطَعُوا إِلَيْهَا شُقَّةً وَلَا لَقِيتُمْ بِهَا حَرْبًا وَلَا مَشَقَّةً، وَإِنَّمَا كَانَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى مِيلَيْنِ، قَالَهُ الْفَرَّاءُ. فَمَشَوْا إِلَيْهَا مَشْيًا وَلَمْ يَرْكَبُوا خَيْلًا وَلَا إِبِلًا، إِلَّا النَّبِيَّ ﷺ فَإِنَّهُ رَكِبَ جَمَلًا وَقِيلَ حِمَارًا مَخْطُومًا بِلِيفٍ، فَافْتَتَحَهَا صُلْحًا وَأَجْلَاهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ. فَسَأَلَ الْمُسْلِمُونَ النَّبِيَّ ﷺ أَنْ يُقْسِمَ لَهُمْ فَنَزَلَتْ: وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ الْآيَةَ. فَجَعَلَ أَمْوَالَ بَنِي النَّضِيرِ لِلنَّبِيِّ ﷺ خَاصَّةً يَضَعُهَا حَيْثُ شَاءَ، فَقَسَمَهَا النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ، وَلَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مُحْتَاجِينَ، مِنْهُمْ أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ، وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ. وَقِيلَ: إِنَّمَا أَعْطَى رَجُلَيْنِ، سَهْلًا وَأَبَا دُجَانَةَ. وَيُقَالُ: أَعْطَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ سَيْفَ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، وَكَانَ سَيْفًا لَهُ ذِكْرٌ عِنْدَهُمْ. وَلَمْ يُسْلِمْ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ إِلَّا رجلان: سفيان ابن عُمَيْرٍ، وَسَعْدُ بْنُ وَهْبٍ، أَسْلَمَا عَلَى أَمْوَالِهِمَا فَأَحْرَزَاهَا. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عُمَرُ قَالَ: كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، وَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ خَاصَّةً، فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ، وَمَا بَقِيَ يَجْعَلُهُ فِي الْكُرَاعِ [[قوله "في الكراع": في الدواب التي تصلح للحرب.]] وَالسِّلَاحِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ الْعَبَّاسُ لِعُمَرَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الْكَاذِبِ الْآثِمِ الْغَادِرِ الْخَائِنِ- يَعْنِي عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ. فَقَالَ عُمَرُ: أَتَعْلَمَانِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: (لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ) قَالَا نَعَمْ. قَالَ عُمَرُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ ﷺ بِخَاصَّةٍ وَلَمْ يُخَصِّصْ بِهَا أَحَدًا غَيْرَهُ. قَالَ: مَا أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ (مَا أَدْرِي هَلْ قَرَأَ الْآيَةَ الَّتِي قَبْلَهَا أَمْ لَا) فَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَكُمْ أَمْوَالَ بَنِي النَّضِيرِ، فَوَاللَّهِ مَا اسْتَأْثَرَهَا عَلَيْكُمْ وَلَا أَخَذَهَا دُونَكُمْ حَتَّى بَقِيَ هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْخُذُ مِنْهُ نَفَقَةَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ أُسْوَةَ الْمَالِ ... الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ. وَقِيلَ: لَمَّا تَرَكَ بَنُو النَّضِيرِ دِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ طَلَبَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِيهَا حَظٌّ كالغنائم، فبين الله تعالى أنها في وكان قد جَرَى ثَمَّ بَعْضُ الْقِتَالِ، لِأَنَّهُمْ حُوصِرُوا أَيَّامًا وقاتلوا وقتلوا،
ثُمَّ صَالَحُوا عَلَى الْجَلَاءِ. وَلَمْ يَكُنْ قِتَالٌ عَلَى التَّحْقِيقِ، بَلْ جَرَى مَبَادِئُ الْقِتَالِ وَجَرَى الْحِصَارُ، وَخَصَّ اللَّهُ تِلْكَ الْأَمْوَالَ بِرَسُولِهِ ﷺ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَعْلَمَهُمُ اللَّهُ تعالى وذكرهم أنه إنما نصر رسول ﷺ وَنَصَرَهُمْ بِغَيْرِ كُرَاعٍ وَلَا عُدَّةٍ.
(وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) أَيْ مِنْ أَعْدَائِهِ. وَفِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّ تِلْكَ الْأَمْوَالَ كَانَتْ خَاصَّةً لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ دُونَ أَصْحَابِهِ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مَا أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ، وَهُمَا بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكُ، وَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الْمَدِينَةِ وَخَيْبَرَ. وَقُرَى عُرَيْنَةَ وَيَنْبُعُ جَعَلَهَا اللَّهُ لِرَسُولِهِ. وَبَيَّنَ أَنَّ فِي ذَلِكَ الْمَالِ الَّذِي خَصَّهُ بِالرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ سُهْمَانًا لِغَيْرِ الرَّسُولِ نَظَرًا مِنْهُ لِعِبَادِهِ. وَقَدْ تَكَلَّمَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَالَّتِي قَبْلَهَا، هَلْ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ أَوْ مُخْتَلَفٌ، وَالْآيَةُ الَّتِي فِي الْأَنْفَالِ، فَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: مَا أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى مَنْسُوخٌ بِمَا فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ مِنْ كَوْنِ الْخُمُسِ لِمَنْ سُمِّيَ لَهُ، وَالْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ لِمَنْ قَاتَلَ. وَكَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ تُقْسَمُ الْغَنِيمَةُ عَلَى هَذِهِ الْأَصْنَافِ ولا يكون لمن قاتل عليها شي. وَهَذَا قَوْلُ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ وَقَتَادَةَ وَغَيْرِهِمَا. وَنَحْوَهُ عَنْ مَالِكٍ. وَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّمَا غَنِمَ بِصُلْحٍ مِنْ غَيْرِ إِيجَافِ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَيَكُونُ لِمَنْ سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى فِيهِ فَيْئًا وَالْأُولَى لِلنَّبِيِّ ﷺ خَاصَّةً، إِذَا أَخَذَ مِنْهُ حَاجَتَهُ كَانَ الْبَاقِي فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: الْأُولَى: لِلنَّبِيِّ ﷺ. وَالثَّانِيَةُ: هِيَ الْجِزْيَةُ وَالْخَرَاجُ لِلْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ. وَالثَّالِثَةُ: الْغَنِيمَةُ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ لِلْغَانِمِينَ. وَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ: إِنَّ مَعْنَى الْآيَتَيْنِ وَاحِدٌ، أَيْ مَا حَصَلَ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ بِغَيْرِ قِتَالٍ قُسِّمَ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ، أَرْبَعَةٌ مِنْهَا لِلنَّبِيِّ ﷺ. وَكَانَ الْخُمُسُ الْبَاقِي عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَيْضًا وَسَهْمٌ لِذَوِي الْقُرْبَى- وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ- لِأَنَّهُمْ مُنِعُوا الصَّدَقَةَ فَجُعِلَ لَهُمْ حَقٌّ فِي الْفَيْءِ. وَسَهْمٍ لِلْيَتَامَى. وَسَهْمٍ لِلْمَسَاكِينِ. وَسَهْمٍ لِابْنِ السَّبِيلِ، وَأَمَّا بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَالَّذِي كَانَ مِنَ الْفَيْءِ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ يُصْرَفُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ إِلَى الْمُجَاهِدِينَ الْمُتَرَصِّدِينَ لِلْقِتَالِ فِي الثُّغُورِ، لِأَنَّهُمُ الْقَائِمُونَ مَقَامَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لَهُ: يُصْرَفُ إِلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ سَدِّ الثُّغُورِ وَحَفْرِ الْأَنْهَارِ وَبِنَاءِ الْقَنَاطِرِ، يُقَدَّمُ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ، وَهَذَا فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ. فَأَمَّا السَّهْمُ الَّذِي كَانَ لَهُ مِنْ خُمُسِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ فَهُوَ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ مَوْتِهِ ﷺ بِلَا خِلَافٍ، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (لَيْسَ لِي مِنْ غَنَائِمِكُمْ إِلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ فِيكُمْ). وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ فِي سُورَةِ "الْأَنْفَالِ" [[راجع ج ٨ ص ١١.]]. وَكَذَلِكَ مَا خَلَّفَهُ مِنَ الْمَالِ غَيْرُ مَوْرُوثٍ، بَلْ هُوَ صَدَقَةٌ يُصْرَفُ عَنْهُ إِلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (إِنَّا لَا نُوَرِّثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ). وَقِيلَ: كَانَ مَالُ الْفَيْءِ لِنَبِيِّهِ ﷺ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: مَا أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ فَأَضَافَهُ إِلَيْهِ، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَتَأَثَّلُ [[المتأثل: الجامع.]] مَالًا، إِنَّمَا كَانَ يَأْخُذُ بِقَدْرِ حَاجَةِ عِيَالِهِ وَيَصْرِفُ الْبَاقِي فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: لَا إِشْكَالَ أَنَّهَا ثَلَاثَةُ مَعَانٍ في ثلاث آيا ت، أَمَّا الْآيَةُ الْأُولَى فَهِيَ قَوْلُهُ: هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ [الْحَشْرِ: ٢] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ يَعْنِي مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَعْطُوفًا عَلَيْهِمْ.
(فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) يُرِيدُ كَمَا بَيَّنَّا، فَلَا حَقَّ لَكُمْ فِيهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ عُمَرُ: إِنَّهَا كَانَتْ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، يَعْنِي بَنِي النَّضِيرِ وَمَا كَانَ مِثْلُهَا. فَهَذِهِ آيَةٌ وَاحِدَةٌ وَمَعْنًى مُتَّحِدٌ. الْآيَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَهَذَا كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ غَيْرُ الْأَوَّلِ لِمُسْتَحَقٍّ غَيْرِ الْأَوَّلِ. وَسَمَّى الْآيَةَ الثَّالِثَةَ آيَةَ الْغَنِيمَةِ، وَلَا شَكَ فِي أَنَّهُ مَعْنًى آخَرُ بِاسْتِحْقَاقٍ ثَانٍ لِمُسْتَحِقٍّ آخَرَ، بَيْدَ أَنَّ الْآيَةَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ، اشْتَرَكَتَا فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَضَمَّنَتْ شَيْئًا أَفَاءَهُ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، وَاقْتَضَتِ الْآيَةُ الْأُولَى أَنَّهُ حَاصِلٌ بِغَيْرِ قِتَالٍ، وَاقْتَضَتْ آيَةُ الْأَنْفَالِ أَنَّهُ حَاصِلٌ بِقِتَالٍ، وَعَرِيَتِ الْآيَةُ الثَّالِثَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى عَنْ
ذِكْرِ حُصُولِهِ بِقِتَالٍ أَوْ بِغَيْرِ قِتَالٍ، فَنَشَأَ الْخِلَافُ مِنْ هَاهُنَا، فَمِنْ طَائِفَةٍ قَالَتْ: هِيَ مُلْحَقَةٌ بِالْأُولَى، وَهُوَ مَالُ الصُّلْحِ كله ونحوه.
وَمِنْ طَائِفَةٍ قَالَتْ: هِيَ مُلْحَقَةٌ بِالثَّانِيَةِ وَهِيَ آيَةُ الْأَنْفَالِ. وَالَّذِينَ قَالُوا إِنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِآيَةِ الْأَنْفَالِ اخْتَلَفُوا، هَلْ هِيَ مَنْسُوخَةٌ- كَمَا تَقَدَّمَ- أَوْ مُحْكَمَةٌ؟ وَإِلْحَاقُهَا بِشَهَادَةِ اللَّهِ بِالَّتِي قَبْلَهَا [[فِي المطبوعة: "بشهادة الله بالأولى أولى".]] أَوْلَى، لِأَنَّ فِيهِ تَجْدِيدَ فَائِدَةٍ وَمَعْنًى. وَمَعْلُومٌ أَنَّ حَمْلَ الْحَرْفِ مِنَ الْآيَةِ فَضْلًا عَنِ الْآيَةِ عَلَى فَائِدَةٍ مُتَجَدِّدَةٍ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى فَائِدَةٍ مُعَادَةٍ. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ بَنِي النَّضِيرِ [[في ز، ل: "هي النضير".]]، لَمْ يَكُنْ فِيهَا خُمُسٌ وَلَمْ يُوجَفْ عَلَيْهَا بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ. كَانَتْ صَافِيَةً لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَسَمَهَا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَثَلَاثَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، حَسَبَ مَا تَقَدَّمَ. وَقَوْلُهُ مَا أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى هِيَ قُرَيْظَةُ، وَكَانَتْ قُرَيْظَةُ وَالْخَنْدَقُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: قَوْلُ مَالِكٍ إِنَّ الْآيَةَ الثَّانِيَةَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَعْنَاهَا يَعُودُ إِلَى آيَةِ الْأَنْفَالِ، وَيَلْحَقُهَا النَّسْخُ. وَهَذَا أَقْوَى [[في ح، ز، س، ط، هـ: "وهو أقوى منا من القول ... ".]] مِنَ الْقَوْلِ بِالْإِحْكَامِ. وَنَحْنُ لَا نَخْتَارُ إِلَّا مَا قَسَمْنَا وَبَيَّنَّا أَنَّ الْآيَةَ الثَّانِيَةَ لَهَا مَعْنًى مُجَدِّدٌ حَسَبَ مَا دَلَّلْنَا عَلَيْهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قُلْتُ- مَا اخْتَارَهُ حَسَنٌ. وَقَدْ قِيلَ إِنَّ سُورَةَ "الْحَشْرِ" نَزَلَتْ بَعْدَ الْأَنْفَالِ، فَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَنْسَخَ الْمُتَقَدِّمُ الْمُتَأَخِّرَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: الْمَالُ ثَلَاثَةٌ: مغنم، أو في، أَوْ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ مِنْهُ دِرْهَمٌ إِلَّا وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ مَوْضِعَهُ. وَهَذَا أَشْبَهُ. الثَّالِثَةُ- الْأَمْوَالُ الَّتِي لِلْأَئِمَّةِ وَالْوُلَاةِ فِيهَا مَدْخَلُ ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: مَا أُخِذَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى طَرِيقِ التَّطْهِيرِ لَهُمْ، كَالصَّدَقَاتِ وَالزَّكَوَاتِ. وَالثَّانِي- الْغَنَائِمُ، وَهُوَ مَا يَحْصُلُ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْوَالِ الْكَافِرِينَ بِالْحَرْبِ وَالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ. وَالثَّالِثُ: الْفَيْءُ، وَهُوَ مَا رَجَعَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ عَفْوًا صَفْوًا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ وَلَا إِيجَافٍ، كَالصُّلْحِ وَالْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ وَالْعُشُورِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ تُجَّارِ الْكُفَّارِ. وَمِثْلُهُ أَنْ يَهْرَبَ الْمُشْرِكُونَ وَيَتْرُكُوا أَمْوَالَهُمْ، أَوْ يَمُوتَ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَا وَارِثَ لَهُ. فَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَمَصْرِفُهَا الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينَ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا، حَسَبَ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَدْ مَضَى فِي "بَرَاءَةٍ" [[راجع ج ٨ ص ٦٧.]]. وَأَمَّا الْغَنَائِمُ فَكَانَتْ
فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ لِلنَّبِيِّ ﷺ يَصْنَعُ فِيهَا مَا شَاءَ، كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ "الْأَنْفَالِ": قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ [الأنفال: ١]، ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ [الأنفال: ٤١] الْآيَةَ. وَقَدْ مَضَى فِي الْأَنْفَالِ بَيَانُهُ [[راجع ج ٨ ص ٩]]. فَأَمَّا الْفَيْءُ فَقِسْمَتُهُ وَقِسْمَةُ الْخُمُسِ سَوَاءٌ. وَالْأَمْرُ عِنْدَ مَالِكٍ فِيهِمَا إِلَى الْإِمَامِ، فَإِنْ رَأَى حَبْسَهُمَا لِنَوَازِلَ تَنْزِلُ بِالْمُسْلِمِينَ فَعَلَ، وَإِنْ رَأَى قِسْمَتَهُمَا أَوْ قِسْمَةَ أَحَدِهِمَا قَسَمَهُ كُلَّهُ بَيْنَ النَّاسِ، وَسَوَّى فِيهِ بَيْنَ عَرَبِيِّهِمْ وَمَوْلَاهُمْ. وَيَبْدَأُ بِالْفُقَرَاءِ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ حَتَّى يَغْنَوْا، وَيُعْطَوْا ذَوُو الْقُرْبَى مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْفَيْءِ سَهْمَهُمْ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ، وَلَيْسَ لَهُ حَدٌّ مَعْلُومٌ. وَاخْتُلِفَ فِي إِعْطَاءِ الْغَنِيِّ مِنْهُمْ، فَأَكْثَرُ النَّاسِ عَلَى إِعْطَائِهِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُمْ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْطَى مِنْهُ غَيْرُ فُقَرَائِهِمْ، لِأَنَّهُ جُعِلَ لَهُمْ عِوَضًا مِنَ الصَّدَقَةِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَيُّمَا حَصَلَ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ كَانَ يُقْسَمُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا: عِشْرُونَ لِلنَّبِيِّ ﷺ يَفْعَلُ فِيهَا مَا يَشَاءُ. وَالْخُمُسُ يُقْسَمُ عَلَى مَا يُقْسَمُ عَلَيْهِ خُمُسُ الغنيمة. قال أبو جعفر أحمد ابن الدَّاوُدِيِّ: وَهَذَا قَوْلٌ مَا سَبَقَهُ بِهِ أَحَدٌ عَلِمْنَاهُ، بَلْ كَانَ ذَلِكَ خَالِصًا لَهُ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُمَرَ مُبَيِّنًا لِلْآيَةِ. وَلَوْ كَانَ هَذَا لَكَانَ قَوْلُهُ: خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [[راجع ج ١٤ ص ٢٠٥.]] [الأحزاب: ٥٠] يدل على أنه يجوز الموهبة لغيره، وأن قوله: خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ [[راجع ج ٧ ص ١٩٥.]] [الأعراف: ٣٢] يَجُوزُ أَنْ يُشْرِكَهُمْ فِيهَا غَيْرَهُمْ. وَقَدْ مَضَى قَوْلُ الشَّافِعِيِّ مُسْتَوْعَبًا فِي ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ سَبِيلَ خُمُسِ الْفَيْءِ سَبِيلُ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ، وَأَنَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ، وَهِيَ بَعْدَهُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ: أَنَّهَا بَعْدَهُ لِلْمُرْصِدِينَ أَنْفُسَهُمْ لِلْقِتَالِ بَعْدَهُ خَاصَّةً، كَمَا تَقَدَّمَ. الرَّابِعَةُ- قَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَيُقْسَمُ كُلُّ مَالٍ فِي الْبَلَدِ الَّذِي جُبِيَ فِيهِ، وَلَا يُنْقَلُ عَنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ الَّذِي جُبِيَ فِيهِ حَتَّى يَغْنَوْا، ثُمَّ يُنْقَلُ إِلَى الْأَقْرَبِ مِنْ غَيْرِهِمْ، إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ بِغَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي جُبِيَ فِيهِ فَاقَةٌ شَدِيدَةٌ، فَيَنْتَقِلَ ذَلِكَ إِلَى أَهْلِ الْفَاقَةِ حَيْثُ كَانُوا، كَمَا فَعَلَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي أَعْوَامِ الرَّمَادَةِ، وَكَانَتْ خَمْسَةَ أَعْوَامٍ أَوْ سِتَّةً. وَقَدْ قيل عامين. وقيل: عَامٌ فِيهِ اشْتَدَّ الطَّاعُونُ مَعَ الْجُوعِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا وَصَفْنَا وَرَأَى الْإِمَامُ إِيقَافَ الْفَيْءِ أَوْقَفَهُ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُعْطِي مِنْهُ الْمَنْفُوسَ وَيَبْدَأُ بِمَنْ أَبُوهُ فَقِيرٌ. وَالْفَيْءُ حَلَالٌ لِلْأَغْنِيَاءِ. وَيُسَوِّي بَيْنَ النَّاسِ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ يُؤْثِرُ أَهْلَ الْحَاجَةِ وَالْفَاقَةِ. وَالتَّفْضِيلُ فِيهِ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ. وَيُعْطَى مِنْهُ الْغُرَمَاءُ مَا يُؤَدُّونَ بِهِ دُيُونُهُمْ. وَيُعْطِي مِنْهُ الْجَائِزَةَ وَالصِّلَةَ إن كان ذلك أهلا، ويرزق القضاء وَالْحُكَّامَ وَمَنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ. وَأَوْلَاهُمْ بِتَوَفُّرِ الْحَظِّ مِنْهُمْ أَعْظَمُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ نَفْعًا. وَمَنْ أَخَذَ مِنَ الْفَيْءِ شَيْئًا فِي الدِّيوَانِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَغْزُوَ إِذَا غَزَى. الْخَامِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ يَكُونَ بِالْيَاءِ. دُولَةً بِالنَّصْبِ، أَيْ كَيْ لَا يَكُونَ الْفَيْءُ دُولَةً وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَالْأَعْرَجُ وَهِشَامٌ- عَنِ ابْنِ عَامِرٍ- وَأَبُو حَيْوَةَ "تَكُونَ" بِتَاءِ (دُولَةٌ) بِالرَّفْعِ، أَيْ كَيْ لَا تَقَعُ دُولَةٌ. فَكَانَ تَامَّةٌ. وَ (دُولَةٌ) رُفِعَ عَلَى اسْمِ كَانَ وَلَا خَبَرَ لَهُ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ نَاقِصَةً وَخَبَرُهَا بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ. وَإِذَا كَانَتْ تَامَّةً فَقَوْلُهُ: بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ مُتَعَلِّقٌ بِ دُولَةً عَلَى مَعْنَى تَدَاوَلَ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَصْفًا لِ دُولَةً. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ دُولَةً بِضَمِ الدَّالِّ. وَقَرَأَهَا السُّلَمِيُّ وَأَبُو حَيْوَةَ بِالنَّصْبِ. قَالَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ وَيُونُسُ وَالْأَصْمَعِيُّ: هُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: الدَّوْلَةُ (بِالْفَتْحِ) الظَّفَرُ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهِ، وَهِيَ الْمَصْدَرُ. وَبِالضَّمِّ اسْمُ الشَّيْءِ الَّذِي يُتَدَاوَلُ مِنَ الْأَمْوَالِ. وَكَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الدُّولَةُ اسْمُ الشَّيْءِ الَّذِي يُتَدَاوَلُ. وَالدَّوْلَةُ الْفِعْلُ. وَمَعْنَى الْآيَةِ: فَعَلْنَا ذَلِكَ فِي هَذَا الْفَيْءِ، كَيْ لَا تَقْسِمَهُ الرُّؤَسَاءُ وَالْأَغْنِيَاءُ وَالْأَقْوِيَاءُ بَيْنَهُمْ دُونَ الْفُقَرَاءِ وَالضُّعَفَاءِ، لِأَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا إِذَا غَنِمُوا أَخَذَ الرَّئِيسُ رُبُعَهَا لِنَفْسِهِ، وَهُوَ الْمِرْبَاعُ. ثُمَّ يَصْطَفِي مِنْهَا أَيْضًا بَعْدَ الْمِرْبَاعِ مَا شَاءَ، وَفِيهَا قال شاعرهم:
لك المرباع منها والصفايا [[البيت بتمامه:
لَكَ الْمِرْبَاعُ مِنْهَا وَالصَّفَايَا ... وَحُكْمُكَ وَالنَّشِيطَةُ وَالْفُضُولُ
وهو لعبد الله بن عنمة الضبي يخاطب بسطام بن قيس. والنشيطة ما أصاب الرئيس في الطريق قبل أن يصل إلى مجتمع الحي. والفضول: ما فضل من القسمة مما لا تصح قسمته على عدد الغزاة كالبعير والفرس ونحوهما.]] يَقُولُ: كَيْ لَا يُعْمَلَ فِيهِ كَمَا كَانَ يُعْمَلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَجَعَلَ اللَّهُ هَذَا لِرَسُولِهِ ﷺ، يَقْسِمُهُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا لَيْسَ فِيهَا خُمُسٌ، فَإِذَا جَاءَ خُمُسٌ وَقَعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا. السَّادِسَةُ- قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا أَيْ مَا أَعْطَاكُمْ مِنْ مَالِ الْغَنِيمَةِ فَخُذُوهُ، وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ مِنَ الْأَخْذِ وَالْغُلُولِ [[الغلول: الخيانة في المغنم، والسرقة من الغنيمة.]] فَانْتَهُوا، قَالَهُ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ. السُّدِّيُّ: مَا أَعْطَاكُمْ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ فَاقْبَلُوهُ، وَمَا مَنَعَكُمْ مِنْهُ فَلَا تَطْلُبُوهُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: مَا آتَاكُمْ مِنْ طَاعَتِي فَافْعَلُوهُ، وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ مِنْ مَعْصِيَتِي فَاجْتَنِبُوهُ. الْمَاوَرْدِيُّ: وَقِيلَ إِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْعُمُومِ فِي جَمِيعِ أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ، لَا يَأْمُرُ إِلَّا بِصَلَاحٍ وَلَا يَنْهَى إِلَّا عَنْ فَسَادٍ. قُلْتُ: هَذَا هُوَ مَعْنَى الْقَوْلِ الَّذِي قَبْلَهُ. فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. السَّابِعَةُ- قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا هَذَا يُوجِبُ أَنَّ كُلَّ مَا أُمِرَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. وَالْآيَةُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْغَنَائِمِ فَجَمِيعُ أَوَامِرِهِ ﷺ وَنَوَاهِيهِ دَخَلَ فِيهَا. وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ عُمَيْرٍ- وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ- قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ عَسِيرٌ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ يَسِيرٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَهُ وَطَلَبَهُ. وَحَدِيثِي صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ وَهُوَ الْحُكْمُ فَمَنِ اسْتَمْسَكَ بِحَدِيثِي وَحَفِظَهُ نَجَا مَعَ الْقُرْآنِ. وَمَنْ تَهَاوَنَ بِالْقُرْآنِ وَحَدِيثِي خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ. وَأُمِرْتُمْ أَنْ تَأْخُذُوا بِقَوْلِي وَتَكْتَنِفُوا أَمْرِي وَتَتَّبِعُوا سُنَّتِي فَمَنْ رَضِيَ بِقَوْلِي فَقَدْ رَضِيَ بِالْقُرْآنِ وَمَنِ اسْتَهْزَأَ بِقَوْلِي فَقَدِ اسْتَهْزَأَ بِالْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (. الثَّامِنَةُ- قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ: لَقِيَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَجُلًا مُحْرِمًا وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ فَقَالَ لَهُ: انْزِعْ عَنْكَ هَذَا. فَقَالَ الرَّجُلُ: أَتَقْرَأُ عَلَيَّ بِهَذَا آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؟ قَالَ: نَعَمْ، وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الْفِرْيَابِيُّ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ أُخْبِرْكُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ ﷺ، قَالَ فَقُلْتُ لَهُ مَا تَقُولُ- أَصْلَحَكَ اللَّهُ- فِي الْمُحْرِمِ يَقْتُلُ الزُّنْبُورَ؟ قَالَ فقال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا. وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ). حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ابن عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ أَمَرَ بِقَتْلِ الزُّنْبُورِ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَهَذَا جَوَابٌ فِي نِهَايَةِ الْحُسْنِ، أَفْتَى بِجَوَازِ قَتْلِ الزُّنْبُورِ فِي الْإِحْرَامِ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ يَقْتَدِي فِيهِ بِعُمَرَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ، وَأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ بِقَبُولِ مَا يَقُولُهُ النَّبِيُّ ﷺ، فَجَوَازُ قَتْلِهِ مُسْتَنْبَطٌ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى مِنْ قَوْلِ عِكْرِمَةَ حِينَ سُئِلَ عَنْ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَقَالَ: هُنَّ أَحْرَارٌ فِي سُورَةِ "النِّسَاءِ" عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [[راجع ج ٥ ص ٢٥٩ وص ٣٩٢.]] [النساء: ٥٩]. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ [[المتنمصات:) جمع متنمصة) وهى التي تنتف الشعر من وجهها. والمتفلجات: (جمع متفلجة) وهى التي تتكلف أن تفرق بين منها من الثنايا والرباعيات.]] وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ) فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ: بَلَغَنِي أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ! فَقَالَ: وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ! فَقَالَتْ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ. فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ! أَمَا قَرَأْتِ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا! قَالَتْ: بَلَى. قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ .. الْحَدِيثَ. وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ فِي "النِّسَاءِ" [[راجع ج ٥ ص ٢٥٩ وص ٣٩٢.]] مُسْتَوْفًى. التَّاسِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ وَإِنْ جَاءَ بِلَفْظِ الْإِيتَاءِ وَهُوَ الْمُنَاوَلَةُ فَإِنَّ مَعْنَاهُ الْأَمْرُ، بدليل قوله تعالى: وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فَقَابَلَهُ بِالنَّهْيِ، وَلَا يُقَابَلُ النَّهْيُ إِلَّا بِالْأَمْرِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى فَهْمِ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ مَعَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصلاة السلام: (إذا) هامش ( أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شي فَاجْتَنِبُوهُ (. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي رُؤَسَاءِ الْمُسْلِمِينَ، قَالُوا فِيمَا ظَهَرَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ أَمْوَالِ، الْمُشْرِكِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خُذْ صَفِيَّكَ وَالرُّبُعَ، وَدَعْنَا وَالْبَاقِي، فَهَكَذَا كُنَّا نَفْعَلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَأَنْشَدُوهُ:
لَكَ الْمِرْبَاعُ مِنْهَا وَالصَّفَايَا ... وَحُكْمُكَ وَالنَّشِيطَةُ وَالْفُضُولُ
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةِ. الْعَاشِرَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ أَيْ عَذَابَ اللَّهِ، إِنَّهُ شَدِيدٌ لِمَنْ عَصَاهُ. وَقِيلَ: اتَّقُوا اللَّهَ فِي أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ فَلَا تُضَيِّعُوهَا.
(إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) لِمَنْ خَالَفَ مَا أمره به.
{"ayahs_start":6,"ayahs":["وَمَاۤ أَفَاۤءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ مِنۡهُمۡ فَمَاۤ أَوۡجَفۡتُمۡ عَلَیۡهِ مِنۡ خَیۡلࣲ وَلَا رِكَابࣲ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ یُسَلِّطُ رُسُلَهُۥ عَلَىٰ مَن یَشَاۤءُۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ","مَّاۤ أَفَاۤءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِیلِ كَیۡ لَا یَكُونَ دُولَةَۢ بَیۡنَ ٱلۡأَغۡنِیَاۤءِ مِنكُمۡۚ وَمَاۤ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُوا۟ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ"],"ayah":"وَمَاۤ أَفَاۤءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ مِنۡهُمۡ فَمَاۤ أَوۡجَفۡتُمۡ عَلَیۡهِ مِنۡ خَیۡلࣲ وَلَا رِكَابࣲ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ یُسَلِّطُ رُسُلَهُۥ عَلَىٰ مَن یَشَاۤءُۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق